أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 75

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فاروق راتب، ومصطفى قرطام، جلال الدين أنسى وأحمد كمال سالم.

(352)
الطعن رقم 593 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى "التدخل فى الدعوى". حكم. صلح.
التدخل الهجومي. أثره. صيرورة التدخل طرفاً فى الخصومة. الحكم الصادر فيها حجة له وعليه ولو حسم النزاع صلحا بين الخصوم الأصليين.
(2) حيازة "دعوى منع التعرض". دعوى "قبول الدعوى".
تنفيذ الحكم الصادر بتسليم العين. لا يعتبر تعرضاً للمحكوم عليه فى حيازته. أثره. عدم قبول دعوى منع التعرض المرفوعة منه.
1 - يترتب على الحكم الصادر بقبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى أن يصبح التدخل طرفاً فى الدعوى الأصلية ويكون الحكم الصادر فيها حجة له وعليه ولو حسم النزاع صلح، إذ لم يكن اعتماد الصلح إلا ثمرة القضاء برفض طلبات هذا الخصم المتدخل. ولما كان الطاعن الأول قد تدخل تدخلاً هجومياً فى الدعويين مدعياً ملكية الأرض موضوع الدعويين ومنازعاً فى التسليم قضى فيهما برفض طلباته وبإثبات الصلح المبرم بين طرفى الخصومة فى الدعوى الأولى وفى الثانية بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بين طرفى الخصومة مع تسليم العين محل النزاع للمطعون عليه، فإن الحكم الصادر فى الدعويين يحوز قوة الشيء المقضى به بالنسبة للخصوم الحقيقيين فى الدعويين ومن بينهم الطاعن الأول.
2 - يشترط لقبول دعوى منع التعرض أن يكون المدعى عليه قد تعرض للمدعى فى وضع يده، ولا يعتبر تسليم العين المتنازع عليها تنفيذا للحكم الصادر بذلك ضد واضع اليد تعرضاً له. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه برفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول إلى أن تنفيذ الحكم الصادر ضده فى الدعويين رقمي... ... لا يعد تعرضاً لهذا الطاعن فى وضع يده، فإن الحكم لا يكون بذلك قد بنى على أسباب متعلقة بأصل الحق وإنما نفى عن الدعوى توافر أحد شروط قبولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا ضد المطعون عليه الدعوى رقم 472 سنة 1973 مدنى كلى أسيوط، وطلبوا فيها الحكم بمنع تعرضه لهم فى الأرض البالغ مساحتها 433 متراً مربعاً المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى. وقالوا بياناً لدعواهم أنهم يضعون اليد على هذه الأرض منذ أن اشتروها من آخرين فى سنة 1959 حسبما ثبت من تقرير الخبير المقدم فى الدعويين رقمى 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى جزئى ديروط اللتين سبق رفعهما من المطعون عليه ضد البائعين له وقضى فيهما بإثبات التعاقد والتسليم عن أرض شائعة فى الأرض محل النزاع وإذ تحرر نتيجة لذلك محضر تسليم بتاريخ 19/ 3/ 1973 ضد البائعين مما يعتبر تعرضا للطاعنين فى وضع يدهم على الأرض، فقد أقامو الدعوى بطلباتهم. وفى 13/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى الوقائع المبينة بمنطوق حكمه، وبعد سماع أقول شهود الطرفين حكمت فى 30/ 4/ 1975 للمدعين بطلباتهم. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط، وقيد استئنافه برقم 339 سنة 50 ق. وبتاريخ 22/ 4/ 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأيبرفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأول من السبب الأول والشق الأول من السبب الثانى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم المطعون فيه اعتد بالحكم الصادر فى الدعويين رقمى 957 سنة 1966 و201 سنة 1967 مدنى ديروط وجعل التسليم المقضى به فى هذا الحكم لازماً فى حق الطاعنين، حال أن تدخل الطاعن الأول فى الدعوى رقم 953 سنة 1966 مدنى ديروط لا يجعل القضاء بالتسليم حجة عليه لأنه لم يكن موجهاً ضده، بل أن التسليم كان بناء على صلح لم يكن الطاعن المذكور طرفاً فيه - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه إذ رفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول استناداً إلى حجية الحكم الصادر فى الدعويين المذكورتين، يكون قد أقام قضاءه على أسباب متعلقة بأصل حق الملكية ومن ثم جمع بين دعوى الملك ودعوى وضع اليد، وهو ما لا يجوز.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه يترتب على الحكم الصادر بقبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى أن يصبح التدخل طرفاً فى الدعوى الأصلية ويكون الحكم الصادر فيها حجة له وعليه، ولو حسم النزاع صلح، إذ لم يكن اعتماد الصلح إلا ثمرة القضاء برفض طلبات هذا الخصم المتدخل. ولما كان الطاعن الأول قد تدخل تدخلاً هجومياً فى الدعويين رقمى 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط مدعياً ملكية الأرض موضوع الدعويين ومنازعاً فى التسليم وقضى فيهما بقبول تدخله ورفض طلباته وبإثبات الصلح المبرم بين طرفى الخصومة فى الدعوى الأولى وفى الثانية بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بين طرفى الخصومة مع تسليم العين محل النزاع للمطعون عليه، فإن الحكم الصادر فى الدعويين يحوز قوة الشيء المقضى به بالنسبة للخصوم الحقيقيين فى الدعويين ومن بينهم الطاعن الأول. وإذ يشترط لقبول دعوى منع التعرض أن يكون المدعى عليه قد تعرض للمدعى فى وضع يده، ولا يعتبر تسليم العين المتنازع عليها تنفيذاً للحكم الصادر بذلك ضد واضع اليد تعرضاً له. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه برفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول إلى أن تنفيذ الحكم الصادر ضده فى الدعويين رقمى 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط لا يعد تعرضا لهذا الطاعن فى وضع يده، فإن الحكم لا يكون بذلك قد بنى على أسباب متعلقة بأصل الحق، وإنما نفى عن الدعوى توافر أحد شروط قبوله، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون الخطأ فى تطبيقه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالشق الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون من وجهين (الأول) أنه أخطأ فى تحميل عبارة الطاعن الأول فى الشكوى الإدارية رقم 3375 سنة 1968 ديروط معان لا تحملها فهى لا تنهض دليلاً على تأييد وجهة نظر الحكم من اعتباره مقراً بتسليم الأرض أو أن حيازته لها غير مقترن بنية الملك (والثاني) أن الحكم أخطأ بأن جعل من تدخل الطاعن المذكور فى الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط وما ورد على لسانه فى الشكوى المشار إليها سارياً فى حق باقى الطاعنين
وحيث إن النعى فى الوجه الأول مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن الأول على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، الأولى أن تسليم الأرض تنفيذاً للحكم الصادر ضد الطاعن المذكور لا يعتبر تعرضاً له فى وضع يده على الأرض محل النزاع، والثانية انتفاء نية الملك لديه، وإذ تكفى الدعامة الأولى وحدها لحمل قضاء الحكم، فإن تعيبه فى الدعامة الأخرى - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون غير منتج. ولا جدوى منه. والنعى فى الوجه الثانى غير صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يجعل من تدخل الطاعن الأول فى الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط سارياً فى حق باقى الطاعنين، كما لم يتخذ الحكم من أقواله فى الشكوى الإدارية دليلاً عليهم، وإنما نفى حيازتهم لأرض النزاع بالأدلة الأخرى التى أوردها.
وحيث إن حاصل الشق الثانى من السبب الثانى الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أن الحكم المطعون فيه نفى حيازة الطاعنين عدا الأول للأرض موضوع النزاع، مع أن الثابت من عقد شرائهم ومما أثبته الخبير المنتدب فى الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط ومن تحقيقات الشكوى الإدارية رقم 2375 سنة 1968 ديروط ومن أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة أن الارض فى وضع يد جميع الطاعنين.
وحيث إن النعى مردود ذلك أن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وفى بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديما صحيحا وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منه، دون رقابة عليه لمحكمة النقض فى ذلك متى أقام قضاءه على أسباب تكفى لحمله، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه نفى حيازة الطاعنين عدا الأول للأرض محل النزاع استنادا إلى أن الطاعن الأول هو الذى تدخل وحده فى الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط وقدم فيهما شهادة صادرة من رجال الإدارة تفيد أن الأرض فى حيازته وحده وأن الخبير المنتدب فى الدعويين خلص فى تقريره إلى أن الأرض فى وضع يد الطاعن الأول دون إشارة إلى وضع يد باقى الطاعنين عليه، وأن الثابت من عقدى شراء الأرض أنها صادره للطاعن الأول منفرد، ولما كانت هذه الأسباب التى أوردها الحكم تكفى لحمل النتيجة التى انتهى إليه، فإن ما يثيره الطاعنين فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً فى تقرير المحكمة للأدلة، مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.