أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 30 - صـ 379

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار أحمد سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجورى، إبراهيم هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم فراج.

(408)
الطعن رقم 529 لسنة 45 القضائية

(1) إيجار. "انفساخ العقد". جمعيات. عقد.
استئجار مكان ليكون مقر الجمعية معينة. قيام الجمعية وتنفيذها للعقد. اعتباره عقد إيجار جديد حل محل العقد الأول. م 153 مدنى. حل الجمعية. أثره. انفساخ العقد بقوة القانون لانعدام المستأجر. لا يغير من ذلك حلول جمعية أخرى محلها.
(2) إيجار. "فسخ عقد". دعوى. "قيمة الدعوى".
عقد الإيجار الخاضع لقانون إيجار الأماكن. الدعوى بطلب فسخه أو امتداده بقوة القانون لمدة غير محددة. اعتبارها غير مقدرة القيمة. اختصاص المحكمة الابتدائية. بنظرها.
1 - النص فى الفقرة الأولى من المادة 153 من القانون المدنى على أنه "إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده. فإذا رفض الغير أن يلتزم، وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه، ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم بنفسه بتنفيذ الالتزام الذى تعهد به". يؤدى بتطبيقه على واقعة النزاع إلى أنه عندما تعاقد الطاعن باسمه لاستئجار شقة النزاع لتكون مقر الجمعية فإن هذا التعاقد كان يتضمن تعهد الطاعن بأن تقبل الجمعية عند إنشائها استئجار الشقة، ويعتبر العقد المبرم بين الطاعن والمطعون ضده - المؤجر - مشتملاً على إيجاب من هذا الأخير موجهاً للجمعية، إذا قبلت صارت مستأجرة للعين محل النزاع بموجب عقد إيجار جديد بينها وبين المؤجر، يحل محل العقد الذى أبرمه الطاعن وتم تنفيذه بقبول الجمعية، وإذ حلت الجمعية فقد انقضت شخصيتها القانونية التى كان تستأجرها العين محل النزاع، مما يجعل تنفيذ عقد الإيجار مستحيلاً لانعدام المستأجر فينفسخ بقوة القانون عملا بالمادة 159 من القانون المدنى، ولا يحق للطاعن الادعاء بأنه ما زال مستأجر للعين إذ أن تعاقده انتهى بمجرد قيام الجمعية وقبولها الاستئجار، أو الادعاء بأن جمعية خلفت الجمعية المنحلة فى عقد الإيجار لأن كل من الجمعيتين شخصية قانونية مستقلة تنشأ بشهر نظامها وتنقضى بحلها فيحظر على أعضائها كما يحظر على القائمين على إدارتها وعلى موظفيها مواصلة نشاطها أو التصرف فى أموالها عملاً بالفقرة الأولى من المادة 58 من القانون 22 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.
2 - الدعوى التى يقيمها المؤجر بطلب فسخ عقد الإيجار ويدور النزاع فيها حول امتداده تقدر قيمتها طبقا للمادة 37/ 8 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باعتبار المقابل النقدى عن المدة الواردة فى العقد إذ لم يكن قد نفذ أو المدة الباقية متى تنفذ جزئياً فإن امتد بقوة القانون إلى مدة غير محددة فإن المدة الباقية منه أو التى يقوم النزاع على امتداده إليها تكون غير محددة ويكون المقابل النقدى عنها غير محدود ويضحى طلب فسخ العقد أو امتداده طلب غير قابل لتقدير قيمته وتعتبر الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات وينعقد الاختصاص النوعى والقيمى بنظرها للمحكمة الابتدائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده اقام الدعوى رقم 219 لسنة 1973 مدنى كلى الجيزة ضده الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما وطرده من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة. وقال شرحا لها أنه بموجب عقد مؤرخ 29/ 8/ 1957 استأجر منه الطاعن بصفته ممثلاً لرابطة أبناء الطوايل المعروفة بجمعية أبناء الطوايل الخيرية شقة النزاع لاستعمالها مقراً للرابطة، وإذ صدر القرار رقم 5 لسنة 1966 بحلها وتمت تصفيتها فى 20/ 7/ 1968 وأخطرته وزارة الشئون الاجتماعية بذلك فى 28/ 3/ 1972، فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 3/ 3/ 1974 حكمت المحكمة.
أولاً: بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 29/ 9/ 1957 والمحرر بين المطعون ضده وبين الطاعن بصفته.
