أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 261

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمدى الخولى، يوسف أبو زيد، ومصطفى صالح سليم، وعزت حنورة.

(387)
الطعن رقم 103 لسنة 48 القضائية

(1، 2) بيع. شفعة.
(1) حق الانتفاع. جواز كسبه بالشفعة حال بيعه استقلالاً عن الرقبة. م 985/ 1 مدنى.
(2) بيع حق الانتفاع. ثبوت حق الشفعة فيه للجار المالك. علة ذلك.
(3) إعلان. "الإعلان فى الموطن الأصلى". موطن.
الموطن. ماهيته. تقدير عنصر الاستقرار فيه ونية الاستيطان. هو مما يستقل به قاضى الموضوع.
(4) شفعة. صورية.
اعتبار الشفيع من الغير بالنسبة لطرفى عقد البيع محل الشفعة. تمسكه بالعقد الظاهر. شرطه. ألا يكون عالماً بصوريته وقت ابداء رغبته فى الأخذ بالشفعة.
1 - النص فى المادة 985/ 1 من القانون المدنى على "حق الانتفاع يكسب بعمل قانونى أو بالشفعة أو بالتقادم" مفاده أن حق الانتفاع يمكن كسبه بالشفعة فى حالة بيعه استقلالاً دون الرقبة الملابسة له إذا ما توافرت شروط الأخذ بالشفعة.
2 - مفاد نص المادتين 936، 937 من القانون المدنى أن المشرع قرر حق الشفعة لمالك الرقبة - فى بيع حق الانتفاع لحكمة توخاها هى جمع شتات الملكية برد حق الانتفاع إلى مالك الرقبة إذ بدون هذا النص الصريح ما كان لمالك الرقبة أن يشفع فى بيع حق الانتفاع إذ هو ليس شريكا مشتاعا ولا جارا مالكا - وتحقيقاً لذات الحكمة فقد فضل المشرع مالك الرقبة على سائر الشفعاء عند مزاحمتهم لهم فى الشفعة فى بيع حق الانتفاع الملابس للرقبة التى يملكها وذلك على ما جرى به نص المادة 937 من القانون المدنى المشار إليه - وإذ قرر المشرع الأفضلية لمالك الرقبة على باقى الشفعاء عند مزاحمتهم له وفق ما جرى به هذا النص فقد تصور أن يزاحم الشفعاء الآخرين مالك الرقبة فى بيع حق الانتفاع فتكون الأفضلية للأخير مؤكداً بذلك أن الشفعة فى حق الانتفاع مقررة لسائر الشفعاء وذلك لتوفر الحكم فى تقرير الشفعة وهى منع المضار - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بثبوت حق الشفعة للجار المالك (المطعون ضدها الأولى) يكون قد أصاب فى النتيجة التى انتهى إليها.
3 - نصت المادة 40 من القانون المدنى أن الموطن هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة فقد دلت على أن المشرع لم يفرق بين الموطن ومحل الإقامة العادى وجعل المعول عليه فى تعيينه الإقامة المستقرة بمعنى أنه يشترط فى الموطن أن يقيم فيه الشخص وأن تكون إقامته بصفة مستمرة وعلى وجه يتحقق فيه شرط الاعتياد ولو لم تكن مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة، وأن تقدير عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرهما فى الموطن من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع.
4 - الشفيع بحكم كونه صاحب حق فى أخذ العقار بالشفعة يعتبر من طبقة الغير بالنسبة لطرفى عقد البيع سبب الشفعة وبالتالى يحق له أن يتمسك بالعقد الظاهر فلا يحتج عليه بالعقد المستتر، إلا أن شرط ذلك أن يكون حسن النية، أى ألا يكون عالماً بصورية العقد الظاهر وقت اظهار رغبته فى الأخذ بالشفعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 881 سنة 1974 مدنى كلى جنوب القاهرة على الطاعنين وباقى المطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيتها فى أخذ العقار المبين بالصحيفة بالشفعة والتسليم مقابل ما أودعته خزينة المحكمة من ثمن وملحقاته على سند أنها جار مالك للعقار المبيع وعلمت مصادفة أن المطعون ضدهما الثانى والثالثة باعاه للطاعنين بثمن قدره ثلاثون ألف جنيه فأعلنت رغبتها فى أخذه بالشفعة بإنذار فى 29/ 1/ 1975 مقابل هذا الثمن وأودعت خزينة المحكمة فى 27/ 2/ 1974 مبلغ 31755 ج و640 قيمة الثمن ورسوم التسجيل والمصروفات. دفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى وبسقوط الحق فى الأخذ بالشفعة، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية قضت بجلسة 31/ 5/ 1975. أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى أهلية أو صفة وبقبولها. ثانياً: برفض الدفع بسقوط حق المدعية (المطعون ضدها الأولى) فى الأخذ بالشفعة. ثالثاً: قبول الفصل فى أوجه الدفوع الأخرى والموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن الثمن الحقيقى للعقار المشفوع فيه هو مبلغ خمسة وأربعون ألفاً من الجنيهات. طلبت المطعون ضدها الأولى أمام القاضى المنتدب للتحقيق العدول عن حكم التحقيق فقرر إحالة الدعوى إلى المرافعة للفصل فى هذا الطلب. وبجلسة 28/ 3/ 1976 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برفض الدعوى - استأنفت الشركة المطعون ضدها الاولى الحكم بالاستئناف رقم 2134 سنة 93 ق. وبتاريخ 20/ 12/ 1977 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض كافة الدفوع المبداة من الطاعنين وبأحقية المطعون ضدها الأولى فى أخذ العقار بالشفعة والتسليم مقابل ما أودعته خزينة المحكمة من ثمن وملحقاته وقدره 31755 ج و640 م. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم - وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن القصور المبطل وفى بيان ذلك يقولان أن عقد البيع الصادر إليهما من المطعون ضدهما الثانى والثالثة تضمن شراء أولهما لنفسه ثلاثة قراريط رقبة ومنفعة شيوعاً فى العقار وشراؤه بصفته ولياً طبيعياً على أولاده تسعة قراريط رقبة وشراؤه لنفسه حق الانتفاع فى هذه القراريط التسعة، وشراء الطاعنة الثانية إثنتى عشر قيراطاً رقبة ومنفعة، وتحدد فى العقد ثمن كل حصة فى المبيع على حده، إلا أن الحكم المطعون فيه وصف ذلك العقد بأنه مجرد عقد بيع عقار لا يتضمن حصة فى حق انتفاع، وأضاف أن تجزئة المبيع حدثت بمعرفة المشترين (الطاعنين) فلا يجوز أن تعطل حق المطعون ضدها الأولى فى الأخذ بالشفعة طالما أنها تشفع فى العقد بتمامه، مع أن هذه التجزئة جاءت بموجب إرادتى طرفى العقد لكليهما، ولم يتضمن العقد شراء الطاعن الأول التسعة قراريط رقبة ومنفعة من العقار ثم تصرفه بعد ذلك إلى أولاده القصر فى الرقبة واحتفاظه بحق الانتفاع، إنما تضمن تصرف البائعين إلى القصر فى الرقبة رأسا وتصرفهما فى حق الانتفاع إلى الطاعن الأول أصلاً، وهذا التصرف الأخير لا يجوز للجار أن يشفع فيه، إذ لا تجوز الشفعة للجار فى حالة بيع حق الانتفاع، وبالتالى لا تجوز الشفعة فى باقى المبيع حتى لا تتفرق الصفقة - وقول الحكم المطعون فيه أن تلك التجزئة لا ينبغى أن تعطل الحق فى الشفعة طالما أنها تنصب على العقار بتمامه قول يحمل فى طياته شبهة الاتهام بأن هذه التجزئة تمت عمداً بقصد تعطيل الحق الشفعة، ولكن الحكم المطعون فيه لم يدعم هذا الاتهام المرسل بأى سبب يقيمه، مع أن عرف المعاملات يجرى على هذه التجزئة دون أن يثير مثل هذا الاتهام، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وخالف الثابت بالأوراق وشابه القصور المبطل بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أنه لما كان النص فى المادة 985/ 1 من القانون المدنى على "حق الانتفاع يكسب بعمل قانونى أو بالشفعة أو بالتقادم" مفاده أن حق الانتفاع يمكن كسبه بالشفعة فى حالة بيعه استقلالاً دون الرقبة الملابسة له إذا ما توافرت شروط الأخذ بالشفعة، وكان النص فى المادة 936 من القانون المدنى على "يثبت الحق فى الشفعة ( أ ) لمالك الرقبة إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه. (ب) للشريك فى الشيوع إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبى. (جـ) لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها. (د) لمالك الرقبة فى الحكر إذا بيع حق الحكر وللمستحكر إذا بيعت الرقبة. (هـ) للجار المالك...."، والنص فى المادة 937 من ذات القانون على "إذا تزاحم الشفعاء يكون استعمال حق الشفعة على حسب الترتيب المنصوص عليه فى المادة السابقة......" مفادهما أن المشرع قرر حق الشفعة لمالك الرقبة لحكمة توخاها هى جمع شتات الملكية برد حق الانتفاع إلى مالك الرقبة إذ بدون هذا النص الصريح ما كان لمالك الرقبة أن يشفع فى بيع حق الانتفاع إذ هو ليس شريكاً مشتاعاً ولا جاراً مالكاً - وتحقيقاً لذات الحكمة فقد فضل المشرع مالك الرقبة على سائر الشفعاء عند تزاحمهم لهم فى الشفعة فى بيع حق الانتفاع الملابس للرقبة التى يملكها وذلك على ما جرى به نص المادة 937 من القانون المدنى المشار إليها وإذ قرر المشرع الأفضلية لمالك الرقبة على باقى الشفعاء عند مزاحمتهم له وفق ما جرى به هذا النص فقد تصور أن يزاحم الشفعاء الآخرين مالك الرقبة فى