أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 361

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلى مصطفى بغدادى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ د. إبراهيم على صالح، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطى، رابح لطفى جمعه.

(404)
الطعن رقم 207 لسنة 49 القضائية

(1) وكالة. "تجاوز حدود الوكالة". إيجار. "التنازل عن الإيجار".
تجاوز الوكيل حدود الوكالة. الموكل هو الذى يملك التمسك بتجاوز الوكيل لحدود الوكالة - مثال بشأن التنازل عن الإيجار.
(2) الإقرار. "الإقرار القضائي".
الإقرار القضائى. ماهيته. الأصل فيه أن يكون صريحاً. الإقرار الضمنى. عدم جواز قبوله ما لم يقم دليل على وجوده ومرماه.
1 - من المقرر طبقاً للمادتين 699، 704/ 1 من القانون المدنى أن الوكالة هى عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل، وأن الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة فى حدودها المرسومة فليس له أن يجاوزها فإذا جاوزها فإن العمل الذى يقوم به لا ينفذ فى حق الموكل، إلا أن الموكل فى هذه الحالة أن يقر هذا العمل فإن أقره أصبح كأنه قد تم فى حدود الوكالة من وقت إجراء العمل لا من وقت الإقرار مما مفاده أن الموكل هو الذى يملك التمسك بتجاوز الوكيل لحدود الوكالة - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الوكيلتين عن المستأجرة الاصلية قد تجاوزتا حدود الوكالة الصادرة إليهما حين تنازلتا عن شقة النزاع للطاعن على الرغم من أن الموكلة لم تتمسك بهذا التجاوز فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
2 - الإقرار القضائى طبقاً لنص المادة 103 من قانون الإثبات هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة بما ينبنى عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على تلك الواقعة والأصل فى الإقرار أن يكون صريحاً فلا يجوز قبول الإقرار الضمنى ما لم يقم دليل يقينى على وجوده ومرماه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 1370 لسنة 1972 مدنى كلى الجيزة ضد الطاعنة والسيدة........ للحكم بإخلاء الشقة المبينة بصحيفة الدعوى، وقالت بيانا لها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 1/ 1960 استأجرت منها هذه الأخيرة شقة النزاع، وإذ تلقت من الطاعنة إخطاراً بأن وكيلتى المستأجرة قد أجرتا لها هذه الشقة، وكان هذا مخالفاً لشروط عقد الايجار فقد أقامت دعواها. أجابت الطاعنة بأنها من مهجرى سيناء فيحق لها بهذه الصفة شغل الشقة بطريق التأجير من الباطن من مستأجرتها. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 4559 سنة 90 ق القاهرة، وإذ توفيت المستأجرة الأصلية بغير وارث فقد مثلها فى الخصومة المطعون عليه الثانى، وبتاريخ 27/ 12/ 1978 قضت المحكمة بإلغاء الحكم وبالإخلاء. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والتناقض فى الأسباب، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن الوكيلتين عن المستأجرة الأصلية بتأجيرهما الشقة إلى الطاعنة قد تجاوزتا حدود وكالتهما المقصورة على التأجير مفروشا دون تأجيرها من الباطن خالية أو التنازل عن إيجارها، فضلاً عن أن الطاعنة أقرت بمحضر جلسة 19/ 4/ 1973 أمام محكمة الدرجة الأولى أن المستأجرة الأصلية "المطعون عليها الثانية" قد باعت شقة النزاع لإحدى وكيلتيها، وأن هذه الأخيرة تنازلت عنها للطاعنة، ورتب الحكم على هذا البيع توافر حق المؤجرة فى طلب الإخلاء، هذا فى حين أن التمسك بتجاوز الوكيل لحدود الوكالة إنما هو من حق الموكل وحده وهو المستأجرة الأصلية التى لم تعترض على ذلك، فلا يحق للمؤجرة "المطعون عليها الأولى" التحدى به، كما أن ما استطرد إليه الحكم من أن الطاعنة أقرت بأن المستأجرة الأصلية باعت العين المؤجرة إلى إحدى وكيلتيها وأن هذه الأخيرة تنازلت عنها للطاعنة ينطوى على تناقض مع ما سبق للحكم أن قرره فى شأن تجاوز الوكيلتين لحدود الوكالة، مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والتناقض فى الأسباب.
وحيث إن هذا النعى بشقيه صحيح، ذلك أنه لما كان من المقرر طبقاً للمادتين 699، 704/ 1 من القانون المدنى أن الوكالة هى عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل، وأن الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة فى حدودها المرسومة، فليس له أن يجاوزها، فإذا جاوزها فإن العمل الذى يقوم به لا ينفذ فى حق الموكل، إلا أن الموكل فى هذه الحالة أن يقر هذا العمل، فإن أقره أصبح كأنه قد تم فى حدود الوكالة من وقت إجراء العمل لا من وقت الإقرار، مما مفاده أن الموكل هو الذى يملك التمسك بتجاوز الوكيل لحدود الوكالة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الوكيلتين عن المستأجرة الأصلية قد تجاوزتا حدود الوكالة الصادرة إليهما حين تنازلتا عن شقة النزاع للطاعنة، على الرغم من أن الموكلة لم تتمسك بهذا التجاوز، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، هذا إلى أنه لما كان الإقرار القضائى طبقاً لنص المادة 103 من قانون الإثبات هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة بما ينبنى عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على تلك الواقعة، وكان الأصل فى الإقرار أن يكون صريحاً، فلا يجوز قبول الإقرار الضمنى ما لم يقم دليل يقينى على وجوده ومرماه، وكان يبين من مطالعة الأوراق والحكم المطعون فيه أن الطاعنة أسست دفاعها على أنها مهجرة من سيناء، ويحق لها الإقامة فى شقة النزاع طبقاً لأحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 فى شأن إيقاف اجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل عن عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من منطقة القنال وسيناء، فإن ما اعتبره الحكم إقراراً من الطاعنة - بأن المستأجرة الأصلية قد باعت عين النزاع لإحدى وكيلتيها، وأن هذه الأخيرة هى التى تنازلت عن الشقة للطاعنة -، لا يعتبر إقراراً بحق مدعى به عليها، أو تسليماً من الطاعنة بدعوى المطعون عليها الاولى، ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ إذ اعتبره كذلك، هذا إلى ما شاب تسبيب الحكم من تناقض إذ بينما ذهب فى صدر أسبابه إلى أن الطاعنة إنما شغلت العين بناء على تصرف صادر لها من المستأجرة الأصلية عن طريق وكيليها عاد فاعتبر التصرف صادرا من مشترية للعين المؤجرة من المستأجرة الأصلية، وهو منه تناقض يعيب قضاءه، مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.