مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1964 إلى أخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 1258

(118)
جلسة 14 من يونيه سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين

القضية رقم 162 لسنة 8 القضائية

أ - كادر العمال - ترقية - صدور قرار بترقية العامل - صحته ولو لم يؤد الامتحان اللازم أمام اللجنة قبل الترقية - أساس ذلك.
ب - كادر العمال - تعيين - صدور قرار بتعيين العامل دون تأدية الامتحان اللازم أمام اللجنة الفنية - اعتباره قراراً باطلاً قابلاً للإلغاء أو السحب خلال الميعاد المقرر وإلا أصبح حصيناً من الإلغاء أو السحب - أساس ذلك.
1 - أن القرار الصادر بترقية المدعي إلى وظيفة ميكانيكي وهو الذي سحبته الإدارة بعد ذلك إن صح اعتباره قراراً بالترقية كما جاء بأوراق ملف خدمة المدعي فإنه يكون قد صدر صحيحاً ولا يعيبه في هذا الخصوص عدم تأدية المدعي للامتحان أمام اللجنة الفنية قبل ترقيته، لأن الترقية تقوم مقام الامتحان اعتباراً بأن كليهما يثبت صلاحية العامل للدرجة المرقى إليها وذلك بالتطبيق لما جاء بكتاب وزارة المالية رقم 234 - 9/ 53 الصادر في 17 من يوليه سنة 1952 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من يونيه سنة 1952 بالرد على استفسارات بعض الوزارات والمصالح في شأن كتاب وزارة المالية رقم ف 234/ 53 المؤرخ 26 من فبراير سنة 1951 بشأن تطبيق كشوف حرف ب على عمال اليومية الذين عينوا بعد 1/ 5/ 1945 وهو ما ينطبق تماماً على وضع المدعي.
2 - إذا اعتبر قرار تقليد المدعي وظيفة ميكانيكي قرار بالتعيين فإنه كان يتعين على المدعي أن يؤدي الاختبار أمام اللجنة الفنية التي يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص.
ومن حيث إن قصارى ما يمكن أن يترتب على تخلف شرط تأدية الامتحان أمام اللجنة المذكورة هو فقدان قرار تعيين المدعي لشرط من شروط صحته وصدوره ومن ثم مخالفاً للقانون مما يجعله قابلاً للإلغاء أو السحب بحسب الأحوال وما دامت الإدارة لم تسحب هذا القرار في الميعاد القانوني ومدته ستون يوماً من تاريخ صدوره فإنه يصبح حصيناً من أمر الرجوع فيه من جانب مصدر القرار ومن ثم يجب أن تترتب عليه آثاره القانونية ومن ضمنها استحقاق المدعي لأجر الوظيفة التي عين عليها. فإذا كانت الإدارة رغم تحصن القرار الصادر منها في 3 من سبتمبر سنة 1951 قد سحبته في أول فبراير سنة 1959 فإن قرارها هذا يكون مخالفاً للقانون. ومن ثم حقيقاً بالإلغاء.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4 من يناير سنة 1962 أودع السيد/ رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1961 في الدعوى رقم 141 لسنة 7 القضائية المقامة من كامل عبد المجيد أبو السعود ضد وزارة الأشغال القاضي بإلغاء القرار الصادر في 1/ 2/ 1959 بسحب قرار تعيين المدعي في درجة ميكانيكي والصادر في 3/ 9/ 1951 وما يترتب على ذلك من آثار. وطلب السيد/ رئيس إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن هذا الطعن إلى المدعي في 21 من يناير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من أكتوبر سنة 1963 وأخطرت الحكومة والمدعي في 24 من يوليه سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 8 من مارس سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 141 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بعريضة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 5 من ديسمبر سنة 1959 وذكر فيها أنه عين بتاريخ 1/ 4/ 1941 في مهنة زيات وبتاريخ 2/ 1/ 1951 اختبر في مهنة ميكانيكي وقام بأعمالها في 13/ 1/ 1951 ثم نقل بالترقية لهذه المهنة في 3/ 8/ 1953 ومنح أجراً يومياً 300 مليم في الدرجة (200 - 500) اعتباراً من هذا التاريخ، وتدرج أجره بالعلاوات حتى وصل إلى 360 مليما في 2/ 2/ 1958 - وبتاريخ 1/ 2/ 1959 قامت الإدارة بسحب قرراها القاضي بترقيته لمهنة ميكانيكي مع إعادة تسوية حالته في مهنة زيات واستقطعت من أجره المبالغ التي صرفها بالتسوية الأولى اعتباراً من 10/ 6/ 1951. وقد تظلم المدعي للسيد/ وزير الأشغال من القرار في 1/ 2/ 1959 كما تظلم إلى السيد/ مفوض الوزارة في 5/ 3/ 1959 وقيد تظلمه تحت رقم 120 ملف 22 - 11 - ولم يصله رد على تظلمه - وأضاف المدعي أن نقله لوظيفة ميكانيكي في 3/ 8/ 1953 ووضعه في درجة صانع دقيق (300 - 500 م) ببدايتها يعتبر نقلاً نوعياً بمثابة تعيين جديد في هذه المهنة وقد ظل هذا التعيين قائماً حتى 31/ 1/ 1959 ومن ثم يكون قد نشأ له حق ومركز شخصي لا يجوز المساس به إذ أن القرارات الفردية لا يجوز سحبها ولو كانت معيبة الإخلال الستين يوماً التالية لتاريخ صدورها ومتى انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله، وعلى هذا استقر القضاء الإداري. وعلى هذا يكون القرار المطعون فيه والصادر في 1/ 2/ 1959 بسحب ترقيته مخالفاً للقانون. ولا اعتداد بما تدعيه الإدارة من أن القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 بنقله إلى ميكانيكي هو بمثابة تعيين جديد مخالف للقانون إذ أن هذا القرار اكتسب حصانة بمضي ستين يوماً عليه وأصبح في مأمن من السحب والإلغاء ولا اعتداد كذلك بأن التعيين كان محظوراً إذ أن الحظر رفع وظل شاغلاً وظيفته بعد إلغاء الحظر مدة تزيد على ستين يوماً وبالتالي لا يجوز المساس به كما أنه لا يمكن القول بأن القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 قرار تسوية ويجوز للإدارة سحبه في أي وقت لأن حقه تقرر بمقتضى قرار إداري فردي أكسبه مركزاً قانونياً خاصاً، ولما كانت الحالة هذه فإن القرار الصادر في 1/ 2/ 1959 بسحب القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 بنقل المدعي لوظيفة ميكانيكي بأجر 300 مليم في الدرجة (300 - 500) يكون مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء. وقد ردت وزارة الأشغال على الدعوى بمذكرة مؤرخة 13/ 11/ 1960 جاء فيها أن المدعي عين بتاريخ 1/ 4/ 1941 بوظيفة زيات بأجر يومي 130 مليماً ثم صدر في 2/ 9/ 1951 الأمر الإداري رقم 4006 بترقيته إلى وظيفة ميكانيكي في الدرجة (240 - 360) بأجر يومي 205 مليماً بعد منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها وذلك اعتباراً من 1/ 9/ 1951 وطبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12/ 8/ 1951 عدلت أجرته إلى 300 مليم في الدرجة (300 - 500) وصرف إليه الأجر المعدل من 1/ 6/ 1953. وقد اعترضت الوزارة على الإجراء الذي اتبع مع المدعي بكتابها المؤرخ 15/ 7/ 1958 والمتضمن أن ترقيته على النحو السابق بيانه يعتبر مخالفاً لقواعد كادر العمال إذ أن العامل العادي إذا رقى رئيساً للعمال العاديين أو نقل لوظيفة مساعد صانع يمنح علاوة الترقية ويتخذ تاريخ نقله إلى مساعد صانع أساساً لحساب المدة التي يجاوز ترقيته بعدها إلى درجة صانع وفي حالة ما إذا اعتبر وضع المدعي على درجة ميكانيكي في الدرجة (300 - 500) تعييناً جديداً فيها فإن التعيينات كانت موقوفة إذ ذاك بقرار مجلس الوزراء الصادر في 1/ 7/ 1951 وبناء على هذا سحب قرار الترقية الصادر بالأمر رقم 4006 في 2/ 9/ 1951 والمتضمن ترقية المدعي إلى وظيفة ميكانيكي وأعيد إلى حالته الأولى وفي وظيفة زيات (140 - 300 مليم)
وأعيد تدرج أجره بالعلاوات حسب كادر العمال مع عدم تحصيل المبالغ التي صرفت إليه نتيجة الترقية المسحوبة - وانتهت الوزارة إلى عدم قيام الدعوى على أساس سليم من القانون وطلبت رفضها. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه للأسباب التي أوردها به إلى أنه يرى إلغاء القرار الصادر في 1/ 2/ 1959 والقاضي بسحب قرار تعيين المدعي في درجة ميكانيكي الصادر في 3/ 9/ 1951 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات.
وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 1/ 2/ 1959 بسحب قرار تعيين المدعي في درجة ميكانيكي والصادر في 3/ 9/ 1951 وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 بوضع المدعي في مهنة ميكانيكي هو تعيين جديد له في هذه الوظيفة بدرجتها من تاريخ نفاذه أي من 2/ 9/ 1951 وقد أنشأ له هذا التعيين الجديد مركزاً قانونياً ذاتياً منبت الصلة بخدمته السابقة في درجة عامل عادي بمهنة زيات. وأن هذا التعيين الجديد يوجه إليه عيبان هما: - أولاً - أنه صدر في ظل قرار مجلس الوزراء الصادر في 7/ 1/ 1951 الذي يقضي بوقف التعيين بتاتاً في الوظائف الكتابية ووظائف الخدمة السايرة وعمال اليومية الخالية حالياً والتي تخلو مستقبلاً، وذلك من تاريخ موافقة مجلس الوزراء حتى آخر يونيه سنة 1952. ثانياً: - أن المدعي لم يختبر في المهنة الجديدة (ميكانيكي) اختباراً فنياً أمام لجنة فنية مشكلة بقرار وزاري إذ اكتفى بما قرره المهندس الذي كان يعمل المدعي تحت إشرافه من صلاحيته للعمل. والامتحان شرط من شرائط التعيين في المهنة الفنية كالمهنة التي عين فيها المدعي وذلك بصريح نص البند سابعاً (التعيينات) من كتاب المالية الدوري رقم ف 2341 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 إذ نص على أنه "لا يعين عامل من الخارج إلا بعد اجتيازه امتحاناً أمام لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص وتحدد هذه اللجنة وظيفته ودرجته" واستطرد الحكم يناقش هذين العيبين فقال: عن العيب الأول أن مجلس الوزراء بعد أن أصدر قراراه في 7/ 1/ 1951 بوقف التعيين عاد فأصدر في 25/ 3/ 1951 قراراً آخر بتفويض وزارة المالية سلطة الاستثناء من قرار 7/ 1/ 1951 وذلك في الحالات التي تراها. وتنفيذاً لهذا التفويض وافقت وزارة المالية في مايو سنة 1951 بكتاب مستخدمي الحكومة إلى سكرتير مالي وزارة الأشغال رقم ف 234 - 1/ 182 م 6 - على طلب وزارة الأشغال استثناءها من قرار وقف التعيين في وظائف مختلفة منها وظيفة "ميكانيكي" التي عين فيها المدعي - ومن ثم ينتفي هذا التعييب وينهار ما استندت إليه الوزارة من بطلان القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 - وقال عن العيب الثاني أن عدم تحقق شرط الاختبار ليس مخالفاً للقانون بدرجة يتعذر معها القول بأنه يعتبر تطبيقاً لقانون أو لائحة وليس عيباً جسيماً ولم يقع على الإدارة أو المحل أو السبب في القرار الإداري، وعلى ذلك فإن القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 لا يعتبر معدوماً بل هو قرار باطل، ومن ثم لا يجوز للإدارة سحبه إلا خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره. ولما كان قد مضي على صدوره هذا القرار زهاء تسع سنوات واستقر مركز المدعي القانوني فإن القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 1/ 2/ 1959 بسحب قرار تعيين المدعي يكون مشوباً بعيب مخالفته للقانون ويتعين الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار. وقد طعن السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 4 من يناير سنة 1962 طلب فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. واستند في أسباب طعنه إلى أن المدعي عند تعيينه في وظيفة ميكانيكي بالقرار الصادر في 3/ 9/ 1951 لم يؤد الاختبار الفني الذي نص عليه كادر العمال. فقد نص البند (سابعاً) من كتاب المالية الدوري رقم 234/ 9/ 53 الصادر في 16/ 10/ 1945 على أنه "لا يعين عامل من الخارج إلا بعد اجتيازه امتحاناً أمام لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص وتحدد هذه اللجنة وظيفته ودرجته" - وأن تخلف شرط الاختبار أمام اللجنة يعد عيباً جوهرياً مبطلاً لقرار تعيين المدعي لدرجة تصل به إلى حد الانعدام وذلك لأن المشرع قد خول لجنة الامتحان سلطة الحكم على صلاحية العامل للمهنة المرشح بها