بيع حق الانتفاع فتكون الأفضلية للأخير، مؤكداً بذلك أن الشفعة فى حق الانتفاع مقررة لسائر الشفعاء وذلك لتوفر الحكم فى تقرير الشفعة وهى منع المضار - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بثبوت حق الشفعة للجار المالك (المطعون ضدها الأولى) يكون قد أصاب فى النتيجة التى انتهى إليها، ولما كانت المطعون ضدها الأولى قد طالبت بأحقيتها فى أخذ العقار المبيع بأكمله بالشفعة، فإن النعى على الحكم المطعون فيه فيما ورد بأسبابه من تقديرات بشأن وحدة الصفقة وتجزئتها بمعرفة المشترين الطاعنين - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون غير منتج ويكون النعى بهذا السبب فى جملته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثانى من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقولان أنهما دفعا بسقوط حق الشركة المطعون ضدها الأولى فى أخذ العقار المبيع بالشفعة لعدم إعلانها بصحيفة الدعوى إعلاناً صحيحاً فى الميعاد القانونى وذلك استناداً إلى أن الشركة المطعون ضدها الأولى كانت تعلم وقت الإعلان بوجودهما فى المملكة العربية السعودية ورغم ذلك أجرت إعلانهما فى محلهما المسمى بعقد البيع الذى تبين غلقه فسلمت الصورة إلى جهة الإدارة، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة العلم هذه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى أن الإعلان تم صحيحاً فى المحل المبين بعقد البيع وهو ما لا يصلح رداً على سبب البطلان الذى قام عليه الدفع بما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المادة 10/ 1 من قانون المرافعات نصت على أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه، وكانت المادة 40 من القانون المدنى إذ نصت على أن الموطن هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة فقد دلت على أن المشرع لم يفرق بين الموطن ومحل الإقامة العادى وجعل المعول عليه فى تعيينه الإقامة المستقرة بمعنى أنه يشترط فى الموطن أن يقيم فيه الشخص وأن تكون إقامته بصفة مستمرة وعلى وجه يتحقق فيه شرط الاعتياد ولو لم تكن مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة، وأن تقدير عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرهما فى الموطن من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى رده على الدفع ببطلان إعلان صحيفة الدعوى قوله: "..... فإنه لذلك تواجه المحكمة تلك الدفع وأولهما ببطلان إعلان صحيفة دعوى الشفعة وبطلان إعلان إبداء الرغبة وما يترتب على ذلك من سقوط دعوى الشفعة وهذا الدفع مردود بأن هاتين الورقتين أعلنتا إلى المستأنف عليهما الأول والثانية (الطاعنين) فى محل الإقامة الذى ذكراه فى عقد البيع المسجل رقم 6308 بتاريخ 2/ 10/ 1972 وهو عين العقار المطلوب أخذه بالشفعة والذى استمدت منه الشركة علمها بالبيع وبالثمن وبشخص المشترين ومحل إقامتهما يضاف إلى ما تقدم تردد المستأنف ضده الأول وزوجته المستأنف ضدها الثانية على محل الإقامة المذكور عدة مرات على ما هو موضح بالشهادة الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية (مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية) المؤرخة 1/ 2/ 1977 والمقدمة من الشركة المستأنفة المطعون ضدها الأولى - وإذ كان البين من إعلان صحيفة دعوى الشفعة وإعلان الإنذار الرسمى بإبداء الرغبة أنهما حصلا فى محل الإقامة المذكور........ يكون إعلان هاتين الورقتين قد جاء متفقاً مع صحيح القانون وإذ كان إعلان الصحيفة قد حصل فى الميعاد الذى حددته المادة 943 من القانون المدنى فإنه لذلك يغدو الدفع بالسقوط ولا سند له من واقع أو قانون يتعين القضاء برفضه. وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه فى رده على الدفع ببطلان إعلان صحيفة الدعوى يتفق وصحيح القانون فى تحديد محل إقامة الطاعنين الذى تم إعلانهما فيه بصحيفة الدعوى فضلاً عن أن إيراده أن محل الإقامة هذا لم تنقطع صلة الطاعنين به بإقامتهما المؤقتة بالمملكة العربية السعودية، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه له مصادره الثابتة من أوراق الدعوى، فإن النعى عليه فى هذا الخصوص بالقصور والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقولان أنهما دفعا أمام محكمة أول درجة بسقوط الحق فى الشفعة لعدم إيداع الشركة المطعون ضدها الأولى الثمن الحقيقى للبيع الذى تعلمه وقدره خمسة وأربعون ألفاً من الجنيهات وليس ثلاثون ألفاً من الجنيهات كما ورد بعقد البيع المسجل، فأحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة العلم هذه ولكن التحقيق لم يتم لاعتراض الشركة المطعون ضدها الأولى على إجرائه، ثم قضت تلك المحكمة برفض الدعوى دون أن تتعرض لهذا الدفع الذى لم يكن لازماً لحمل قضائها، فلما استأنفت الشركة المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أصبح هذا الدفع مطروحاً على المحكمة الاستئنافية التى قضت برفضه استناداً إلى أن الشفيع وهو من الغير له أن يتمسك بالعقد الظاهر الذى خلق مظهراً انخدع به وأن ليس للمتعاقدين أن يستفيدا من غشهما فى علاقتهما والعبرة بما تضمنه العقد الظاهر استقراراً للتعامل وبالتالى يكون إيداع الثمن المسمى بالعقد المسجل موافقاً لصحيح القانون - وهذا الذى أورده الحكم المطعون فيه لا يصلح رداً على وجه دفعاهما لأن علم الشفيع بالثمن الحقيقى ينتفى به حسن نيته وهو شرط لازم للتمسك بالعقد الظاهر - وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا القيد ورتب على ذلك إغفاله طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العلم فإنه يكون قاصر التسبيب مخلاً بحق الدفاع مما أدى إلى مخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن الشفيع بحكم كونه صاحب حق فى أخذ العقار بالشفعة يعتبر من طبقة الغير بالنسبة لطرفى عقد البيع سبب الشفعة وبالتالى يحق له أن يتمسك بالعقد الظاهر فلا يحتج عليه بالعقد المستتر، إلا أن شرط ذلك أن يكون حسن النية، أى ألا يكون عالماً بصورية العقد الظاهر وقت إظهار رغبته فى الأخذ بالشفعة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنتين احالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات علم المطعون ضدها الأولى بالثمن الحقيقى للبيع على قوله. "وحيث إنه عن الدفع بسقوط دعوى الشفعة تأسيساً على أن الشركة المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) لم تودع كامل الثمن وهو مبلغ 45 ألف جنيه مصرى وأن المبلغ المودع وقدره 31755 جنيه و645 مليم ليس هو الثمن الحقيقى مردود بأن الشفيع وهو من الغير بالنسبة لعقد البيع المشفوع فيه له أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان حسن النية وهو إذ يتمسك بالعقد الظاهر فلأن العقد قد خلق مظهراً انخدع به واطمأن إليه وليس للمتعاقدين أن يستفيدا من غشهما فى علاقتهما بالغير إذ أن العقد الظاهر مما يقتضيه استمرار التعامل، ولا عبرة بما تضمنه طلب استخراج كشف التحديد المؤرخ 31/ 4/ 1973 وما تضمنه هذا الطلب من ثمن يزيد على الثمن الوارد بالعقد المسجل طالما أن الطرفين قد اتفقا على ثمن هو مبلغ 30 ألف جنيه - يضاف إلى ذلك أن أحداً من المتعاقدين لم يقم بإنذار الشركة بالإنذار الرسمى بحصول البيع مشتملاً على بيان البيع والثمن الذى تم به البيع وبناء على ذلك فلا ينبغى أن يحاج الشفيع وهو حسن النية باتفاق آخر يتضمن ثمناً يزيد عن الثمن المسمى فى العقد المسجل ولا عليه إذا هو قام بإيداع الثمن المبين فى ذلك العقد ومن ثم يكون الإيداع قد جاء موافقا صحيح القانون مما يتعين معه رفض الدفع" - وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على دفاع الطاعنين بعلم المطعون ضدها الأولى بصورية العقد الظاهر لم يكن إلا تقريرا لحسن نية الشركة المطعون ضدها الأولى دون إتاحة الفرصة للطاعنين لإثبات علم الشركة المطعون ضدها بحقيقة الثمن، وكان لا يكفى للتدليل على عدم علم الشركة المطعون ضدها الأولى بصورية العقد الظاهر مجرد عدم إنذارها بالبيع لأن عدم إنذارها بالبيع لا يؤدى حتما إلى عدم علمها بصورية العقد الظاهر وبالتالى توافر حسن نيتها، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك وعلى إيداع الثمن المسمى بالعقد الظاهر قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق فى الشفعة والتفت عن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات علم المطعون ضدها الأولى بالثمن الحقيقى، فإنه يكون قد شابه القصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثالث.