مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 95

(10)
جلسة 18 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ حسن حسنين على حسنين ومحمد يسرى زين العابدين عبد الله والطنطاوى محمد الطنطاوى وفريد نزيه حكيم تناغو المستشارين.

الطعن رقم 3049 لسنة 34 القضائية

مجلس الدولة - أعضاؤه - تأديب.
المواد 112 و113 و115 و118 و120 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - استهدف قانون مجلس الدولة توفير الضمانات الأساسية للعضو المحال إلى مجلس التأديب للدفاع عن نفسه ودرء الاتهام عنه - إجراءات الدعوى التأديبية بدءا من التحقيق وإقامة الدعوى وانتهاء بصدور الحكم - تشكيل مجلس التأديب محدد سلفاً بنص القانون فى كافة الدعاوى التأديبية المحالة إليه - حجز الدعوى للحكم - تقديم العضو استقالته قبل الحكم فى الدعوى - تعتبر الاستقالة مقبولة من تاريخ تقديمها - انقضاء الدعوى التأديبية باستقالة العضو - الادعاء بأن تقديم الاستقالة كان بناءً على إكراه مفسد للإرادة - عدم طلب تحقيق واقعة الاكراه، وعدم تأييده بأى دليل أو قرينة تصلح لإثباته - رفض الطعن - أساس ذلك: عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى بوقوع الاكراه وقد أخفق فى إثباته - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 14/ 8/ 1988 أودع الأستاذ محمود الطوخى المحامى بصفته وكيلاً عن السيد ......... المستشار المساعد من الفئة (ب) بمجلس الدولة سابقاً قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى قرار السيد المستشار رئيس مجلس الدولة رقم 162 لسنة 1988 فيما تضمنه من اعتبار خدمة الطاعن بمجلس الدولة منتهية وبرفع اسمه من سجلاته، وطلب الطاعن فى ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الدولة المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وأودع الطاعن رفق تقرير طعنه حافظة بمستنداته.
وقامت هيئة مفوضى الدولة بتحضير الطعن حيث حضر أمامها محامى الطاعن، كما ورد لها كتاب الأمين العام لمجلس الدولة المرفق به مذكرة المكتب الفنى بشأن الرد على الطعن، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظرت هذه المحكمة الطعن بجلسة 21/ 5/ 1989 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضره محامى الطاعن وقدم مذكرة بالرد على تقرير هيئة مفوضى الدولة، كما حضر محامى هيئة قضايا الدولة وقدم مذكرة بدفاعه عن الجهة الادارية طلب فيها الحكم برفض الطعن، وقدمت الجهة الإدارية ملف الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 34 قضائية - تأديب - بناءً على طلب محامى الطاعن بضمه وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطاعن تظلم من القرار المطعون فيه وأقام الطعن الماثل فى المواعيد المقررة قانوناً، وقد استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون متعين القبول شكلاً.
ومن حيث إن الطاعن يؤسس الطعن حسبما جاء فى تقرير طعنه ومذكرته على سند من القول إنه عرضت له مسألة شخصية لا اتصال لها بعمله وكان خصمه فيها على صلة شخصية غير مباشرة بالسيد رئيس المجلس - آنذاك - الذى مال ميلاً شديداً إلى خصم الطاعن ودون أن يستبين وجه الحق هدد الطاعن بالفصل إن هو لم يسترض خصمه ويتوصل إلى عفوه، فأبى الطاعن الاستماع لذلك التهديد فكان نصيبه الاحالة إلى المحكمة التأديبية فى تهم باطلة غير صحيحة، واستدعى السيد رئيس المجلس الطالب أثر إحالته إلى مجلس التأديب وطلب منه أن يبادر بالاستقالة إنقاذاً لنفسه لأنه مقتنع بإدانته - وهو رئيس مجلس التأديب - وهذا الاقتناع وحده يكفى للإدانة، وامتثل الطاعن أمام مجلس التأديب ورأى ما رأى من نذر انفراد السيد رئيس المجلس بالرأى وتسلطه على بعض أعضاء فى المجلس اصطنعهم لنفسه أوجس فى نفسه خيفة وأسر ذلك فى نفسه ولم يبده غير أن السيد رئيس المجلس أوفد إليه من يخطره أن قرار مجلس التأديب بعزله من وظيفته قد وافق عليه ووقعه من يكونون معه أغلبية أعضاء المجلس، وفى إطار ذلك العهد والظروف التى مر بها مجلس الدولة فى هذا الوقت وفرضت عليه جوا متوترا من الرهبة والخوف اضطر الطاعن إلى تقديم استقالته من وظيفته ليدرء عنه ظلماً عظيماً سينزل به بغير حق، وكان ذلك قبل موعد النطق بقرار مجلس التأديب بثمان وأربعين ساعة، وتلقف رئيس مجلس الدولة الاستقالة وأعلن قبولها بالقرار الصادر منه برقم 162 لسنة 1988 ثم تظلم الطاعن من هذا القرار فأمسك السيد رئيس مجلس الدولة السابق عن النظر فى ذلك التظلم وتربص الطالب أن يأتيه رد إيجابى بعد تغير الحال وقدوم عهد جديد بالمجلس إلا أن ذلك لم يتم فأقام الطعن الماثل، وهو يتمسك بأن إرادته قهرت وحمل على تقديم الاستقالة غير مختار إزاء ما رآه من شواهد ونذر اتجاه السيد رئيس المجلس آنذاك إلى إنفاذ وعيده، ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الدولة رقم 162 لسنة 1988 فيما تضمنه من اعتبار خدمته منتهية بمجلس الدولة وذلك لبطلان استقالته المشار إليه وانعدام أثرها القانونى.
ومن حيث إن دفاع هيئة قضايا الدولة عن الجهة الإدارية المطعون ضدها يتخلص فى أنه بتاريخ 24/ 11/ 1987 اقامت إدارة التفتيش الفنى بمجلس الدولة أمام مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة دعوى تأديبية ضد الطاعن قيدت برقم 1 لسنة 34 قضائية، ونظر مجلس التأديب هذه الدعوى وحضر فيها الطاعن وقدم دفاعه ثم حجزت الدعوى ليصدر الحكم فيها بجلسة 27/ 2/ 1988، وبتاريخ 25/ 2/ 1988 تقدم الطاعن بطلب استقالة من الخدمة إلى السيد رئيس مجلس الدولة فأشر سيادته عليه بالموافقة وصدر قراره رقم 162 لسنة 1988 برفع اسم الطاعن من سجلات المجلس اعتباراً من تاريخ تقديم الاستقالة، وجاء هذا القرار متفقاً وأحكام القانون وقد أجدبت الأوراق من توافر أى عنصر من عناصر الإكراه أو أى دليل على وقوع هذا الإكراه بل إن الطاعن وهو من رجال القضاء يعى تماماً حقوقه وواجباته والضمانات التى يكلفها له قانون مجلس الدولة وقد فضل عن رضاء واختيار حر تقديم استقالته عن المضى فى إجراءات التأديب إذ تنقضى الدعوى التأديبية بقبول الاستقالة طبقاً للمادة 124 من قانون مجلس الدولة، ومن ثم انتهت الجهة الإدارية إلى طلب الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة فى الطعن أنه بتاريخ 24/ 11/ 1987 أقام السيد المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس إدارة التفتيش الفنى بمجلس الدولة دعوى التأديب رقم 1 لسنة 34 قضائية تأديب ضد الطاعن ليصدر مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة حكمه عليه بإحدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها فى المادة 120 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وأشارت عريضة دعوى التأديب إلى ما موجزه أن الوقائع المنسوبة للعضو المحال كلها ذات طبيعة واحدة تتعلق بالاعتداء على أرض أو الاستيلاء عليها مما يكشف عن نشاط خاص فى هذا المجال كما أن العضو كان يتعامل مع الغير بوصفه مستشاراً بمجلس الدولة رغم كونه لا يزال نائباً فيه وقتذاك، كما أن ما ارتكبه العضو وهو يدافع عن أحد أقربائه فى ملكية أرض والثابت فى المحضر الرسمى رقم (3) أحوال الملحق بالمحضر رقم 241 لسنة 1986 يمثل خروجاً على ما ينبغى أن يتحلى به عضو مجلس الدولة من كرامة واعتدال فى تصرفاته، كما أنه لم يستجب لمطالبته بتقديم ما يفيد ملكيته المشروعة لثروته التى طرأت عليه بعد التعيين بعد أن ظهر من أقواله أنه يملك عدداً من العقارات، وبتاريخ 29/ 11/ 1987 تم إعلان الطاعن بعريضة دعوى التأديب، وبتاريخ 8/ 12/ 1987 انعقد مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة برئاسة السيد المستشار رئيس مجلس الدولة وحضر الطاعن وتم تأجيل نظر الدعوى لجلسة 17/ 1/ 1988 بناءً على طلب العضو المحال للاطلاع وإعداد دفاعه، وبجلسة 17/ 1/ 1988 حضر العضو المحال (الطاعن) وأدلى شفاهه بدفاعه أمام مجلس التأديب نفى فيه ما نسب إليه، كما قدم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم ببراءته للأسباب التفصيلية التى أبداها فى هذه المذكرة، فقرر مجلس التأديب إصدار الحكم بجلسة 27/ 2/ 1988، وبالجلسة المحددة حكم مجلس التأديب بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة ضد العضو المحال لتقديمه استقالته، وكان الطاعن قد تقدم إلى السيد رئيس مجلس الدولة بكتاب مؤرخ 25/ 2/ 1988 يطلب فيه قبول استقالته وتأشر عليه من السيد رئيس مجلس الدولة بتاريخ 27/ 2/ 1988 باعتبار الاستقالة مقبولة بمجرد تقديمها طبقاً للمادة 124 من قانون مجلس الدولة، وبتاريخ 28/ 2/ 1988 صدر قرار رئيس مجلس الدولة رقم 162 لسنة 1988 الذى ينص على رفع اسم السيد العضو من سجلات الأعضاء بمجلس الدولة اعتبارا من 25/ 2/ 1988 تاريخ تقديم استقالته.
ومن حيث إنه من المقرر أن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر إرادة الموظف فى اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح فيفسده ما يفسد الرضاء من عيوب ومنها الإكراه إذا توافرت عناصره بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة بثتها الإدارة فى نفسه دون حق وكانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره فى النفس أو الجسم أو الشرف أو المال ويراعى فى تقدير الإكراه جنس من وقع عليه الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والثقافية والصحية وكل ظرف آخر يمكن أن يؤثر فى جسامته.
ومن حيث إنه باستعراض الظروف التى صدر فيها طلب الاستقالة من الطاعن يبين أنه قدم هذا الطلب بعد أن حجزت للحكم الدعوى التأديبية المقامة ضده المشار إليها وقبل أن يصدر الحكم فيها وبالرجوع إلى النصوص المتعلقة بتأديب أعضاء مجلس الدولة فى قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 يبين أن المادة 112 تنص على أن يختص بتأديب أعضاء مجلس الدولة مجلس تأديب مشكل برئاسة رئيس مجلس الدولة وعضوية ستة من نواب رئيس المجلس بحسب ترتيب الأقدمية، وتنص المادة 113 على أن تقام الدعوى التأديبية من نائب رئيس مجلس الدولة لإدارة التفتيش الفنى بناءً على تحقيق جنائى أو بناءً على تحقيق إدارى يتولاه أحد نواب رئيس المجلس بالنسبة إلى المستشارين ومستشار بالنسبة إلى باقى أعضاء المجلس، ويجب أن تشتمل عريضة الدعوى على التهمة والأدلة المؤيدة لها وتودع سكرتارية مجلس التأديب ليصدر قراره بإعلان العضو للحضور أمامه. وتنص المادة 115 أنه يجب أن يشتمل التكليف بالحضور أمام مجلس التأديب على بيان كاف لموضوع الدعوى وأدلة الاتهام وتنص المادة 117 على أن تنقضى الدعوى التأديبية باستقالة العضو، وتنص المادة 118 على أن تكون جلسات المحاكمة التأديبية سرية وبحكم مجلس التأديب بعد سماع رأى إدارة التفتيش الفنى ودفاع العضو ويكون العضو آخر من يتكلم، وتنص المادة 120 على أن العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على أعضاء مجلس الدولة هي: اللوم والعزل.
ومن حيث إنه باستعراض النصوص السالفة المتعلقة بالتأديب فى قانون مجلس الدولة يبين أن هذا القانون استهدف توفير الضمانات الأساسية للعضو المحال إلى مجلس التأديب للدفاع عن نفسه ودرء الاتهام عنه فنص على إقامة الدعوى من نائب رئيس مجلس الدولة لإدارة التفتيش الفنى بناءً على تحقيق جنائى أو إدارى وأوجب إعلان العضو المحال بالاتهامات المسندة إليه وأدلتها ومكن العضو المحال من إبداء دفاعه أمام مجلس التأديب سواء بشخصه أو بمن ينيبه عنه من أعضاء مجلس الدولة للدفاع عنه، كما أوجب أن يكون العضو المحال هو آخر من يتكلم بعد سماع رأى إدارة التفتيش الفنى، كما نص المشرع على تشكيل خاص لمجلس التأديب تكون فيه الرئاسة والعضوية بحكم الوظيفة فرئاسته لرئيس مجلس الدولة وعضويته لاقدم ستة من نواب رئيس مجلس الدولة بحسب ترتيب الأقدمية وعند خلو وظيفة رئيس المجلس أو غيابه أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من نوابه، وكذلك الحكم بالنسبة لأعضاء مجلس التأديب فيحل محل كل منهم من يليه فى الأقدمية من نواب الرئيس، ومن ثم تجرد تشكيل مجلس التأديب على هذا النحو من أى مظنة للهوى أو الميل الشخصى وأصبح تشكيله محدداً سلفاً بنص القانون فى كافة الدعاوى التأديبية التى تعرض عليه، وذلك إمعاناً من المشرع فى توفير الضمانات الأساسية للأعضاء المحالين إلى التأديب كما أن المشرع أتاح للعضو المحال للتأديب أن يتقدم باستقالته حتى أثناء نظر الدعوى التأديبية وأوجب فى هذه الحالة الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن الثابت فى الواقعة المعروضة أن الدعوى التأديبية المقامة ضد الطاعن قد حركت عن طريق السيد نائب رئيس مجلس الدولة رئيس إدارة التفتيش الفنى بناءً على تحقيق أجرى بإدارة التفتيش الفنى وأعلنت هذه الدعوى إلى الطاعن وتشكل مجلس التأديب للنظر فيها طبقاً للإجراءات الصحيحة المنصوص عليها فى القانون وأتيح للطاعن إبداء دفاعه أمام هذا المجلس سواء شفاهة أو كتابة حتى تم حجز الدعوى التأديبية للحكم فقدم الطاعن استقالته قبل الحكم فى هذه الدعوى، وطبقاً للثابت فى الأوراق فإن كافة هذه الإجراءات التى كانت قد اتخذت ضد الطاعن والتى قدم فى ظلها استقالته كانت جميعها صحيحة ومطابقة للقانون ولا تثريب فى أن يرأس السيد رئيس مجلس الدولة مجلس التأديب الذى نظر الدعوى التأديبية المقامة ضد الطاعن سالفة الإشارة، كما لا تثريب فى تشكيل هذا المجلس من ناحية أعضائه فكل ذلك تم متفقاً وأحكام القانون التى سبق استعراضها ولا حجة فيما استند إليه الطاعن من انفراد السيد رئيس مجلس الدولة بالرأى فى مجلس التأديب وسلطته على بعض أعضائه الذين اصطعنهم لنفسه، ذلك أن العضوية فى هذا المجلس كانت لأقدم نواب رئيس المجلس بحكم القانون لا محل فيها لتخير الأعضاء وفق إرادة رئيس المجلس أو بخصوص كل دعوى تأديبية على حدة حسبما سلف كما أن أحكام هذا المجلس تصدر محاطة بكافة الضمانات القانونية التى تحاط بها الأحكام القضائية عادة مما لا محل معه للانفراد بالرأى حسبما يدعى الطاعن، ولا حجة أيضاً فيما استند إليه الطاعن من أن رئيس المجلس مال ميلاً شديداً إلى خصمه فى بعض المسائل الشخصية فهدده منذ البداية - وقبل إحالته إلى مجلس التأديب - بالفصل إن لم يسترض هذا الخصم كما أرسل إليه من يخطره - بعد الإحالة - بأن الحكم بفصله معد إن لم يتقدم باستقالته، ذلك أنه من ناحية فإن الطاعن وقد مثل أمام مجلس التأديب وأبدى دفاعه الموضوعى أمامه فإنه لم يتقدم بأى طلب لرد رئيس مجلس التأديب أو أى من أعضائه وفقاً للأحكام القانونية المقررة لذلك إن كان لطلبه هذا وجه حق، كما أنه من ناحية أخرى فلم يقدم الطاعن للمحكمة فى الطعن الماثل أى دليل أو قرينة على وقوع هذا التهديد بالفصل أو على ممارسة أى مظهر من مظاهر الإكراه ضده أدى به إلى تقديم الاستقالة، كما لم يشر الطاعن فى دعواه إلى شخصية من ذكر أن رئيس المجلس أرسله إليه لإبلاغه بالتهديد السالف ولم يطلب تحقيق هذا الأمر أو إتاحة الفرصة لإثباته بأى طريق من طرق الإثبات، ومن ثم جاء ادعاء الطاعن بوقوع الإكراه المفسد لإرادته فى هذا الشأن غير مؤيد بأى دليل أو قرينة تصلح لإثباته، ومن حيث إن عبء الإثبات فى هذا الشأن إنما يقع على عاتق المدعى بوقوع الإكراه وقد أخفق الطاعن فى إثبات ذلك.
ومن حيث إن المادة 117 من قانون مجلس الدولة تنص على "أن تنقضى الدعوى التأديبية باستقالة العضو" بما يتيح للعضو المحال للتأديب الحق فى تقديم استقالته أثناء محاكمته تأديبياً، كما نصت المادة 124 من هذا القانون على أن تعتبر استقالة عضو مجلس الدولة مقبولة من تاريخ تقديمها إلى رئيس المجلس إذا كانت غير مقترنة بقيد أو معلقة على شرط، وكانت الاستقالة المشار إليها المقدمة من الطاعن إلى رئيس مجلس الدولة غير مقترنة أو معلقة على شيء من ذلك، ومن ثم فإن قرار رئيس مجلس الدولة رقم 162 لسنة 1988 بقبول هذه الاستقالة اعتبارا من تاريخ تقديمها يعد قرارا صحيحا ومطابقا للقانون، الأمر الذى يكون معه الطعن الماثل وقد انتفى سنده القانونى فى بطلان هذه الاستقالة خليقا بالرفض موضوعاً لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.