مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 383

(42)
جلسة 23 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ حسن حسنين على حسنين ومحمد يسرى زين العابدين عبد الله والطنطاوى محمد الطنطاوى وفريد نزيه حكيم تناغو المستشارين.

الطعن رقم 2566 لسنة 34 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ترقية مديرى ووكلاء المديريات (إدارة محلية).
المادتان 94 و96 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلى الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 معدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 314 لسنة 182 - الأصل أن العاملين فى كل مديرية فى نطاق المحافظة يعتبرون وحدة واحدة فيما يتعلق بالاقدمية والترقية بما يستتبع أن تكون الترقية للوظائف الأعلى بكل مديرية من العاملين الذين يشغلون الوظيفة التى تسبقها مباشرة - المادة 96 من اللائحة أوردت حكما خاصا لوظائف مديرى ووكلاء المديريات يخرج عن الأصل سالف الذكر فاعتبرت وظائفهم واردة بموازنة الوزارة المختصة وداخلة فى تعداد وظائفها على أن تدرج الاعتمادات اللازمة لمرتباتهم ومخصصاتهم بموازنة المحافظة المختصة كمصرف مالى فقط - نتيجة ذلك: لا محل لقصر الترقية لوظيفة مدير المديرية على من يشغل الوظيفة السابقة عليها مباشرة داخل المديرية ذاتها فى نطاق المحافظة الواحدة - تعتبر الوزارة المختصة هى الوحدة التى تجمعهم فى مجال الأقدمية والترقية وتدرج وظائفهم بموازنتها وهى التى يرجع إليها فى هذا الشأن - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - الترقية بالاختيار - مناطها.
المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978 - الترقية إلى درجات وظائف مستوى الإدارة العليا من الملاءمات التى تترخص فيها جهة الإدارة - مناط سلطة الإدارة أن يكون اختيارها مستمداً من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التى انتهت إليها وأن تجرى مفاضلة جادة بين العاملين على أساس ما تحويه ملفات خدمتهم وما يبديه الرؤساء عنهم للتعرف على مدى تفاوتهم فى مضمار الكفاية - أساس ذلك: لا يجوز تخطى الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير أكثر كفاية - تطبيق.
(جـ) دعوى الإلغاء - الإلغاء النسبى والإلغاء المجرد.
إلغاء القرار فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية بالاختيار - يكفى فى هذه الحالة إلغاء القرار إلغاء نسبيا - أساس ذلك: بمقتضى هذا الحكم يزول العيب الذى شاب القرار بإزالة التخطى ولا يتطلب ذلك إلغاء القرار إلغاء تاماً أو مجرداً - لا وجه للقول بأن وجود عدد من العاملين الآخرين بأقدمية سابقة على المدعية والمطعون على ترقيته يستتبع بطريق اللزوم الحكم بالإلغاء المجرد طالما أنه غير واضح أمام المحكمة أفضليتهم واحقيتهم فى الترقية على أطراف الخصومة المطروحة أمام المحكمة والذين لم يتمسك أحد منهم بأحقيته فى هذه الترقية - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 4/ 7/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السادة رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ومحافظة القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 5/ 5/ 1988 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعية السيدة/ عواطف محمد محمد جبريل فى الترقية إلى الدرجة الممتازة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت هيئة قضايا الدولة فى ختام الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بتعديله إلى إلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً "كلياً" مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا والزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22/ 1/ 1990 والجلسات التالية حيث حضر محامى هيئة قضايا الدولة وقدم حافظة مستندات ومذكرة طلب فيها الحكم أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى واحتياطياً تعديل الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً. كما حضر محامى السيد/ حسين سيد حسين كخصم تدخل تدخلاً انضمامياً إلى الجهة الإدارية الطاعنة بمقتضى صحيفة التدخل المعلنة إلى هيئة قضايا الدولة بتاريخ 25/ 12/ 1989 إلى المطعون ضدها بتاريخ 31/ 12/ 1989 والتى طلب فى ختامها الحكم بقبول تدخله فى الطعن تدخلا انضماميا وبإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا التى نظرته بجلسة 28/ 10/ 1990 وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن المقام من الجهة الإدارية قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتخلص فى أنه بتاريخ 1/ 11/ 1986 أقامت المدعية السيدة/ عواطف محمد محمد جبريل الدعوى رقم 721 لسنة 41 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى والتى اختصمت فيها كل من السادة رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ومحافظ القاهرة وطلبت فى ختام صحيفتها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 588 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1986 بترقية السيد/ حسين سيد حسن إلى وظيفة مدير مديرية الشئون الصحية بالقاهرة من الدرجة الممتازة فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية إلى هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 5/ 5/ 1988 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية إلى الدرجة الممتازة مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن المدعية أقامت دعواها فى الميعاد القانونى ومن المقرر أن الترقية بالاختيار إلى وظائف الدرجات العليا مناطها الجدارة مع مراعاة الأقدمية بحيث لا يجوز تخطى الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير ظاهر الامتياز، أما فى حالة التساوى فى الكفاية فيتعين التقيد بالأقدمية حتى لا تكون الترقية عرضة للأهواء، واضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المدعية أقدم من المطعون على ترقيته من حيث التخرج والتعيين والدرجة الأخيرة ذلك أنها تخرجت من الجامعة فى ديسمبر 1952 والتحقت بالخدمة فى 17/ 9/ 1953 ورقيت إلى درجة مدير عام فى 28/ 8/ 1978 بينما المطعون على ترقيته السيد/ حسين سيد حسن تخرج من ديسمبر 1955 والتحق بالخدمة فى 2/ 6/ 1956 ورقى إلى درجة مدير عام فى 12/ 6/ 1981 وقد قامت الجهة الإدارية بترقية المطعون على ترقيته إلى الدرجة العالية بالقرار رقم 766 لسنة 1983 بالتخطى للمدعية فى الترقية إلى هذه الدرجة فأقامت المدعية الدعوى رقم 2178 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى التى قضت بإرجاع أقدميتها فى الدرجة العالية إلى تاريخ القرار المطعون فيه نظراً لأنه كانت قد تمت ترقيتها إلى هذه الدرجة قبل صدور هذا الحكم. وبذلك تكون المدعية بموجب الحكم المشار إليه أقدم من المطعون على ترقيته فى شغل وظيفة من الدرجة العالية.
وأضافت محكمة القضاء الإدارى أنه من حيث إن المدعية أقدم من المطعون على ترقيته وتكشف الأوراق بجلاء عن كفاءتها وامتيازها وأن تقييم أدائها يوضح قدرتها على القيادة وإخلاصها فى العمل وإشرافها الدائم والمستمر على كل ما يتعلق بالصحة وأنها نموذج مشرف للرئاسة وتتمتع بالكفاءة التامة والحزم المبصر فى تسيير الأمور ومتابعة العمل ميدانياً ومن ثم فإنها على هذا النحو تكون متساوية فى الكفاءة مع المطعون على ترقيته ويكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية مخالفاً لأحكام القانون ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها السالف.
وإذ لم ترض الجهة الإدارية بهذا الحكم فقد طعنت فيه بالطعن الماثل واستندت فى الأسباب الواردة بتقرير طعنها إلى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه لأن الثابت من الأوراق أن المطعون على ترقيته كان ترتيبه الخامس فى كشف الأقدمية بينما كانت المدعية الرابعة فى هذا الكشف وعلى ذلك فإن قرار الترقية المطعون فيه يكون قد تخطى ثلاثة آخرين بخلاف المدعية وكان يتعين مراعاة أقدمياتهم وكفايتهم، ومن ثم فقد كان من المتعين صدور الحكم بإلغاء هذا القرار إلغاء مجرداً لتعيد الجهة الإدارية نشاطها وتقوم بإجراء مفاضلة بين المدعية والثلاثة السابقين عليها فى ترتيب الأقدمية إلا أن الحكم المطعون فيه صدر بإلغاء هذا القرار إلغاء نسبياً الأمر الذى يجعله مخالف للقانون، ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً.
وأضافت الجهة الإدارية فى المذكرة المقدمة منها إلى أسباب الطعن أن وظيفة مدير مديرية الشئون الصحية بمحافظة القاهرة رفعت من الدرجة العالية إلى الدرجة الممتازة وكان المطعون على ترقيته يشغل وظيفة مدير مديرية الشئون الصحية بالقاهرة بينما كانت المدعية تشغل وظيفة مدير مديرية الشئون الصحية بمحافظة الشرقية، ولما كانت المادة 94 من اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلى تنص على أن يعتبر العاملون فى كل مديرية وحدة واحدة فيما يتعلق بالأقدمية والترقية، فإن الترقية لوظيفة مدير مديرية الشئون الصحية بمحافظة القاهرة إنما تكون فقط من بين العاملين بالمديرية ذاتها دون غيرها من مديريات الشئون الصحية بالمحافظات الأخرى وقد استجمع المطعون على ترقيته الكفاءة والامتياز فكان هو المتعين ترقيته وليس المدعية ومن ثم انتهت مذكرة الجهة الإدارية إلى طلب الحكم أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى واحتياطياً بتعديل هذا الحكم والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلى الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 314 لسنة 1982 تنص على المادة 94 منها على أن "يعتبر العاملون بالدواوين العامة لوحدات الحكم المحلى وحدة واحدة فى نطاق المحافظة كما يعتبر العاملون فى كل مديرية وحدة واحدة، وذلك وفيما يتعلق بالأقدمية والترقية والنقل مع مراعاة تخصصاتهم" وتنص فى المادة 96 على أن "يكون شغل وظائف مديرى ووكلاء المديريات بقرار من الوزير المختص بالاتفاق مع المحافظ وتدرج وظائفهم بموازنة الوزارة المختصة على سبيل التذكار على أن تدرج الاعتمادات المالية اللازمة لمرتباتهم ومخصصاتهم بموازنات وحدات الحكم المحلى المختصة ولا يجوز نقل أى من هؤلاء أو ترقيته إلا بعد أخذ رأى المحافظ المختص".
ومن حيث إن مفاد النصوص السالفة أن الأصل أن العاملين فى كل مديرية فى نطاق المحافظة يعتبرون وحدة واحدة فيما يتعلق بالأقدمية والترقية وهو ما يستتبع أن تكون الترقية للوظائف الأعلى بكل مديرية من العاملين بها الذين يشغلون الوظيفة التى تسبقها مباشرة وذلك الحكم عبرت عنه المادة 94 من اللائحة التنفيذية إلا أن المادة 96 من هذه اللائحة أوردت حكماً خاصاً لوظائف مديرى ووكلاء المديريات يخرج عن الأصل السالف، وإذ اعتبرت وظائفهم واردة بموازنة الوزارة المختصة وداخله فى تعداد وظائفها - على أن تدرج الاعتمادات المالية اللازمة لمرتباتهم ومخصصاتهم بموازنة المحافظة المختصة كمصرف مالى فقط، وعلى ذلك فلا محل لقصر الترقية لوظيفة مدير المديرية على من يشغل الوظيفة السابقة عليها مباشرة داخل المديرية ذاتها فى نطاق المحافظة الواحدة لمخالفة ذلك الحكم الخاص بهؤلاء الذى أورده المشرع فى المادة 96 من هذه اللائحة، وإنما تعتبر الوزارة المختصة هى الوحدة التى تجمعهم فى مجال الأقدمية والترقية فيرجع إليها فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق فى خصوصية النزاع المطروح أن المدعية والمطعون على ترقيته وكلاهما يشغل بالدرجة العالية وظيفة مدير مديرية الشئون الصحية بإحدى المحافظات الأولى بالشرقية والثانى بالقاهرة، وكان يجمعهما كشف واحد للأقدمية بوزارة الصحة كانت المدعية فيه ترتيبها الرابع والمطعون على ترقيته الخامس وأن هذه الدرجات جميعها بوظائفها مدرجة بموازنة وزارة الصحة، ثم أنشأت درجة ممتازة لمديرية الصحة بمحافظة القاهرة وتضمنتها موازنة وزارة الصحة عن السنة المالية 85/ 1986، فإن الترقية إلى الدرجة الممتازة المشار إليها لا تقتصر الاهلية لها على من يشغل الدرجة السابقة لها مباشرة وهى الدرجة العالية بمديرية الصحة بمحافظة القاهرة، وإنما تشمل شاغلى هذه الدرجة الأخيرة بوزارة الصحة باعتبارها الوحدة التى تجمع هؤلاء فى مجال الأقدمية والترقية وتدرج وظائفهم بموازنتها، ومن ثم فإنه يتعين رفض ما أثارته الجهة الإدارية الطاعنة فى نعيها على الحكم المطعون فيه من أن الترقية إلى الدرجة الممتازة التى أنشأت لوظيفة مدير مديرية الصحة بمحافظة القاهرة كان مؤهلاً لها المطعون على ترقيته وحده دون المدعية لمجافاة هذا الوجه من الطعن للتطبيق القانونى الصحيح.
ومن حيث إن المادة 37 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن "تكون الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية بالاختيار وذلك على أساس بيانات تقييم الأداء وما ورد فى ملفات خدماتهم من عناصر الامتياز..." وقد جرى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كانت الترقية بالاختيار إلى درجات وظائف مستوى الإدارة العليا من الملاءمات التى تترخص فيها الإدارة إلا أن مناط ذلك أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التى انتهت الإدارة إليها وأن تجرى مفاضلة جادة بين العاملين على أساس ما تحويه ملفات خدمتهم وما يبديه الرؤساء عنهم للتعرف على مدى تفاوتهم فى مضمار الكفاية بحيث لا يجوز تخطى الأقدام إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير أكثر كفاية وهو أمر تمليه دواعى المشروعية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد استشف على وجه صحيح من الأوراق والمستندات أن المدعية ظاهرة الكفاءة والامتياز وأن تقييم أدائها يوضح قدرتها على القيادة وإخلاصها فى العمل وأنها نموذج مشرف للرئاسة بمديرية الشئون الصحية التى تعمل بها وتتمتع بالكفاءة التامة والحزم المبصر فى تسيير دفة العمل ومتابعة مجرياته، وهى أقدم من المطعون على ترقيته فى الدرجة العالية وتتساوى معه فى الكفاءة فإن ما انتهى إليه هذا الحكم من أن القرار المطعون فيه قد صدر مخالف للقانون فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية إلى الدرجة الممتاز يكون قد أصاب صحيح القانون.
ومن حيث إنه لا يقدح فى صحة الحكم المطعون فيه ما نعاه الطعن الماثل عليه من أنه كان يتعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً وليس إلغاء نسبياً نظراً لوجود آخرين يسبقون المدعية المطعون على ترقيته فى أقدمية الدرجة العالية، إذ أنه مردود على هذا النعى بأنه ولئن تميزت دعوى الإلغاء بأنها خصومة عينية تقوم على اختصام القرار الإدارى وأن الحكم الصادر فيها بإلغائه يعدمه وبهذه المثابة يعتبر حجة على الكافة إلا أنه من المقرر أيضاً أن هذه الدعوى لا تخرج عن كونها خصومة قضائية بين أطرافها فإذا ما سلطت المحكمة رقابتها القضائية على القرار الإدارى المطعون فيه واستبان لها أن وجه المخالفة للقانون التى وقع هذا القرار هو تخطى المطعون على ترقيته للمدعية فى الترقية إلى الوظيفة الأعلى رغم أنها أسبق منه فى الأقدمية ودون أن يكون هو متميزاً عنها فى الكفاءة فإن قضاء هذه المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية - أى بإلغاء هذا القرار إلغاء نسبياً على هذا النحو - إنما يكون قد أصاب صحيح القانون، ذلك أن إزالة وجه المخالفة القانونية البادية فى هذا القرار إنما يكفى فيها فى مثل هذه الحالة إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء نسبياً إذ بمقتضى هذا الحكم يزول العيب الذى شاب هذا القرار بإزالة هذا التخطى ولا يتطلب ذلك إلغاء القرار إلغاء تاماً أو مجرداً وقد خلت أوراق الدعوى مما يقطع بأن المخالفة التى وقع فيها هذا القرار هى مخالفة مطلقة لا يمحو عدم مشروعيتها إلا الإلغاء التام أو المجرد كما أن وجود عدد من العاملين الآخرين بأقدمية سابقة على المدعية والمطعون على ترقيته لا يستتبع بطريق اللزوم الحكم بالإلغاء المجرد طالما أنه كان غير واضح أمام المحكمة افضلية هؤلاء وأحقيتهم بهذه الترقية على أطراف الخصومة المطروحة أمام المحكمة والذين لم يتمسك أحد منهم بأحقية هؤلاء فى هذه الترقية، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء نسبياً على النحو السالف إنما يصادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض ما أثارته الجهة الإدارية الطاعنة فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه يبين على الوجه السالف أن الطعن المقام من الجهة الإدارية لا يستند على أساس صحيح من القانون أو الواقع فإن يتعين رفضه موضوعاً مع إلزامها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول تدخل السيد/ حسين سيد حسن فى الطعن الماثل وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وألزمت الجهة الادارية المصروفات وألزمت المتدخل مصاريف تدخله.