أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 204

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ دكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغى، محمد فتح الله وسيد عبد الباقى.

(376)
الطعن رقم 1021 لسنة 46 القضائية

(1) حجز. "حجز ما للمدين لدى الغير".
سقوط الحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية. 574/ 1 مرافعات سابق. أثره. عدم قبول دعوى الحاجز بطلب إلزامها شخصياً بالدين من أجله.
(2) دفوع. "الدفع الشكلى. والدفع الموضوعى". حجز.
الدفع الشكلى والدفع الموضوعى. ماهية كل منهما. الدفع بسقوط الحجز فى دعوى الحاجز بإلزام المحجوز لديه شخصيا بالدين. دفع موضوعى. جواز إبدائه فى أية حالة كانت عليها الدعوى.
1 - مؤدى نص المادتين 574/ 1، 566/ 1 من قانون المرافعات السابق يدل على أن الحجز الموقع تحت يد احدى المصالح الحكومية يسقط ويعتبر كأن لم يكن بانقضاء ثلاث سنوات على إعلانه للمصلحة المحجوز لديها ما لم يعلنها الدائن الحاجز برغبته فى استيفاء الحجز وتجديده، ويترتب على سقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن زوال كافة الآثار المترتبة عليه ومنها واجب التقرير بما فى الذمة المنصوص عليه فى المادة 561 من القانون المشار إليه، فإذا زال عن المصلحة المحجوز لديها واجب التقرير بما فى الذمة فإنه يسقط عنها أى إخلال سابق بهذا الواجب لأن الفرع يزول بزوال الأصل ومن ثم ينحسر عن الدائن الحاجز حق مطالبة المصلحة الحكومية المحجوز لديها شخصياً بالدين المحجوز من أجله.
2 - لما كان مناط التفرقة بين الدفع الشكلى والدفع الموضوعى أن أولهما يوجه إلى صحة الخصومة والاجراءات المكونة لها بغية إنهاء الخصومة دون الفصل فى موضوع الحق المطالب به، أو تأخير الفصل فيه، أما الدفع الموضوعى فهو الذى يوجه إلى الحق موضوع الدعوى بهدف الحصول على حكم برفضها كليا أو جزئيا، وكان الدفع المبدى من المطعون ضدها - المصلحة الحكومية - بسقوط الحجز الموقع تحت يدها لعدم إعلانها من الحاجز برغبته فى استبقاء الحجز وتجديده خلال المدة المشار إليها واعتبار الحجز كأن لم يكن - هذا الدفع - لا ينصب على صحة الخصومة أو أحد إجراءاتها بل هدفت المطعون ضدها من وراء التمسك به إلى رفض طلب الطاعنين إلزامها بالدين المحجوز من أجله بمقولة إخلالها بواجب التقرير بما فى الذمة على النحو وفى الميعاد المبين فى القانون. ومن ثم فإن هذا الدفع يعتبر دفعاً موضوعياً يسوغ إبداؤه فى أية حالة تكون عليها الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 806 لسنة 1974 تنفيذ عابدين على وزارة الصناعة المطعون ضدها، طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 19504 ج و893 قيمة الدين المحجوز به تحت يدها استناداً إلى عدم التقرير على الوجه الذى يتطلبه القانون - بما فى ذمتها لشركة الملح والتعدين الأهلية المحجوز عليها نفاذاً للحجز الذى أوقعه تحت يدها بإعلانها به بتاريخ 16/ 8/ 1960 استيفاء لدينه المحكوم له به قبل الشركة المحجوز عليها بالحكم رقم 351 سنة 1951 تجارى كلى الاسكندرية، ورغم القضاء بتغريمه فى الدعوى رقم 344 سنة 1961 لعدم قيامه بهذا التقرير وبتاريخ 31/ 1/ 1974 حكم قاضى التنفيذ بمحكمة عابدين الجزئية برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 5100 سنة 91 ق. وبتاريخ 19/ 10/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييده. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النعى أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن استمرار الحجز قائماً شرط لتطبيق المادة 343 من قانون المرافعات حالة أن نص هذه المادة - شأنه شأن نص المادة 566 من قانون المرافعات السابق - قد جاء خلواً من ذلك القيد إذ لم يستلزم المشرع لتوقيع جزاء إلزام المحجوز لديه بالدين المحجوز من أجله سوى شروط ثلاثة أولها: الحصول على سند تنفيذى. وثانيها: طلب الدائن توقيع الجزاء برفع دعوى الإلزام. وثالثها: أن يكون المحجوز لديه قد ارتكب أحد الأمور المنصوص عليها فى المادة المشار إليها، فضلاً عن أن دعوى الإلزام إنما تمثل مرحلة مستقلة ولاحقة على توقيع الجزاء وقاصرة على علاقة الدائن المحجوز لديه الذى خل بواجب التقرير بما فى ذمته على الوجه وفى الميعاد المبين فى القانون، ومن ثم فإنه لا يشترط لتوقيع جزاء الإلزام أن يظل الحجز قائماً ومستمراً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن النص فى المادة 574/ 1 من قانون المرافعات السابق - الذى وقع الحجز فى ظله - على أن الحجز الواقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية لا يكون له أثر إلا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه ما لم يعلن الحاجز المحجوز لديه فى هذه المدة باستيفاء الحجز. فإن لم يحصل هذا الإعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات اعتبر الحجز كأن لم يكن مهما كانت الإجراءات أو الاتفاقات أو الأحكام التى تكون قد تمت أو صدرت فى شأنه". والنص فى المادة 566/ 1 من القانون المشار إليه على أنه "إذ أصر المحجوز لديه على الامتناع عن التقرير رغم تكليفه به أو قرر غير الحقيقة وأخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد التقرير، جاز الحكم عليه للدائن الذى حصل على سند تنفيذى بدينه بالمبلغ المحجوز من أجله". يدل على أن الحجز الموقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية يسقط ويعتبر كأن لم يكن بانقضاء ثلاث سنوات على إعلانه للمصلحة المحجوز لديها ما لم يعلنها الدائن الحاجز برغبته فى استبقاء الحجز وتجديده، ويترتب على سقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن زوال كافة الآثار المترتبة عليه ومنها واجب التقرير بما فى الذمة المنصوص عليه فى المادة 561 من القانون المشار إليه، فإذا زال عن المصلحة المحجوز لديها واجب التقرير بما فى الذمة فإنه يسقط عنها أى إخلال سابق بهذا الواجب لأن الفرع يزول بزوال الأصل ومن ثم ينحسر عن الدائن الحاجز حق مطالبة المصلحة الحكومية المحجوز لديها شخصياً بالدين المحجوز من أجله، لما كان ذلك وكان الحجز موضوع التداعى قد وقع تحت يد وزارة الصناعة المطعون ضدها بتاريخ 16/ 8/ 1960 وخلت أوراق الدعوى مما يدل على أن مورث الطاعنين (الحاجز) قد أعلن رغبته فى استبقاء الحجز وتجديده قبل مضى ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه للمطعون ضدها فإن الحجز يكون قد سقط واعتبر كأن لم يكن فزال عن كاهل الوزارة المطعون ضدها (المحجوز لديها) واجب التقرير بما فى الذمة وسقط جزاء الإلزام الشخصى عن إخلالها به، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر الصحيح فى القانون فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثانى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعنون "أنهم تمسكوا بأن الدفع بسقوط الحجز يتعلق بالإجراءات فيسقط الحق فيه بعدم إبدائه قبل أى دفاع موضوعى أو أى دفع بعدم القبول، وبعد إبدائه مع غيره من الدفوع الشكلية، ولما كانت المطعون ضدها قد دفعت بعدم قبول الدعوى قبل الدفع بسقوط إجراءات الحجز، ولم تبد هذا الدفع مع دفعها بعدم اختصاص المحكمة محليا فإن حقها فى التمسك به يكون قد سقط إعمالاً لنص المادة 108 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه كيف الدفع بسقوط إجراءات الحجز بأنه دفع موضوعى ورتب على ذلك عدم سقوطه وجواز إبدائه فى أية حالة تكون عليها الدعوى، فجاء معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه".
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أنه لما كان مناط التفرقة بين الدفع الشكلى والدفع الموضوعى أن أولهما يوجه إلى صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها بغية إنهاء الخصومة دون الفصل فى موضوع الحق المطالب به، أو تأخير الفصل فيه، أما الدفع الموضوعى فهو الذى يوجه إلى الحق موضوع الدعوى بهدف الحصول على حكم برفضها كلياً أو جزئياً، وكان الدفع المبدى من المطعون ضدها بسقوط الحجز الموقع تحت يدها لعدم إعلانها من الحاجز برغبته فى استبقاء الحجز وتجديده خلال المدة المشار إليها واعتبار الحجز كأن لم يكن - هذا الدفع - لا ينصب على صحة الخصومة أو أحد إجراءاتها بل هدفت المطعون ضدها من وراء التمسك به إلى رفض طلب الطاعنين إلزامها بالدين المحجوز من أجله بمقولة إخلالها بواجب التقرير بما فى الذمة على النحو وفى الميعاد المبين فى القانون، ومن ثم فإن هذا الدفع يعتبر دفعاً موضوعياً يسوغ إبداؤه فى أية حالة تكون عليها الدعوى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر الصحيح فى القانون فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعى بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن أساس دعوى الإلزام الشخصى منفصل عن الحجز وإجراءاته إذ هى ترتكز على مسئولية المحجوز لديها الذاتية عما ارتكبته من غش وإخلال بواجب التقرير بما فى الذمة الأمر الذى ثبت وحسم بالحكم الصادر بتاريخ 17/ 12/ 1961 فى الدعوى 344 لسنة 61 الدرب الأحمر القاضى بتغريم المطعون ضدها 40 جنيهاً وكان الحجز ما زال قائماً وقتئذ ومن ثم فإن استمرار قيام الحجز بعد ذلك يعد ناقلة ويستوى مع عدم قيامه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يجابه هذا الدفاع الجوهرى إلا بما قرره من سقوط الحجز، وهذا منه لا ينهض رداً كافياً على دفاعه ولا مبرراً لقضائه برفض الدعوى، الأمر الذى يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب فضلاً عن مخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه لما كانت محكمة الموضوع غير مكلفة بأن تورد فى حكمها كل حجج الخصوم وأن تقوم بالرد استقلالاً على كل حجة طالما أنها اقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، وكان البين من الرجوع إلى مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين بإلزام المطعون ضدها شخصيا بدينهم المحجوز به تحت يدها لإخلالها بواجب التقرير بما فى الذمة على أن المادة 343 من قانون المرافعات الحالى - الذى أقيمت الدعوى فى ظله - وإن لم تنص إلا على ثلاثة شروط لدعوى الإلزام الشخصى أولها: أن يكون الدائن الحاجز قد تحصل على سند تنفيذى. وثانيها: أن يطلب الدائن الحاجز توقيع جزاء الإلزام. وثالثها: أن يتخلف المحجوز لديه عن التقرير بما فى ذمته على الوجه وفى الميعاد المبين فى القانون أو أن يقرر غير الحقيقة أو أن يخفى الأوراق الواجب إيداعها مع التقرير، إلا أن المنطق وطبيعة الأمور توجبان تحقق شرط آخر وهو وجوب أن يكون الحجز قائماً منتجاً لآثاره، وكان ما أورده الحكم صحيح فى القانون كما يبين من أسباب الرد على السبب الأول من هذا الطعن ويكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمنى على دفاع الطاعنين بأن دعوى الإلزام الشخصى مستقلة عن الحجز وإجراءاته فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن