أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 972

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(178)
الطعن رقم 2242 لسنة 32 القضائية

نيابة عامة. أمر حفظ. أمر بألا وجه.
الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى. العبرة في تحديد طبيعته - وهل هو أمر حفظ إداري أم قرار بألا وجه لإقامة الدعوى - هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به.
من المقرر أن العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به. فإذا صدر من النيابة أمر بمجرد الاطلاع على محضر الاستدلالات الذي تلقته من مأمور الضبط القضائي دون أن يستدعى الحال إجراء أي تحقيق بمعرفتها فهو أمر بحفظ الدعوى أما إذا قامت النيابة بأي إجراء من إجراءات التحقيق فالأمر الصادر يكون قراراً بألا وجه لإقامة الدعوى، له بمجرد صدوره حجيته الخاصة ولو جاء في صيغة الأمر بالحفظ الإداري. وعلى المحكمة إذا ما أبدى لها مثل هذا الدفع أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضى بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29/ 5/ 1958 بدائرة مركز الجيزة: بدد الورقة المبينة بالمحضر "عقد بيع" لمحمد محمد منصور ولم يكن قد سلم إليه إلا على وجه الوديعة فاختلسه لنفسه إضراراً بمالكها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى أحمد محمد منصور مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة مركز الجيزة الجزئية دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز رفع الدعوى لسابقة حفظ الشكوى إدارياً. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 4/ 2/ 1960 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وبملغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك بلا مصاريف جنائية. وقد ردت على الدفع أنه قائم على غير أساس. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 27/ 3/ 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية وخمسمائة قرش أتعاب محاماة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض....إلخ.


المحكمة

حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى ذلك يقول الطاعن إن المدعى بالحق المدني سبق أن رفع ضده دعوى مدنية مطالباً بالعقد الذي نسب إليه تبديده. واستند في ذلك إلى إقرار منسوب إليه يفيد استلامه لهذا العقد. وقد طعن على هذا الإقرار بالتزوير وثبت تزويره من تقرير الخبير الذي ندب في تلك الدعوى. وقال إن من يقدم على التزوير لا يوثق به وبشهوده ولكن الحكم لم يتعرض لهذا الدفاع الجوهري المتصل بواقعة الدعوى كذلك فقد أغفل الحكم الأخذ بإقرار المدعى بالحق المدني بجلسة 5/ 12/ 1960 باستلامه العقد موضوع تهمة التزوير وما قاله من أنه ينصرف إلى إقرار 1/ 2/ 1955 المطعون عليه بالتزوير دون العقد موضوع هذه الدعوى فيه إهدار لهذا الإقرار القضائي وسوء تفسير له. ولقد دفع بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية لأنه سبق أن صدر أمر من النيابة بحفظ التحقيق في شكوى المدعي بالحق المدني عن تبديد هذا العقد والمقيدة برقم 360 لسنة 1956 إداري مركز الجيزة وطلب من المحكمة تمكينه من تقديم صورة من تحقيقات تلك الشكوى ولكن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ورفضت هذا الدفع لأسباب غير سديدة ودون أن تقف على مبررات الحفظ.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بصدور أمر من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وذلك بعد تحقيقها الشكوى المقيدة برقم 360 لسنة 1956 إداري مركز الجيزة التي قدمها المدعى بالحق المدني ضده مسنداً إليه فيها سرقة العقد موضوع الدعوى وقدم المدعي بالحق المدني شهادة من نيابة مركز الجيزة تفيد أن تلك الشكوى حفظت إدارياً وقد رفضت المحكمة هذا الدفع واقتصرت على إيراد المبدأ القانوني الذي يفرق بين أثر الحفظ الإداري الذي يحصل من النيابة بعد الاطلاع على محضر الاستدلالات والأمر الذي يصدر منها بألا وجه لإقامة الدعوى بناء على تحقيق تجريه ثم اعتنقت محكمة ثاني درجة تلك الأسباب وأضافت إليها أن "الظاهر من الشهادة المقدمة في الدعوى أن النيابة حفظت تلك الشكوى إدارياً في 27/ 2/ 1960 وأنه لم يقم أي دليل على أن النيابة أمرت بألا وجه لإقامة الدعوى بناء على تحقيق أجراه أحد أعضائها أو أحد رجال الضبطية القضائية منتدباً منها".
وحيث إنه من المقرر أن العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه أو بالوصف الذي يوصف به فإذا صدر من النيابة أمر بمجرد الاطلاع على محضر الاستدلالات الذي تلقته من مأمور الضبط القضائي دون أن يستدعى الحال إجراء أي تحقيق بمعرفتها فهو أمر بحفظ الدعوى أما إذا قامت النيابة بأي إجراء من إجراءات التحقيق فالأمر الصادر يكون قراراً بألا وجه لإقامة الدعوى، له بمجرد صدوره حجيته الخاصة ولو جاء في صيغة الأمر بالحفظ الإداري. لما كان ذلك، وكان على المحكمة إذا ما أبدى لها مثل هذا الدفع أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضى بقبوله أو ترد عليه رداً سائغاً، وكان القضاء برفض هذا الدفع لم يقم على ما يحمله إذ اقتصرت أسباب الحكم الابتدائي التي اعتنقها الحكم المطعون فيه على إيراد المبدأ القانوني دون بيان أثر تطبيقه على واقعة الدعوى وقد استند الحكم المطعون فيه في رفض هذا الدفع بالإضافة إلى ما تقدم إلى أن تلك الشكوى قد حفظت إدارياً ولم يحصل تحقيق فيها. أخذاً بظاهر الشهادة المقدمة من المدعى بالحق المدني دون أن تتحرى المحكمة حقيقة الواقع وما إذا كان الأمر قد صدر من النيابة بحفظ الشكوى بعد تحقيق أجرته كما يدعى الطاعن فيكون في حقيقته أمراً منها بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى أياً كان سببه، صدر منها بوصفها سلطة تحقيق وإن جاء في صيغة الأمر بالحفظ الإداري. أم أنه صدر بعد الاطلاع على محضر الاستدلالات. لما كان ذلك، وكان الحكم من جهة أخرى لم يورد مؤدى الإقرار الذي قدمه المدعى بالحق المدني في الدعوى رقم 64 لسنة 1956 مدني س الجيزة والذي دفع الطاعن بتزويره لمعرفة ما إذا كان يتضمن شيئاً عن ادعاء استلام الطاعن للعقد موضوع الدعوى أم لا. كما لم يعرض لدلالة ما قرره الحاضر عن المدعى بالحق المدني بجلسة 4/ 2/ 1960 "من أنه بعد أن أخذ المتهم (الطاعن) العقد موضوع الدعوى من أخيه قامت مشاحنة بين المتهم والمدعى المدني وتوسط أهل الخير بين الطرفين وحرر له عقد آخر". لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون قد انطوى على قصور يعيبه ويستوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.