أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 411

جلسة 28 من أبريل سنة 1958

برئاسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(111)
طعن رقم 1553 سنة 27 ق

نقض. إجراءات النقض. ميعاد تقديم الأسباب. سلطة محكمة النقض. منح الطاعن مهلة لتقديم أسباب الطعن بعد مضي ميعاد الأربعين يوماً. مثال.
متى كان الحكم قد صدر حضورياً في 25 من يونيه سنة 1957 فقرر المتهم بالطعن فيه بطريق النقض في 2 من يوليه سنة 1957 وحصل على شهادة بعدم ختم الحكم في مدى الثمانية الأيام التالية لصدوره, وحصل على شهادة أخرى بعدم إيداعه تاريخها 1/ 8/ 1957 ثم قدم أسباب طعنه في يوم 4/ 8/ 1957 طالباً بطلان الحكم لعدم التوقيع عليه غير أنه في مساء اليوم نفسه أعلن مرة أخرى بأن الحكم مودع بالملف في تاريخ إعطاء الشهادة المؤرخة 1/ 8/ 1957 ولم يكن في وسع المتهم أن يقدم أسباباً جديدة لطعنه بعد هذا الإعلان الأخير حيث كان ميعاد الأربعين يوما المقررة كحد أقصى للتقرير بالطعن تقديم الأسباب قد انقضى بانقضاء هذا اليوم (4/ 8/ 1957) وذلك بسبب خطأ قلم الكتاب في تحرير الشهادة الأولى, فإن لمحكمة النقض إفساح مجال الطعن للمتهم ومنحه أجلاً يقدم فيه أسباب طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- عبد المنعم إسماعيل محمد (الطاعن) و2- محمد شوقي محمود و3- محمد سالم الصهرحناوي. بأنهم: الأول - تلقى رهاناً على سباق الخيل دون الحصول على إذن بذلك. والثاني والثالث - راهنا مع الأول على سباق الخيل. طلبت عقابهم بالقانون رقم 135 لسنة 1947. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت عملاً بمواد الاتهام للأول والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية للثاني والثالث حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثاني. أولا - ببراءة الثاني والثالث من التهمة المنسوبة إليهما. وثانيا - بحبس المتهم الأول عبد المنعم إسماعيل سنة مع الشغل وتغريمه 300 جنيه مصري وكفالة 20 جنيهاً لوقف التنفيذ مع المصادرة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. وفي أثناء نظر هذا الاستئناف أمام محكمة القاهرة الابتدائية دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المشار إليها قضت بقبوله شكلاً وفي الموضوع. أولا -برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش وبصحتهما. وثانيا - برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات.
فطعن الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً في 25 من يونيه سنة 1957 فقرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض في 2 من يوليه سنة 1957 وحصل بتاريخ 4 من يوليه سنة 1957 على شهادة بعدم ختم الحكم في مدى الثمانية الأيام التالية لصدوره, ولما أعلن بإيداعه في 28 من يوليه سنة 1957 تبين له أنه غير مودع بقلم الكتاب وحصل على شهادة أخرى بعدم إيداعه تاريخها 1/ 8/ 1957 ثم قدم أسبابا طعنه في يوم 4/ 8/ 1957 طالباً بطلان الحكم لعدم التوقيع عليه في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره غير أنه في مساء اليوم نفسه أعلنت مرة أخرى بأن الحكم مودع بالملف الاستئنافي في تاريخ إعطاء الشهادة المؤرخة 1/ 8/ 1957 ولم يكن في وسع الطاعن أن يقدم أسباباً جديدة لطعنه بعد هذا الإعلان الأخير حيث كان ميعاد الأربعين يوماً المقررة كحد أقصى للتقرير بالطعن وتقديم الأسباب قد انقضى بانقضاء هذا اليوم (4/ 8/ 1957) وذلك بسبب خطأ قلم الكتاب في تحرير الشهادة الأولى ولهذا رأت المحكمة إفساح مجال الطعن للطاعن ومنحه أجلاً يقدم فيه أسباب طعنه وقد أودعها في الميعاد الذي منح له وهو عشرة أيام من تاريخ 18/ 3/ 1958 المحدد لنظر الدعوى لأول مرة أمام هذه المحكمة ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مبنى وجهي الطعن هو أن الحكم المطعون فيه بنى على إجراء باطل وشاب أسبابه القصور ذلك أن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة ببطلان القبض والتفتيش بعدم صدور إذن من النيابة بإجرائهما فرفضت المحكمة الدفع على أساس قيام حالة التلبس مع أن الحالة التي رآها الضابط حسبما وصفها الحكم لا تتوافر فيها حالة التلبس. هذا فضلا عن أن الحكم قضى بتأييد العقوبة المحكوم بها ابتدائياً ضد الطاعن عن تهمه تلقي الرهان من المتهمين الثاني والثالث اللذين حكم ببراءتهما نهائيا من تهمة المراهنة مما كان يقتضي من المحكمة الاستئنافية أن تقضي ببراءة الطاعن تبعا لذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله "أن الملازم فتحي رضوان ضابط مكتب آداب القاهرة علم من تحرياته السرية أن المتهم يقبل مراهنات خفية على سباق الخيل ويتخذ من صالون مترو بول مكانا لمزاولة نشاطه. وفي يوم فتح المحضر وفي الساعة 4.30 قبل بداية الشوط الرابع شاهد محمد سالم ومحمد الرشيدي المتهمين الثاني والثالث, يتحدثان مع المتهم ويهمسان إليه ببعض كلمات ثم اخرج المتهم ورقة من جيبه وكان يجلس على مقعد وأمامه منضدة وأخذ يكتب قي هذه الورقة ثم أخرج كل من محمد سالم ومحمد مرشدي نقوداً من جيبهما وعند تسليمها للمتهم قام بعملية الضبط وفتش المتهم فوجد معه كشفاً موضحاً به أسماء الخيول والمبالغ المتراهن عليها وهو الذي كان يقوم المتهم بالكتابة فيه كما وجد منه قلماً من الرصاص الأسود وجريدة الأيكو اسبورت الصادرة بتاريخ 31/ 7/ 1957 وموضح بها برنامج السباق بنادي سموحة بالإسكندرية عن يومي السبت والأحد أول أغسطس سنة 1957 وبفحصها تبين أن بعض الخيول المتراهن عليها يوم الضبط مشطوب على أسمائها بالقلم الأسود ووجد أيضاً بجيب المتهم مبلغ 14 جنيهاً وورقتي كرتون خاصة بصالون متروبول مكتوب عليها بعض الأرقام ومبالغ متراهن عليها وقام بتفتيش محمد سالم فوجد معه جريدة الرياضة الصادرة بتاريخ 30/ 7/ 1957 ومشطوب علي بعض بأسماء الخيول ومبلغ 192 قرشاً وضبط مع محمد مرشدي جريدة الشيخ الصادرة في 1/ 8/ 1957 وبها برنامج السياق بنادي سموحة يوم السبت 3/ 6/ 1957 ومبلغ 15 قرشاً" ثم عرض لما أثاره الطاعن من بطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله: "وحيث إن الدفاع عن المتهم دفع ببطلان القبض والتفتيش لأن ضابط الآداب لم يحصل على إذن بتفتيش المتهم ولم يكن في حالة تلبس - وحيث انه يكفي في التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة بصرف النظر عما ينتهي إليه التحقيق بعد ذلك ـ وحيث إن مشاهدة ضابط الآداب للمتهم وهو حلاق جالسا في الطريق العام على مقعد على مقربة من محل محمد سالم وأمامه منضدة وحضور محمد سالم ومحمد مرشدي وهمسهما إليه ببعض كلمات ثم اخرج المتهم ورقة من جيبه والكتابة بها ثم إخراج كل منهما نقوداً وتسليمها للمتهم كل ذلك مما يعتبر مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن تلقي المتهم المراهنات على سبقا الخيل بدون إذن. فجلوس المتهم وهو حلاق إلى منضدة في الممر المجاور للمحل لا يتفق مع طبيعة عمله وهمس محمد سالم ومحمد مرشدي في أذنه يدل على أنهما والمتهم يريدون أن يخفوا أمراً وإخراج الورقة من جيبه وقيامه بالكتابة فيها إخراجهما النقود وتسليمها إليه مضافاً إلى المظاهر السابقة وما لدى الضابط من تحريات ينبئ بما لا يدع مجالاً للشك بأنه قد تلقى منهما رهاناً على سبقا الخيل ويعتبر لذلك في حالة تلبس تتيح لضابط مكتب الآداب وهو من رجال الضبطية القضائية طبقاً للمواد 23 من قانون ا لإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 58 لسنة 1952 القبض عليه ومتى جاز له القبض عليه جاز له تفتيشه طبقاً للمادة 46 إجراءات جنائية" - لما كان ما تقدم وكان يكفي لقول بقيام حالة التلبيس أن يكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة كما هو الحال في الدعوى - وكان يبين من الحكم الابتدائي أن المحكمة عدلت وصف التهمة بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث من تهمة المراهنة مع المتهم الأول على سباق الخيل إلى تهمة تلقي الرهان دون الحصول على إذن بذلك وقضت فيها بالبراءة على أساس أنهما لم يقوما بتلقي الرهان ولم تستأنف النيابة الحكم فأصبح نهائياً بالنسبة لهما وكان هذا الحكم بعد تعديل التهمة لا يتعارض مع الحكم بإدانة الطاعن عن تهمة تلقي الرهان لا يصح له أن يحتج به, وكان باقي ما يثيره الطاعن في الوجه الثاني من طعنه لا يعدو أن يكون جدلا في واقعة الدعوى تقدير أدلة الثبوت فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.