مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1964 إلى أخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 1265

(119)
جلسة 21 من يونيه سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور/ محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضيتان رقما 1531 و1532 لسنة 6 القضائية

( أ ) حكم - حكم الإلغاء - الحجية المطلقة التي تتسم بها أحكام الإلغاء - ليس من مقتضياتها هدم قاعدة الأثر النسبي للأحكام عامة وامتناع انتفاع الغير بها - توفيق القضاء الإداري بين هذين المبدأين - جواز تمسك الغير بالآثار القانونية المترتبة لزاماً على الإلغاء وبالأوضاع الواقعية والتي لها ارتباط وثيق بالمراكز الملغاة في طلب إلغاء قرار آخر - مثال.
(ب) حكم - حكم الإلغاء - إلغاء أحد القرارات الصادرة بتخطي أحد الموظفين في الترقية - اعتبار ترقيته اللاحقة راجعة إلى تاريخ القرار الملغي تنفيذاً لحكم الإلغاء - لا يترتب عليه بالضرورة ترقية من يليه في الأقدمية من تاريخ القرار اللاحق ما دام لم يطعن في هذا القرار - مثال.
(جـ) دعوى الإلغاء - رفع دعوى الإلغاء طعناً في قرار ترقية لا يترتب عليه اعتبار درجة الموظف المطعون في ترقيته خالية - أساس ذلك
1) ليس من مقتضيات قاعدة الحجية المطلقة التي تتسم بها أحكام الإلغاء أن تهدم قاعدة أخرى أصيلة وهي قاعدة الأثر النسبي للأحكام عامة وامتناع انتفاع الإغيار - كمبدأ عام بآثار هذه الأحكام، إذ تقتصر الاستفادة من نتائج الإلغاء المباشر على من أقام دعوى الإلغاء في الميعاد، دون من تقاعس عن إقامتها تهاوناً أو تهيباً، ذلك أن تفويت ميعاد الطعن بالإلغاء وثيق الصلة بمبدأ استقرار المراكز الإدارية، ومع ذلك فقد حاول القضاء الإداري جاهداً التوفيق والملائمة بين التزام هذه النسبية بقصر آثار الحكم على طرفي الخصومة وبين الحرص على احترام تلك الحجية المطلقة، فجعل هذه الحجية واضحة في الآثار القانونية المترتبة لزاماً على الإلغاء، وفي الأوضاع الواقعية التي لها ارتباط وثيق وآصرة أكيدة بالمراكز الملغاة، فالآثار الواقعية التي تنشأ عن أحكام الإلغاء يجوز بحكم ترتبها الحتمي ولزومها العقلي أن يتمسك بها أولو الشأن في طلب إلغاء قرار آخر ما دامت هذه النتائج المحتمة يتعين على الإدارة احترامها بل إنفاذها من تلقاء نفسها نتيجة لحكم الإلغاء وعلى هذا يكون من حق المطعون عليه - وترتيبه في كشف الأقدمية السادس - أن يجابه الإدارة بلزوم استبعاد أحد الموظفين من مضمار التزاحم على الترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار رقم 142 الصادر في 31 من يناير سنة 1956، اعتباراً بأنه بعد نجاح هذا الموظف في الطعن على قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 قد أصبح مرقى إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من هذا التاريخ، ولا يتحدى تبريراً لقيام هذا التزاحم بأن المطعون عليه لم يطعن في قرار 21 من نوفمبر 1954، لأنه لا يتمسك بمؤدى حكم إلغاء هذا القرار المزية تعود علنه شخصياً، ولا لترقية يدعيها من وراء إلغاء هذا القرار بالذات وإنما قصارى ما يطلبه هو أنه يقتضي الإدارة أن تسلم له بواقع مادي يترتب حتماً على حكم الإلغاء ويفيد منه في خصوص طلب إلغاء قرار 31 من يناير سنة 1956 الذي طعن عليه في الميعاد، ومحصل هذا الواقع أن الموظف المذكور لا ينبغي أن يتزاحم معه في الترقية إلى إحدى الدرجات الخامسة على أساس الأقدمية بعد أن استحق الترقية إلى الدرجة الخامسة قبل ذلك بموجب القرار رقم 1193، الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954 حسبما كشف عن هذا الاستحقاق من هذا التاريخ الحكم الصادر بإلغاء هذا القرار في 15 من أبريل سنة 1957، ويترتب على هذا أن يستحق المطعون عليه الترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب قرار 31 من يناير سنة 1956 في نطاق ما أتاحه له ترتيبه في كشف أقدميات موظفي الدرجة السادسة.
2) لا وجه للقول بأن نتائج حكم إلغاء قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 وقد أفضت إلى لزوم اعتبار الموظف ( أ ) المرقى بقرار 31 من أغسطس سنة 1955 مرقى بالقرار رقم 1193 الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954، تستتبع بالضرورة استحقاق من يليه في ترتيب الأقدمية وهو الموظف (ب) للترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار الوزاري الصادر في 31 من أغسطس سنة 1955، ومن ثم استبعاده من مضمار التزاحم مع (جـ) على الترقية بموجب قرار 31 من يناير سنة 1956، لا وجه لهذا التسلسل المزعوم ما دام الثابت من الأوراق أن الموظف (ب) لم يطعن بالإلغاء في قرار 31 من أغسطس سنة 1955، ومن ثم لا يستحق تلقائيا الترقية بموجب قرار إداري لم يطعن فيه كما لم يطعن البتة في قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن ترقيته بالقرار المذكور، ومن ثم لا يستحق تلقائياً أن يرقى بموجب قرار لم يطعن فيه.
3) إذا كان استمرار الصرف براتب اثنين من الموظفين على درجتين من الدرجات لقسم الملاحة الجوية، هو استصحاب لآثار الوضع الناشئ عن قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 المطعون فيه آنذاك وهو القرار الذي رقى بموجبه هذان المهندسان بغير حق على هاتين الدرجتين، ولا يصح اعتبار استمرار حبس تينك الدرجتين غير حائل دون شغورهما وضرورة الترقية إليهما بموجب القرار رقم 142 الصادر في 31 من يناير سنة 1956، ذلك أن الإدارة ما كان ينبغي لها أن تعتبر هاتين الدرجتين شاغرتين عند صدور هذا القرار حتى يصح القول بإمكان الترقية إليهما ومما يؤكد ذلك أن دعوى إلغاء قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 لا يخلو الحال في شأنها من فرضين إما أن ينكشف مصيرها عن إلغاء القرار المشار إليه لصالح من أقام الدعوى وفي هذه الحال يستحق الدرجتين رافعاً الدعوى اعتباراً من تاريخ القرار الملغي مما يمتنع معه اعتبارهما شاغرتين قبيل صدور قرار 31 من يناير سنة 1956، وإما أن تسفر الخصومة عن رفض طلب الإلغاء وفي هذه الحال يستمر شغل الدرجتين كما كانتا من قبل، وعلى كلا الفرضين لا محل للنعي على الإدارة لأنها امتنعت بغير حق عن إجراء الترقية إلى هاتين الدرجتين لأنهما ما كانتا على حال غير شاغرتين فعلاً.


إجراءات الطعن

في 14 من مايو سنة 1960 أودع السيد النائب عن إدارة قضايا الحكومة سكرتارية المحكمة عريضتي طعنين أمام هذه المحكمة قيدا بجدولها تحت رقمي 1531، 1532 لسنة 6 القضائية في الحكمين الصادرين من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 14 من مارس سنة 1960 في الدعويين المقامتين من السيدين/ حسين محمد الجبرتي وأحمد زكي عطية ضد وزارة الحربية والقاضين كليهما "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الفنية راجعة إلى 31 من يناير سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب السيد النائب عن إدارة القضايا للأسباب التي استند إليها في صحيفتي طعنه في الحكمين المشار إليهما قبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكمين المطعون فيهما ورفض دعوى المطعون ضدهما مع إلزامهما بالمصاريف والأتعاب. وقد أعلن الطعنان إلى كل من حسين الجبرتي وأحمد زكي عطية على التوالي في 26 من ديسمبر سنة 1960 و22 من نوفمبر سنة 1960. وفي أول يناير سنة 1962 أبلغ الخصوم بجلسة 28 من يناير سنة 1962 التي حددت لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون التي أحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظرهما أمامها جلسة 2 من ديسمبر سنة 1962. وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجات النطق بالحكم في الطعنين إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات. وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما السيدين أحمد زكي عطية وحسنين محمد الجبرتي أقاما الدعويين رقمي 28، 27 لسنة 5 القضائية ضد وزارة الموصلات أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بإيداع صحيفتي الدعوى سكرتيرية المحكمة المذكورة في تاريخي 16 من يوليه و29 من يوليه سنة 1956 طالبان الحكم باعتبار أقدميتهما في الدرجة الخامسة راجعة إلى 31 من يناير سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
وقالا شرحاً لدعواهما أنه قد صدر بتاريخ 31 من يناير سنة 1956 القراران رقما 142، 143 وقد تظلما منهما في 19 من مارس سنة 1956 وفي 3 من أبريل سنة 1956 ولما لم تجب الوزارة على تظلمها خلال ميعاد الستين يوماً أقاما هذه الدعوى وقد استندا إلى أن مصلحة الطيران المدني حجزت درجتين بالكادر الفني المتوسط والمخصصتين لوظائف قسم الملاحة وشغلتهما بمهندسين من الأقسام الهندسية بتلك المصلحة وهذا إجراء باطل مخالف لقانون الميزانية وللمادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقد ترتب على ذلك حرمان موظفي الملاحة من درجتين من الدرجات الخامسة والوضع الصحيح أنه كان يجب أن تكون هنالك تسع درجات خامسة خالية بأقسام الملاحة الجوية تشغل منها سبع درجات بالأقدمية ودرجتان بالاختبار وأن ترتيب المدعي الأول السيد/ أحمد زكي عطية في الأقدمية السادس أما الثاني فيليه في ترتيب الأقدمية وقالا أنهما رقيا إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار 381 في 5 من أبريل سنة 1956 إلى الدرجة الخامسة وأنهما لذلك يطلبان إرجاع أقدميتهما إلى تاريخ 31 من يناير سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد ردت مصلحة الطيران المدني بقولها أنه قبل صدور القانون رقم 417 لسنة 1955 الذي فصل وظائف الأقسام الهندسية عن وظائف الأقسام الملاحية كانت تنتظم موظفي مصلحة الطيران المدني أقدمية واحدة رغماً عن تفاوت طبيعة الوظائف وفي ظل هذا الوضع رقى السيدان محمد الكامل حسن علي ومحمد فؤاد إبراهيم إلى رؤساء ضباط مراقبة من الدرجة الخامسة الفنية (وهما من الوظائف الملاحية بطبيعتها) وذلك بموجب القرار الوزاري رقم 1193 الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954 ومضى على هذا القرار أكثر من سنة ولم يطعن أحد من المدعيين وهاتان الدرجتان هما اللتان يذكر السيد/ أحمد زكي عطية أنهما حجزتا بالكادر الفني المتوسط وخصصتا