ثانياً: بطرد الطاعن من العين المؤجرة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1934 لسنة 91 ق القاهرة، وبتاريخ 16/ 3/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من أن جمعية أبناء الطوايل التى استأجرت عين النزاع صدر قرار بحلها وتمت تصفيتها وآلت أموالها إلى جمعية أخرى وتقرر تسليم العين المؤجره إلى المالك وبذلك ينفسخ العقد بقوة القانون لاستحالة التنفيذ عملاً بنص المادتين 159 و160 من القانون المدنى، فى حين أن العقد لم يستحل تنفيذه بل استمر نافذا بين طرفيه إذ أنه استأجر العين عن نفسه ونيابة عن آخرين باعتبارهم أعضاء رابطة أبناء الطوايل لتكون مقراً للجمعية فلما حلت أنشأوا بدلاً منها جمعية أبناء سوهاج التى شغلت ذات العين، ولا محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من استحالة تنفيذ عقد الإيجار وانفساخه بقوة القانون عملاً بالمادة 159 من القانون المدنى، لأنه ومن معه بصفتهم مستأجرين لم يقصروا فى الوفاء بالتزاماتهم ولكن الحكم لم يستظهر أنهم المستأجرون للعين فى تاريخ سابق على تسجيل الجمعية المنحلة والتفت عن دلالة الشهادة التى قدمها على أن الرابطة المستأجرة أصبحت جمعية بتسجيلها ثم أطلق عليها اسم جمعية أبناء سوهاج مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 153 من القانون المدنى على أنه "إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده. فإذا رفض الغير أن يلتزم، وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه، ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو بنفسه بتنفيذ الالتزام الذى تعهد به". يؤدى بتطبيقه على واقعة النزاع أنه عندما تعاقد الطاعن باسمه لاستئجار شقة النزاع لتكون مقر الجمعية فإن هذا التعاقد كان يتضمن تعهد الطاعن بأن تقبل الجمعية عند إنشائها استئجار الشقة، ويعتبر العقد المبرم بين الطاعن والمطعون ضده المؤجر مشتملاً على إيجاب من هذا الأخير موجهاً للجمعية، إذا قبلت صارت مستأجرة للعين محل النزاع بموجب عقد إيجار جديد بينها وبين المؤجر، يحل محل العقد الذى أبرمه الطاعن وتم تنفيذه بقبول الجمعية، وإذ حلت الجمعية فقد انقضت شخصيتها القانونية التى كان تستأجرها العين محل النزاع، مما يجعل تنفيذ عقد الايجار مستحيلا لانعدام المستأجر فينفسخ بقوة القانون عملاً بالمادة 159 من القانون المدنى، ولا يحق للطاعن الادعاء بأنه ما زال مستأجر للعين إذ أن تعاقده انتهى بمجرد قيام الجمعية وقبولها الاستئجار، أو الادعاء بأن جمعية أبناء سوهاج خلفت الجمعية المنحلة فى عقد الإيجار، لأن كل من الجمعيتين شخصية قانونية مستقلة تنشأ بشهر نظامها، وتنقضى بحلها فيحظر على أعضائها كما يحظر على القائمين على إدارتها وعلى موظفيها مواصلة نشاطها أو التصرف فى أموالها عملاً بالفقرة الأولى من المادة 58 من القانون 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن عقد الإيجار موضوع الدعوى أبرم لمدة ستة أشهر بأجرة قدرها ثمانية جنيهات ونصف شهرياً فتقدر قيمة الدعوى فى حالة عدم تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً وتدخل بذلك فى اختصاص المحكمة الجزئية دون المحكمة الابتدائية التى يقتصر اختصاصها على المنازعات الإيجارية التى تخضع لقانون إيجار الأماكن، وإذ أقام المطعون ضده دعواه استناداً إلى المادتين 159، 160 من القانون المدنى وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه على سند منهما فقد كان يتعين عليه إحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية المختصة وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه لما كانت الدعوى التى يقيمها المؤجر بطلب فسخ عقد الإيجار ويدور النزاع فيها حول امتداده تقدر قيمتها طبقاً للمادة 37/ 8 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باعتبار المقابل النقدى عن المدة الواردة فى العقد إذ لم يكن قد نفذ أو المدة الباقية متى تنفذ جزئياً فإن امتد بقوة القانون إلى مدة غير محددة فإن المدة الباقية منه أو التى يقوم النزاع على امتداده إليها تكون غير محددة ويكون المقابل النقدى عنها غير محدود ويضحى طلب فسخ العقد أو امتداده طلب غير قابل لتقدير قيمته وتعتبر الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات وينعقد الاختصاص النوعى والقيمى بنظرها للمحكمة الابتدائية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن النزاع فى الدعوى يدور حول استمرار أو انتهاء العلاقة الايجارية الناشئة عن عقد أخضع لقواعد الامتداد القانونى فإن الاختصاص بنظرها ينعقد للمحكمة الابتدائية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.