مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 399

(44)
جلسة 29 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ محمد أمين المهدى العباسى ومحمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان المستشارين.

الطعن رقم 1035 لسنة 33 القضائية

( أ ) دعوى - عوارض سير الخصومة - وقف الدعوى للفصل فى مسألة أولية (طعن).
المادتان 129، 212 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى إذا توفر لديها ما يكفى للفصل فيها أو إذا كان البت فى المسألة الاولية معقوداً لها - الحكم بوقف الدعوى هو حكم قضائى وليس قرار ولائياً - أساس ذلك: إن المادة 212 من قانون المرافعات بعد أن حظرت الطعن فى الأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة - استثنت الأحكام الصادرة بوقف الدعوى للفصل فى مسألة أولية - تطبيق.
(ب) جمارك - مخالفة جمركية - غرامات - قرار فرض الغرامة - رقابة مشروعيته.
     المادة (117) من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963.
النقص غير المبرر فى البضاعة عما ورد فى قائمة الشحن يمثل مخالفة جمركية عقوبتها الغرامة التى لا تقل عن عشر الضرائب الجمركية المعرضة للضياع ولا تزيد على مثلها فضلاً عن الضرائب المستحقة - للمحكمة وهى تراقب القرار الصادر بفرض الغرامة أن تتحقق من أوجه مشروعيته بالتيقن من وجود النقص ذاته وتخلف مبرراته وتعلقه ببضاعة خاضعة للضريبة الجمركية وصحة تقدير الغرامة من عدمه دون حاجة إلى وقف الدعوى بحجة الفصل فى الضرائب الجمركية - تطبيق.
(جـ) جمارك - الوكيل البحرى - الأساس القانونى لالتزاماته (شركة قطاع عام - تحكيم).
الوظيفة الأساسية للوكيل البحرى هى تمثيل مجهز السفينة أو مالكها فى الميناء الذى يعمل فيه - علاقة الوكيل البحرى بالمجهز هى وكالة عادية تنطبق عليها أحكام عقد الوكالة المنصوص عليها فى القانون المدنى - فرض قانون الجمارك عدة التزامات على الوكيل البحرى مثل تقدم قائمة الشحن وكشوف المسافرين وبيانات البضاعة الموجودة على ظهر السفينة - نص القانون صراحة على مسئولية الوكيل البحرى عن النقص فى عدد الطرود ومحتوياتها ومقدار البضاعة المنفرطة - تجد هذه المسئولية مصدرها فى القانون مباشرة وليس فى عقد الوكالة - يعتبر الوكيل البحرى طرفاً أصيلاً فى المنازعة حول قرار فرض الغرامة عن مخالفة النقص غير المبرر فى البضاعة - لا يجوز للوكيل البحرى دفع المسئولية عن نفسه استناداً إلى صفته كوكيل - متى كانت المنازعة بين الوكيل البحرى وهو شركة قطاع عام ووزارة المالية فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لهيئات التحكيم - مؤدى ذلك: عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظرها - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 22/ 2/ 1987 أودع الأستاذ/ موريس نقولا السحين المحامى نائباً عن الاستاذ حنا يانسونى المحامى بصفته وكيلاً عن الشركة الطاعنة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 1035 لسنة 33 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 25/ 12/ 1986 فى الدعوى رقم 2858 لسنة 39 ق المضمومة إلى الدعوى رقم 649 لسنة 30 ق المقامة بدورها فى الشركة الطاعنة ضد المطعون ضده وذلك فيما قضى به من وقف الدعوى حتى يفصل فى دعاوى الرسوم الجمركية، وطلبت الشركة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع أصلياً: بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار رفض تظلمها من قرار الغرامة رقم 40 لسنة 1984 والحكم مجدداً بإلغاء قرار الغرامة المذكور. واحتياطياً: بإعادة المنازعة إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية للحكم فى موضوعها على استقلال وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات فى الحالتين، وأودعت هيئة مفوضى الدولة بعد تحضير الدعوى تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والأمر بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى لنظرها مع إبقاء الفصل فى المصروفات، وتحدد لنظر الطعن أمام دائره فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/ 12/ 1989، وفيها وفى الجلسات التالية نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة بجلسة 