مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1964 إلى أخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 1181

(108)
جلسة 7من يونيه سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ على محمد مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 2087 لسنة 6 القضائية

أ - مدة خدمة سابقة - القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - مدة عمل الطاعن السابقة في دائرة فاطمة الزهراء - لا يسوغ ضمها بموجب أحكام هذا القرار - الجهات التي تقضي فيها المدد التي يعتد بها في الضم - وردت على سبيل الحصر - القياس في حساب المدد السابقة على غيره من القرارات الجمهورية التي صدرت في شأن مسائل غير التي عالجها هذا القرار - غير سائغ - مدة عمل الطاعن بإدارة التصفية - تعتبر امتداداً لعلاقته السابقة بهذه الدائرة - عدم ضمها.
ب - مدد خدمة سابقة - المادة 4 من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - مجال تطبيقها - أن تكون الجهة التي يقضي فيها العمل السابق من بين الجهات التي حددتها المادة الأولى من هذا القرار على سبيل الحصر.
ج - دعوى - طعن - طلب المدعي ضم المدة التي قضاها ملاحظاً باليومية - اقتصاره المطالبة به في الطلب الذي قدمه لإعفائه من الرسوم القضائية - سكوته عن ذكره بعريضة دعواه ومذكراته أو إثباته بمحاضر جلسات المحكمة الإدارية - لا يقبل منه أن يثيره لأول مرة أمام المحكمة العليا في صحيفة طعنه.
1 - أن ما انتهى إليه قضاء الحكم المطعون فيه جاء سديداً إذ رفض ضم مدة عمله في دائرة فاطمة الزهراء ذلك أن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - الذي عمل به قبل رفع هذه الدعوى، ومن ثم ينطبق عليها - حدد في مادته الأولى الجهات التي تقضي فيها المدد التي يعتد بها في الضم على سبيل الحصر وهي:
المصالح الحكومية - الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحيه كانت أم إقليمية - حكومات الدول العربية - المدارس الخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم - المصاريف التي تقبل الحكومة كفالتها - الأعمال الحرة الصادرة بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة - الهيئات والمنظمات الدولية التي تشترك فيها جمهورية مصر أو تنضم إليها - المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات والشركات المساهمة المصرية الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو قرارات جمهورية.
ومن حيث أن هذا القرار هو القرار الخاص بمدد الخدمة السابقة وقد صدر تطبيقاً لأحكام - المادتين 23، 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة، ومن ثم لا يسوغ في حساب المدد السابقة القياس على غيره من القرارات الجمهورية الأخرى التي صدرت في شأن مسائل غير التي عالجها هذا القرار وإذ يبين أن دائرة فاطمة حيدر الزهراء ليست من بين الجهات التي تندرج فيما عدده القرار آنف الذكر على وجه الحصر فلا وجه إذا لضم مدد العمل بها مهما بلغ أجر الطاعن فيها إلى مدة خدمته في الدرجة التاسعة وكذلك مدة خدمته في إدارة التصفية إذ اعتبرت استمراراً لتلك التي قضاها في الدائرة وقد دعت حاجة التصفية إلى إبقائه فترة من الزمن للإفادة من خبرته ولم يصدر قرار باعتباره موظفاً عاماً ولم يعتبر كذلك بأية أداة قانونية أخرى بل كان يصرف راتبه من أموال هذه الدائرة التي وضعت تحت التصفية فهو والحالة هذه لا يعتبر موظفاً عاماً ولو كان كذلك لما أمكن الاستغناء عنه بمجرد انتهاء أعمال التصفية، وإنما يعتبر عمله في أثناء قيام أعمال التصفية امتداداً لعلاقته السابقة بتلك الدائرة.
2 - لا مقنع فيما ذكره الطاعن من أنه يفيد من نص المادة الرابعة من القرار الجمهوري الرقيم 159 لسنة 1958 سالف الذكر الذي يقول "مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات المستقلة أو الملحقة سواء كانت متصلة أو منفصلة تحسب ثلاثة أرباعها بشرطين:
الأول: ألا تقل المدة السابقة عن سنتين.
الثاني: أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة، ذلك لأنه لكي يطبق حكم هذه المادة يجب أن تكون الجهة التي يقضي فيها العمل السابق من بين الجهات التي حددتها المادة الأولى على سبيل الحصر ولو أخذ بإطلاق نص المادة الرابعة على النحو الذي يقول به الطاعن لاعتبرت أية جهة مهما كانت صالحة لحساب مدد العمل المقضي فيها ولما كان هناك مقتض بعد ذلك لتعداد جهات معينه على سبيل الحصر في المادة الأولى من هذا القرار ولكان في هذا الإطلاق تعارض ناسخ لما أوردته المادة الأولى ولا شبهة في أن هذا التفسير لم يكن داخلاً في قصد واضح الأحكام الواردة في القرار التنظيمي العام آنف الذكر.
3 - إنه بالنسبة إلى المدة التي قضاها المدعي ملاحظاً باليومية فإن هذه المحكمة ترى أن ضم هذه المدة التي اقتصر المدعي على المطالبة بها في الطلب الذي قدمه لإعفائه من الرسوم القضائية ولكن بعد أن قبل طلب إعفائه من تلك الرسوم بالنسبة لمدة معينة على سبيل الحصر كما سلف البيان لم يذكره في عريضة دعواه كما لم يضمنه مذكراته أو يثبته في محاضر جلسات المحكمة الإدارية المطعون في حكمها، ومن ثم يكون غير مقبول منه أن يثيره لأول مرة أمام هذه المحكمة في صحيفة طعنه.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 26 من يوليو سنة 1960 أودع الدكتور السيد صبري المحامي المقبول أمام هذه المحكمة بصفته وكيلاً عن السيد/ أحمد كمال محمد إسماعيل سكرتارية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقرارية بجلسة 11/ 1/ 1960 في الدعوى 544 لسنة 5 القضائية القاضي بأحقية الطاعن في أن تضم إلى مدة خدمته الحالية المدة التي قضاها في وكالة الوزارة لشئون السودان بوزارة الإرشاد القومي بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات. وطلب الطاعن اعتماداً على سبيل طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم حساب مدد خدمة الطاعن الواردة بطلباته وبأحقيته في أن تضم إلى مدة خدمته الحالية المدد الآتية:
أولاً: مدة خدمته ملاحظ ملاريا بقسم الملاريا بوزارة الصحة من يناير 1937 لغاية يناير 1941.
ثانياً: ثلاث أرباع مدة خدمته بدائرة الأميرة السابقة فاطمة الزهراء من أول أبريل سنة 1941 حتى 31 من أكتوبر سنة 1952.
ثالثاً: مدة خدمته بإدارة تصفية الأموال المصادرة من أول نوفمبر سنة 1952 حتى أول أكتوبر سنة 1954 تاريخ الاستغناء عن خدمته وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 17/ 8/ 1960 أعلن الطعن لبلدية القاهرة وعين له أولاً جلسة 13/ 4/ 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 13/ 3/ 1963 فأحالته إلى هذه المحكمة فعينت له جلسة 1/ 3/ 1964 واخطروا بها في 20/ 2/ 1964 ثم سمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد مطالعة الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذه المنازعة تجمل في أن المطعون ضده أقام دعواه طالباً الحكم باستحقاقه لضم مدة خدمته بإدارة تصفية الأموال المصادرة ووكالة الوزارة لشئون السودان ووزارة الإرشاد القومي وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الطاعنة بالمصروفات، وفي بيان هذه الدعوى ذكر أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1936 وعين في قسم الملاريا في وظيفة ملاحظ سنة 1937 وظل يشغل هذه الوظيفة حتى سنة 1941 ثم عين في خدمة دائرة السيدة فاطمة حيدر الزهراء إلى سنة 1954 ثم عين بمكافأة اعتباراً من 8/ 9/ 1955 إلى 10/ 2/ 1956 بإدارة تصفية الأموال المصادرة ووكالة الوزارة لشئون السودان ووزارة الإرشاد القومي وفي 11/ 2/ 1956 عين بالدرجة التاسعة في بلدية القاهرة وأضاف إلى ما تقدم أن أحقيته في طلب ضم مدد خدمته ثابتة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 ثم قدم لإثبات الدعوى من الأوراق ما يأتي: -
(1) شهادة إدارية مؤرخة 29/ 1/ 1956 موقع عليها من اثنين من موظفي الدولة بأنه كان يعمل ملاحظاً في قسم الملاريا خلال المدة التي ذكرها.
