أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 429

جلسة 28 من أبريل سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(116)
طعن رقم 74 سنة 28 ق

تفتيش. غرفة الاتهام. نقض "سبب جديد". إثارة الدفع ببطلان التفتيش أمام غرفة الاتهام دون محكمة الموضوع. إثارته بعد ذلك أمام محكمة النقض. غير جائز.
متى كان المتهم لم يثر دفعه ببطلان التحقيق الذي بنى عليه أمر التفتيش أمام محكمة الموضوع واكتفى بكتابة مذكرة لغرفة الاتهام ولم يشر إليها أمام المحكمة, فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- رجب السيد الريدي (الطاعن) و2- مصطفى محمد أبو عماشة و3- علي حسن منصور بأنهم: الأول والثاني أحرزا الجواهر المخدرة المبينة بالمحضر وبتقرير التحليل المرفق بقصد الاتجار فيها في غير الأحوال المصرح بها والمنصوص عنها قانوناً. والثالث: أحرز الجواهر المخدرة المبينة بالمحضر وبتقرير التحليل المرفق بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي بغير مسوغ قانوني. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1, 2, 33 ج, 34, 35, 37 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول الملحق به. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات للأول أولاً: بمعاقبة المتهم رجب السيد الريدي بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبتغريمه خمسمائة جنيه. وثانياً: ببراءة كل من مصطفى محمد خليل أو عماشه وعلي حسن منصور مما أسند إليهما. وثالثاً: بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

... وحيث عن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه بنى على إجراءات باطلة وشابه التناقض القصور وفي بيان ذلك يقول إن إذن التفتيش صدر باطلاً ذلك أن الذي تولى كتابة محضر التحقيق هو أحد رجال البوليس المدني وفي غير حالة الاستعجال أو الضرورة وليس كاتباً من كتاب المحكمة وأنه قد تمسك بهذا الدفاع أمام غرفة الاتهام في مذكرة نسخت مع ملف الدعوى ولم يتنازل عن التمسك به أمام المحكمة وسكت أمامها عن الإفاضة في بيانه اكتفاء بمذكرته السابقة, إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه, يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأشار إلى ثبوتها لدى المحكمة من أقوال اليوزباشي حسن أحمد أحمد ورجال القوة المصاحبة له وبين مضمون هذه الأقوال عاد وقرر أن المحكمة لا تثق في الوقائع التي شهد بها المخبرون عن رؤيتهم المتهمين الثلاثة وهم يلقون بالمادة المخدرة مما يجعله مشوباً بالتناقض, هذا فضلاً عن أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لم يكن موجوداً بالمقهى بل كان بمنزله حتى علم بحضور رجال المباحث فذهب إلى مكان قريب من المقهى حتى إذا سمع رئيس لمكتب يسأل عنه تقدم له ففتشه ولم يعثر معه على مخدر وأن شهود النفي قد أيدوه في إثبات صحة هذا الدفاع إلا أن المحكمة التفت عن دفاعه لم ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وسرد أقوال الشهود بشأنها قال: "ومن حيث إنه نظراً للظروف التي أحاطت بضبط هذه الواقعة من وقوع التفتيش ليلاً بحيث لا تكون الإضاءة كاملة ولما يكون قد ساد الموجودين بالمقهى في موسم الاصطياف من هرج واختلاط أثناء مهاجمة القوة للمقهى للتفتيش فإن المحكمة لا تثق في الوقائع التي ورد ذكرها على لسان المخبرين من رؤيتهم للمتهمين الثلاثة يلقون بأشياء وجدت بها مادة الحشيش لاحتمال أن يخدعهم يبصرهم في مثل تلك الظروف خصوصاً وقد قرر الشاهد السيد وفا الباز أنه في حقيقة الأمر لم ير المتهم الأول(الطاعن) وهو يقذف بالعلبة والورقة وإنما أحسس بإلقائها عندما ارتطمت بحذائه واستنتج أنها من المتهم الأول (الطاعن) لأنه كان عندئذ أقرب الموجودين من مكانه, وهذا استنتاج بطبيعة الحال قد لا يكون صحيحاً. وقد عبر عن ذلك كلمة الصول إبراهيم حجازي بمحضر الجلسة بقوله إنه في أثناء التفتيش عثر المخبرون على مخدرات وأفهمه المخبرون ظروفها والأشخاص الذين كانوا قريبين منها فلا يسع المحكمة بإزاء ما تقدم إلا أن تطرح هذه الوقائع ولا تطمئن إليها, أما الواقعة الوحيدة في هذه الدعوى التي تطمئن المحكمة إلى صحتها لتوفر الدليل القاطع عليها فهي واقعة ضبط الورقة الصغيرة بما بها من مادة الحشيش في جيب بنطلون المتهم الأول (الطاعن) رجب السيد الريدي فقد قام اليوزباشي بنفسه بتفتيشه وأخرجها من جيب بنطلونه وأيده في قوله رجال البوليس المرافقون له كما سبق وتبين من التحليل أن ما بها حشيش" لما كان ذلك, وكان مؤدي ما ذكره الحكم أنه نسب إلى الطاعن إحراز مواد مخدرة ضبط بعضها في جبيه وألقى بالبعض الآخر, وقد دان الحكم الطاعن عن واقعة إحرازه للمادة التي ضبطت في جيبه لم يطمئن إلى أقوال المبخرين الذين استنتجوا أنه ألقى المواد للأسباب السائغة التي ذكرها الحكم فقضى ببراءته منها - وكان للمحكمة الحرية المطلقة في تقدير الدليل والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما لم تطمئن إليه فإن ما يثيره الطاعن بصدد التناقض - فضلا عن أنه لا مصلحة له فيه - غير سديد. هذا ولما كان الطاعن لم يثر دفعه ببطلان التحقيق الذي بنى عليه أمر التفتيش أمام محكمة الموضوع واكتفى بكتابة مذكرة لغرفة الاتهام لم يشر إليها أمام المحكمة فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض - لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها. وأورد على ثبوتها ف يحقه أدلة سائغة من شانها أن تنتهي إلى ما رتبه عليها, وكانت المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم فيما يبديه من أوجه الدفاع موضوعية والرد على كل منها على حدة ما دام أن في إيرادها لأدلة الثبوت ما يفيد إطراح هذا الدفاع - فإن الطاعن برمته يكون على غير أساس يتعين رفضه موضوعاً.