19/ 2/ 1990 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 31/ 3/ 1990، وقد نظرت المحكمة الطعن وفقاً لما هو ثابت بالأوراق حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم الموافق 29/ 12/ 1990 وقد فيها صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق فى أن الشركة الطاعنة (توكيل طيبة للملاحة) وبصفتها وكيلة عن السفينة أوستى إكسبريس (Oste Express) ووكيلة ملاكها وربانها ويمثلها رئيس مجلس إدارتها كانت قد أقامت بتاريخ 3/ 1/ 1985 الدعوى رقم 24 لسنة 1985 تجارى كلى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية (الدائرة 13 التجارية) واختصمت فيها كلاً من: وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى للجمارك، ومدير عام مصلحة الجمارك بصفته مدير جمرك الإسكندرية، مدير جمرك الدخان وطلبت الشركة المدعية فى ختام صحيفة الدعوى الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار مدير عام الجمارك برفض التظلم والحكم مجدداً بإلغاء قرار الغرامة الموضح بصدر صحيفة الدعوى مع إلزام المعلن إليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت الشركة المدعية فى شرح الدعوى أن مدير جمرك الدخان قد أخطرها بأنه أصدر قراراً برقم 40 لسنة 1984 بتاريخ 24/ 10/ 1984 بتغريمها مبلغ 88346.814 جم المعدل بالقرار الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1984 إلى مبلغ 62274.123 جم على زعم أنه وجد بشحنة الباخرة أوستى اكسبريس (Oste Express) عند وصولها إلى ميناء الإسكندرية بتاريخ 1/ 2/ 1984 عجزاً قدره 2275 كرتونة من مشمول شحنة الباخرة سالفة الذكر، وأنها لم توضح أسباب العجز أو تبرره بمستندات جدية الأمر الذى تعتبر معه مخالفة لأحكام المواد 37، 38 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وهو ما يسوغ فرض الغرامة وفقا للمادة 117 من ذات القانون، وقد تظلمت الشركة المدعية من ذلك القرار للأسباب التى أوضحتها فى خطابها بالتظلم إلى السيد مدير عام مصلحة الجمارك المختص بنظر التظلم وفقاً للمادة (119) من قانون الجمارك المشار إليه، وبالرغم من سلامة الأسباب التى أقيم عليها التظلم فقد أصدر مدير عام الجمارك فى 20/ 12/ 1984 قراراً برفض التظلم وتأييد قرار الغرامة المتظلم منه، وإذ كان القرار المشار إليه قد جانب الواقع والقانون وأجحف بحقوق المدعية وكانت الفقرة الأخيرة من المادة (119) من قانون الجمارك تجيز الطعن فى هذا القرار أمام المحكمة المختصة فإن الشركة تطعن فيه لأسباب حاصلها ما يلى: أولاً: لم توضح مصلحة الجمارك فى قراراتها الدليل على ثبوت العجز الذى تزعمه ولا زمان حدوثه، ولذلك لا يكون من دليل على العجز وعلى ثبوته إلى حين انتهاء مسئولية الناقل البحرى قبل مصلحة الجمارك عن مطابقة البضاعة المفرغة للمانيفستو (قائمة الشحن).
ثانياً: ليس يكفى ثبوت العجز - إذا ثبت جدلاً - بل يجب أن يثبت ذلك العجز فى المدى الذى تقف عنده مسئولية الناقل قبل مصلحة الجمارك وليس بعده، فقد وضعت المادة (37) من قانون الجمارك تحديداً جازماً للمدى الذى تقف عنده مسئولية الناقل بقولها: يكون ربابنة السفن أو من يمثلونهم مسئولين عن النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها أو فى مقدار البضائع المنفرطة (الصب) إلى حين استلام البضاعة فى المخازن الجمركية أو فى المستودعات أو بمعرفة صاحب الشأن، وعبارة (إلى حين) التى استعملها النص تضع التوقيت الذى تنتهى عنده مسئولية الناقل قبل مصلحة قبل الجمارك بواحد من الوقائع التى حددها، وكلمة (أو) تفيد المغايرة فأى واقعة من الوقائع التى ذكرها النص كافية وحدها لوضع حد لمسئولية الناقل قبل الجمارك عن مطابقة البضائع المفرغة للمانيفستو........
ثالثاً: وعلى سبيل الاحتياط وعلى الفرض الجدلى بثبوت العجز خلال فترة مسئولية الناقل فإن للشركة أن تفيد من نسبة التسامح القانونية وفقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (37) من قانون الجمارك التى خولت المدير العام للجمارك تحديد نسبة التسامح، وكذلك وفقاً لحكم المادتين الأولى والثانية من قرار المدير العام للجمارك رقم 4 لسنة 1963 الصادر إعمالاً لحكم هذا النص بتحديد نسب التسامح فى البضائع الصب أو فى شمول الطرود.