(2) شهادة من وزارة المالية والاقتصاد ثابت بها أنه كان يعمل في دائرة فاطمة الزهراء من أول أبريل سنة 1941 في وظيفة كاتب بمرتب شهري قدرة 385 م و22 ج ثم استمر في العمل بإدارة الأموال المصادرة إلى أول أكتوبر سنة 1954 تاريخ الاستغناء عن خدماته.
فردت الطاعنة الدعوى قائلة أن تعيينه الأول كان باليومية المؤقت، وكان أجره عشرة قروش في اليوم وبالتالي لم يكن أجره معادلاً للدرجة التاسعة التي تبدأ ب 6 جنيه شهرياً وبالتالي لا يمكن ضم هذه المدة إلى مدة خدمته في الدرجة التاسعة لأنها تفقد شرطاً جوهرياً هو وجوب تعادل الدرجة المطلوب ضمها إلى الدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها.
أما المدة الثانية التي قضاها من أول أبريل سنة 1941 إلى نهاية أكتوبر سنة 1953 فان الجهة التي قضي فيها هذه المدة لم يذكرها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وبالتالي لا يوجد سند قانوني لضم هذه المدة إلى مدة خدمته الحالية.
أما المدة الثالثة وهي من أول نوفمبر سنة 1953 حتى أول أكتوبر سنة 1954 فإن راتبه لم يكن يصرف من بند من بنود الميزانية وإنما كان يصرفه من أموال دائرة السيدة فاطمة حيدر الزهراء المصادرة وبالتالي فلا يسوغ له ضمها لأنه يكون قد أمضاها في خدمة هذه الدائرة.
أما المدتان الأخيرتان فإنه بصدد بحث طبيعة عمله فيهما وتماثل طبيعة الوظيفة القديمة مع أعمال الوظيفة الجديدة عرض الأمر على لجنة شئون الموظفين وانتهت إلى طلب رفض الدعوى.
ومن حيث إنه بتاريخ 11 من يناير سنة 1960 حكمت تلك المحكمة في الدعوى على النحو السالف ذكره وأسست قضاءها على أن المدة الأولى لا يجوز طلب ضمها لتخلف شرط فيها هو تعادل الدرجة المطلوب ضمها مع الدرجة التي أعيد التعيين فيها.
وأما عن المدة الثانية فإن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 عدد الجهات التي يجوز ضم مدد الخدمة فيها على سبيل الحصر وليس من بينها الجهة التي أمضى فيها هذه المدة وكذلك المدة الثالثة فإنها تعتبر امتداداً للمدة الثانية وقد انتهت خدمته بالاستغناء عنه بعد انتهاء أعمال التصفية وأن قيامه بأعمال التصفية لا يخلع عليه صفة الموظف العام ولا يغير من طبيعة عمله.
أما عن مدة خدمته في وكالة حكومة السودان وفي وزارة الإرشاد القومي فان شرائط ضم مدد الخدمة السابقة كما يتطلبها قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر متوافرة، ومن ثم يسوغ له طلب ضم هذه المدة بالتطبيق لنص المادة الثانية من هذا القرار.
ومن حيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية:
(1) أن أجره في المدة الأولى يعادل المرتب الشهري الذي كان مقرراً للدرجة التاسعة في ذلك الحين وقدره ثلاثة جنيهات شهرياً (كادر عام 1939) (36 ج - 72 ج) وبذلك يكون الحكم قد خالف ما نصت عليه المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958.
وبالنسبة للمدة الثانية (أول أبريل سنة 1941 - 31/ 10/ 1952) فإن الفقرة 4 من المادة الثانية من القرار آنف الذكر تقضي بحساب ثلاثة أرباع هذه المدة لتوافر جميع الشرائط التي تطلبتها تلك الفقرة.
وبالنسبة للمدة الثالثة (أول نوفمبر سنة 1952 - حتى أول أكتوبر سنة 1954) فإنه عمل خلالها بإدارة تصفية الأموال المصادرة التي تعتبر من الأشخاص الإدارية العامة ويتحقق فيها ما نصت عليه المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية الأنف الذكر.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة ارتكنت فيه إلى أسباب الحكم المطعون فيه وانتهت إلى القول بصوابه وبتخطئة أسباب الطعن وبالتالي إلى طلب تأييد ذلك الحكم ورفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرة أخيرة للرد على ما جاء في تقرير هيئة مفوضي الدولة قائلاً فيها ما يلي: -
عن المدة الأولى فإن شرط التعادل موجود لا يقدح في ذلك رفع ربط الدرجة التاسعة بعد كادر سنة 1939 لأن القرار الجمهوري آنف الذكر لا يشترط لجواز الضم إلا أن يكون الموظف قد أعيد تعيينه في درجة معادلة للدرجة التي كان يعمل بها.
أما عن مدة عمله بدائرة فاطمة الزهراء ومن بعدها بإدارة التصفية فإن نقله إلى إدارة التصفية يكسبه حقاً في اعتبار المدة كلها كأنها قضيت في عمل حكومي مثله في ذلك مثل المدرس في التعليم الحر الذي ضمت مدرسته إلى وزارة التربية والتعليم فتصبح المدة التي قضاها في مدرسته الأولى مثل مدته التي قضاها في مدارس الحكومة دون أن يفقد شيئاً، ويؤكد هذا النظر ما جاء في قرار رئيس الجمهورية رقم 1338 لسنة 1959 في شأن ضم فئات من الموظفين إلى صندوق التامين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين خاصة وأن طبيعة عمله في الدائرة وفي إدارة التصفية تماثل طبيعة عمله الحالي، ومن ثم يحق له أن يطالب بضم ثلاثة أرباع هذه المدة ومما يؤيد وجهة النظر هذه قرار رئيس الجمهورية رقم 92 لسنة 1961 إذ قضى بأن موظفي الزراعات التي صودرت ممن انتفعوا بأحكام القرار الجمهوري رقم 1338 لسنة 1959 تحسب لهم مدة خدماتهم في المعاش سواء قضيت في وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو بمربوط ثابت أو بمكافأة في الحكومة أو في الهيئات ذات الميزانيات المستقلة أو في الخاصة الملكية السابقة أو الأوقاف الخصوصية وقد كان هدف المشرع توفير الرعاية لهؤلاء وقد تأثرت مراكزهم الوظيفية بإجراءات الاستيلاء على أموال محمد علي وإسناد أموالها إلى الإصلاح الزراعي ثم انتهى في خاتمتها إلى التصميم على الطلبات الواردة في صحيفة الطعن.
ومن حيث إنه يبين من وقائع هذه الدعوى أن المطعون ضده قدم طلب معافاة من الرسوم القضائية ذكر فيها أن له مدد خدمة سابقة عددها فيه فصدرت قرار مفوض الدولة بقبول الطلب بالنسبة لضم مدة خدمته بإدارة تصفية الأموال المصادرة ووكالة الوزارة لشئون السودان ووزارة الإرشاد القومي من بين هذه الطلبات فأقام دعواه بصحيفتها المودعة في 23/ 9/ 1959 وفيها حدد طلباته باستحقاقه لضم مدة خدمته بإدارة تصفية الأموال المصادرة ووكالة الوزارة لشئون السودان ووزارة الإرشاد القومي ولم يذكر شيئاً عن مدته السابقة في وزارة الصحة وقد صدر الحكم في هذه الطلبات عن المدد المراد ضمها وهي المدة من أول أبريل سنة 1941 حتى سبتمبر سنة 1954 بإدارة تصفية الأموال المصادرة والمدة من 8/ 9/ 1955 حتى 10/ 2/ 1956 بوكالة الوزارة لشئون السودان إلى مدة خدمته ببلدية القاهرة.
