مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 437

(47)
جلسة 5 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم فتح الله نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ محمد مجدى محمد خليل ومحمد عبد الغنى حسن وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد المستشارين.

الطعن رقم 1539 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية - عوارض سير الخصومة فى الدعوى - وفاة الطاعن.
تنقضى الدعوى التأديبية إذا توفى الموظف أثناء نظر الدعوى أو أثناء نظر الطعن أمام المحكمة الادارية العليا - أساس ذلك: الاهتداء بالاصل الوارد فى المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية - إذا صدر حكم بإدانة موظف ما من المحكمة التأديبية ولم يطعن فيه إلى أن توفى فليس من حق ورثته الطعن فى هذا الحكم - أساس ذلك: الطعن فى الحكم التأديبى حق شخصى لمن صدر الحكم عليه فله أن يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته - ليس لأحد أن ينوب عنه فى ممارسة هذا الحق - طعن ورثة الموظف المحكوم عليه بمجازاته بالفصل فى الخدمة خلال الميعاد عقب وفاته بعد صدور الحكم - الحكم بعدم قبول الطعن - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس 29/ 7/ 1982 أودع الأستاذ محمود الطوخى المحامى بصفته وكيلا عن ....... نفسها وبصفتها وصية على أبنائها القصر ورثة.......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1539 لسنة 28 ق، فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 21/ 12/ 1980 فى الدعوى رقم 148 لسنة 8 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد مورثهم......... والقاضى بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها فى الطعن رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا بهيئة أخرى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9/ 11/ 1988 وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، حتى قررت بجلسة 28/ 12/ 1988 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، فنظرته بجلسة 21/ 1/ 1989، وبجلسة 10/ 11/ 1990 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 15/ 12/ 1990 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 5/ 1/ 1991 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع الموضوع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 148 لسنة 8 ق ضد..... (مورث الطاعنين) بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 6/ 11/ 1979 منطوية على تقرير باتهام المذكور بأنه خلال المدة من 1/ 9/ 1975 حتى 16/ 8/ 1978 بمديرية التربية والتعليم بمحافظة القليوبية انقطع عن العمل بدون إذن وفى غير حدود الإجازات المقررة.
ونظرت المحكمة الدعوى بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 21/ 12/ 1980 أصدرت حكمها بمجازاه المذكور بالفصل من الخدمة وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مديرية التربية والتعليم ببنها أبلغت بكتابها رقم 192 بتاريخ 11/ 1/ 1978 بانقطاع المتهم عن العمل بدون إذن اعتباراً من 1/ 9/ 1975 وأجرت النيابة الإدارية تحقيقاً فى القضية رقم 26 لسنة 1978 وفى هذا التحقيق تبين انقطاع المتهم عن عمله بدون إذن، بعد انتهاء إعارته إلى دولة الجزائر، وقد تم إنذاره على عنوانه بالجزائر فلم يحضر وأنه تم سؤال كل من..... مسئول إنهاء الخدمة بالمديرية وناظر المدرسة....... اللذين شهدا بانقطاع المتهم عن عمله دون إذن، وأن النيابة الإدارية استدعت المذكور لسماع أقواله فلم يحضر رغم إعلانه وأضافت المحكمة أنه ثبت انقطاع المتهم عن عمله دون إذن، وليس هناك ما يدل على عودته أو رغبته فى العودة إلى عمله الأمر الذى يكشف عن عزوفه عن الوظيفة وكراهيته لها وانتهت المحكمة إلى إصدار حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه ما يلى:
أولاً: بطلان الحكم المطعون فيه لبطلان تشكيل المحكمة التى أصدرته:
فالثابت من محاضر جلسات المحكمة أن المحاكمة بدأت بجلسة 18/ 5/ 1980 بتشكيل مكتمل للمحكمة وفق أحكام القانون وقد تأجلت المحكمة لجلسة 7/ 12/ 1980 لإعلان المتهم وفى هذه الجلسة الأخيرة تغير تشكيل المحكمة فأضحى حسب الثابت بمحضر الجلسة: (1) برئاسة المستشار......... رئيس المحكمة. (2) وعضوية كل من.......... المستشار المساعد.......... المستشار المساعد........ المستشار المساعد، ولم تمثل فى هذه الجلسة عضو من النيابة الإدارية، ولم يشارك فى أعمالها كاتب الجلسة وحجزت بهذه الجلسة القضية للحكم فيها بجلسة 21/ 12/ 1980 ولم يثبت بمحضر هذه الجلسة الأخير تشكيل هيئة المحكمة التى أصدرت الحكم، ولا حضور ممثل النيابة ولا كاتب الجلسة غاية الأمر أنه ورد بها منطوق الحكم مذيل بثلاثة توقيعات غير مقروءة.
والوجه الأول من أوجه الطعن أن الحكم صدر من دائرة ذات تشكيل رباعى بالمخالفة لحكم المادة (8) من قانون مجلس الدولة إذ الثابت رباعية تشكيل الهيئة التى نظرت القضية المعروضة وأن هذا التشكيل صاحب الهيئة عند نطقها بالحكم إذ لم يرد بمحضر الجلسة ما يغيره الامر الذى يستتبع بطلانا محققا فى تشكيل المحكمة يذهب بصحة الحكم المطعون فيه.