رابعاً: ومن باب الاحتياط الكلى فقد غالت الجمارك فى تقدير الرسوم التى قدرت الغرامة على أساسها بغير سند، فهى تعتمد عادة على تقدير مثمنها وهو ضمن موظفيها الذين يفيدون من توقيع الغرامات وفقاً لحكم المادة (131) من قانون الجمارك الأمر الذى يجعله صاحب مصلحة شخصية فى رفع الغرامة، وقد أقرت محكمة النقض اطراح المحاكم لتقدير مثمن الجمارك فى مثل هذا الصدد وعدم التعويل عليه (نقض 3/ 1/ 1967 الطعن 130 لسنة 33 ق)....... وانتهت الشركة إلى طلب الحكم لها بما سبق بيانه من طلبات.
وبجلسة 30/ 4/ 1985 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى الإسكندرية للاختصاص وقد أحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها العام تحت رقم 2858 لسنة 39 ق، وتدوولت الدعوى بالجلسات أمام المحكمة وفقاً لما هو ثابت بالأوراق حتى جلسة 13/ 11/ 1986 حيث قررت المحكمة ضم هذه الدعاوى ضمن دعاوى أخرى إلى الدعوى رقم 649 لسنة 30 ق التى كانت مرفوعة من ذات الشركة، وأودعت الشركة المدعية تأييداً لدعواها حافظة مستندات تضمنت صوراً ضوئية من قرار الغرامة رقم 40 لسنة 1984 الصادر بتاريخ 22/ 10/ 1984، وصورة تظلم الشركة المؤرخ فى 2/ 12/ 1984، وأصل كتاب مصلحة الجمارك برفض التظلم، وصورة من ترجمة لشهادة صادرة من الجمارك الإسرائيلية بشأن العجز الموجود بالشحنة، وصورة من قائمة شحن (المانيفستو) وبجلسة 25/ 12/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حكمها المطعون فيه قاضياً بوقف الدعوى حتى يفصل فى دعوى الرسوم الجمركية، وأقامت المحكمة قضاءها على اسباب حاصلها أن المادة 117 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 تنص على أنه "تفرض على ربابنة السفن وقادة الطائرات ووسائل النقل الأخرى غرامة لا تقل عن عشر الضرائب الجمركية المعرضة للضياع ولا تزيد على مثلها فضلاً عن الضرائب المستحقة وذلك فى حالة النقص غير المبرر عما أدرج فى قائمة الشحن فى عدد الطرود أو محتوياتها أو البضائع المنفرطة...." وأن مؤدى ذلك أن قيمة الغرامة الجمركية التى تفرضها مصلحة الجمارك فى هذه الأحوال تتحدد على أساس نسبة معينة من الرسوم الجمركية المستحقة، ومن ثم فإن الفصل فى مشروعية القرار الصادر بفرض الغرامة يتوقف على الفصل أولاً فى مدى استحقاق رسوم جمركية عن واقعة العجز المدعى بها وفى قيمة تلك الرسوم بحسبان أن ذلك يعد أمراً أولياً لازماً لبحث مدى مشروعية توافر فرض الغرامة ومطابقته للقانون، ومتى كان الفصل فى دعاوى الغرامة الماثلة يتوقف على الفصل فى دعاوى (الرسوم التى ينعقد الاختصاص بالفصل فيها للقضاء المدنى، فمن ثم فإن المحكمة ترى الحكم بوقف تلك الدعاوى إلى أن يفصل فى دعاوى الرسوم المشار إليها عملاً بنص المادة 129 من قانون المرافعات وخلصت المحكمة كما سبق القول إلى الحكم بوقف الدعاوى حتى يفصل فى دعاوى الرسوم الجمركية).
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وخرج على الثابت فى الأوراق وأخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره ذلك أنه إذا كانت المادة (129) من قانون المرافعات تنص على أنه فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، فإن شروط الحكم بالوقف فى الحالة التى وردت بهذه المادة غير متوافرة، ذلك أنه وبصرف النظر مؤقتاً عن أن مصلحة الجمارك لم تقدم الدليل على أنها أقامت بالفعل دعوى للمطالبة بالضرائب الجمركية عن العجز، فإنه بفرض أنها قد أقامت هذه الدعوى، فإننا لا نجد فى النزاع المطروح ثمة مسألة أولية تخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإدارى ليتوقف الفصل فى الطعن، على الفصل فى هذه المسألة الأولية فى دعوى المطالبة بالضرائب الجمركية، فضلاً عن أنه لا نزاع فى أن من سلطة المحكمة التى تنظر الدعوى (محكمة القضاء الإدارى) أن تعرض من واقع عناصر المنازعة نفسها لتصفية أى خلاف يقوم على أى عنصر من عناصرها، فلا تنازعها فى هذا السلطة وذلك الاختصاص جهة أخرى، لذلك فإنه يبدو غير منطقى بالمرة القول تأييداً لطلب الوقف، أن المادة 117 من قانون الجمارك حين نسبت الغرامة المستحقة فى حالتى العجز والزيادة غير المبررين إلى الضرائب الجمركية، ثم حددت الغرامة نسبة من هذه الضرائب، فإنه يلزم التريث إلى حين الفصل فى دعوى المطالبة بالضرائب الجمركية، ووجه الخطأ فى هذا النظر، أن تحديد الغرامة بنسب من الضرائب الجمركية ليس أكثر من معيار اتخذه المشرع الجمركى لضبط مقدار الغرامة وتحديدها، وأنه لم يتجه إلى وجوب وقف نظر الطعن فى قرار الغرامة إلى حين الفصل فى دعوى الضرائب الجمركية، وفضلاً عما تقدم فإن تحديد الضرائب الجمركية وصولاً إلى تحديد مقدار الغرامة مسألة لا تعد عصية على البحث عند مناقشة الطعن فى قرار الغرامة، فتستطيع محكمة القضاء الإدارى تبينها من واقع الأوراق أو أن تتوخى فى إثباتها طريق الخبرة القضائية ويبدو أن الذى أثار كل هذا اللبس هو اشتراك دعوى الطعن فى قرار الغرامة ودعوى الضريبة الجمركية فى مسألة أساسية فى الدعويين، ألا وهى ثبوت عجز فى البضاعة المفرغة عما أدرج فى قائمة الشحن أو ثبوت زيادة فى البضاعة المفرغة عما أدرج فى قائمة الشحن، ولا يجوز أن يعلق الفصل فى الدعوى التى تتهيأ للحكم أولاً (وسواء كانت دعوى الطعن فى قرار الغرامة أو دعوى الضريبة الجمركية) على الفصل فى الدعوى الأخرى، لأنه ليس ما يمنع قانوناً من أن يفصل أولاً فى دعوى الطعن فى قرار الغرامة أو أن يفصل أولاً فى دعوى الضريبة الجمركية، وكل ما يترتب على الفصل فى إحدى الدعويين قبل الأخرى، وأن يكون للحكم الصادر أولاً حجية فى المسألة الأساسية والمشتركة بين الدعويين تحول دون المجادلة فى هذه المسألة الأساسية والمشتركة فى الدعوى الأخرى... فلا يتحتم إذن أن يفصل فى دعوى الضريبة الجمركية قبل دعوى الطعن فى قرار الغرامة، كما لا يتحتم أيضا أن يفصل فى دعوى الطعن فى قرار الغرامة قبل الفصل فى دعوى الضريبة الجمركية وطالما كان الثابت مما تقدم أن الحكم بالوقف غير سديد فإن الطاعنة تطلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه خاصة إذا كان الثابت من الأوراق أن مصلحة الجمارك لم ترفع ولم تثبت لمحكمة القضاء الإدارى أنها أقامت أى دعوى للمطالبة بأية ضرائب أو رسوم جمركية، كما أن الثابت من مستندات الطاعنة من جانب آخر أن العجز المدعى به فى قائمة الشحن (المانيفستو) الخاص بالرحلة موضوع الدعوى، أن هذا العجز لم يشحن إطلاقاً على السفينة توكيل الشركة الطاعنة... وخلصت الشركة الطاعنة إلى طلب الحكم أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار رفض تظلمها من قرار الغرامة رقم 40 لسنة 1984 والحكم مجدداً بإلغاء قرار الغرامة المذكور، واحتياطياً الحكم بإعادة المنازعة إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية للحكم فى موضوعها على استقلال.
ومن حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية نص فى المادة 129 على أنه فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، وبمجرد زوال سبب الوقف يكون للخصوم تعجيل الدعوى، ويؤخذ من هذه المادة أنها وإن أجازت للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى حتى يتم الفصل فى مسألة أولية تاركة بذلك الأمر بوقف الدعوى لمطلق تقدير المحكمة حسبما تستجليه من جدية النزاع فى المسألة الأولية ولزوم البت فيها للفصل فى الدعوى، إلا أنها أناطت ذلك بأن تكون هذه المسألة الأولية لازمة للفصل فى موضوع الدعوى وأن يكون البت فيها خارجاً عن اختصاص المحكمة، فلا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى إذا توافر لديها ما يكفى للفصل فيها أو إذا كان البت فى المسألة الأولية معقوداً لها، كما أن ذات المادة وإن نصت على أن تأمر المحكمة بوقف الدعوى، إلا أنها لم تقصد إلى إضفاء صفة القرار الولائى على الأمر الصادر من المحكمة بوقف الدعوى أو إلى تجريده من طبيعته بحكم قضائى وإن صدر خلال نظر الدعوى دون أن ينهى الخصومة فيها، بدليل أن المادة (212) من ذات القانون بعد أن حظرت الطعن فى الأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، فقد استثنت أحكاماً معينة من بينها الأحكام الصادرة بوقف الدعوى، ولذا يجوز الطعن مباشرة فى الحكم الصادر بوقف الدعوى للفصل فى مسألة أولية، فالأمر الصادر بوقف الدعوى لهذا السبب هو حكم قطعى فيما تضمنه من عدم جواز الفصل فى موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه بالفصل فى المسألة الأولية، ومن هنا يحوز الحجية على نحو يمنع المحكمة التى أصدرته من العدول عنه بمعاودة النظر فى الدعوى إلى أن يبت فى المسألة الأولية، ونظراً لما يترتب على هذا الحكم القطعى من أثر بوقف الدعوى إلى أن يبت فى المسألة الأولية، فإنه يتعين أن تكون هذه المسألة مطروحة فعلاً على المحكمة المختصة، أو أن يقترن حكم الوقف بتكليف الخصم صاحب الشأن بطرحه عليها، عملاً على ألا يظل الوقف قائماً وأثره مانعاً دون معاودة السير فى الدعوى، وهو ما حدا بقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 إلى النص فى المادة 16 على أنه "إذا رفعت قضية مرفوعة أمام محكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل فى الدفع قبل الحكم فى موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إلى الدفع ميعاداً ليستصدر حكماً من الجهة المختصة، فإن لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت فى موضوع الدعوى، وإذا قصر الخصم فى استصدار حكم نهائى فى الدفع فى المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل فى الدعوى بحالتها".
ومن حيث إن قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 ينص فى المادة 117 الواردة بالباب السابع الخاص بالمخالفات الجمركية على أن "تفرض على ربابنة السفن أو قادة الطائرات ووسائل النقل الأخرى غرامة لا تقل عن عشر الضرائب الجمركية المعرضة للضياع ولا تزيد على مثلها فضلاً عن الضرائب المستحقة وذلك فى حالة النقص غير المبرر عما أدرج فى قائمة الشحن..." وواضح من هذه المادة أنها جعلت النقص غير المبرر فى البضاعة عما ورد فى قائمة الشحن مخالفة جمركية عقوبتها غرامة لا تقل عن عشر الضرائب الجمركية المعرضة للضياع ولا تزيد على مثلها فضلاً عن الضرائب المستحقة، مما يعنى أنها قد اعتبرت النقص غير المبرر بمثابة تهرب من الضرائب الجمركية على نحو تستحق معه هذه الضرائب وتفرض معه غرامة لا تقل عن عشرها ولا تزيد على مثلها، أى أن المخالفة الجمركية فى هذه الحالة منوطة بوجود نقص غير مبرر فى بضائع خاضعة للضرائب الجمركية، ولا ريب فى أن المحكمة عند رقابتها للقرار الصادر بفرض الغرامة تستطيع التحقق من أوجه مشروعيته وخاصة بالتيقن من وجود النقص ذاته وتخلف المبرر له وتعلقه ببضاعة خاضعة للضرائب الجمركية وصحة تقدير الغرامة عنه من عدمه، دون حاجة منها إلى وقف الدعوى المرفوعة بالطعن على هذا القرار وذلك بحجة مرسلة هى الفصل فى الضرائب الجمركية.
