أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 210

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد صدقى العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم فودة، محمد طه سنجر، حسن النسر ومنير عبد المجيد.

(377)
الطعن رقم 105 لسنة 40 القضائية

(1) استئناف "الاستئناف الفرعى".
الاستئناف الفرعى. ماهيته. زواله بزوال الاستئناف الأصلى. عدم وجود ارتباط الاستئنافين فى موضوعهما.
(2) نقض. استئناف.
الحكم الصادر برفض الاستئنافين الأصلى والفرعى. الطعن فيه بالنقض فى احدهما. أثره. انصراف حكم النقض إلى موضوع الاستئناف المطعون فيه دون الآخر ما لم تكن المسألة محل النقض أساساً للاستئناف الآخر أو غير قابلة للتجزئة.
1 - الأصل أنه يجوز للمستأنف عليه الذى قبل الحكم الابتدائى، وفوت على نفسه الطعن فيه أن يرفع قبل إقفال باب المرافعة استئنافا فرعيا يتبع الاستئناف الأصلى ويزول بزواله، باعتبار أن قبوله للحكم معلق على شرط أن يكون مقبولاً من الطرف الآخر، وأن ذلك لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعى بالاستئناف الأصلى فى موضوعه، وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل فى شأنه فى ذلك شأن أى استئناف آخر.
2 - إذا صدر الحكم برفض موضوع الاستئنافين - الأصلى والفرعى - وطعن فيه أحد الطرفين دون الآخر بطريق النقض. فإنه لا يفيد من الطعن إلا رافعه ولا يتناول النقض مهما تكن صيغة الحكم الصادر به إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه، ما لم تكن المسألة التى نقض الحكم بسببها أساسا للموضوع الآخر أو غير قابلة للتجزئة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 393 سنة 1961 مدنى الزقازيق الابتدائية ضد وزارة الرى (الطاعنة) ومفتش رى محافظة الشرقية بصحيفة معلنة فى 9/ 4/ 1961 يطلب فيها الحكم بإلزامهما بأن يدفعا مبلغ 626 ج و510 م، وقال شرحاً لدعواه أن الطاعنة ومفتش رى الشرقية استوليا سنة 1960 على أرض زراعية يملكها مساحتها 1 ف و9 ط وادخلاها فى مشروع ترعة الشرقية العمومية بغير إتباع إجراءات نزع الملكية مما يستحق عنه تعويضاً، وأنه إذ يقدر ثمن الأرض المستولى عليها والتعويض الذى يستحقه بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى يرسمه القانون رقم 577 سنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بأن أقامها المطعون عليه مباشرة أمام القضاء وقبل أن تكون مصلحة المساحة قد انتهت من اجراءات نزع الملكية المشار إليها بذلك القانون. كما دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة تأسيساً على أنه فى 29/ 4/ 1961 أثناء نظر الدعوى - صدر قرار وزارى بنزع ملكية أرض النزاع للمنفعة العامة، وقد أخطر المطعون عليه بالتعويض الذى قدر ثمناً للأرض التى نزعت ملكيتها. فطعن فيه أمام لجنة الفصل فى المعارضات. وبتاريخ 17/ 2/ 1962 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية الموضحة به. وقد انتهى فى تقريره إلى أنه فى 29/ 4/ 1961 صدر قرار نزع ملكية أرض النزاع للمنفعة العامة. وأن مساحة الأطيان التى تداخلت فى المشروع رقم 1197 رى واعتبرت من المنافع العامة هى مقدار 1 ف و5 ط و1 س. وبتاريخ 1/ 11/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبإلزام مفتش رى الشرقية بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 216 ج و666 م باعتبار أن هذا المبلغ يمثل التعويض المستحق عن مساحة 13 ط، ورفضت طلب التعويض عن مساحة 16 ط و 1 س التى كانت تشغلها المسقى الخاصة وتحولت إلى مسقى عامة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 255 سنة 5 ق المنصورة. كما استأنفه المطعون عليه باستئناف مقابل. ومحكمة الاستئناف قضت فى 6/ 11/ 1963 بقبول الاستئنافين شكلاً وبرفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقيد طعنها برقم 3 سنة 34 ق. وفى 23/ 5/ 1967 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 255 سنة 5 ق بإلغاء الحكم المستأنف وقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنه كان ينبغى على المطعون عليه أن يسلك طريق الطعن أمام اللجنة دون الالتجاء إلى طريق الدعوى المبتدأة. وإذ كان النزاع السابق مطروحاً على القضاء فقد قضت لجنة الفصل فى المعارضات بتاريخ 19/ 9/ 1963 بوقف السير فى الطعن المرفوع أمامها من الطاعن حتى يفصل فى الاستئناف. وبعد قضاء النقض عجل المطعون عليه الطعن أمام اللجنة، وبتاريخ 5/ 2/ 1968 قضت اللجنة بتأييد تقدير الحكومة. فأقام المطعون عليه الدعوى رقم 167 سنة 1968 مدنى الزقازيق الابتدائية طعناً فى قرار لجنة الفصل فى المعارضات، وقال فيه أن الطاعنة استولت على مساحة 1 ف و 5 ط و1 س من ملكه لمشروع تحويل المسقى. وطلب تعديل ثمن الفدان من 35 ج إلى 400 ج. وفى 17/ 12/ 1969 حكمت المحكمة بتعديل تقدير الحكومة لثمن الأرض موضوع الطعن، واعتبار الثمن 484 ج و28 م بواقع الفدان 400 ج. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم الأخير بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم جواز الطعن وبعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، حاصله أن الحكم المطعون فيه صدر على خلاف حكم آخر، سبق أنه صدر بين الخصوم، وحاز قوة الأمر المقضى. وهو الحكم الصادر فى الدعوى رقم 393 سنة 1961 مدنى الزقازيق الابتدائية الذى تأيد فى الاستئناف رقم 255 سنة 5 ق المنصورة فيما يتعلق برفض طلب التعويض عن مساحة الـ 16 ط و1 س التى كانت تشغلها المسقى الخاصة وتحولت إلى مسقى عامة، وذلك أن المطعون عليه لم يطعن على هذا الحكم بأى طريق من طرق الطعن، فأصبح حائزاً لقوة الأمر المقضى. وإذ كانت الطاعنة قد طعنت بطريق النقض فى الحكم الاستئنافى رقم 255 سنة 5 ق المنصورة فإن نطاق طعنها ينحصر فيما قضى به ضدها من إلزامها بدفع مبلغ 216 ج و666 م تعويضاً عن مساحة الـ 13 ط، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد تجاهل ما للحكم المشار إليه من قوة الأمر المقضى وعاد من جديد إلى الفصل فى ذات النزاع بين نفس الخصوم، فقضى بأن المساحة التى تدخلت فى المشروع هى 1 ف و5 ط و1 س وأن ثمنها 484 ج و28 م. بواقع الفدان 400 ج. ويعنى ذلك أنه قضى بتعويض عن مساحة الـ 16 ط 1 س على خلاف ما قضى به الحكم السابق نهائياً بعدم أحقية المطعون عليه فى الحصول على أى تعويض عنها بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الطعن غير جائز. ذلك أنه وإن كان الأصل أنه يجوز للمستأنف عليه الذى قبل الحكم الابتدائى، وفوت على نفسه الطعن فيه أن يرفع قبل إقفال باب المرافعة استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلى ويزول بزواله، باعتبار أن قبوله للحكم معلق على شرط أن يكون مقبولاً من الطرف الآخر، وأن ذلك لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعى بالاستئناف الأصلى فى موضوعه، وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل، شأنه فى ذلك شأن أى استئناف آخر. فإذا صدر الحكم برفض موضوع الاستئنافين وطعن فيه أحد الطرفين دون الآخر بطريق النقض. فإنه لا يفيد من الطعن إلا رافعه ولا يتناول النقض مهما تكن صيغة الحكم الصادر به إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه، ولا يمتد إلى موضوع الاستئناف الآخر، ما لم تكن المسألة التى نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابلة للتجزئة. وإذ كان الثابت فى الدعوى أن الطاعنة أقامت استئنافاً أصلياً رددت فيه دفعها بعدم قبول الدعوى السابق إبدائه فيها أمام محكمة أول درجة لعدم اتخاذ الطريق الذى رسمه القانون 577 سنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعه العامة، ولعدم توافر مصلحة فى رفعها، وأقام المطعون عليه من جانبه استئنافاً فرعياً بطلب تعديل الحكم المستأنف والحكم له بالمبلغ الذى قدره الخبير المنتدب فى الدعوى عن المساحة المنزوعة كلها، وكانت محكمة الاستئناف قد أصدرت حكماً بقبول الاستئنافين شكلا وبرفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض متمسكة بدفعها بعدم قبول الدعوى ولم يطعن المطعون عليه. وصدر الحكم بنقضه على أساس قبول الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى ابتداء لعدم سلوك الطريق القانونى لرفعها وبعدم قبول الدعوى، فإن حكم محكمة النقض فى الطعن رقم 3 لسنة 34 ق يكون قد فصل فى مسألة أساسية أولية الفصل فيها لازم قبل الفصل فى موضوع الدعوى، وهى تتعلق بقبول الدعوى أمام المحكمة مما يترتب عليه إلغاء الأحكام والاعمال اللاحقة له من فصل فى موضوعها سواء لصالح الطاعن أو لصالح المطعون عليه، مما يكون معه الحكم السابق قد زال وزالت عنه قوة الأمر المقضى. ومتى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صادرا انتهائيا من محكمة ابتدائية ولم يثبت صدوره على خلاف حكم سابق حائز قوة الأمر المقضى فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز.