أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 478

جلسة 6 من مايو سنة 1958

برئاسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه إسماعيل المستشارين.

(129)
طعن رقم 110 سنة 28 ق

(أ) تنظيم. قانون. نفاذ القانون رقم 52 لسنة 1940 لصدوره ونشره في الجريدة الرسمية. إعمال ما لا يتوقف على شرط من نصوصه بغض النظر عن عدم صدور لائحة التنفيذية.
(ب) تنظيم. شرط صحة الحكم بالإدانة في تهمة بناء على أرض معدة للتقسيم. ق 52 سنة 1940.
(ج) نقض. سلطة المحكمة. تنظيم. صدور القانون رقم 259 لسنة 1956 بعد الحكم في تهمة إقامة بناء على أرض معددة للتقسيم. سلطة المحكمة في القضاء من تلقاء نفسها بنقض الحكم فيما قضى به من تأييد الإزالة. م 425/ 2 أ ج
1- إن القانون رقم 52 لسنة 1940 الخاص بتقسيم الأراضي قد صدر ونشر بالجريدة الرسمية وفقا للأوضاع الدستورية فأصبح بذلك نافذاً ونصوصه ممكن إعمالها بغض النظر عن اللائحة أو القرارات الوزارية التي خولت المادة 25 وزراء الأشغال والداخلية والصحة العمومية والعدل إصدارها, ولا يصح تعطيل أي نص ما دام أن إعماله لا يتوقف على شرط.
2- دل الشارع بما نص عليه في المواد 2, 10, 13, 14 من القانون رقم 52 لسنة 1940 على أنه يشترط لصحة الحكم بالإدانة في تهمة بناء على أرض معدة للتقسيم أن يثبت الحكم في حق المتهم أحد أمرين أولهما أن يكون هو الذي أنشأ التقسيم دون الحصول على موافقة سابقة من السلطة المختصة وطبقاً للشروط المنصوص عليها في القانون ثانيهما عدم القيام بالأعمال والالتزامات المنصوص عليها فيها.
3- متى كانت الجريمة المنسوبة إلى المتهم "إقامة بناء على أرض معدة للتقسيم" قد وقعت في 22 يوليه سنة 1951, فإن خطأ الحكم فيما قضى به من عقوبة الإزالة يصبح غير ذي موضوع بصدور القانون رقم 259 لسنة 1956, ومن ثم فإن المحكمة - إذ تجتزئ بيان وجه العيب في الحكم المطعون فيه - لا يسعها إزاء صدور القانون المذكور إلا أن تقضي عملاً بنص المادة 425/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية بنقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من تأييد الحكم بالإزالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: أقامت البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على ترخيص بذلك من البلدية وعلى أرض قابلة للتقسيم لم يحصل تقسيمها, وطلبت عقابها بالمواد 1 و8 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 والقانون رقم 52 لسنة 1940, ومحكمة جنح الرمل الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة مائة قرش والإزالة. فعارضت وقضى في معارضتها بتأييد الحكم المعارض فيه، فاستأنف. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة والإزالة ذلك عملاً بمواد الاتهام والمادتين 10 و20/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1940 والمادة 32 من قانون العقوبات. فرفعت النيابة طعنها على الحكم الأخير بطريق النقض. وقضت محكمة النقضية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتحكم فيها مجدداً دائرة استئنافية أخرى, وبعد ذلك نظرت المحكمة الاستئنافية الدعوى من جديد وقضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاَ وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت المحكوم عليها في الحكم الأخير بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وتأويله على الواقعة التي صار إثباتها في الحكم - ذلك بأن نقض الحكم لأول مرة - كان أساسه - عدم تحقيق دفاع الطاعنة من أن لمالك - دون الطاعنة - هو الذي أجرى تقسيم الأرض - ولكن الحكم المطعون فيه - لم يحفل بتحقيق هذا الدفاع وقضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه كما التفت عن الرد على ما دفعت به الطاعنة من أن القانون رقم 52 لسنة 1940 لما تصدر لائحته التنفيذية فلا يمكن إعمال نصوصه - ومن أن مالك الأرض - هو الذي تقدم بطلب اعتماد التقسيم, ومضت مدة ستة شهور دون رد من البلدية مما يستفاد منه ضمناً طبقاً للمادة 8 من القانون رقم 52 لسنة 1940 اعتماد التقسيم - هذا بالإضافة إلى أن القانونين رقمي 52 لسنة 1940 ورقم 93 لسمنة 1948 لم ينصا على عقوبة الإزالة إلا عند الإخلال بالشروط الفنية الخاصة بالقياس أو الأبعاد أو المسافات دون التأخير في اتخاذ الإجراءات الخاصة بالرسوم أو بتراخيص المباني.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعنة - بأنها في يوم 22 من يوليه سنة 1951 بدائرة قسم الرمل أقامت البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على ترخيص من البلدية وعلى أرض قابلة للتقسيم ولم يحصل تقسيمها وطلبت النيابة عقابها بالمواد 1 و8 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 والقانون رقم 52 لسنة 1940, فقضت محكمة الرمل بالغرامة والإزالة. فاستأنفت الطاعنة الحكم قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية بقبول الاستئناف شكلاًَ وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة وإلغاء الإزالة بلا مصاريف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض - وقضى من هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى فقضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة أخرى. بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف - للأسباب التي أوردها الحكم الابتدائي دون أن تعرض لتحقيق دفاع الطاعنة والذي أشار إليه حكم النقض السابق - وهو أن المالك - دون الطاعنة هو الذي قام بتقسيم الأرض.
وحيث إن القانون رقم 52 لسنة 1940 الخاص بتقسيم الأراضي قد صدر ونشر بالجريدة الرسمية وفقاً للأوضاع الدستورية, فأصبح بذلك نافذاً ونصوصه ممكن إعمالها بغض النظر عن اللائحة أو القرارات الوزارية التي خولت المادة 25 وزراء الأشغال والداخلية والصحة العمومية والعدل لإصدارها ولا يصح تعطيل أي نص ما دام أن إعماله لا يتوقف على شرط - لما كان ذلك, وكانت المادة الثانية من القانون المذكور تنص على أنه لا يجوز إنشاء أو تعديل تقسيم إلا بعد الحصول على موافقة سابقة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم على المشروع الذي وضعه له وفقاً للشروط المقررة بموجب هذا القانون - كما نصت المادة العاشرة في فقرتها الثانية على أنه يحظر إقامة مبان أو تنفيذ أعمال على الأراضي المقسمة قبل صدور مرسوم بالموافقة على التقسيم - ونصت المادتان 12 و13 على الالتزامات والأعمال التي ألزم الشارع بها المقسم والمشتري والمستأجر والمنتفع بالحكر, ثم جاءت المادة (14) ونهت عن إقامة أي مبنى على قطعة أرض قبل اتمام الأعمال والقيام بالالتزامات المشار إليها في المادة (12) وكانت المادة (2) تنص على وجوب هدم الأعمال المنشأة بالمخالفة لأحكام المادة 2 و12 و13 منه, فقد دل الشارع بذلك على أنه يشترط لصحة الحكم بالإدانة في تهمة بناء على أرض معدة للتقسيم أن يثبت الحكم في حق المتهم أحد أمرين أولهما أن يكون هو الذي أنشأ التقسيم دون الحصول على موافقة سابقة من السلطة المختصة وطبقاً للشروط المنصوص عليها في القانون ثانيهما عدم القيام بالأعمال والالتزامات المنصوص عليها فيه, وكان الحكم المطعون فيه - المؤيد للحكم الابتدائي لأسبابه - قد استند في إدانة الطاعنة إلى ما أثبته مهندس التنظيم في محضره من أن المتهمة أقامت البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على ترخيص بذلك من البلدية وعلى أرض قابلة للتقسيم. دون أن يثبت في حق الطاعنة توفر أي من الأمرين سالفي الذكر رغم تمسك الطاعنة بهذا الدفاع - أمام محكمة ثاني درجة - فإن الحكم يكون قاصراً وهذا العيب كان يقضي إجابة الطاعنة إلى نقض الحكم المطعون للمرة الثانية لولا أنه قد صدر بتاريخ 16 من يونيه سنة 1956 القانون رقم 259 لسنة 1956 ينص في مادته الأولى على أنه "لا يجوز إزالة أو تصحيح أو هدم الأعمال بالنسبة للأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين رقم 51 لسنة 1940 ورقم 93 لسنة 1948 ورقم 52 لسنة 1940 المشار إليها في خلال الفترة من تاريخ العمل بكل من تلك القوانين حتى يوم 9 من مارس سنة 1955" - ولو تراخى الحكم فيها إلى ما بعد هذا التاريخ - لما كان ذلك وكانت الجريمة المنسوبة إلى الطاعنة قد وقعت في 22 من يوليه سنة 1951 وكان خطأ الحكم المطعون فيه فيما قضى من عقوبة الإزالة - يصبح غير ذي موضوع بصدور القانون رقم 259 لسنة 1956 المشار إليه - ومن ثم فإن المحكمة - إذ تجتزئ بيان وجه العيب في الحكم المطعون فيه - لا يسعها إزاء صدور القانون المذكورة إلا أن تقضي عملاً بنص المادة 425/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية بنقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من تأييد الحكم بالإزالة.ش