ومن حيث إن ما انتهى إليه قضاء الحكم المطعون فيه جاء سديداً إذ رفض ضم مدة عمله في دائرة فاطمة الزهراء ذلك أن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 الذي عمل به قبل رفع هذه الدعوى، ومن ثم ينطبق عليها قد حدد في مادته الأولى الجهات التي تقضي فيها المدد التي يعتد بها في الضم على سبيل الحصر وهي: المصالح الحكومية - الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحيه كانت أم إقليمية - حكومات الدول العربية - المدارس الخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم - المصارف التي تقبل الحكومة كفالتها - الأعمال الحرة الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة - الهيئات والمنظمات الدولية التي تشترك فيها جمهورية مصر أو تنضم إليها - المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات والشركات المساهمة المصرية الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم جمهورية.
ومن حيث إن هذا القرار هو القرار الخاص بمدد الخدمة السابقة وقد صدر تطبيقاً لأحكام - المادتين 23، 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة، ومن ثم لا يسوغ في حساب المدد السابقة القياس على غيره من القرارات الجمهورية الأخرى التي صدرت في شأن مسائل غير التي عالجها هذا القرار وإذ يبين أن دائرة فاطمة حيدر الزهراء ليست من بين الجهات التي تندرج فيما عدده القرار آنف الذكر على وجه الحصر فلا وجه إذا لضم مدد العمل بها مهما بلغ أجر الطاعن فيها إلى مدة خدمته في الدرجة التاسعة وكذلك مدة خدمته في إدارة التصفية إذ اعتبرت استمراراً لتلك التي قضاها في الدائرة وقد دعت حاجة التصفية إلى إبقائه فترة من الزمن للإفادة من خبرته ولم يصدر قرار باعتباره موظفاً عاماً ولم يعتبر كذلك بأية أداة قانونية أخرى بل كان يصرف راتبه من أموال هذه الدائرة التي وضعت تحت التصفية فهو والحالة هذه لا يعتبر موظفاً عاماً ولو كان كذلك لما أمكن الاستغناء عنه بمجرد انتهاء أعمال التصفية، وإنما يعتبر عمله في أثناء قيام أعمال التصفية امتداداً لعلاقته السابقة بتلك الدائرة ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على صواب في هذا الصدد ولا مقنع فيما ذكره الطاعن من أنه يفيد من نص المادة الرابعة من القرار الجمهوري الرقيم 159 لسنة 1958 سالف الذكر الذي يقول: "مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانية المستقلة أو الملحقة سواء كانت متصلة أو منفصلة تحسب ثلاثة أرباعها بشرطين:
الأول: ألا تقل المدة السابقة عن سنتين.
الثاني: أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة، ذلك لأنه لكي يطبق حكم هذه المادة أن تكون الجهة التي يقضي فيها العمل السابق من بين الجهات التي حددتها المادة الأولى على سبيل الحصر ولو أخذ بإطلاق نص المادة الرابعة على النحو الذي يقول به الطاعن لاعتبرت أية جهة مهما كانت صالحة لحساب مدد العمل المقضي فيها ولما كان هناك مقتض بعد ذلك لتعدد جهات معينة على سبيل الحصر في المادة الأولى من هذا القرار ولكان في هذا الإطلاق تعارض ناسخ لما أوردته المادة الأولى
ولا شبهة في أن هذا التفسير لم يكن داخلاً في قصد واضح الأحكام الواردة في القرار التنظيمي العام آنف الذكر.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدة التي قضاها المدعي ملاحظاً باليومية فإن هذه المحكمة ترى أن ضم هذه المدة قد اقتصر المدعي على المطالبة بها في الطلب الذي قدمه لإعفائه من الرسوم القضائية ولكنه بعد أن قبل طلب إعفائه من تلك الرسوم بالنسبة لمدد معينة على سبيل الحصر كما سلف البيان لم يذكره في عريضة دعواه أو بضمه مذكراته أو يثبته في محاضر جلسات المحكمة الإدارية المطعون في حكمها، ومن ثم يكون غير مقبول منه أن يثيره لأول مرة أمام هذه المحكمة في صحيفة طعنه.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصاب وجه الحق فيما استجاب له من طلبات الطاعن وفيما رفضه منها للأسباب التي ذكرها، ومن ثم يتعين تأييده ويكون الطعن عليه على غير أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد أصابه الخسر في طعنه، ومن ثم يحمل عبء مصروفاته وذلك إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بالمصروفات.