وتقدير الدرجة التي يستحقها، ومن ثم فإن مصدر القرار المطعون فيه يعد مغتصباً للسلطة التي منحها المشرع للجنة الامتحان وإذا كان يترتب على انعدام القرار الإداري حق جهة الإدارة في سحبه في أي وقت تشاء دون التقيد بالنطاق الزمني المقرر لسحب القرارات الإدارية الباطلة أي المشوبة بعيب يسير لا يصل بالقرار إلى درجة الانعدام وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين الطعن فيه - وقد أوع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ذكر فيه أن القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 بتعيين المطعون ضده في وظيفة ميكانيكي لا ينطوي على غضب لسلطة جهة أخرى بالمعنى المفهوم لنظرية غضب السلطة، لأن هذا القرار صدر من الجهة المختصة بإصداره قانوناً وهي المفتش العام لري الصحارى ولا ينطوي على اغتصاب لسلطة لجنة الامتحان إذ أن هذه اللجنة ليس من اختصاصها التعيين بل إن أعضاءها مرؤوسين لمصدر القرار، ومن ثم يكون من المتعذر القول بانعدامه وفقاً لنظرية غضب السلطة وأنه غاية ما هنالك أنه يشوب القرار عيب مخالفة القانون لأن المطعون ضده لم يستوف شرط النجاح في الامتحان اللازم للتعيين وأن هذا العيب لم يبلغ درجة من الجسامة تجعل القرار منعدماً، ومن ثم يظل القرار قائماً وواجب النفاذ محدثاً لكافة آثاره القانونية ما دام لم يقض بإلغائه أو يتم سحبه في الميعاد القانوني. وانتهى السيد مفوض الدولة إلى أنه يرى قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع رفض الطعن مع إلزام الوزارة الطاعنة بالمصروفات والأتعاب.
ومن حيث إن القرار الصادر في 3/ 9/ 1951 بالأمر الإداري رقم 4006 بترقية المدعي إلى وظيفة ميكانيكي - وهذا القرار الذي سحبته الإدارة بتاريخ 1/ 2/ 1959 أن صح اعتباره قراراً بالترقية كما جاء بأوراق ملف خدمة المدعي فإنه يكون قد صدر صحيحاً ولا يعيبه في هذا الخصوص عدم تأدية المدعي للامتحان أمام اللجنة الفنية قبل ترقيته لأن الترقية تقوم مقام الامتحان اعتباراً بأن كليهما يثبت صلاحية العامل للدرجة المرقى إليها وذلك بالتطبيق لما جاء بكتاب وزارة المالية رقم 234 - 9/ 53 الصادر في 17 من يوليه سنة 1952 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من يونيه سنة 1952 بالرد على استفسارات بعض الوزارات والمصالح في شأن كتاب وزارة المالية رقم ف 234/ 53 المؤرخ 26 من فبراير سنة 1951 بشأن تطبيق كشوف (حرف ب) على عمال اليومية الذين عينوا بعد 1/ 5/ 1945 وهو ما ينطبق تماماً على وضع المدعي. أما إذا اعتبر قرار تقليد المدعي وظيفة ميكانيكي قراراً بالتعيين كما وصفه الحكم المطعون فيه والطعن المقدم من إدارة قضايا الحكومة فإنه كان يتعين على المدعي أن يؤدي الاختبار أمام اللجنة الفنية التي يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص.
ومن حيث إن قصارى ما يمكن أن يترتب على تخلف شرط تأدية الامتحان أمام اللجنة المذكورة هو فقدان قرار تعيين المدعي لشرط من شروط صحته وصدوره، ومن ثم مخالفاً للقانون مما يجعله قابلاً للإلغاء أو السحب بحسب الأحوال، وما دامت الإدارة لم تسحب هذا القرار في الميعاد القانوني ومدته ستون يوماً من تاريخ صدوره فإنه يصبح حصيناً من أمر الرجوع فيه من جانب مصدر القرار ومن ثم يجب أن تترتب عليه آثاره القانونية ومن ضمنها استحقاق المدعي لأجر الوظيفة التي عين عليها. فإذا كانت الإدارة رغم تحصن القرار الصادر منها في 3 من سبتمبر سنة 1951 قد سحبته في أول فبراير سنة 1959 فإن قرارها هذا يكون مخالفاً للقانون، ومن ثم حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم محل هذا الطعن قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء القرار الصادر في 1/ 2/ 1959 بسحب قرار تعيين المدعي والصادر في 3/ 9/ 1951 وما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بالمصروفات.