أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 927

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(169)
الطعن رقم 919 لسنة 33 القضائية

جمارك. تهريب جمركي. صلح. دعوى جنائية. "انقضاؤها بالتصالح". نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في جرائم التهريب في جميع الأحوال. سواء تم الصلح أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات. إتمام الصلح في أثناء نظر الدعوى. أثره: انقضاء الدعوى الجنائية. تمامه بعد الفصل في الدعوى يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها. المادة 4 من القانون 623 لسنة 1955. كشف المشرع عن هذا النظر في القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك. مجانبة الحكم المطعون فيه هذا النظر خطأ في تطبيق القانون يستوجب نقضه وتصحيحه.
مؤدى نص المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في جرائم التهريب في جميع الأحوال سواء تم الصلح أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد - في حدود تطبيق هذا القانون، بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضى من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية، أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها، وقد كشف المشرع عن هذا النظر في القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك والذي ألغى القانون 623 لسنة 1955 سالف الذكر. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع العقوبة على المطعون ضده وأمر بإيقاف تنفيذها على الرغم من أن الصلح قد تم قبل صدور الحكم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه وتصحيحه وفقاً للقانون بالقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 24/ 6/ 1957 بدائرة قسم السويس: شرع في تهريب البضائع المبينة بالمحضر عن طريق إدخالها الأراضي المصرية دون أداء الرسوم والعوائد الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 4، 6 من القانون رقم 623 لسنة 1955. ومحكمة السويس الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1961عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وتعويض يعادل مثلى الرسوم والعوائد الجمركية المقررة ومصادرة الأشياء المضبوطة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. وأمام محكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - طلب المتهم استعمال الرأفة نظراً لتصالحه مع مصلحة الجمارك. ثم قضت فيها حضورياً بتاريخ 17 مارس سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تبنى طعنها على أن الحكم المطعون فيه قد أخطا في تطبيق القانون إذا دان المطعون ضده بجريمة الشروع في تهريب بضائع دون تسديد الرسوم الجمركية وأوقع عليه العقوبة وأمر بإيقاف تنفيذها في حين أنه كان يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عملاً بنص المادة الرابعة من القانون المطبق رقم 623 لسنة 1955 بالنظر إلى ما هو ثابت من تصالح المطعون ضده ومصلحة الجمارك.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضده لأنه في يوم 24 يونيه سنة 1957 بدائرة قسم السويس شرع في تهريب بضائع عن طريق إدخالها الأراضي المصرية دون أداء الرسوم والعوائد الجمركية، وطلبت معاقبته طبقاً للمواد 1 و2 و4 و6 من القانون رقم 623 لسنة 1955. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بتغريمه 100 جنيه وتعويض يعادل مثلى الرسوم والعوائد الجمركية المقررة والمصادرة. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة، وأورد الحكم المطعون فيه مبررات قضائه بإيقاف التنفيذ بقوله "الثابت من خطاب جمرك السويس للنيابة الجزئية بتاريخ 14/ 1/ 1962 أن محضر الصلح المقدم من المتهم - الطاعن - قد تم اعتماده رجاء اتخاذ اللازم نحو وقف المحاكمة الجنائية وأن ذلك تم وفقاً للفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955، فإن المحكمة ترى وقف تنفيذ العقوبة الجنائية". لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية على صدور طلب من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه في ذلك نصت "ويجوز للمدير العام لمصلحة الجمارك التصالح في جميع الأحوال وذلك بخفض مبلغ التعويض إلى ما يقل عن النصف ويجوز في هذه الحالة رد البضاعة المضبوطة مقابل دفع عشر قيمتها على الأقل حسب تقدير الجمرك علاوة على الرسوم الجمركية المستحقة ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية حسب الأحوال. وكان مؤدى هذا النص أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في هذا النوع من الجرائم في جميع الأحوال سواء تم الصلح في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد - في حدود تطبيق هذا القانون - بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضى من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية، أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها، وقد كشف المشرع عن هذا النظر في القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك والمعمول به في تاريخ نشره في 13 يونيه سنة 1963، والذي ألغى القانون رقم 623 لسنة 1955 المطبق على واقعة الدعوى - إذ نص في المادة 124 منه أن "للمدير العام للجمارك أن يجرى التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الحال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه.... ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال" فأكد بذلك حق مصلحة الجمارك في التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الفصل فيها وحدد الأثر المترتب على التصالح في أي من هاتين الحالتين بما يتفق ونص القانون الملغى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع العقوبة على المطعون ضده وأمر بإيقاف تنفيذها على الرغم من أن الصلح قد تم قبل صدور الحكم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه وتصحيحه وفقاً للقانون بالقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.