مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 32

(2)
جلسة 21 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحنا ناشد مينا حنا ومحمد أمين المهدى العباسى وحسن حسنين على حسنين ومحمود عبد المنعم موافى ويحيى السيد الغطريفى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمد عبد الرحمن سلامة حسن نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2170 لسنة 31 القضائية

دعوى - الحكم الصادر فيها - أسباب بطلان الحكم - سبق الاشتراك فى إصدار فتوى بشأن ذات الدعوى - المادتان 146، 147 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حضور مستشار بمجلس الدولة فى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع ومشاركته فى إصدار فتوى بشأن ذات موضوع الدعوى التى يجلس للفصل فيها فى إحدى محاكم مجلس الدولة يترتب عليه بطلان الحكم الذى شارك فى إصداره - أساس ذلك: أن سبق الإفتاء فى موضوع الدعوى يعد سبباً من أسباب عدم الصلاحية لنظرها - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء 15/ 5/ 1985 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلى المحامى نائباً عن الأستاذ/ طلعت محمد سليم المحامى والوكيل عن الطاعن بالتوكيل الرسمى العام رقم 2103 لسنة 1981 - توثيق السيدة زينب - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن الماثل فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - بجلسة 30/ 12/ 1984 فى الطعن رقم 1538 لسنة 28 ق عليا (المقام ضد الطاعن من هيئة مفوضى الدولة وذلك عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة - دائرة التسويات - بجلسة 31/ 5/ 1982 فى الدعوى رقم 1870 لسنة 34 ق - المقامة من الطاعن بالمطالبة بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة المؤرخ 22/ 3/ 1980 الخاص باعتبار دبلوم المعهد العالى للتجارة من المؤهلات فوق المتوسطة مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه المصروفات - والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه وأحقية المدعى فى تسوية حالته على أساس أن مؤهله دبلوم المعهد العالى للتجارة من المؤهلات العالية وما يترتب على ذلك من آثار. وقضى الحكم المطعون فيه الصادر فى الطعن رقم 1538 لسنة 28 ق عليا بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى - دائرة التسويات - المشار إليه، وبرفض دعوى الطاعن. وطلب الطاعن - فى ختام عريضة طعنه - الحكم ببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 1538 لسنة 28 ق عليا بجلسة 30/ 12/ 1984 المشار إليه.
أعلن تقرير الطعن بتاريخ 22/ 5/ 1985 إلى هيئة قضايا الدولة نائبة عن المطعون ضدهما وأودع السيد المستشار مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى مسبباً فى الطعن مؤرخاً يناير 1988 الذى انتهت فيه للأسباب الواردة به أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى غير تلك التى أصدرت الحكم المطعون فيه مع ابقاء الفصل فى المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 24/ 4/ 1989 والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 26/ 6/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية - عليا التى نظرته بجلسة 5/ 11/ 1989 والجلسات التالية، وبجلسة 12/ 3/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة وفقاً للمادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 فنظرته بجلسة 6/ 5/ 1990 والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17 من فبراير سنة 1991 قررت الدائرة اصدر الحكم فى الطعن بجلسة 17/ 2/ 1991 ثم قررت مد أجل النطق إلى جلسة اليوم 21/ 4/ 1991 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطاعن يهدف بطعنه إلى الحكم ببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - بجلسة 30/ 12/ 1984 فى الطعن 1538 لسنة 28 ق عليا.
ومن حيث إن الطاعن يستند فى طعنه ببطلان الحكم إلى أن الحكم المطعون فيه قد اشترك فى اصداره أحد المستشارين بالرغم من سبق إفتائه فى موضوع الطعن وهو المستشار.......... لأنه كان عضواً بقسم التشريع وعضواً بالجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع التى أصدرت الفتوى الخاصة باعتبار أن دبلوم المعهد العالى للتجارة (الحاصل عليه الطاعن) يدخل فى عداد المؤهلات فوق المتوسطة وذلك بجلسة 27/ 5/ 1981 (ملف رقم 86/ 1/ 316) وقد سبق أن أرسل مذكرة بشأن هذا الموضوع إلى كل من السادة رئيس وأعضاء الجمعية العمومية ومنهم المستشار................. ، وذلك بالكتابين الموصى عليهما برقمى 108 بتاريخ 6/ 2/ 1981، 784 بتاريخ 13/ 5/ 1981 وقد تسلم سيادته هذه المذكرة فى 4/ 4/ 1981، ومن ثم فإنه طبقاً للمادة 146 من قانون المرافعات وما بعدها فإن الحكم يعتبر باطلاً ويؤيد ذلك الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا ومنها على سبيل المثال الحكم الصادر فى الطعن رقم 427 لسنة 5 ق بجلسة 15/ 10/ 1960.
وأضاف الطاعن أن هناك سبباً آخر للطعن على الحكم المشار إليه بالبطلان ذلك أنه جاء مخالفاً للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/ 4/ 1981 فى التفسير رقم 5 لسنة 2 ق والذى قرر اعتبار دبلوم الدراسات التجارية التكميلية العالية من المؤهلات العالية، وهو مؤهل مدة الدراسه به سنتان بعد الثانوية العامة، وهو مؤهل يماثل المؤهل الحاصل عليه الطاعن، ويتعين سريان هذا التفسير عليه بالقياس لوحدة الأسانيد والحجج التى استند إليها حكم المحكمة الدستورية العليا ولا وجه لقصر هذا التفسير على المؤهل الأول إذ أن القرارات من هذه الحكمة لها حجيه مطلقة بحيث يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم به جميع جهات القضاء طبقاً لحكم المادة 49 من قانون إنشاء هذه المحكمة رقم 48 لسنة 1979 ووجهة النظر المشار إليها قد أخذت بها الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلسة 20/ 1/ 1982 واعتبرت مؤهل المعهد العالى للتجارة مؤهلا عاليا مثله فى ذلك مثل دبلوم التجارة التكميلية العالية.
ومن حيث إن دعوى البطلان لا تتقيد بمواعيد الطعن المنصوص عليها فى المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة طالما قد قامت على أحد الأسباب المنصوص عليها فى المادة 146 من قانون المرافعات الأمر الذى يتعين معه الحكم بقبول الطعن فى هذه الحالة شكلاً متى استوفى باقى شروطه الشكلية الأخرى المتطلبة قانوناً.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل إنما ينحصر فى بيان ما إذا كان سبق إفتاء أحد أعضاء هيئة المحكمة فى موضوع الطعن إبان كونه عضواً بالجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة يشكل سبباً من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها فى المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 من عدمه.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإنه لما كان مبنى الطعن الماثل هو كون السيد الأستاذ المستشار/.................. أحد أعضاء الدائرة الثانية التى أصدرت الحكم المطعون فيه قد اشترك فى إصداره على الرغم من أنه سبق إفتاؤه فى موضوع الطعن إبان كونه عضوا للجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع التى أصدرت فى شأن الطاعن ذات الفتوى الخاصة باعتبار دبلوم المعهد العالى للتجارة مؤهلاً فوق المتوسط، وذلك بجلسة 27 من مايو 1981.
ومن حيث إن المادة 146 المشار إليها من قانون المرافعات قد نصت على أن يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم فى الأحوال الآتية: 1 -............. 5 - إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها.
كما نصت المادة 147 من القانون على أن يقع باطلاً عمل القاضى أو قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم، وإذا وقع هذا البطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة الطعن أمام دائرة أخرى.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أنه متى ثبت أن أحد أعضاء الهيئة التى أصدرت الحكم قد لحق به سبب من أسباب عدم الصلاحية لنظر الدعوى بأن سبق له أن أفتى فى موضوعها أو نظرها قاضياً أو مستشاراً أو خبيراً أو محكماً فإن الحكم فى هذه الحالة يكون باطلاً لمخالفته للنظام العام، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وإعادة الطعن إلى محكمة القضاء الإدارى لنظره من جديد ولا تتصدى المحكمة الإدارية العليا فى هذه الحالة لنظر موضوع الدعوى، ذلك لأن الحكم المطعون فيه فى هذه الحالة يكون قد شابه بطلان جوهرى ينحدر به إلى درجة الانعدام بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الهيئة التى أصدرته لنظر الدعوى ويتعين أن تعيد النظر فيه محكمة القضاء الإدارى باعتبارها محكمة أول درجة لتستعيد ولايتها فى الموضوع على وجه صحيح.
لذلك فإن مشاركة مستشار بمجلس الدولة فى إصدار فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى ذات الدعوى وذلك أياً كان وجه هذه المشاركة فإنه ومن ثم يكون غير صالح لنظر الطعن المقام من هيئة مفوضى الدولة عن هذه الدعوى الصادر لصالح الطاعن بجلسة 31/ 5/ 1982 فى الدعوى رقم 1870 لسنة 34 ق الأمر الذى يترتب عليه حتماً اعتبار الحكم المطعون فيه باطلاً لمخالفته للنظام العام القضائى الذى يحتم فضلاً عن توافر استقلال القاضى عند جلوسه للقضاء أن يكون غير ذا صلة بالخصوم مؤثرة فى حياده أو مشارك كقاضى أو خبير أو محكم فى ذات موضوع الخصومة مما يجعل له رأيا مسبقا فيها قد يمنعه من وزن حجج الخصوم وزنا مجردا يتوفر معه الحياد والموضوعية الكاملة اللازمة لأداء رسالة العدالة ويحقق الاطمئنان فى جدوى استعمال الخصوم لحقوقهم فى الدفاع أمام القضاء.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بأن حضور المستشار بمجلس الدولة فى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع ومشاركته فى إصدار فتوى بشأن ذات الدعوى التى يجلس للفصل فيها فى إحدى محاكم مجلس الدولة يترتب عليه بطلان الحكم الذى شارك فى إصداره وأمرت باعادة الطعن إلى المحكمة الادارية العليا - الدائرة الثانية - للفصل فيه مجدداً على هذا الاساس.