مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 358

(39)
جلسة 22 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ محمد أمين العباسى المهدى ومحمود عبد المنعم موافى ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين.

الطعن رقم 323 لسنة 33 القضائية

اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى - قرار إحالة ضابط بالقوات المسلحة إلى المعاش. (تعويض) (قوات مسلحة اللجان القضائية لضابط القوات المسلحة).
القانون رقم 96 لسنة 1971 فى شأن الطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة.
القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضابط القوات المسلحة.
طلب التعويض عن قرار إحالة ضابط بالقوات المسلحة إلى المعاش هو فى حقيقته منازعة فى شأن من الشئون الوظيفيه لأحد ضباطها وينعقد الاختصاص بنظرها إلى اللجنة القضائية المختصة بالقوات المسلحة - تطبيق(1).


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 27/ 12/ 1986 أودع الأستاذ بكرى أحمد بكرى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن سكرتارية المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد برقم 323 لسنة 33 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 30/ 11/ 1986 والقاضى "بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى اللجنة القضائية لضابط القوات البرية لنظرها بإحدى جلساتها وأبقت الفصل فى المصروفات وطلب للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى لنظرها مجدداً بطلبات الطاعن مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب".
وقد أعلن الطعن على الوجه المبين بالأسباب وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت للأسباب المبينة به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فى شقها الخاص بطلب التعويض عن قرار الاعتقال وبإعادة الدعوى فى هذا الشق منها إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيه وبرفض الطعن فيما عدا ذلك من طلبات مع إلزام طرفى الخصومة بالمصروفات مناصفة فيما بينهما.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/ 12/ 1989 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 7/ 4/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 26/ 5/ 1990 وفى هذه الجلسة وما تلاها من جلسات استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 22/ 12/ 1990 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 14/ 9/ 1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 5736 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى وطلب فى ختامها الحكم على المطعون ضدهما بأن يدفعا له مبلغ خمسين ألف جنيه والمصروفات والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه تخرج من الكلية الحربية سنة 1948 والتحق ضابطاً بسلاح المشاة وظل يقوم بعمله بكفاءة وأمانة واشترك فى الحروب التى دخلتها مصر وأبلى فيها البلاء الحسن وظل يترقى حتى بلغ رتبة العقيد فى سنة 1965 ونقل إلى شعبة التنظيم والإدارة للقوات البرية وعقب النكسة التى لحقت بمصر سنة 1967 والخلاف الذى نشب بين رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة أطيح بالطالب مع عدد من خيرة ضباط القوات المسلحة فصدر قرار اعتقاله ليلة 23/ 7/ 1967 وأودع الكلية الحربية وظل معتقلاً حتى 29/ 5/ 1968 دون أن ينسب إليه جرم أو يوجه إليه اتهام، كما اتخذ قرار اعتقاله ذريعة لانهاء خدمته بغير الطريق القانونى حيث صدر القرار الجمهورى رقم 1469 سنة 1967 بتاريخ 15/ 8/ 1967 بإحالته إلى المعاش دون أى سند قانونى لذلك، وأضاف أنه لحقه من جراء اعتقاله ثم إحالته إلى المعاش أضرار بالغة بعضها مادى وأهمها وأكثرها أدبى وقد تعدت آثار هذه الأضرار شخصه إلى أفراد أسرته وأولاده خاصة وأن الجو الذى كان يسود البلاد من إرهاب وظلم كان يستحيل معه عليه أن يلجأ إلى القضاء لينصفه ويعوضه عما لحقه من ظلم وما أصابه من أضرار مادية ومعنوية من جراء اعتقاله ثم أحالته إلى المعاش وأن مبلغ الخمسين ألف جنيه التى يطالب بها كتعويض هى أقل من الأضرار التى لحقت به، وقدم حافظة مستندات طويت على صورة قرار رئيس الجمهورية رقم 1470 لسنة 1967 بإحالته وآخرين إلى المعاش وصورة من حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 34 لسنة 24 ق وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى كما طلبت رفضها موضوعاً لأنه منح معاشاً استثنائياً فى 12/ 8/ 1974 كما أنه استفاد من حكم المادة 20 من القانون رقم 90 لسنة 1975 فى شأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة التى قررت منح الذين انتهت خدمتهم معاشا يعادل المعاش المقرر لأقرانهم الموجودين فى الخدمة فى 1/ 7/ 1973 وخلصت إلى أنه تم تعويضه عما أصابه ولا سبيل إلى صرف تعويض آخر كما قدمت حافظة طويت على صورة من عريضة دعوى بذات الطلبات أقامها أمام القضاء المدنى وعقب المدعى بمذكرة طلب فيها رفض الدعوى بعدم الاختصاص لأن اعتقاله تم قبل صدور القانون رقم 71 لسنة 1975 المحدد لاختصاصات لجان الضباط وأنه بطلب تعويضاً عن اعتقاله وعن القرار الجمهورى بإنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى وهو ما يخرج عن اختصاص هذه اللجان وأنه منح معاشاً بسيطاً عند إحالته إلى التقاعد وظل الحال كذلك سبع سنوات حتى منح معاشاً استثنائياً فى عام 1974 لا يوازى ما يستحقه لو ظل فى الخدمة كما أنه لم يستفد من القانون رقم 90 لسنة 1975 لأنه لم يقدم طلباً لإعادته إلى الخدمة وخلص من ذلك إلى التصميم على طلباته.
وقضت المحكمة بجلستها المنعقدة فى 30/ 11/ 1986 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى اللجنة القضائية لضباط القوات البرية لنظرها بإحدى جلساتها وأبقت الفصل فى المصروفات وأقامت قضاءها على أنه بالنسبة لواقعة اعتقال المدعى وفى غيبة من قرار صادر بهذا الاعتقال من أى من السلطات المختصة وعدم قيام ثمة دليل على وجوده من الأوراق أو بإرشاد من المدعى فإن الأمر يرتبط أساسا بملابسات إصدار القرار المطعون عليه بالاستغناء عن خدماته بالقوات المسلحة اعتباراً من 15/ 8/ 1967 وما صاحب إصدار القرار المشار إليه من اجراءات وتحقيقات تكون قد أجريت سابقة على صدور هذا القرار وتلك جميعها تبرر واقعة الاعتقال - إن صحت - فى استقلالها وتربطها بالقرار المطعون فيه وهو ما يجعل الواقعة برمتها من اختصاص الجهة القضائية التى تتولى نظرها، وبعد أن استعرضت المحكمة أحكام المواد (1) من القانون 96 لسنة 1971 و1، 3 من القانون رقم 71 لسنة 1975 بشأن اللجان القضائية للقوات المسلحة أضافت بأنه يبين من هذه النصوص أنه خصص قضاء مستقلاً قائماً بذاته لنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة ويعتبر هذا القضاء جهة قضائية تقوم بجانب القضاء الإدارى نزولاً على حكم المادة 183 من الدستور، ومن ثم يكون المشرع قد سلب من مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة ولما كان الثابت أن المدعى يطعن على القرار الصادر بالاستغناء عن خدماته بالقوات المسلحة وما صاحب هذا القرار من إجراءات وتحقيقات فإن هذا الطلب يعتبر من قبيل المنازعات الإدارية المتعلقة بأحد ضباط القوات المسلحة، ومن ثم فإن ولاية الفصل فيه تنعقد لجهة القضاء العسكرى وينحسر عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى مما يتعين معه إحالة الدعوى إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة المختصة إعمالاً لحكم المادة 110 مرافعات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف صحيح حكم القانون للاسباب الآتية:
1 - أن كلاً من القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 71 لسنة 1975 ليس له أثر رجعى على الوقائع السابقة عليه ومنها حق الطاعن فى التعويض الذى نشأ فى 27/ 7/ 1967 وهو تاريخ اعتقاله فى 5/ 8/ 1967 تاريخ إحالته إلى المعاش، ومن ثم لا تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل فيها.
2 - أن اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة يقتصر اختصاصها على القرارات الإدارية الصادرة من لجان الضباط وليس لها التصدى لنظر طلبات التعويض عن الاعتقال أو الإحالة إلى المعاش.
3 - أن الحكم المطعون فيه خالف ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من اختصاص مجلس الدولة بنظر طلبات التعويض عن الاعتقال.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 96 لسنة 1971 فى شأن الطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة تنص على أن "تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بهيئة قضائية دون غيرها بالنظر فى المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التى تصدرها لجان الضباط بالقوات المسلحة، وتنشأ بكل فرع من أفرع القوات المسلحة لجنة قضائية تختص دون غيرها بالفصل فى باقى المنازعات الإدارية لضباط القوات المسلحة ويصدر بتنظيمها وتحديد اختصاصاتها قرار من رئيس الجمهورية" كما صدر القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة ونص فى المادة (1) منه على أن "تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة الآتية:
أ - اللجنة القضائية لضباط القوات البرية. ب - اللجنة القضائية لضباط القوات البحرية. ج - اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية. د - اللجنة القضائية لضباط قوات الدفاع الجوى. هـ - اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة". ونصت المادة 3 منه على أن "تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل فى المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوة عدا العقوبات الانضباطية وما تختص بنظره لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وفقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 فى شأن الطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة".
ومن حيث إنه يبين بجلاء من هذه النصوص على نحو ما قضت به هذه المحكمة أن الشارع قد خصص قضاء مستقلاً قائماً بذاته لنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة ويعتبر هذا القضاء جهة قضائية تقوم بجانب القضاء الإدارى بمجلس الدولة وذلك نزولاً على أحكام الدستور الذى نص فى المادة 183 منه على أن ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة فى هذا الدستور وأن هذه النصوص جاءت من الشمول والعموم بما يدخل جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالمكافآت والمرتبات والمعاشات ويمتد هذا الاختصاص بطبيعة الحال ليشمل دعاوى التعويض المترتبة على هذه القرارات أخذاً بقاعدة أن الفرع يتبع الأصل وبحسبان أن طلب التعويض هو الوجه الآخر لرقابة المشروعية على القرارات الإدارية مثل طلب الإلغاء وأن الطلبين يرتبطان ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
ومن حيث إنه لما كانت المنازعة الماثلة فى شقها الخاص بطلب التعويض عن قرار إحالة الطاعن إلى المعاش لا تعدو أن تكون منازعة إدارية فى شأن من الشئون الوظيفية لأحد ضباط القوات المسلحة، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظرها إلى اللجنة القضائية المختصة بالقوات المسلحة اعمالاً لأحكام القانونين رقمى 96 لسنة 1971 و71 لسنة 1975 سالفى الذكر وتخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أن هذين القانونين صدرا فى تاريخ لاحق على صدور قرار إحالته إلى المعاش ومن أن إخضاع المنازعة لاحكامهما هو إعمال لهما بأثر رجعى ذلك أن هذين القانونين بوصفهما من القوانين المعدلة للاختصاص القضائى تسرى أحكامهما بأثر مباشر على هذه المنازعة التى رفعت بعد العمل بهما مما يخضعها لأحكامهما طبقاً للقواعد العامة فى قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما قضى به من عدم الاختصاص الولائى للمحكمة بنظر الدعوى فى شقها الخاص بطلب التعويض عن القرار الجمهورى بإحالته إلى المعاش وإحالة الدعوى فى هذا الشق إلى اللجنة القضائية لضباط القوات البرية، ومن ثم يكون الطعن فى هذا الشق غير قائم على سند صحيح من القانون مما يتعين الحكم برفضه مع إلزام الطاعن بمصاريف هذا الشق عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن التعويض عن قرار اعتقاله الفترة من 23/ 7/ 1967 حتى 29/ 5/ 1968 فإن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار واقعة الاعتقال مرتبطة بإحالته إلى المعاش على افتراضات لا يظهر من الأوراق مدى ما يقوم عليها من دليل أو سند فى الأوراق الأمر الذى ترى معه المحكمة قبل الفصل فى هذا الشق واستجلاء للحقيقة إعادة الدعوى للمرافعة لمناقشة الطرفين.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفض الطعن فى الشق الخاص بالطعن فيما قضى به الحكم من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب التعويض عن قرار إحالته إلى المعاش وإحالة الدعوى فى هذا الشق إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة المختصة مع الزام الطاعن بمصاريف هذا الشق وأمرت بإعادة الطعن للمرافعة لجلسة 26/ 1/ 1991 فى الشق الخاص بطلب التعويض عن قرار اعتقال الطاعن لمناقشة الطرفين.


(1) راجع الطعن رقم 323 لسنة 33 ق بجلسة 30/ 3/ 1991 بشأن اختصاص محكمة القضاء الإدارى بطلب التعويض عن قرار اعتقال أحد ضباط القوات المسلحة.