أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 337

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الخولى، يوسف أبو زيد، ودرويش عبد الحميد وعزت حنورة.

(401)
الطعن رقم 1527 لسنة 48 القضائية

(1، 2) بطلان. نقض. "صحيفة الطعن".
(1) أصل صحيفة الطعن بالنقض. تحديدها نطاق الطعن من حيث موضوعه والخصوم فيه. اختلاف الصورة المعلنة عن ذلك الأصل. عوار لا يمتد إلى أصل الصحيفة.
(2) تقديم المطعون ضدها مذكرة فى الميعاد القانونى بالرد على أسباب الطعن بالنقض. أثره. لا محل للتمسك ببطلان اعلانها بالطعن لخلو الصورة المعلنة من اسم أحد القصر المشمولين بوصايتها.
(3، 4) تأمينات اجتماعية. تعويض. مسؤولية.
(3) تنفيذ هيئة التأمينات الاجتماعية لالتزامها قبع العامل أو ورثته فى تأمين إصابات العمل. لا يخل بحقهم قبل الشخص المسؤول.
(4) إصابة العامل نتيجة خطأ من تابع رب العمل. جواز رجوع العامل عليه استناداً إلى مسؤوليته عن أعمال تابعه. لا محل لأعمال حكم المادة 42 ق 63 لسنة 1964 إلا عند بحث المسؤولية الذاتية لرب العمل.
(5) مسئولية. محكمة الموضوع. نقض.
تكييف محكمة الموضوع الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية وعلاقة السببية. من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
(6) تأمينات اجتماعية. تعويض. مسؤولية.
حق العامل المصاب قبل هيئة التأمينات الاجتماعية. اختلافه عن حقه فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار. جواز الجمع بين الحقين.
(7) نقض. "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. جواز إثارتها من النيابة أو المحكمة من تلقاء نفسها.
شرطه. أن تكون واردة على الجزء المطعون عليه من الحكم.
(8) إرث. تعويض. نظام عام.
تحديد أنصبة الورثة. من الأمور المتعلقة بالنظام العام. الحكم بتوزيع التعويض الموروث بالسوية بين الورثة وهم الأم والأخوة. خطأ فى القانون.
1 - مفاد المادة 253 من قانون المرافعات من أن الطعن بالنقض يرفع بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه، أن أصل صحيفة الطعن المودعة هى المعتبرة قانوناً فى تحديد نطاق الطعن من حيث موضوعه والخصومة فيه. أما اختلاف الصورة المعلنة إلى الخصوم عن ذلك الأصل فهو عوار لا يمتد إلى أصل الصحيفة وإنما قد يلحق إجراء الإعلان. وإذ كان الثابت من الاطلاع على أصل صحيفة الطعن أنها تضمنت اسم القاصر...... مع باقى القصر المشمولين بوصاية المطعون ضدها كما ورد اسمه أيضاً فى أصل محضر اعلان الصحيفة وأن المطعون ضدها استلمت الصورة عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر......، .......، ...... ومن ثم يكون القاصر........ مختصما فى هذا الطعن كما شمله إعلان الصحيفة.
2 - إن ما شاب إجراء الإعلان من عوار لخلو الصورة المعلنة من اسم التاجر خلافاً للأصل هو غير ذى أثر. ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المرافعات تنص على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء. وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها قد علمت بالطعن المقرر به فى الميعاد وقدمت عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مذكرة فى الميعاد القانونى بالرد على أسباب الطعن مما تتحقق به الغاية التى يبتغيها المشرع من إعلانها فلا يجوز معه التمسك بالبطلان الناشئ عن هذا العوار.
3 - مفاد نص المادة 41 من القانون 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية الذى وقع فى ظله الحادث محل التداعى أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها المنصوص عليه فى الباب الرابع فى تأمين إصابات العمل لا يخل بما يكون للمؤمن له - العامل أو ورثته - من حق قبل الشخص المسؤول.
4 - تنص المادة 163 من القانون المدنى على أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. وتنص المادة 174 من ذلك القانون على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه فى حال تأدية وظيفته أو بسببها. ومن ثم تكون مسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية وإنما هى فى حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون. ولا يجدى فى هذه الحالة التحدى بنص المادة 42 من القانون 63 لسنة 1964 التى لا تجيز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أى قانون آخر ولا تجيز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه. ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية.
5 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة(1) أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التى يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه وبين الضرر هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.
6 - إن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للعامل - أو ورثته - بسبب إصابات العمل إنما هو فى مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية بينما يتقاضى حقه فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذى ارتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين.
7 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة(2) أنه يجوز للنيابة كما يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تثير فى الطعن ما يتعلق بالنظام العام شريطة أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم.
8 - قواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً بما فى ذلك تحديد أنصبة الورثة هى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة(3) - من الأمور المتعلقة بالنظام العام. وإذ كان الطعن الماثل يشمل ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض موروث وتوزيع قيمته بين المحكوم لهم. وكان المحكوم لهم أماً وأخوة للمورث ولا تتساوى أنصبتهم الشرعية فى الميراث. فإن الحكم المطعون فيه إذ ساوى بينهم فى الأنصبة فى مقدار التعويض الموروث يكون قد خالف القانون فى أمر متعلق بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الدعوى - فى أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر أقامت الدعوى رقم 429 لسنة 1971 مدنى كلى طنطا ضد الشركة الطاعنة ابتغاء الحكم بإلزامها بأن تدفع لها عن نفسها وبصفتها مبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة الناشئة عن وفاة المهندس............ ابنها وشقيق أولادها القصر نتيجة صعقة بتيار كهربائى أثناء وبسبب عمله لدى الشركة الطاعنة نظراً لتوافر الخطأ الجسيم فى جانب هذه الشركة. فندبت المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كانت الوفاة ترجع إلى خطأ من تلك الشركة أم إلى خطأ المهندس المتوفى. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت محكمة أول درجة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها مبلغ ستة آلاف جنيه يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية وذلك جبراً للضرر المادى المتمثل فى الألم والحسرة على فقده. وإذ لم يرتض الطرفان ذلك الحكم استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 457 سنة 27 ق طنطا طالبة إلغائه ورفض الدعوى واستأنفته المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بالاستئناف رقم 48 سنة 48 ق طنطا طالبة تعديل الحكم المستأنف بإضافة مبلغ تسعة آلاف ج إلى مبلغ الستة آلاف جنيه المقضى بها ناعية على الحكم المستأنف رفضه القضاء بالتعويض الموروث. وبعد أن ضمت محكمة الاستئناف الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 21/ 6/ 1978 برفض استئناف الشركة الطاعنة وفى استئناف المطعون ضدها بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها مبلغ عشرة آلاف جنيه تقسم بالسوية بينهم. طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ودفعت المطعون ضدها ببطلان الطعن. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها ببطلان الطعن أن القاصر ....... لم يختصم إذ خلت صحيفة الطعن من اسمه بين القصر المشمولين بوصاية المطعون ضدها وأن العبرة فى هذا الخصوص هى بصورة الصحيفة المعلنة إليها. وأنه بعدم اختصام المذكور أضحى الحكم المطعون فيه باتاً بالنسبة له مما يبطل الطعن نظراً لعدم قابلية الموضوع للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أن مفاد المادة 253 من قانون المرافعات من أن الطعن بالنقض يرفع بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه، أن أصل صحيفة الطعن المودعة هى المعتبرة قانوناً فى تحديد نطاق الطعن من حيث موضوعه والخصوم فيه. أما اختلاف الصورة المعلنة إلى الخصوم عن ذلك الأصل فهو عوار لا يمتد إلى أصل الصحيفة وإنما قد يلحق إجراء الإعلان. وإذ كان الثابت من الاطلاع على أصل صحيفة الطعن أنها تضمنت اسم القاصر...... مع باقى القصر المشمولين بوصاية المطعون ضدها كما ورد اسمه أيضاً فى أصل محضر إعلان الصحيفة وأن المطعون ضدها استلمت الصورة عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر...... و...... و...... و....... أولاد المرحوم...... ومن ثم يكون القاصر........ مختصما فى هذا الطعن كما شمله إعلان الصحيفة. أما ما شاب إجراء الإعلان من عوار لخلو الصورة المعلنة من اسمه خلافاً للأصل، فإنه أضحى غير ذى أثر، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المرافعات تنص على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء. وكان الثابت أن المطعون ضدها قد علمت بالطعن المقرر به فى الميعاد وقدمت عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مذكرة فى الميعاد القانونى بالرد على أسباب الطعن مما تتحقق به الغاية التى يبتغيها المشرع من إعلانها فلا يجوز معه التمسك بالبطلان الناشئ عن هذا العوار.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك تقول إنه طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 63 سنة 1964 لا تجوز مساءلة رب العمل عن إصابة العمل إلا عن خطئه الذاتى الجسيم ومن ثم فإن الشركة لا تسأل إلا عن خطأ جسيم يقع من ممثلها القانونى أو المسئولين عن إدارتها فقط دون أى من التابعين فى حين أساس الحكم المطعون فيه مسئولية الشركة الطاعنة على ما نسبه من خطأ إلى رئيس الوردية.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن المادة 41 من القانون 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية الذى وقع فى ظله الحادث محل التداعى تنص على أنه "تلتزم الهيئة بتنفيذ أحكام هذا الباب حتى ولو كانت الإصابة تقضى مسئولية شخص آخر خلاف صاحب العمل ولا يخل ذلك بما يكون للمؤمن عليه من حق قبل الشخص المسئول" ومفادها أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها المنصوص عليه فى الباب الرابع فى تأمين اصابات العمل لا يخل بما يكون للمؤمن له - العامل أو ورثته - من حق قبل الشخص المسؤول. ولما كانت المادة 163 من القانون المدنى تنص على أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. وتنص المادة 174 من ذلك القانون على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه فى حال تأدية وظيفته أو بسببها. ومن ثم تكون مسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية وإنما هى فى حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون. ولا يجدى فى هذه الحالة التحدى بنص المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 التى لا تجيز للمصاب فيما يتعلق باصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أى قانون آخر ولا تجيز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه. ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية.
وحيث إن حاصل السبب الثانى والوجهين الثانى والثالث من السبب الأول والأوجه الأول والثانى والثالث من السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه التناقض ومخالفة الثابت فى الأوراق والاستخلاص غير السائغ والإخلال بحق الدفاع. وفى بيان ذلك تقول الشركة الطاعنة أن الحكم المطعون فيه استند فى إثبات توافر ركن الخطأ الجسيم فى حق الشركة إلى قيام رئيس الوردية بتوصيل التيار الكهربائى وسريانه بالخلية رقم 2 وصعقه للمجنى عليه مما نتج عنه وفاته. وأن الحكم المطعون فيه ركن فى إثبات ذلك إلى تقرير اللجنة المشكلة من رئيس مجلس إدارة الشركة وتقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة قولاً بأنه لا يمكن تعشيق المفتاح الخاص بالخلية والباب الخارجى لها مفتوح فى حين أن ما ورد بتقرير الخبير أن عدم إمكان تعشيق المفتاح يكون والباب الداخلى لها مفتوح. كما أن الحكم المطعون فيه يقول تارة أن يشتبه أن يكون الحادث نتيجة محاولة تعشيق المفتاح بعد فتح باب الخلية الداخلى وتارة أخرى يقول أنه يستبعد ذلك فضلاً عن عدم رد الحكم المطعون فيه على ما أثارته الشركة الطاعنة من دفاع جوهرى يتمثل فى تمسكها بعدم إمكان نسبة أى خطأ جسيم فى حقها وأن خطأ المجنى عليه ثابت بدليل يقينى بما تنتفى معه رابطة السببية بين ما لحقه من ضرر وما قد ينسب للشركة من خطأ.
وحيث إن هذا النعى فى جملته مردود ذلك أنه لما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التى يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه وبين الضرر هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته بصدد استخلاص خطأ تابع الشركة الطاعنة وما نتج عنه من ضرر بقوله "وحيث إن الثابت من الاطلاع على محضر اللجنة المشكلة بقرار من السيد رئيس مجلس إدارة الشركة وعلى تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة أن التيار الكهربائى انقطع عن المصنع من الشبكة الرئيسية المغذية له يوم الحادث لمدة خمس دقائق ثم عاد التيار بعد ذلك وتبين أن مفتاح الخلية رقم 2 انفصل فحاول رئيس الوردية السيد ........ فتح الباب الخارجى للخلية رقم 2 وحاول تعشيق المفتاح فلم يتمكن من ذلك فاتجه إلى لوحات الوحدات لرفع التيار بقسم الحواجز لاحتياجه لذلك وأثناء ذلك سمع الارتطام بالأرض فتبين له أن ذلك نتيجة سقوط المرحوم المهندس.......... أمام الخلية رقم 1 وأن الباب الداخلى للخلية كان مفتوحاً وأن وفاة المهندس كان نتيجة صعقة بالتيار الكهربائى حيث قام بفتح الباب الداخلى لمعرفة أسباب ذلك فلما اقترب منه على مسافة تقل عن مسافة الأمان ظهرت شرارة كهربائية بين يده اليسرى وبطنه وأنه يشتبه أن يكون الحادث محاولة تعشيق المفتاح بعد فتح باب الخلية الداخلية وأنه يستبعد أن يكون الحادث نتيجة محاولة تعشيق المفتاح بعد فتح باب الخلى الداخلى، وكان الذى أورده الحكم المطعون فيه لا يشوبه التناقض. وإنما هو مجرد تسجيل لما انتهى إليه التقريرات المشار إليهما بما فى ذلك النتيجة المختلف عليها بينهما. فبينما رجح تقرير اللجنة أن الحادث كان نتيجة محاولة المهندس تعشيق المفتاح بمد يده اليسرى داخل الخلية رقم 2 بعد أن قام بفتح الباب الداخلى، استبعد تقرير الخبير ذلك صراحة وفى هذه الخصوصية اطمأن الحكم المطعون فيه إلى تقرير الخبير دون تقرير اللجنة بقوله أن الخطأ الجسيم الذى أدى إلى وفاة المجنى عليه كان "بسبب قيام رئيس الوردية بتوصيل التيار الكهربائى وسريانه فى الخلية رقم 2 وصعقه للمجنى عليه مما أدى إلى وفاته ولا يمكن القول بأن المجنى عليه قد ارتكب خطأ من جانبه ذلك أن الثابت من تقرير الخبير أنه لا يمكن تعشيق المفتاح والباب الخارجى للخلية مفتوح وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخذ صراحة بتقرير الخبير المنتدب من للمحكمة أول درجة فى هذا الخصوص وإذ كان التقرير المذكور - المودعة صورة رسمية منه بحافظة الطاعنة - قد استبعد وقوع الحادث نتيجة محاولة الفقيد تعشيق المفتاح والباب الداخلى مفتوح وكان الحكم المطعون فيه يحيل إلى ذلك التقرير فى هذا الصدد فإنه لا يعيبه ذكر عبارة (الباب الخارجى) بدلاً من عبارة (الباب الداخلى) لأن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ نقلياً مادياً. ويكون الحكم المطعون فيه قد أثبت خطأ رئيس الوردية تابع الشركة الطاعنة المتمثل فى توصيله التيار الكهربائى حال قيام المهندس الفقيد بمحاولة استكشاف الخلل فى الخلية وأن هذا الخطأ أدى إلى وقوع الحادث ونفى نسبة أى خطأ إلى المهندس الفقيد بما تتوافر معه رابطة السببية بين خطأ تابع الطاعنة وبين الوفاة، استناداً إلى الأدلة السائغة التى ساقها وما اعتمده من تقرير الخبير الذى أشار إليه. ومن ثم تكون ما تثيره الطاعنة بهذا النعى على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثانى والوجه الخامس ومن السبب الرابع على الحكم المطعون فيه قصوره عن تسبيب ما قضى به من تعويض موروث من حيث قيمة التعويض وطريقة توزيعه. وكذلك قصوره عن الرد على دفاع الشركة الطاعنة الجوهرى من وجوب مراعاة ما صرف للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها من تعويضات طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ رفض الاستئناف المقام من الشركة الطاعنة لم يعد أمامه سوى الاستئناف المقام من المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وقد كان قاصراً على طلب التعويض المورث بالإضافة إلى مبلغ الستة آلاف جنيه قيمة التعويض عن الضرر الشخصى المقضى به من محكمة أول درجة. ومن ثم يكون مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعديل قيمة التعويض الشامل إلى عشرة آلاف جنيه أى بزيادة أربعة آلاف جنيه واضح الدلالة بأن تلك الزيادة هى ما قضى به إجابة للطلب الوحيد المعروض وهو التعويض عن الضرر الموروث. وإذ حصل الحكم المطعون فيه توزيع مبلغ التعويض المقضى به بالسوية بين المطعون ضدها والقصر المشمولين بوصايتها فإن النعى عليه بالقصور فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للعامل - أو ورثته - بسبب إصابات العمل إنما هو فى مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية بينما يتقاضى حقه فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذى ارتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين. ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على ما أثارته الشركة الطاعنة من أن ما تقاضته المطعون ضدها من هيئة التأمينات الاجتماعية له أثره فى تقدير التعويض قبل الشركة، وذلك لما هو مقرر من أن الدفاع القانونى ظاهر البطلان لا يستأهل رداً. ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع فى هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه قصوره فى الرد على ما أثارته فى الاستئناف المرفوع منها من انعدام الضرر المادى لدى المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها لأن الفقيد لم يكن العائل لهم.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم الاستئنافى المطعون فيه إذ رفض استئناف الشركة الطاعنة ولم يتناول بتعديل الحكم المستأنف سوى ما أثارته المطعون ضدها بصدد التعويض الموروث. فإنه يكون قد أيد حكم محكمة أول درجة فيما عدا ذلك مكتفياً بأسبابه. ولما كان الحكم الابتدائى المذكور قد علل قضاءه بالتعويض عن ضرر مادى شخصى للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بقوله أن ذلك الضرر "يمثل فى حرمانهم من مصدر رزقهم بفقد مورثهم المجنى عليه وقد كان يعولهم وينفق عليهم حسبما ورد مفاده بملف خدمته المقدم بحافظة مستندات الشركة المدعى عليها - أى الطاعنة" فإن ذلك يعد منه تحديداً للدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة مما يعد تسبيباً كافياً ويكون النعى عليه بالقصور فى هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة القانون إذ قضى برفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف رقم 480 سنة 27 ق المرفوع من المطعون ضدها. وفى بيان ذلك تقول الطاعنة أنها دفعت أمام محكمة الاستئناف ببطلان إعلانها بصحيفة الاستئناف رقم 480 سنة 27 ق المرفوع من المطعون ضدها لأن الإعلان وجه إلى فرع الشركة بكفر الزيات مخالفاً بذلك المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1973 التى توجب تسليم صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام المتعلقة بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها فى مركز إدارتها لرئيس مجلس الإدارة، ذلك أن مركز إدارة الشركة كائن بالإسكندرية بما لا يجيز إعلانها فى فرع كفر الزيات. وأن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع قولا بأن الشركة الطاعنة حضرت بجلسات هذا الاستئناف ما يسقط هذا الدفع فى حين أن حضورها لم يكن نتيجة لذلك الإعلان المعيب وإنما كان فى جلسة تالية نتيجة اعادة الإعلان. الأمر الذى يشوب الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بالقصور ومخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك أن الشركة الطاعنة لم تقدم الدليل المثبت لموقع مركز إدارتها الذى تدعى وجوب توجيه الإعلانات إليها فيه. ومن ثم يكون النعى فى هذا الخصوص عارياً عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن النيابة العامة نعت فى مذكرتها على الحكم المطعون فيه مخالفته للنظام العام إذ حكم بتقسيم التعويض الموروث المقضى به للمحكوم لهم - المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها - بالسوية بينهم مخالفاً بذلك قواعد الإرث، بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجوز للنيابة كما يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تثير فى الطعن مما يتعلق بالنظام العام شريطة أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم. ولما كانت قواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً بما فى ذلك تحديد أنصبة الورثة هى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور المتعلقة بالنظام العام. وكان الطعن الماثل يشمل ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض موروث وتوزيع قيمته بين المحكوم لهم. وكان المحكوم لهم أماً وأخوة للمورث ولا تتساوى أنصبتهم الشرعية فى الميراث. فإن الحكم المطعون فيه إذ ساوى بينهم فى الأنصبة فى مقدار التعويض الموروث يكون قد خالف القانون فى أمر متعلق بالنظام العام مما يوجب نقضه جزئياً بالنسبة لتحديد أنصبة المحكوم لهم بالتعويض الموروث.
وحيث إن الموضوع فيما نقضته المحكمة من قضاء الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه. وبالبناء على ما تقدم تقضى المحكمة فى موضوع الاستئناف رقم 480 سنة 27 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة المستأنف ضدها بأن تؤدى للمستأنفة عن نفسها وبصفتها مبلغ ستة آلاف جنيه توزع بالسوية فيما بين المحكوم لهم، ومبلغ أربعة آلاف جنيه تقسم بين المحكوم لهم حسب الأنصبة الشرعية فى ميراثهم للمرحوم .......


(1) نقض 29/ 6/ 1976 مجموعة المكتب الفنى السنة 27 صـ 1454.
(2) نقض 22/ 1/ 1976 مجموعة المكتب الفنى - السنة 27 صـ 284.
(3) نقض 18/ 12/ 1973 مجموعة المكتب الفنى - السنة 24 صـ 1287.