أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 197

جلسة 10 ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ دكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغى، محمد فتح الله ودكتور أحمد حسنى.

(375)
الطعن رقم 497 لسنة 45 القضائية

(1) عقد. "تكييف العقد". محكمة الموضوع.
تكييف العقد وإنزال حكم القانون عليها. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص محكمة الموضوع لنية المتعاقدين. وجوب أن يكون سائغاً.
(2) مقاولة. عقد. "فسخ العقد".
عقد المقاولة. ماهيته. اتفاق للطرفين على فسخ العقد لإخلال المقاول بتنفيذ التزامه. أثره. وجوب رد ما تسلمه من رب العمل بسبب عقد المقاولة.
(3) إثبات. "الإقرار القضائى".
تقدير كون الأقوال المنسوبة للخصم. تعتبر إقراراً قضائياً من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(4) أوراق تجارية. "الشيك".
إصدار الشيك. لا يعد وفاء مبرئاً لذمة الساحب. عدم انقضاء التزامه إلا بصرف المسحوب عليه لقيمة الشيك للمستفيد.
1 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية المتعاقدين وما انعقد اتفاقهما عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ولا خروج فيه على المعنى الظاهر للعقد.
2 - عرفت المادة 646 من القانون المدنى المقاولة بأنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، ومن سائر أوراق الطعن أن المطعون ضده تعاقد مع الشركة الطاعنة على القيام بأعمال النجارة الخاصة بالتوسع فى مبنى إدارة الشركة بطنطا لقاء مبلغ...... وأن الطاعنة استصدرت ترخيصاً باسمها لشراء الاخشاب اللازمة لأعمال النجارة المتعاقد عليها، وسلمت المطعون ضده شيكاً مسحوباً لصالح الشركة التجارية استلم بمقتضاه أخشاباً قيمتها........ وقامت شركة الأخشاب بقيد باقى قيمة الشيك لحساب الشركة الطاعنة، فإن التكييف القانونى للمتعاقد المبرم بين الطرفين أنه عقد مقاولة. ولما كان الثابت أن المطعون ضده لم يقم بتنفيذ الأعمال التى التزم بها بموجب عقد المقاولة المشار إليه رغم استلامه الأخشاب اللازمة لتلك الأعمال، وأن الطرفين اتفقا على فسخ العقد، فإنه يترتب على هذا التفاسخ اعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها، وحق للشركة الطاعنة أن تسترد الأخشاب التى تسلمها المطعون ضده بسبب عقد المقاولة ونفاذاً له، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصحيح فى القانون وكيف العلاقة بين الطرفين بأنها عقد قرض أقرضت الشركة الطاعنة بموجبه المطعون ضده ثمن الأخشاب التى نزلت إليه عن ملكيتها مقابل قيمة الشيك الذى حرره لصالحها بمبلغ......... رغم عدم وجود رصيد له، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانبه التوفيق فى إسباغ التكييف القانونى الصحيح على العقد المبرم بين الطرفين، وخالف المعنى الظاهر للعقد فيما استخلصه من نية المتعاقدين وما انعقد اتفاقهما عليه.
3 - تقدير كون الأقوال المنسوبة للخصم تعتبر إقراراً قضائياً أو لا تعتبر كذلك هو من المسائل القانونية التى تدخل تحت رقابة محكمة النقض. وإذ قام دفاع المطعون ضده أمام محكمة الموضوع على أنه حرر الشيك كأداة ائتمان فإن ذلك يعد منه إقرارا قضائيا بأن هذا الشيك لم يحرر ثمناً للأخشاب التى تسلمها فلا يسوغ إهداره.
4 - الشيك وإن اعتبر فى الأصل أداة وفاء إلا أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئا لذمة ساحبه ولا ينقضى التزامه إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 325 لسنة 71 تجارى كلى طنطا طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 600 جنيه قيمة الشيك المؤرخ 5/ 8/ 1970 المسحوب منه على بنك مصر فرع طنطا لصالح الشركة الطاعنة، وقال بياناً لذلك أنه تعاقد مع الشركة الطاعنة على القيام بأعمال النجارة الخاصة بالتوسع فى مبنى إدارة الشركة بطنطا لقاء مبلغ 1936 جنيها، وسدد مبلغ 92 ج و800 م تأميناً متفقاً عليه، وسلمته الشركة بتاريخ 5/ 8/ 1970 تصريحاً بصرف كمية من الأخشاب اللازمة للعملية من الشركة التجارية للاخشاب بالإسكندرية، وشيكاً بمبلغ 600 ج مسحوباً منها لأمر شركة الأخشاب المذكورة ثمناً لما يسلم إليه من أخشاب، وفى ذات الوقت استوقعته على شيك بنفس القيمة لحسابها. وإذ دب الخلف بينهما ولم تسمح له الطاعنة بمباشرة العمل، وحملته مسئولية عدم التنفيذ فقد أنذرها بتاريخ 23/ 10/ 1970 لتحديد موقفها إما التنفيذ أو الفسخ مع حفظ حقه فى التعويض، ولكنها أقامت عليه الجنحة رقم 57 لسنة 71 قسم ثان طنطا بالطريق المباشر لإصداره شيكا بدون رصيد، فأقام دعواه بطلباته السابقة تأسيساً على أن الشيك الذى سحبه لصالح الطاعنة لا يمثل مديونية حقيقية وإنما كان أداة ائتمان وبتاريخ 13/ 6/ 1971 استصدرت الشركة الطاعنة من رئيس محكمة طنطا الابتدائية الأمر رقم 123 لسنة 71 بتوقيع الحجز التحفظى الاستحقاقى على الأخشاب التى تسلمها المطعون ضده من شركة الأخشاب والبالغ قيمتها 533 ج و899 م، ولدى تنفيذ الأمر فى 17/ 6/ 1971 أثبت المحضر أنه لم يجد تلك الأخشاب فتقدمت الطاعنة بطلب لاستصدار أمر بإلزام المطعون ضده بدفع ثمن هذه الأخشاب نقداً فرفض الطلب وتحددت جلسة لنظر الموضوع أمام المحكمة فى الدعوى رقم 1950 لسنة 1971 تجارى كلى طنطا حيث عدلت الطاعنة طلباتها بالنسبة لقيمة الأخشاب المطلوب ردها إلى 535 ج و360 م كما أقام المطعون ضده الدعوى رقم 2798 لسنة 71 تجارى كلى طنطا بطلب إلزام الشركة الطاعنة بتقديم كشف حساب عن الأعمال التى قام بتنفيذها، وما يستحقه منها بعد خصم قيمة الأخشاب التى تم تصنيعها وتركيبها، وقضت المحكمة فى 30/ 4/ 1972 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان الأعمال التى قام بتنفيذها، وتصفية الحساب بين الطرفين، وبيان ما يستحقه قبل الشركة الطاعنة. وبعد أن قدم الخبير تقريره أصدرت المحكمة قراراً بضم الدعاوى الثلاث ليصدر فيهما حكم واحد، ثم قضت بتاريخ 31/ 12/ 1972 برفض الدعوى رقم 2798 لسنة 1971 وفى موضوع الدعوى رقم 195 لسنة 71 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للشركة الطاعنة الأخشاب المبينة بالعريضة وصفاً وقيمة عيناً خالية من التلف، أو دفع قيمتها نقداً وقدرها 535 ج و360 م مع النفاذ المعجل وحددت جلسة لنظر الدعوى رقم 325 لسنة 71 لمناقشة الخصوم فى بعض نقاطها، استأنف المطعون ضده هذا الحكم برقم 5 لسنة 24 ق وبتاريخ 10/ 2/ 1975 قضت محكمة استئناف طنطا برفض الطعن وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى رقم 2798 لسنة 71 تجارى كلى طنطا، وبالنسبة للدعوى رقم 1950 لسنة 71 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة بطريق النقض فى الحكم الصادر فى الدعوى الأخيرة، وأودع المطعون ضده مذكرة دفع فيها ببطلان الطعن لعدم اشتمال صحيفته على تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان الطعن لعدم اشتمال صحيفته على تاريخ صدور الحكم المطعون فيه فهو على غير أساس ذلك أن البين من صحيفة الطعن أنها تضمنت فى صدرها ما يفيد أنها خاصة بأسباب الطعن فى الحكم رقم 5 لسنة 24 ق الصادر من محكمة استئناف طنطا بجلسة 10 فبراير سنة 1975 ومن ثم يكون أساس الدفع غير صحيح ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ اعتبر المطعون ضده هو المالك للأخشاب وأن الشركة الطاعنة أقرضته مبلغ 600 جنيه ليسدد منها ثمن هذه الأخشاب، وحصلت منه على شيك بهذا المبلغ، وبذلك تكون قد تنازلت له عن ملكيتها للأخشاب، ولا يغير من ذلك كون الشيك بدون رصيد. وهذا الذى قرره الحكم غير صحيح فى القانون ذلك أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تعطى الدعوى تكييفها القانونى الصحيح فهى مقيدة بالوقائع المطروحة عليها، ولا تملك تغيير سبب الدعوى، وإذ كان الثابت أن الشركة التجارية للأخشاب قيدت لحساب الطاعنة مبلغ 64 ج و640 م وسلمت المطعون ضده أخشاباً ثمنها 535 ج و360 م مدفوعه من قيمة الشيك الذى تسلمه الأخير من الطاعنة، وكان الشيك التأمينى الذى وقعه للطاعنة تبلغ قيمته 600 جنيه فإنه لا يسوغ القول بأن الشركة الطاعنة أقرضته مبلغ 535 ج و360 م لقاء رده مبلغ 600 ج خصوصاً وأنها شركة قطاع عام لا تملك حق إقراض الأموال العامة. كما أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الطاعنة تنازلت عن ملكيتها للأخشاب للمطعون ضده لقاء الثمن الوارد بالشيك رغم عدم وجود رصيد لهذا الشيك يكون قد خالف القانون لأن ذمة صاحب الشيك لا تبرأ إلا بصرف المستفيد لقيمته وهو ما لم يحدث فى خصوص الشيك المشار إليه. كما يكون الحكم قد أهدر الإقرار القضائى الصادر من المطعون ضده بأن الشيك الذى حرره لصالح الطاعنة كان تأمينا لها. يضاف إلى ذلك أنه وقد سلم الطرفان بفسخ عقد المقاولة المبرم بينهما فإن ذلك يستتبع عودة ملكية الأخشاب للشركة الطاعنة لأن شراءها كان نفاذاً لهذه المقاولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه كل ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أنه لما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية المتعاقدين، وما انعقد اتفاقهما عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ولا خروج فيه على المعنى الظاهر للعقد وكانت المادة 646 من القانون المدنى قد عرفت المقاولة بأنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، ومن سائر أوراق الطعن أن المطعون ضده تعاقد مع الشركة الطاعنة على القيام بأعمال النجارة الخاصة بالتوسع فى مبنى إدارة الشركة بطنطا لقاء مبلغ 1936 جنيهاً وأن الطاعنة استصدرت ترخيصا باسمها لشراء الأخشاب اللازمة لأعمال النجارة المتعاقد عليها، وسلمت للمطعون ضده شيكاً مسحوباً لصالح الشركة التجارية للأخشاب استلم بمقتضاه أخشابا قيمتها 533 ج و896 م وقامت شركة الأخشاب بقيد باقى قيمة الشيك لحساب الشركة الطاعنة، فإن التكييف القانونى للتعاقد المبرم بين الطرفين أنه عقد مقاولة. ولما كان الثابت أن المطعون ضده لم يقم بتنفيذ الأعمال التى التزم بها بموجب عقد المقاولة المشار إليه رغم استلامه الأخشاب اللازمة لتلك الأعمال، وأن الطرفين اتفقا على فسخ العقد، فإنه يترتب على هذا التفاسخ إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها، وحق للشركة الطاعنة أن تسترد الاخشاب التى تسلمها المطعون ضده بسبب عقد المقاولة ونفاذاً له، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصحيح فى القانون وكيف العلاقة بين الطرفين بأنها عقد قرض أقرضت الشركة الطاعنة بموجبه المطعون ضده ثمن الأخشاب التى نزلت إليه عن ملكيتها مقابل قيمة الشيك الذى حرره لصالحها بمبلغ 600 جنيه رغم عدم وجود رصيد له، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانبه التوفيق فى إسباغ التكييف القانونى الصحيح على العقد المبرم بين الطرفين، وخالف المعنى الظاهر للعقد فيما استخلصه من نية المتعاقدين وما انعقد اتفاقهما عليه، هذا فضلاً عن مخالفته للقانون وخطئه فى تطبيقه إذ أهدر ما قرره المطعون ضده أثناء نظر هذا النزاع أمام محكمة الموضوع من أن الشيك الذى اصدره لصالح الشركة الطاعنة كان تأميناً لتنفيذ التزاماته فى العقد، ولذا طالب ببراءة ذمته من قيمته بعد أن تفاسخ الطرفان عن هذا العقد، ذلك أن تقدير كون الأقوال المنسوبة للخصم تعتبر إقراراً قضائياً أو لا تعتبر كذلك هو من المسائل القانونية التى تدخل تحت رقابة محكمة النقض. وإذ قام دفاع المطعون ضده أمام محكمة الموضوع على أنه حرر الشيك كأداة ائتمان فإن ذلك يعد منه إقراراً قضائياً بأن هذا الشيك لم يحرر ثمناً للأخشاب التى تسلمها فلا يسوغ إهداره، كما أن خطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن الشركة الطاعنة قد تنازلت للمطعون ضده عن ملكية الأخشاب التى تسلمها لقاء الثمن الذى حرر به شيكا لها، ولو اتضح أنه بغير رصيد، ذلك أن الشيك وإن اعتبر فى الأصل أداة وفاء إلا أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئاً لذمة صاحبه ولا ينقضى التزامه إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.