والوجه الثانى من بطلان الحكم المطعون فيه هو عدم مشاركة عضو من النيابة الإدارية فى حضور جلساتها بالمخالفة لنص المادة (8) من قانون مجلس الدولة المشار إليها، ونص المادة 22 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية.
والوجه الأخير لبطلان الحكم المطعون فيه، ما هو ثابت من عدم اشتراك الكاتب فى أعمالها والقيام بسكرتاريتها، مما يؤدى إلى بطلان الحكم طبقاً لصريح نص المادة 25 من قانون المرافعات.
ثانياً: بطلان الحكم المطعون فيه لبطلان إجراءات المحاكمة بعدم إعلان المحكوم ضده اعلانا صحيحا بالاحالة إلى المحاكمة التأديبية أو بأى من جلساتها على وجه لم تتصل المحكمة بعلمه ولا تنعقد معه الخصومة القضائية الإدارية، فالثابت أن الإعلان وجه إلى عنوان مورث الطاعنين المعلوم لجهة الإدارة فى مصر، ورغم ثبوت إقامته بالخارج طبقاً للثابت بالإجابة الواردة بمحضر الإعلان إلا أن جهة الإدارة لم تبذل أى جهد لتحرى موطن مورث الطاعنين فى الخارج رغم سهولة ذلك وإنما قامت بإعلانه مباشرة فى مواجهة النيابة العامة على أساس آخر عنوان له فى مصر، وهو لا شك إعلان باطل على مقتضى القاعدة العامة والأصول المقررة لانتفاء التحريات الكافية للاستدلال على موطن المذكور قبل الإعلان فى مواجهة النيابة العامة.
ومن حيث إنه يتعين براءة البحث فى مدى قبول الطعن الماثل، المقام من الطاعنين بصفتهم ورثة من صدر ضده الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن اختصاص المحكمة التأديبية يختلف فى طبيعته عن اختصاص القضاء الإدارى، فالأخير ينظر منازعات إدارية أياً كان نوع المنازعة وأياً كان المدعى فيها، وتنتهى الدعوى الإدارية بحكم يبين وجه الحق فى ادعاءات صاحب الشأن أما المحكمة التأديبية فهى تبحث - بناءً على طلب جهة ادعاء - ما إذا كان تصرف صدر من عامل ما يستأهل المساءلة أم لا، وتنتهى الدعوى التأديبية ببراءة العامل أو بتوقيع الجزاء عليه فالمسئولية التأديبية - شأنها فى ذلك شأن المسئولية الجنائية - مسئولية شخصية.
ومن حيث إنه لما سبق فإنه يتعين أن يكون الموظف على قيد الحياة حتى يمكن توقيع العقوبة التأديبية عليه إذا ما قضى بها، وعلى ذلك فإنه إذا توفى الموظف أثناء نظر الدعوى التأديبية أو أثناء نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فإن الدعوى التأديبية تنقضى اهتداء بالأصل الوارد فى المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية الذى يقضى بأن تنقضى الدعوى الجنائية بوفاة المتهم وذلك على عكس الحال فيما لو توفى الموظف أثناء نظر دعوى إدارية أقامها فإنه يحكم بانقطاع سير الخصومة ولأصحاب الشأن استئناف سير الدعوى ليصدر فيها حكم يبين وجه الحق فى ادعاءات الموظف المتوفى.
ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك، فإنه إذا صدر حكم بإدانة موظف ما من المحكمة التأديبية ولم يطعن فيه إلى أن توفى، فإنه ليس من حق زوجته وأبنائه (ورثته) الطعن فى هذا الحكم، ذلك أنه بافتراض صدور حكم من محكمة الطعن بإلغاء حكم المحكمة التأديبية والتصدى لبحث الموضوع من جديد، أو صدور حكم منها بإلغاء حكم المحكمة التأديبية وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية التى أصدرت الحكم الباطل لتقضى فى الدعوى من جديد بهيئة أخرى، فإن ذلك يقتضى فى الحالين وجود الموظف على قيد الحياة لأن الحكم الجديد قد يصدر بتوقيع جزاء آخر عليه أو بتأييد الجزاء الذى وقع عليه قبلاً، وإذا كان الموظف قد توفى فإنه يمتنع إعادة محاكمته وتوقيع جزاء تأديبى عليه.
ومن حيث إنه لما سبق فإن الطعن فى الحكم التأديبى حق شخص لمن صدر الحكم عليه، له أن يمارسه وألا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه فى ممارسة هذا الحق، وإذ أن الأمر كذلك وكان الطاعنون - بصفتهم ورثة من صدر الحكم المطعون فيه بمجازاته بالفصل من الخدمة يطلبون القضاء ببطلان هذا الحكم وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وكان مورثهم قد توفى فى 24/ 4/ 1982 بعد صدور الحكم مما يمتنع معه إعادة محاكمة وتوقيع جزاء تأديبى جديد عليه من المحكمة التأديبية بطنطا فيما لو قضى ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى تلك المحكمة لذا فإنه يتعين عدم قبول الطعن.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن.