مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 90

(9)
جلسة 18 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ حسن حسنين على ومحمد يسرى زين العابدين والطنطاوى محمد الطنطاوى وفريد نزيه حكيم تناغو المستشارين.

الطعن رقم 1063 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - إعارة - (سلطة تقديرية) (سلطة مقيدة).
الموافقة على الإعارة أو استمرارها أو تجديدها هى من الملاءمات التى تترخص فيها الجهة الإدارية حسب مقتضيات ظروف العمل واعتبارات المصلحة العامة - لا يجوز التعقيب على جهة الإدارة فى هذا الشأن طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - إذا ما ألزمت جهة الإدارة نفسها بقواعد عامة موضوعية مجردة ومعلنة لكافة العاملين فى شكل قرار تنظيمى عام يحدد القواعد والشروط والاوضاع والإجراءات التى يتم على أساسها الاعارة فإن سلطتها فى هذا الشأن تكون قد تحولت من سلطة تقديرية تدخل فى مجال الملاءمة والتقدير إلى سلطة مقيدة - الأثر المترتب على ذلك: أنه عند تطبيق تلك القواعد على الحالات الفردية يتعين على جهة الإدارة الالتزام بها وعدم الخروج على ما ألزمت نفسها به من القواعد - مخالفة هذه القواعد العامة يترتب عليه بطلان القرار - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 23/ 2/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن المقيد برقم 1063 لسنة 32 ق عليا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 21 لسنة 3 قضائية بجلسة 26/ 12/ 1985 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الأمر التنفيذى المطعون فيه من تخطى المطعون ضده فى الإعارة الخارجية للعام الدراسى 80/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإداره المصروفات وقد انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع أولاً: وبصفة أصلية بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد. وثانياً: وبصفة احتياطية رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً فى الطعن ارتأت فيه للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 23/ 4/ 1990 أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وتحدد لنظره أمامها جلسة 7/ 10/ 1990 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمةة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قدم فى الميعاد المقرر قانوناً واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن موضوع المنازعة فإن وقائعها تخلص فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 21 لسنة 3 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طالباً الحكم.
أأولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الأمر التنفيذى رقم 1 لسنة 1980 الصادر فى 6/ 7/ 1980 فيما تضمنه من رفض طلب اعارته. ثانياً: قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الأمر التنفيذى المذكور فيما تضمنه من رفض طلب إعارته وتخطيه فى حركة الاعارات الخارجية للعام الدراسى 80/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال شرحاً لدعواه أنه حاصل على دبلوم المعلمين الشعبة الخاصة عام 1967 وعين بوظيفة مدرس بوزارة التربية والتعليم فى 18/ 10/ 1967 وتقدم بطلب للإعارة عام 1979 وأدرج اسمه فى كشوف المرشحين للإعارة بعد استيفائه كافة الشروط المطلوبة إلا أنه فوجئ بصدور الأمر التنفيذى رقم 26 فى 10/ 7/ 1979 متضمناً إعارة زملاء له على الرغم من عدم استيفائهم الشروط وخلت الكشوف من اسمه وأجرت النيابة الإدارية تحقيقاً فى ذلك قيد برقم 500 لسنة 1979 ورشحته التحقيقات أن يكون له أولوية فى العام الدراسى 80/ 1981 إلا أنه فوجئ للمرة الثانية بصدور الأمر التنفيذى رقم 1 لسنة 1980 بإعارة المدرسين للدولة العربية منشوراً فى الصحف فى 6/ 7/ 1980 متضمن إعارة من يليه فى الأقدمية مثل محمد صبرى عوض سليمان وبذلك يكون هذا الأمر قد تخطاه دون سند من القانون.
وبجلسة 26/ 12/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه وأسست قضاءها على أن الجهة الإدارية لم تقدم الأوراق المتعلقة بموضوع الدعوى واللازمة للفصل فيها كملف الخدمة والقواعد التنظيمية للإعارات وبيان مقارن بين حالة المدعى وحالة من تخطاه فى الاعارة مما يقيم قرينة لصالح المدعى من أن تخطيه فى الإعارة يكون غير قائم على سند من الواقع والقانون، وأن ما تعللت به الإدارة من أن الإعارة سلطة تقديرية لها لا يفيد.
ومن حيث إن الطعن على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً قد خالف القانون حيث إن المطعون ضده علم بالقرار بواسطة الصحف فى 6/ 7/ 1980 ولم يقم دعواه إلا فى 16/ 10/ 1980، وبالإضافة إلى خطئه حيث استند إلى أن عدم تقديم المستندات يقيم قرينة لصالح المطعون ضده ذلك أن هناك فرق بين وجود الحق وبين إقامة الدليل عليه وأن فقدان الدليل لا يعنى فقدان الحق وكان على المحكمة أن تبحث فى الأسباب التى أدت إلى استبعاد اسمه وهى أن المدعى انقطع عن العمل من 8/ 10/ 1980 وأعيد تعيينه فى 3/ 3/ 1983 مما دعا الإدارة إلى عدم ترشيحه أو النظر فى هذا الترشيح.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول للطعن والذى ينص على الحكم قبول الدعوى شكلاً بالرغم من إقامتها بعد الميعاد المقرر فى المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة فإن الثابت أن الأمر التنفيذى المطعون فيه رقم 1 لسنة 1980 صدر بتاريخ 19/ 6/ 1980 وعلم به المطعون ضده فى 6/ 7/ 1980 وتظلم بخطابين مسجلين بعلم الوصول الأول لوزير التعليم والثانى لمحافظ الدقهلية وحافظة المستندات المقدمة بجلسة 9/ 5/ 1985 أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة وذلك بتاريخ 16/ 8/ 1980 ومتى كان ذلك وإذ لم يثبت أن الجهة الادارية قد ردت على تظلم المطعون ضده فإن عليه أن يقيم الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ الرفض الضمنى لتظلمه والذى يقع بعد ستين يوماً من تاريخ تقدمه بالتظلم، وحيث ثبت أنه أقام الدعوى بإيداع عريضتها فى 16/ 10/ 1980 فأنها تكون قد أقيمت فى الميعاد ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى ذلك قد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإنه ولئن كانت الموافقة على نشوء الإعارة أو استمرارها أو تجديدها هى من الملاءمات التى تترخص فيها الجهة الإدارية حسب مقتضيات ظروف العمل واعتبارات المصلحة العامة بلا معقب عليها فى هذا الشأن طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها إلا أنه إذا ما ألزمت الجهة الإدارية نفسها بقواعد عامة موضوعية محررة ومعلنة لكافة العاملين فى شكل قرار تنظيمى عام يحدد القواعد والشروط والأوضاع والإجراءات التى يتم على أساسها الإعارة فإن سلطتها فى هذا الشأن تكون قد تحولت من سلطة تقديرية تدخل فى مجال الملائمة والتقدير إلى سلطة مقيدة، ومقتضى هذا ولازمه أنه عند تطبيق القواعد التى ألزمت الإدارة نفسها بها على الحالات الفردية يتعين عليها الالتزام بها وعدم الخروج على ما ألزمت نفسها من القواعد وإذا حدث أثناء التطبيق مخالفة لهذه القواعد العامة كان قرارها فى ذلك معيباً.
ومن حيث إن الثابت أن وزارة التعليم أصدرت القرار الوزارى رقم 8 بتاريخ 10/ 1/ 1980 بشأن شروط الإعارة الخارجية وقد تضمن هذا القرار الشروط الشكلية لهذه الإعارات وأسباب اكتسابها والحرمان منها وحالاتها والقواعد التى تتبع عند الموافقة عليها، ومن هذه القواعد ما ورد النص عليه فى المادة العاشرة من هذا القرار البند (4) والذى جاء به "يكون أساس الترتيب داخل كل فئة هو أقدمية الاشتغال بالتعليم وعند التساوى يفضل الأكبر سناً، وذلك فى حدود السن الموضح بالبند (2) من المادة الثانية" وبذلك يكون معيار التفضيل عند الموافقة على الإعارة الخارجية بالنسبة للمتقدمين للإعارة فى كل فئة هو أقدمية الاشتغال بالتعليم بحيث يمنح سابق الأقدمية الأفضل أولوية على غيره من المتقدمين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن أقدمية المطعون ضده فى الاشتغال بالتعليم ترجع إلى 26/ 12/ 1969 وأن آخر من اعيروا بالأمر التنفيذى رقم 1 لسنة 1980 ترجع أقدميتهم إلى تاريخ سابق حيث ترجع أقدمية فهمى حسن عبد الوهاب إلى 1/ 9/ 1951 وأقدمية المرسى مبارك إلى 10/ 9/ 1961 وفهيم أبو المعاطى إلى 12/ 10/ 1959 وأقدمية محمد صبرى عوض سليمان إلى 17/ 9/ 1969 وعليه يكون من أعيروا بالأمر التنفيذى المطعون ضده فى ترتيب الاشتغال بالتعليم ولا يكون عدم إعارته بالأمر المذكور يمثل تخطى له فى الإعارة وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فيكون قد جانبه الصواب ويتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام المدعى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات عن الدرجتين.