مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 312

(35)
جلسة 15 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ محمد أمين العباسى المهدى ومحمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان المستشارين.

الطعن رقم 3036 لسنة 31 القضائية

تقسيم أراضى - إجراءاته (إثبات) (أراض) (مبان).
المادة الثامنة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضى المعدة للبناء.
يجب على السلطة القائمة على أعمال التنظيم فحص الطلب الذى يقدم إليها فى مدى ستة اشهر من تاريخ تقديم الطلب - إذا ارتأت إجراء تصحيح أو تعديل فى الرسم أو فى قائمة الشروط وقام أصحاب الشأن بذلك يجب عليها أن تعلق موافقتها فى مدى شهر من تاريخ قبول التصحيح أو التعديل - أقام المشرع قرينة قانونية مفادها اعتبار الطلب مقبولاً إذا انقضت الستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب أو انقضى شهر من تاريخ قبول التعديل دون أن تقوم السلطة المختصة بإبلاغ أصحاب الشأن باعتراضاتها أو رفضها أو التعديلات التى ارتأت إدخالها على المشروع - هذه القرينة لا يجوز إثبات عكسها بمقولة أن الطلب كان غير مستوفٍ أو أنه كان محل بحث بين الجهات المعنية - يجب أن يتم استيفاء المطلوب وبحث الطلب خلال هذا الأجل - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 16/ 7/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3036 لسنة 31 قضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 23/ 5/ 1985 فى الدعوى رقم 107 لسنة 4 ق القاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى الصادر من السلطة المختصة بالامتناع عن اعتماد مشروع التقسيم المقدم من المدعين وما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها بالمصروفات، وطلب الطاعنان استناداً إلى الأسباب الواردة فى تقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المذكور وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعى مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 2/ 1/ 1989 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة بجلسة 5/ 5/ 1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 17/ 6/ 1989 وقد نظرته المحكمة بهذه الجلسة وتدوول أمامها وفقاً لما هو ثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/ 10/ 1990 حضر السيد/ رضا حمدى فهيم نجل المطعون ضده الاخير وقرر بوفاة والده، وقدم إعلام وراثة شرعى يفيد وفاة المذكور وانحصار إرثه فى زوجته رئيفة أبو دنيا وأولاده البلغ رضا وأكابر واعتدال وفوقية وسعدية وهدى كما أودع توكيلاً رسمياً عاماً عن المذكورين، وكانت الجهة الإدارية قد قامت بإعلان المذكورين واختصامهم فى الطعن الماثل بصحيفة أودعتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/ 11/ 1990 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 15/ 12/ 1990 لاستكمال المداولة وفى هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص فى أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا بتاريخ 22/ 11/ 1981 الدعوى رقم 107 لسنة 4 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة مختصمين محافظ دمياط ورئيس مجلس مدينة دمياط بصفتيهما، وطلبوا الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن اعتماد مشروع التقسيم المقدم منهم مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات.
وقالوا فى شرح الدعوى إنهم تقدموا بتاريخ 9/ 7/ 1977 إلى المدعى الثانى بطلب اعتماد تقسيم لقطعة أرض مساحتها (9س 20 ط 13 ف) بحوض شرم الدين رقم 146 قسم أول قطفة ض 3 بزمام ناحية غيط النصارى مركز دمياط داخل كردون مدينة دمياط، فقامت الوحدة المحلية بإرسال مشروع التقسيم إلى جميع الجهات المختصة وهى الشهر العقارى والمساحة والرى والطرق، فوافقت جميعها عليه، ثم تمت مراجعته فنيا بمديرية الإسكان دون اعتراض، وعرض المشروع بعد ذلك على مجلس محلى مدينة دمياط فتمت الموافقة عليه بجلسة 24/ 6/ 1978، وعرض على مجلس محلى مركز دمياط قراره بالموافقة على التقسيم، إلا أن المدعى عليه الأول (محافظ دمياط) امتنع عن اعتماد مشروع التقسيم، وبتاريخ 16/ 9/ 1981 أصدر المدعى عليه الثانى (رئيس مجلس مدينة دمياط) بوصفه مفوضاً من المدعى عليه