ومن حيث إنه باستقراء الوقائع السابق سردها يبين أن محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية إذ قضت صراحة فى حكمها محل الطعن بوقف الدعاوى حتى يفصل فى مسألة أولية، تكون قد قضت باختصاصها وولايتها بنظر هذه الدعاوى مع إغفال بحث مدى ولايتها واختصاصها بنظر الدعوى مما يعد قضاء ضمنياً منها بذلك، دون بيان واضح فى أسباب الحكم لما إذا كان ذلك يعد اختصاصاً أصيلاً معقوداً للمحكمة المذكورة طبقاً لقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، أم أنه اختصاص طارئ صدعت به على ظن من التزامها بالإحالة الواردة إليها من لدن المحكمة الإدارية بالإسكندرية طبقاً للمادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على خلاف ما قضى به الحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ للهيئة بالمحكمة الإدارية العليا المشكلة فى المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 24 مكرراً من قانون مجلس الدولة بجلسة 27/ 4/ 1986 والقاضى بعدم التزام محاكم مجلس الدولة بالاختصاص بالفصل فى الدعاوى المحالة إليها من جهات قضائية أخرى إذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى لها، كما تكون المحكمة بحكمها الطعين قد تجاوزت عن مرحلة البحث عن مدى قبول الدعوى مما قد يعتبر قضاء ضمنياً بقبولها دون أى ذكر للأسباب التى تفيد دون تقص حقيقى لجوانبه من حيث الصفة والمواعيد المقررة لإقامة الدعوى.
ومن حيث إنه من المسلمات أن القضاء لتحديد ولايته بالزمان والمكان والموضوع وهذه والولاية تقوم على مراعاة مبادئ وأسس من النظام العام خاصة إذا كان ذلك بين جهتى القضاء العادى والإدارى بمجلس الدولة ومن المبادئ والأصول المقررة بناءً على ذلك أن البحث من ولاية المحكمة وفى مدى اختصاصها، وبنظر النزاع والفصل فيه ينبغى أن يكون سابقاً على البحث فى شكل الدعوى أو فى موضوعها، فمن ثم يتعين البحث فى مدى ولاية واختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وذلك بغض النظر عن كون هذه الدعوى محالة من محكمة الإسكندرية الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة 30/ 4/ 1985 وذلك لأن محاكم مجلس الدولة بحسب المبادئ المطبقة فى هذا المجال لا تلتزم بالفصل فى الدعاوى المحالة إليها من جهة قضائية أخرى طبقاً لنص المادة (110) من قانون المرافعات إذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى المحدد قانوناً لمحاكم مجلس الدولة (حكم المحكمة الإدارية العليا - دائرة توحيد المبادئ الهيئة المنصوص عليها فى المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بجلسة 27/ 4/ 1986) وتلتزم محاكم مجلس الدولة بهذه المبادئ أياً كان الرأى بشأنها ما لم يتم تعديلها أو العدول عنها تأسيساً على أن ذلك يبقى صحيح حكم القانون الذى يتعين على قضاء تلك المحاكم الالتزام به تحت رقابة هذه المحكمة ما لم يلغ تشريعياً أو تعدل عنه تلك الدائرة التى قررته، وإذ لم يورد الحكم الطعين أى بيان عن الأسباب التى استند إليها لما ذهب إليه من المنطوق مقرراً ضمناً ولاية القضاء الإدارى واختصاص المحكمة بنظر النزاع على نحو ما سلف بيانه فإنه يكون قد صدر مشوباً بالقصور الشديد فى التسبيب فى جانب جوهرى عن جوانب تسبيب الأحكام يتعلق بولاية القضاء الإدارى ومدى التزامه بالدعاوى المحالة إليه من جهات القضاء العادى وخاصة لو تبين عدم اختصاصه وولايته أصلاً وهو أمر يرتبط بالنظام العام القضائى الذى حدده الدستور فى المواد المنظمة لمجلس الدولة وبغيره من أنواع المحاكم القضائية من جهة، ويهدر الأسس الصحيحة الواجبة الالتزام فى تسبيب الأحكام القضائية لتعطيله أعمال المحكمة الإدارية العليا للرقابة المقررة بها على الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة الأخرى على النحو الذى يحتمه قانون مجلس الدولة، والمبادئ والأصول العامة للتقاضى، ويعطل حسم المنازعات الإدارية فى محاكم مجلس الدولة ويعوق سرعة تحقيق العدالة الغاية المثلى من تنظيم المحاكم بجميع أنواعها فى البلاد، ومن ثم فإن هذا القصور فى التسبيب فى هذا المجال يحتم فى ذاته إلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك ينص فى المادة 32 على أنه "على ربابنة السفن أو من يمثلونهم أن يقدموا إلى مكتب الجمارك خلال أربع وعشرين ساعة من وصول السفينة على الأكثر - بدون حساب أيام العطلات الرسمية - قائمة الشحن الخاصة بالبضائع المشحونة عليها إلى الجمهورية وفق الشروط المنصوص عليها فى المادة السابقة....". كما نصت المادة (33) من ذات القانون على أنه "على ربابنة السفن أو من يمثلونهم أن يقدموا خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة السابقة كشوفاً بأسماء ركابها وبجميع المؤن الخاصة بالسفينة....". ونصت المادة (37) من هذا القانون على أن "يكون ربابنة السفن أو من يمثلونهم مسئولين عن النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها أو فى مقدار البضائع المنفرطة (الصب) إلى حين استلام البضاعة فى المخازن الجمركية أو فى المستودعات أو بمعرفة أصحاب الشأن، وترفع هذه المسئولية عن النقص فى محتويات الطرود إذا كانت قد سلمت بحالة ظاهرية سليمة يرجح معها حدوث النقص قبل الشحن، ولا تكون الجهة القائمة على إدارة المخازن أو المستودعات مسئولة عن النقص فى هذه الحالة....". وأخيراً فقد نصت المادة (117) من القانون على أن "تفرض على ربابنة السفن أو قادة الطائرات ووسائل النقل الأخرى غرامة لا تقل عن عشر الضرائب الجمركية المعرضة للضياع ولا تزيد على مثلها فضلاً عن الضرائب المستحقة وذلك فى حالة النقص غير المبرر عما أدرج فى قائمة الشحن فى عدد الطرود أو محتوياتها أو البضائع المنفرطة، أما فى حالة الزيادة غير المبررة فتفرض غرامة لا تقل عن نصف الضرائب الجمركية المقررة على البضائع الزائدة ولا تزيد على مثليها.."، وأخيراً فقد نصت المادة 119 من القانون على أن "تفرض الغرامات المنصوص عليها فى المواد السابقة بقرار مدير الجمارك المختص، ويجب أداؤها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان المخالفين بهذا القرار... وتحصل الغرامات بطريقة التضامن من الفاعلين والشركاء وذلك بطريقة الحجز الإدارى، تكون البضائع ضامنة لاستيفاء تلك الغرامات....".
ومن حيث إنه ولئن كانت الوظيفة الأساسية للوكيل البحرى هى تمثيل مجهز السفينة أو مالكها فى الميناء الذى يعمل فيه، فيقوم بتسليم البضاعة التى يتلقاها من الربان إلى المرسل إليهم ويسهر فى سبيل ذلك على حفظها، ويكون مسئولاً عن تحصيل الأجرة وملحقاتها للمجهز فى ذمة المرسل إليهم، أى أن مهمته الأساسية هى القيام بأعمال قانونية لحساب المجهز فقط فى تنفيذ عقد النقل البحرى والرابطة التى تربطه بالأخير هى فى حقيقتها وكالة عادية تنطبق عليها الأحكام العامة المقررة لعقد الوكالة فى القانون المدنى، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فإن قانون الجمارك باعتباره من القوانين المتصلة بسيادة الدولة على إقليمها سواء من الناحية المالية أو من ناحية دخول وخروج السلع ووسائل النقل المختلفة التى تحملها وتنقلها بين الدول وكذلك باعتباره قانونا ماليا يستهدف تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية على الوارد والصادر من البضائع للخزانة قد راعى فى نصوصه ضمان تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية ولذلك قرر الشارع الجمركى بموجب الأحكام التى تضمنتها النصوص السالفة فرض التزامات مصدرها المباشر قانون الجمارك المشار إليه، فأوجب على (الوكيل البحرى) شأنه شأن (الربان) تقديم قائمة الشحن إلى مكتب الجمارك خلال أجل معين، كما ألزمه بتقديم كشوف المسافرين والبيان المؤيد للبضائع الموجودة على ظهر السفينة، ونص صراحة على مسئولية الوكيل البحرى بالإضافة إلى الربان عن النقص فى عدد الطرود ومحتوياتها أو فى مقدار البضائع المنفرطة، ولا تقوم هذه المسئولية على أساس عقد الوكالة الذى يربط مجهز السفينة بوكيله البحرى، وإنما هى التزامات ذاتية مباشرة نجد مصدرها فى قانون الجمارك مباشرة الذى تضمن النصوص المشار إليها فيما تقدم والتى من مؤدى صريح نصوصها تقرير التزام مباشر على عاتق الوكيل البحرى الذى يكون مسئولاً بصفته الشخصية عن كل نقص فى الطرود أو محتوياتها - شأنه فى ذلك شأن الربان - بحيث يكون لمصلحة الجمارك أن تجرى المطالبة لأى منهما أو لكليهما ويكون كل منهما مسئولاً أمامها يبدى ما يعن له من دفاع درءاً لمسئوليته المباشرة التى قررها القانون، ومن ثم فإنه ودائماً وحسب نصوص القانون الجمركى يعد الوكيل البحرى والحالة هذه طرفاً أصيلاً فى هذه المنازعة فلا يسوغ له دفع مسئوليته بالركون إلى صفته كوكيل وفقاً لما هو مقرر قانوناً فى تكييف علاقته الخاصة بالمجهز، ذلك أن المطالبة التى توجه إليه من مصلحة الجمارك لا توجه إليه بصفته وكيلاً، وإنما بصفته أصيلاً، يقع على عاتقه التزام بسداد الرسم والغرامة، وهو التزام مقرر بنصوص خاصة فى قانون الجمارك الذى يعتبر مصدرها الوحيد أنشأ هذا الالتزام وحدد نطاقه ورسم مداه ورتب على قيامه مسئولية الوكيل البحرى بنص قانونى خاص، كما أجاز تحصيل الغرامات التى تدفع بالتضامن بين الفاعلين والشركاء عن طريق الحجز الإدارى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية من شركات القطاع العام وقد نص كل من القانون رقم 129 لسنة 1962 وكذا قرار مجلس الوزراء الصادر فى 7/ 7/ 1976 وقرار وزير النقل البحرى رقم 143 لسنة 1976 على قصر أعمال الوكالة البحرية عن السفن والبواخر الأجنبية التى تعمل وتفرغ بضائعها فى مصر على شركة الإسكندرية للتوكيلات الملاحية وذلك فيما يختص بميناء الإسكندرية، وعلى ذلك فإن صفة هذه الشركة كشركة قطاع عام فى الدعوى الماثلة وغيرها لا تتغير على الرغم من القول أنها تقيم هذه الدعوى بوصفها مجرد وكيل عن ملاك السفينة الأجنبية أو مجهزيها، لأن أعمال الوكالة البحرية هى من صميم النشاط الأساسى للشركة عهد بها إليها بوصفها شركة قطاع عام يقع على عاتقها وبوصفها وكيلة بحرية التزام قانونى ذاتى من مباشر تقيم مسئوليتها عن النقص فى عدد الطرود أو محتوياتها أو مقدار البضاعة عموماً فى مواجهة مصلحة الجمارك ووزارة المالية التابع لها، وهو التزام يجد مصدره كما سبق القول فيما ورد النص عليه فى قانون الجمارك الأمر ينبنى عليه أن تكون هذه المنازعة فى حقيقتها منازعة بين شركة من شركات القطاع العام وجهة حكومية هى مصلحة الجمارك بالإسكندرية التى يمثلها وزارة المالية.
ومن حيث إن قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 تنص المادة (56) منه على أن تفصل فى المنازعات التى تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركات قطاع عام وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين فى هذا القانون، فإنه لا يكون للقضاء الإدارى من اختصاص بنظر هذه المنازعة القائمة بين شركة من شركات القطاع العام وبين وزارة المالية (مصلحة الجمارك) وينعقد الاختصاص بنظرها لهيئات التحكيم بوزارة العدل ومن ثم لا توجد ولاية أصلاً للمحاكم سوءا العادية ومنها المحكمة التى أحالت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية كما أن لا ولاية كذلك لمحاكم مجلس الدولة ومن بينها هذه المحكمة المحال إليها بالفصل فى هذا النزاع وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف صحيح حكم القانون فضلاً عن صدوره مشوباً بالقصور فى التسبيب فى مسائل أساسية تمس النظام العام القضائى على نحو ما تقدم فإنه يتعين إلغاءه والقضاء بعدم ولاية القضاء الإدارى بنظر المنازعة وإحالتها بحالتها إلى هيئات التحكيم المختصة بوزارة العدل.
ومن حيث إنه لم يصدر حكم منه للخصومة فى هذه المنازعة فإنه يتعين إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف الدعوى حتى يفصل فى دعوى الرسوم الجمركية وبعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة وأمرت بإحالتها إلى هيئات التحكيم المختصة بوزارة العدل وأبقت الفصل فى المصروفات.