أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 931

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(170)
الطعن رقم 920 لسنة 33 القضائية

( أ ) عاهة مستديمة.
يكفى لتوافر العاهة المستديمة أن تكون العين سليمة قبل الإصابة، وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً، حتى ولم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة. مثال.
(ب) مسئولية جنائية. عاهة مستديمة.
مساءلة المتهم عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة. مثال.
(ج) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذي يؤدى فيه شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من شبهات. أمر موكول إلى محكمة الموضوع، دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. حسبها أن تقيم الدليل على مقارفته الجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها.
1 - من المقرر أنه يكفى لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به قانوناً - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة، وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة. وإذا ما كان الحكم قد أثبت ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من تخلف العاهة المستديمة لدى المجني عليها وهى فقد قوة الإبصار بعينها اليمنى نتيجة إصابتها التي أحدثها بها الطاعن، مما مؤداه أن العين كانت مبصرة قبل الإصابة وأن قوة الإبصار قد فقدت كلية على أثرها فإن النعي على الحكم بالبطلان لا يكون له محل.
2 - الأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة. ولما كان الحكم قد دلل بما ساقه من أدلة سائغة على تخلف العاهة المستديمة التي دين الطاعن بها نتيجة اعتدائه على المجني عليها. فإن النعي على الحكم بالبطلان لا يكون سديداً.
3 - وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذي يؤدى فيه شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن حام حوله من الشبهات - كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
4 - الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة فترد على كل شبهه يثيرها، وحسبها أن تقيم الدليل على مقارفته الجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 22/ 11/ 1960 بدائرة مركز فارسكور: أحدث عمداً بعطيات على درغام الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهى فقد قوة إبصار العين اليمنى. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات دمياط قضت حضورياً بتاريخ 27/ 2/ 1962 عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في الإدانة على أقوال المجني عليه وشاهد الإثبات "التابعي حسن شطا" على الرغم من الخلاف بينهما في خصوص الدافع على الحادث وتناقض الشاهد في روايته في صدد رؤيته الطاعن فضلاً عن عدم الاستشهاد به من مبدأ الأمر، ولم يعن الحكم يبحث ما نسب إلى زوجة أخ الطاعن من اعتدائها على المجني عليها "بالقبقاب" واحتمال إصابتها من الأحجار التي كان الأطفال يلقون بها وقت الحادث، كما التفت عما ورد في التقارير الطبية من أنه لم يتيسر تقدير قيمة العاهة نظراً إلى تعذر معرفة قوة إبصار العين قبل الإصابة وخصوصاً أنه لم يثبت من التحقيقات أن تلك العين كانت تبصر من قبل وأن قوة إبصار العين اليسرى 3/ 60 وبها عتمات بالقرنية وسحابة مما يؤكد عدم إبصارها بالعين اليمنى قبل الحادث. هذا إلى أن الحكم لم يعرض لرفض المجني عليها إجراء عملية كان من المحتمل أن تؤدى إلى شفائها مما يعيبه بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وشاهد الإثبات ومن التقارير الطبية وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص الإدانة من الأدلة السائغة التي أوردها بما لا تناقض فيه. وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذي يؤدى فيه شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات - كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم لإغفاله التصدي إلى ما نسب إلى زوجة أخيه من اعتداء على المجني عليها واحتمال إصابتها من إلقاء الأحجار عليها مردوداً بأن الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة فترد على كل شبهة يثيرها وحسبها أن تقيم الدليل على مقارفته الجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها - وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به قانوناً - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة وإذ ما كان الحكم قد أثبت ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من تخلف العاهة المستديمة لدى المجني عليها وهى فقد قوة الإبصار بعينها اليمنى نتيجة إصابتها التي أحدثها بها الطاعن مما مؤداه أن العين كانت مبصرة قبل الإصابة وأن قوة الإبصار قد فقدت كلية على أثرها، فإن ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أي منهما دفاعاً مما تقدم، فلا يقبل إثارة مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من التفات الحكم عن تناول رفض المجني عليها إجراء عملية جراحية وأثرها على شفائها مردوداً بأنه لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار مثل هذا الدفاع وكل ما قاله "إن المجني عليها أهملت العلاج اللازم لها" وهو دفاع من قبيل القول المرسل الذي لا يفصح عن قصد قائله، وقد خلت أوراق الدعوى مما يساند الطاعن فيما أورده في وجه طعنه في هذا الخصوص، والأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة - ولما كان الحكم قد دلل بما ساقه من أدلة سائغة على تخلف العاهة المستديمة التي دين الطاعن بها نتيجة اعتدائه على المجني عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً - لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.