الأول القرار رقم 382 لسنة 1981 باعتماد التقسيم، ونشر ذلك بالوقائع المصرية بالعدد رقم 229 فى 3/ 10/ 1981، إلا أن المدعى عليه الأول أصدر بتاريخ 22/ 10/ 1981 قراره رقم 349 لسنة 1981 بإلغاء القرار رقم 382 لسنة 1981 المشار إليه واعتباره كأن لم يكن لعدم اعتماده منه، واستطرد المدعون إلى القول بأن قرار المحافظ رقم 349 لسنة 1981 صدر استناداً إلى بطلان قرار رئيس الوحدة المحلية لمدينة دمياط رقم 382 لسنة 1981 المشار إليه لأن اختصاص المحافظ باعتماد مشروعات تقسيم الأراضى المعدة للبناء مبنى على التفويض الصادر للمحافظين بقرار وزير الإسكان رقم 450 لسنة 1981 وبالتالى لا يجوز له أن يفوض غيره فيه، وبذلك اعتبرت الموافقة السابقة كأن لم يكن مع رد الأمر إلى ما كان عليه قبل صدور هذه القرارات، وما زال المحافظ على موقفه من الامتناع عن إصدار قرار باعتماد التقسيم، وأضاف المدعون القول بأن المادة رقم 8 من القانون رقم 52 لسنة 1940 فى شأن تقسم الأراضى المعدة للبناء تنص على أنه يجب على السلطة القائمة على أعمال التنظيم أن توافق على الطلب المقدم لها وفقاً لأحكام المادة السابعة فى مدى ستة أشهر من تاريخ تقديمه أو أن تبدى أسباب الرفض إذا لم تر الموافقة عليه، وإذ بدا لتلك السلطة أن تجرى تصحيحاً أو تعديلاً فى الرسوم أو فى قائمة الشروط المقدمة إليها فيجب أن تعطى موافقتها فى مدة ستة أشهر من تاريخ قبول التصحيح أو التعديل، فإذا انقضت مدة الستة أشهر دون أن تبلغ السلطة مقدم الطلب موافقتها أو رفضها أو التعديلات التى ترى إدخالها اعتبر الطلب مقبولاً، كذلك يعتبر الطلب مقبولاً إذا انقضى الشهر المشار إليه فى الفقرة الثانية دون أن تبلغ السلطة مقدم الطلب موافقتها، ولما كان مشروع التقسيم قد قدم للجهة المختصة لاعتماده بتاريخ 9/ 7/ 1977 ولم تبلغ السلطة المختصة مقدمى الطلب موافقتها أو رفضها ولو تطلب منهم إجراء تصحيح أو تعديل فى الرسوم أو فى قائمة الشروط المقدمة إليها، إلى غير ذلك مما نصت إليه الفقرة الثانية من المادة 8 من القانون رقم 52 لسنة 1940، وإذ مضى أكثر من ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب دون أن تبلغ السلطة مقدمى الطلب موافقتها أو رفضها أو التعديلات التى ترى إدخالها اعتبر الطلب مقبولاً بحكم القانون وذلك اعتباراً من 8/ 1/ 1978 أما ما تذرع به المدعى عليه الأول من تعليمات وزارتى الزراعة والحكم المحلى تحظر المساس بأى شبر من الأراضى الزراعية فهى مجرد تعليمات صادرة من جهة إدارية لا تستند إلى نص تشريعى وليست لها قوة ملزمة فلا تقوى على مخالفة القانون.... ذلك أن القانون رقم 59 لسنة 1978 فى شأن تعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966 ينص فى المادة 107 مكرر (فقرة أولى) منه على أنه "يحظر إقامة أى مبان أو منشآت فى الأراضى الزراعية، ويعتبر فى حكم الأراضى الزراعية الأراضى البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، ويستثنى من هذا الحظر الأراضى التى تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو الأراضى التى يقام عليها المشروعات التى تخدم الإنتاج الزراعى والحيوانى شرط الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة"، كما نص ذلك القانون فى مادته الثالثة على أن ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره .... وإذ نشر القانون بالجريدة الرسمية العدد رقم 41 بتاريخ 12/ 10/ 1978 فإن المدعين لا يحاجون بذلك القانون ولا يمكن أن تسرى أحكامه فى حقهم بأثر رجعى يمتد إلى التقسيم المقدم طالما أنه يعتبر مقبولاً بقوة القانون من 8/ 1/ 1978 ومتى كان من الثابت أن امتناع المدعى عليه الأول عن إصدار قرار باعتماد مشروع التقسيم المقدم من المدعين يستند إلى أسباب غير صحيحة قانوناً فإنهم يقيمون دعواهم بطلب إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن اعتماد مشروع التقسيم مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد ردت على الدعوى بمذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفضه استناداً إلى ما حاصلة أن هناك كتاب دورى صادر عن وزارة الحكم المحلى عام 1978 تضمن عدم المساس بالأراضى الزراعية أو عدم إقامة منشآت أو مبان عليها قبل الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة، كما أن هناك تعليمات من وزارة الزراعة بعدم المساس بالمساحة الزراعية، ثم صدر القانون رقم 59 لسنة 1978 بحظر إقامة أية منشآت أو مبان فى الأراضى الزراعية، وأنه لما كانت الأرض موضوع الدعوى تخرج عن نطاق كردون المدينة فإن الدعوى تكون مقامة على غير أساس من القانون، وأودعت الجهة الإدارية حافظة مستندات تضمنت مستندات التقسيم، كما قدمت الوحدة المحلية لمدينة دمياط مذكرة بجلسة 11/ 10/ 1984 جاء فيها أن ميعاد الستة أشهر المنصوص عليها فى المادة الثامنة فى القانون رقم 52 لسنة 1940 لم يبدأ أصلاً فقد ورد كتاب مأمورية الشهر العقارى بدمياط المؤرخ 31/ 12/ 1977 موجهاً إلى هذه الوحدة بخصوص مشروع التقسيم المقدم من المدعين تفيد أن المقدار المتعامل عليه بالطلب سالف الذكر كان أصلاً على الشيوع فى مسطح أكبر ولم يتم فرزه وتجنيبه بموافقة جميع الشركاء فيه، وأنه لم يصدر بشأنه حكم نهائى ممثلاً فيه جميع الشركاء كما ورد كتاب المأمورية المذكوره المؤرخ 22/ 7/ 1978 ونصه كالآتى: "نتشرف بأن نرفق طيه العقد المسجل 719 لسنة 1978 الصادر من السيد/ عوضين حسن صبيح أحد المقسمين بالمشروع وذلك لاستبعاد اسمه من المشروع حيث قد تصرف بالبيع فى كامل نصيبه البالغ (18 س 23 ط) إلى السيد/ محمد طاهر الملاح الذى حل محله بالمشروع" وهذا يعنى أنه حتى 22/ 7/ 1978 لم تكن المستندات المثبتة لملكية أرض التقسيم كاملة وذلك لإجراء تعديلات فى أسماء المقسمين، كما أن الملكية كانت على الشيوع فى مسطح أكبر، وأضاف المذكرة أنه صدر قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 498 لسنة 1976 باعتبار مشروع طريق دمياط وشطا الديبة ببور سعيد من أعمال المنفعة العامة، كما صدر قرار وزير النقل رقم 487 لسنة 1977 باعتبار طريق دمياط شطا الديبة من الطرق الرئيسية وكان يتعين على المقسمين فى التقسيم المذكور أن يقرروا حرم الطريق وهو خمسة وعشرون متراً وذلك طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 84 لسنة 1968 ولا يجوز استغلال هذه المسافة فى أى غرض غير الزراعة، ونصت هذه المادة على عدم سريان هذا الحكم داخل حدود مجلس المدينة إلا فى الأجزاء المارة بأراضى زراعية، ولكن المدعين رفضوا الالتزام بحكم المادة السابقة والارتداد لمسافة 25 متراً (حرم الطريق) مستندين فى رفضهم إلى قرار مجلس محلى مركز دمياط بالتصديق على اعتبار طريق دمياط شطا الديبة بعرض 40 متراً ويعتمد كخطوط تنظيم، وهذا إقرار مخالف للقانون 84 لسنة 1968 حيث إن أرض التقسيم هى أرض زراعية حتى الآن، ومن ثم يسرى عليها الحظر فى الجزء الخاص بحرم الطريق 25 متراً بعدم استغلالها فى أى غرض آخر غير الزراعة، حيث إن صفة الأرض فى كونها زراعية لم تتغير بعد وبالاطلاع على الرسوم الهندسية المقدمة من المدعين لمشروع التقسيم يتبين أنهم لم يلتزموا بالمادة العاشرة من جعل حرم الطريق دمياط شطا المدينة 25 متراً من خط نزع الملكية المعتمد للطريق، حيث نجد القطع أرقام 73، 76، 89، 92، 109، 110، 114، 119، 130، 135، 157، 162، 185، 3، 9، 11، 16، 21، 26، 31، 36، 41، 46، 51، 56، 68.... كل هذه القطع وما وراءها من قطع موضوعة بحرم الطريق دون الارتداد مسافة 25 متراً، ومن هذا يبين عدم التزام المقسمين للبيانات والشروط التى تطلبها القانون رقم 84 لسنة 1968 برفضهم جعل حرم الطريق (دمياط - شطا المدينة) 25 متراً، وبالتالى فلا يمكن اعتبار طلب التقسيم مقبولاً بحكم القانون اعتباراً من 9/ 1/ 1978، وقال رئيس الوحدة المحلية أنه طالما أن الطلب لم يكن قد استوفى البيانات والتعديلات المطلوبة ثم صدر القانون رقم 59 لسنة 1978 فى 12/ 10/ 1978 ونص على حظر إقامة أى مبانٍ أو منشآت فى الأراضى الزراعية، فيكون لازماً الحصول على موافقة وزارة الزراعة على التقسيم فى هذه الأرض الزراعية، فيكون لازماً الحصول على موافقة وزارة الزراعة على التقسيم فى هذه الأرض الزراعية وأنه لما كان مشروع التقسيم المعنى لم يستوفى موافقة وزارة الزراعة حتى الآن، فإن ميعاد الستة أشهر لم يكن قد اكتمل لأن طلب التقسيم لم يستوفى التعديل بجعل حرم الطريق 25 متراً، ولم يستوف أيضا موافقة وزارة الزراعة حتى يمكن النظر فى اعتماده من عدمه، فالميعاد المشار إليه لا يكون قائماً إلا فى حالة امتناع الإدارة عن البت فى المشروع بالإيجاب أو الرفض بعد استيفائه كل البيانات والمستندات المقررة قانوناً.
وتقدم المدعون فى جلسة 24/ 1/ 1985 بمذكرة أوضحوا فيها أن خطابات الشهر العقارى التى أشارت إليها مذكرة الوحدة المحلية لمدينة دمياط فضلاً عن أنها خطابات داخلية متداولة بين الوحدة والشهر العقارى ولم تتصل بعلم المدعيين - فإن موضوع شيوع التقسيم فى مساحة أكبر غير صحيح ودحضه المستندات الصادرة من الشهر العقارى نفسه، فعقد الملكية رقم (583/ 77) المقدم ثابت به أن أرض مشروع التقسيم مفرزة ومحدودة، كما هو ثابت من الشهادة الرسمية الصادرة من الشهر العقارى المرفقة بحافظة مستنداتهم المودعة فى ذات الجلسة أن السيد الدكتور/ محمد طاهر الملاح هو الذى اشترك مع باقى المقسمين فى تقديم طلب التقسيم دون السيد/ عوضين صبيح، وتساءل المدعون عما إذا كان ما يدعيه مجلس المدينة من أن طلب التقسيم لم يستوف الاشتراطات القانونية وبالتالى لم ينفتح ميعاد الستة أشهر، فكيف تمت موافقة جميع المجالس المحلية واللجنة التنفيذية على مشروع التقسيم، وهى الموافقات التى سبقت صدور القرار رقم 382 لسنة 1981 باعتماد التقسيم - ذلك القرار الذى ألغى لأن رئيس مجلس المدينة الذى وقعه لم يكن مفوضاً من المحافظ، وخلص المدعون إلى أن طلب التقسيم اعتبر مقبولاً بقوة القانون عملاً بنص المادة 8 من القانون 52 لسنة 1940 لأن السلطة القائمة على أمر وأعمال التنظيم لم ترفض الطلب خلال المدة المشار إليها رفضاً مسبباً، ولم تطلب من المدعيين إجراء تصحيح أو تعديل فى الرسم أو فى قائمة الشروط المقدمة إليها، وبالتالى فليس من حق تلك الجهة أن تثير ثمة اعتراض فى شأن تطبيق أحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 أو غيره.
ومن حيث إنه بجلسة 23/ 5/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه قاضياً بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار السلطة المختصة السلبى بالامتناع عن اعتماد مشروع التقسيم المقدم من المدعين مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من نص المادة الثامنة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضى المعدة للبناء أن طلب التقسيم المقدم من أصحاب الشأن يعتبر مقبولاً بقوة القانون فى إحدى الحالتين: - الحالة الأولى - أن تمر ستة أشهر على تاريخ تقديم الطلب دون أن تبلغ السلطة المختصة مقدم الطلب موافقتها أو رفضها أو بالتعديلات التى ترى إدخالها على المشروع - والحالة الثانية - أن يمر شهر واحد على تاريخ قبول مقدم الطلب تنفيذاً للتعديلات التى رأت السلطة المختصة إدخالها على المشروع لتجعله متفقاً مع أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المشار إليه واللوائح التنفيذية أو مع مشروع تخطيط المدينة وتوسعها دون أن تبلغ السلطة المختصة مقدم الطلب موافقتها على المشروع، ولما كان الثابت أن المدعين قد تقدموا بمشروع التقسيم بتاريخ 9/ 7/ 1977 ولم تبد السلطة القائمة على أعمال التنظيم موافقتها أو رفضها للمشروع خلال ستة أشهر من تاريخ تقديم هذا الطلب أى حتى 8/ 1/ 1978، كما أنها لم تخطر المدعين خلال هذه المدة بأى تعديلات ترى ضرورة إجراءها على مشروع التقسيم، وإذ كان الثابت أن مشروع التقسيم محل النزاع ليس به مخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 ولا لأحكام القوانين الأخرى واللوائح مما قد يكون لها أحكام معينة تمس تقسيم الأراضى المعدة للبناء، فمن ثم يكون المشروع المذكور مقبولاً بقوة القانون اعتباراً من 8/ 1/ 1978، ولا يغير من ذلك ما ذكرته جهة الإدارة أن المشروع لم يستوف الشروط اللازمة لأن مأمورية الشهر العقارى قد أفادت بأن القدر المتعامل عليه محل مشروع التقسيم كان أصلاً على الشيوع فى مسطح أكبر ولم يتم فرزه أو تجنيبه بموافقة جميع الشركاء أو بحكم فسخه، ذلك أن الثابت من كتاب المأمورية المذكورة رقم 5504 المؤرخ 3/ 9/ 1977 أن المأمورية قامت ببحث مشروع التقسيم وتحققت من سلامة الملكية، وثابت بهذا الكتاب أيضاً أن الملكية آلت إلى المقسمين بموجب عقد شهر حق إرث وبيع مسجل برقم 583 فى 20/ 6/ 1977 بمكتب الشهر العقارى بدمياط، وهذا ثابت أيضاً من الشهادة العقارية رقم 196 لسنة 1977 الصادرة من مكتب الشهر العقارى بدمياط للمقسمين عن المساحة محل التقسيم، بأن ملكية هذا المساحة آلت إلى المقسمين بالإرث والبيع وتم شهرها برقم 583 فى 20/ 6/ 1977 (الأوراق المقدمة من الجهة الإدارية بالحافظة المقدمة بجلسة 16/ 11/ 1982) وهذا ما أثبته مذكرة الإدارة الهندسية بمجلس مدينة المعروضة على رئيس مجلس المدينة وكتاب مجلس مدينة دمياط رقم 176 المؤرخ 4/ 4/ 1978 المرسل إلى السيد المهندس مدير عام الإسكان والتعمير بدمياط بشأن مشروع التقسيم المشار إليه والذى تضمن أنه ورد بكتاب الشهر العقارى رقم 5504 بتاريخ 3/ 9/ 1977 يفيد بأن المأمورية قامت ببحث الملكية وتحققت من سلامتها، واستطردت المحكمة إلى القول بأنه لا يغير أيضاً من حكمها ما ذكرته الإدارة من أن السيد/ عوضين صبيح وهو أحد المقسمين قد تنازل عن نصيبه للسيد الدكتور/ محمد طاهر الملاح وأن هذا التنازل يقتضى تعديلاً فى أسماء المقسمين، ذلك أن الثابت من مشروع التقسيم أنه تضمن اسم الدكتور محمد طاهر الملاح ضمن المقسمين لهذا المشروع وليس السيد/ عوضين صبيح الذى باع نصيبه الأول، ومن ثم يكون التقسيم سليماً من هذه الناحية، وأضافت المحكمة أنه لا حجة فيما ذهبت إليه الإدارة من أن مشروع التقسيم يخترق طريق دمياط - شطا المدينة - وهو طريق رئيسى وكان يتعين على المدعين الالتزام بحكم المادة العاشرة من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة والتى توجب ترك مسافة 25 متراً على جانبى الطريق الرئيسى لا تستخدم إلا فى أغراض الزراعة، وهو ما لم يقم به المدعون ذلك أن الفقرة الثانية من المادة المشار إليها قد استثنت من هذا الحكم (ترك مسافة 25 متر لا تستخدم فى المبانى) الأراضى الواقعة داخل حدود مجالس المدن (كردون المدينة) والثابت أن مجلس محلى مركز دمياط قد صدق على قرار مجلس محلى مدينة دمياط الصادر باعتبار الطريق المشار إليه بعرض 40 متراً وأن يعتمد كخطوط تنظيم (كتلة سكنية داخل كردون المدينة) وذلك وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة العاشرة المشار إليها، كما أنه لا أوجه للاحتجاج بنص المادة 107 مكرر من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 بعد تعديلها بالقانون رقم 59 لسنة 1978 والتى أصبحت بعد هذا التعديل تنص على أنه: "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت فى الاراضى الزراعية...." ذلك أن هذا القانون قد عمل به من 12/ 10/ 1978 ولا يجوز تطبيقه بأثر رجعى يمتد إلى التقسيم المقدم من المدعين والذى اعتبر مقبولا بقوة القانون من 8/ 1/ 1978، وإنما ينطبق على هذا التقسيم حكم هذه المادة قبل تعديلها بالقانون رقم 59 لسنة 1978 والتى كانت تنص على أنه "يحظر بغير ترخيص من وزارة الزراعة إقامة أية مبان أو منشآت فى الأراضى الزراعية عدا الأراضى التى تقع داخل كردون المدن وتلك المخصصة لخدمتها أو سكناً لمالكها..." والثابت من الأوراق أن الأرض محل التقسيم المشار إليه تقع داخل كردون مدينة دمياط أما التعليمات التى أشارت إليها جهة الإدارة والتى تقول أنها وردت إليها من وزارتى الزراعة والحكم المحلى بحظر المساس بأى شبر من الأراضى الزراعية، فإن هذه التعليمات لم تكن تستند وقت صدورها لأى نصوص تشريعية، ومن ثم فلا تقوى على مخالفة أحكام القانون، هذا فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن مجلس محلى مركز دمياط قد قرر بجلسة 4/ 3/ 1978 عدم تطبيق هذه التعليمات على مشروع التقسيم المقدمة للوحدة المحلية قبل صدور تلك التعليمات وفيها مشروع التقسيم المقدم من المدعين، واستيفاء الإجراءات الخاصة باعتمادها دون الحصول على موافقة وزارة الزراعة (كتاب مجلس مدينة دمياط رقم 913 المؤرخ 29/ 4/ 1978 من الحافظة المشار إليها) وخلصت المحكمة بالبناء على ذلك إلى أن السلطة المختصة قد امتنعت عن اعتماد مشروع التقسيم محل الدعوى بالمخالفة لحكم القانون وبغير سبب صحيح منه ويمثل امتناعها هذا قراراً سلبياً بالامتناع يتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطاعنين لم يرتضيا هذا الحكم فأقاما طعنهما الماثل طالبين الحكم - أولاً - بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة - وثانياً - قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات، ونعى الطاعنان على الحكم مخالفته للقانون حيث أنه يتضح عن الاطلاع على القانون رقم 59 لسنة 1978 الذى يحظر البناء على الأرض الزراعية أنه لا يمنع من تطبيقه أن يكون مشروع التقسيم مقدم قبل العمل به، لأن حظر البناء يسرى من تاريخ صدور القانون رقم 59 لسنة 1978 وبالتالى لا يجوز الموافقة على مشروع تقسيم الأرض الزراعية لأن هذه الموافقة تتضمن التصريح بالبناء مستقبلاً بما يتعارض مع أحكام القانون رقم 59 لسنة 1978، لذلك لم تخطئ الجهة الإدارية بامتناعها عن اعتماد التقسيم، كما أن مدة الستة أشهر التى احتسبتها المحكمة قد احتسبتها خطأ لأنها كانت تنقطع بالموافقات والرفض الذى كان يتم من الجهات الرسمية وبذلك فلم تكتمل مدة الستة شهور، وانتهى الطاعنان إلى طلب الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضى المعدة للبناء تنص على أنه "يجب على السلطة القائمة على أعمال التنظيم أن توافق على الطلب المقدم إليها وفقاً لأحكام المادة السابقة فى مدى ستة أشهر من تاريخ تقديمه أو أن تبدى أسباب الرفض إذا لم تر الموافقة عليه، وإذ بدا لتلك السلطة أن تجرى تصحيحاً أو تعديلاً فى الرسوم أو فى قائمة الشروط المقدمة إليها لكى تجعلها مطابقة لأحكام هذا القانون أو اللوائح التنفيذية أو لكى توفق بين نظام التقسيم وبين مشروع تخطيط المدينة وتوسعها إن كان ثمة مشروع فيجب أن تعلن موافقتها فى مدى شهر من تاريخ قبول التصحيح أو التعديل، فإذا انقضت مدة الستة أشهر دون أن تبلغ السلطة مقدم الطلب موافقتها أو رفضها أو التعديلات التى ترى إدخالها اعتبر الطلب مقبولاً، كذلك يعتبر الطلب مقبولاً إذا انقضى الشهر المشار إليه فى الفقرة الثانية دون أن يبلغ السلطة مقدم الطلب موافقتها".
ومن حيث إنه يبين من هذا النص أن المشرع قد أوجب على السلطة القائمة على أعمال التنظيم أن تقوم بفحص الطلب الذى يقدم إليها فى مدى ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب، وهى المدة التى قرر المشرع أنها كافية لتقوم السلطة المختصة بفحص الطلب ودراسته وعرضه على جهات الاختصاص الأخرى التى يتعين الرجوع إليها فى أمر التقسيم أو التخطيط، ويكون عليها أن توافق على الطلب خلال هذه المدة أو ترفضه رفضاً مسبباً، فإذا بدا لها أن تجرى تصحيحاً أو تعديلاً فى الرسم أو فى قائمة الشروط لكى تجعلها مطابقة لأحكام القانون، وقام أصحاب الشأن بذلك فيكون عليها أن تعلن موافقتها فى مدى شهر من تاريخ قبول التصحيح أو التعديل، وحتى لا يترك الشارع أصحاب التقسيم ومصالحهم المشروعة تحت رحمة الإدارة فقد أقام قرينة قانونية مفادها اعتبار الطلب مقبولا إذا انقضت الستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب أو انقضى شهر من تاريخ قبول التعديل دون أن تقوم السلطة المختصة بإبلاغ أصحاب الشأن باعتراضاتها أو رفضها أو التعديلات التى ترى إدخالها على المشروع، وهذه القرينة القانونية القائمة على فوات المهلة دون إخطار بالرفض المسبب أو الاعتراض أو طلب التعديل وبدون أن يكون السكوت سببه التواطؤ أو الغش الذى يبطل كل التصرفات، وعندما لا يكون الترخيص مخالفاً بحالته للنظام العام كأن يكون مهدداً للصحة العامة أو للسلامة العامة للمواطنين فى تاريخ اعتباره مقبولاً ولا يجوز أيضاً إثبات عكسها بمقولة أن الطلب كان غير مستوف أو أن الأخير كان محل بحث بين الجهات المعنية، ذلك أن عدم استيفاء الطلب أو إجراء المزيد من البحوث يجب أن يتمخض خلال الأجل عن رفض صريح مسبباً أو طلب تعديل يخطر به أصحاب الشأن حتى لا يكون لهم التمسك بالقبول الضمنى القائم على فوات الأجل دون إخطار، إذ بدون إخطار لأصحاب الشأن فإن الميعاد المقرر فى النص يسرى وذلك لأنه من غير المتصور أن تظل الأوراق حبيسة الإدراج أو يجرى تداولها بين المكاتب والإدارات بحجة البحث والدراسة، ويكون فى ذلك صحة على أصحاب الشأن لتعطيل حكم النص الذى تبنى حكمه حماية مصالح المواطنين الأفراد وهى ذاتها التى يتمثل فى مجموعها بالنسبة لكافة المواطنين الآخرين فى الدولة المصلحة العامة فى معناها الواقعى والوجودى فى زمان محدد فالمصلحة العامة التى يتعين أن تكون غاية كل تشريع وكل تصرف من السلطة العامة ليست عيباً مجرداً أو قصوراً شخصياً وإنما هى فى حقيقتها واقع مجموع المصالح الفردية المشروعة فى تاريخ معين بالمعنى الواقعى ومجموع هذه المصالح الفردية على امتداد الزمان بالمعنى المجرد ولا يسوغ بناءً على ذلك للإدارة العاملة إهدار هذا الصالح الفردى المشروع الذى فى مجموعه بالنسبة لجميع الأفراد فى لحظة محددة هو الصالح العام كما لا يتصور أن يهدر بالافتعال فى تفسير النصوص الصالح القومى العام وبالوجه المتخصص الذى تستهدفه فى أحوال محددة لمخالفة ذلك للأحوال العامة التى قررها الدستور لغايات عامة للالتزام بالشرعية وسيادة القانون من جميع سلطات الدولة وكذلك للمقاصد العامة للتشريع الوضعى وأصول تفسيره من جهة أخرى والقول بغير ذلك يجعل من حكم النص إلى الصوالح الفردية المشروعة التى تقتضى الصالح العام حمايتها لغواً لا طائل منه طالما أن السلطة المختصة تستطيع حبس الأوراق والطلبات للمدد التى تراها بحجة عدم استيفاء الأوراق أو إجراء الدراسات، ومن ثم فإن صحيح حكم القانون بناءً على أصول التفسير الذى تقتضيه الصالح العام ثم لا يسوغ للإدارة الاحتجاج بذلك إلا إذا خرج هذا الأمر إلى العلانية وأخطر به أصحاب الشأن حتى يقومون باستيفاء الأوراق أو إجراء التعديلات المطلوبة ويتقدموا سواء للجهة الإدارية ذاتها وللسلطة الرئاسية بما يحقق دفاعهم المشروع عن مصالحهم أو يلتجئوا إلى القضاء على بينة من موقف الادارة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم كانوا قد تقدموا بمشروع التقسيم محل التداعى بتاريخ 9/ 7/ 1977 ولم تبد السلطة القائمة على أمر التنظيم موافقتها أو رفضها للمشروع خلال ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب أى حتى 8/ 1/ 1978 كما أنها لم تخطر المطعون ضدهم خلال هذه المدة بأية تعديلات رأت إدخالها على مشروع التقسيم، ولما كان الثابت أيضاً أن مشروع التقسيم ليس به ثمة مخالفات لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المشار إليه ولا لأحكام القوانين الأخرى واللوائح الخاصة بالتخطيط والزراعة التى كانت سارية فى ذلك الوقت وحتى اكتمال مدة الشهور الستة، فمن ثم يكون هذا المشروع مقبولاً بقوة القانون اعتباراً من 8/ 1/ 1978 ولا يسوغ فى هذا المقام الاحتجاج بنص المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 بعد تعديلها بالقانون رقم 59 لسنة 1978 الذى عمل به اعتباراً من 12/ 10/ 1978 أى بعد اكتمال مدة الستة أشهر، وهو تعديل حظر البناء فى الأرض الزراعية على وجه مطلق بغير ترخيص من وزارة الزراعة، فى حين أن النص الذى كان قائماً وقت تقديم مشروع التقسيم واكتمال المدة التى يستثنى عن هذا الحظر الأراضى الزراعية التى تقع داخل كردون المدن لأن مثل هذا القول يعنى سريان أحكام المادة 107 مكرر معدلة بالقانون رقم 59 لسنة 1978 بأثر رجعى على وقائع ومراكز قانونية اكتملت قبل صدوره، وإذا كانت الجهة الإدارية قد رأت الاستناد إلى حكم هذا النص وأنه يبرر لها الامتناع عن الموافقة على مشروع التقسيم تأسيساً على أن الطلب كان غير مستوفى عند تقديمه أو أنه كان موضع بحث بين الإدارات المعنية، فإن ذلك لا يستقيم مع ما هو ثابت أن الطلب أصبح فى 8/ 1/ 1978 مقبولاً بقوة القانون لعدم إخطار أصحابه باعتراضاتها التى أثارتها فقط بمناسبة الدعوى، وهى اعتراضات ثابت يتعين كما أوضح الحكم المطعون فيه أن لا أساس لها من الواقع، بل أن الأوراق المقدمة من الإدارة تدحضها وتخالفها وتنفيها ولو صح ما تقول به الإدارة فكيف ساغ لها من تعرض أمر هذا التقسيم وغيره من التقاسيم فى ذات المنطقة على مجلس محلى مدينة دمياط بتاريخ 24/ 6/ 1978 حيث تمت الموافقة عليه فى ضوء ما عرضته الإدارة من أن المشروع ليس به ما يخالف أحكام القوانين واللوائح السارية فى ذلك الوقت، وهى موافقة تلاها العرض على مجلس محلى مركز دمياط الذى وافق عليه بدوره بتاريخ 1/ 7/ 1978 وقد تأكد ذلك بما سلكته جهة الإدارة واتخذته من خطوات تالية انتهت جميعها إلى الموافقة النهائية على مشروع التقسيم وصدور قرار رئيس مجلس مدينة دمياط باعتماده، وقد تم نشر هذا القرار بالوقائع المصرية تحت رقم 382 لسنة 1981 بالعدد رقم 229 فى 3/ 10/ 1981، ذلك أن القرار الذى قام محافظ دمياط بإلغائه بالقرار ر قم 349 لسنة 1981 بتاريخ 22/ 10/ 1981 وليس لعيب فى إجراءات مشروع التقسيم أو قصور أو نقص فى مستنداته أو مخالفات منسوبة إليه، بل لأن رئيس المدينة الذى أصدره لم يكن مفوضاً فى إصداره، ولا يجوز على أى حال أن يتحمل أصحاب الشأن مغبة تراخى الجهة القائمة على أمر التنظيم فى اتخاذ الإجراءات أو ارتكابها لمخالفات التى تتعلق بممارستها لصلاحيتها واختصاصاتها بما أدى إلى تأخر اعتماد مشروع التقسيم حتى لحقه الأثر المباشر لحكم القانون رقم 59 لسنة 1978 المعمول به اعتباراً من 12/ 10/ 1978 بتعديل نص المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة التى حظرت البناء فى الأرض الزراعية خارج وداخل كردون المدن بدون موافقة الزراعة، لأن الثابت كما سلف البيان أن مشروع التقسيم محل الطعن قد أصبح مقبولاً ومعتمداً بقوة القانون اعتباراً من 8/ 1/ 1978 ولا تسرى أحكام القانون رقم 59 لسنة 1978 سالف الذكر، ومن ثم على الأرض محل التقسيم المعتمد بقوة القانون بذات مواعيد الاعتراض عليه لما تعلق به حق أصحابها من مركز ذاتى لا يسوغ المساس به أو إهداره إلا بنص صريح من القانون آنف الذكر يقرر ذلك بأثر رجعى إلى تاريخ تحقق هذا المركز الذاتى لذوى الشأن فى الأرض المذكورة، وبناءً على ذلك جميعه فإنه كان يتعين قانوناً على الجهة الإدارية أن تصدر بالحكم والضرورة قراراً باعتبار التقسيم معتمد بقوة القانون وامتناعها دون مبرر من الواقع أو القانون عن اعتبار التقسيم معتمد بقوة القانون وإصدار قرار بذلك يعد قراراً مسبباً غير مشروع من هذه الجهة واجب الإلغاء نزولاً عن الشرعية وسيادة القانون وإذا ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر وقضى بإلغاء قرار السلطة المختصة السلبى بالامتناع عن اعتماد مشروع التقسيم المقدم من المطعون ضدهم، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من الواقع أو صحيح القانون حرى بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها طبقاً لأحكام المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.