لوظائف قسم الملاحة وشغلتهما المصلحة بمهندسين من الأقسام الهندسية. ثم قالت المصلحة أنه في عام 1956 صدر القراران المطعون فيهما الرقيمان 142، 143 لسنة 1956 وقد جاء ثانيهما متضمناً استمرار الخصم بماهية الموظفين المذكورين على درجتين خامسة فنية بالأقسام الملاحية كما جاء أولهما متضمناً اعتماد ترقيات موظفي المصلحة ومن بينهم خمسة من موظفي الأقسام الملاحية إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية المطلقة، اثنان آخران من الأقسام الملاحية في نسبة الاختيار لحصولهما على أعلى نسبة في التقارير السرية عن عامي 1953، 1954 ولو لم يكن أي من المدعيين قد حل عليه الدور في نسبة الترقية بالأقدمية، كما أن تقاريره السرية عن العامين المذكورين لم تكن تنهض بترقيته في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار بالأفضلية عمن رقيا، لم يكن ممكناًًًً أن يشمله الاختيار، وقالت المصلحة أنها أجرت هذا الاختيار على مقتضى الشروط التي تستلزمها المادة 39 من قانون نظام موظفي الدولة وعلى أي حال فقد رقى المدعي الأول إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية المطلقة في 30 من مارس سنة 1956. وقد عقب المدعيان على هذا بأنه سبق للمحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية أن قضت في الدعوى رقم 60 لسنة 4 القضائية بتاريخ 15 من أبريل سنة 1957 ببطلان شغل درجتين من درجات قسم الملاحة الجوية باثنين من المهندسين وأن استمرار المصلحة في الخصم بماهيتي السيدين محمد الكامل حسن على ومحمد فؤاد إبراهيم على درجتين خامسة من درجات الأقسام الملاحية مؤداه إنقاص الدرجات الخامسة بالأقسام الملاحية درجتين وهو ما يخالف الحكم الأنف الذكر، ثم أضافا أنه قد استمر هذا الوضع إلى أن صدر القرار رقم 430 في 28 من أبريل سنة 1958 بجعل المهندسين المذكورين يشغلان الدرجتين الخامسة بالكادر الفني المتوسط المرفوعتين من الدرجتين الثامنة بالأقسام الهندسية الأمر الذي ترتب عليه خلو درجتين بالأقسام الملاحية وترقية السيد حسين محمد الجبرتي المدعي الثاني صاحب الدعوى رقم 1531 لسنة 6 القضائية، وقد ردت مصلحة الطيران بأن طعن المدعيين في القرارين رقمي 142، 143 بتاريخ 31 من مارس سنة 1956 لا سند له بعد أن فوتا على نفسيهما المدة القانونية للطعن في القرار 1193 بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1954 وهما يرميان من وراء ذلك إلى الطعن في القرار الأخير غير مباشر بعد أن تحصن بمضي المدة واستدلت المصلحة على ذلك بأن القرار رقم 142 بتاريخ 31 من يناير سنة 1956 المتضمن ترقيات موظفي المصلحة لم يذكر فيه اسم المطعون في ترقيتهما وإنما ينصب طعن المدعيين على ترقية كل من السيدين سيف النصر حمدي وحسين محمود كمالي إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار، واستندت أيضاً إلى أن القرار رقم 143 بتاريخ 31 من يناير سنة 1956 المتضمن استمرار الخصم بماهية المطعون في ترقيتهما على درجتين خامسة فنية بالأقسام العلاجية وهذا القرار يعتبر أثراً من آثار القرار رقم 1193 بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1954 الذي تحصن بمضي المدة ومن ناحية أخرى فإنه يعتبر تنفيذاً للقانون رقم 497 لسنة 1955 الذي قسم ميزانية المصلحة إلى مراقبات ثم قالت المصلحة أنه بعد صدور القانون رقم 417 لسنة 1955 أصبحت كل من مراقبة الهندسة ومراقبة الملاحة مستقلة عن الأخرى كل بدرجاتها وأقدمية موظفيها ولما كانت لا توجد بمراقبة الهندسة درجات خامسة فنية خالية في ذلك الوقت لنقل المطعون في ترقيتهما عليها فقد صدر القرار الوزاري رقم 143 بتاريخ 31 من يناير سنة 1956 متضمناً استمرار الخصم بماهيتهما على الدرجتين اللتين رقيا إليهما بالأقسام الملاحية، وكان صدور هذا القرار مجرد إجراء مؤقت لحين خلو درجتين خامسة فنية بالأقسام الهندسية، وذلك بعد خلو الدرجتين المذكورتين.
وبجلسة 14 من مارس سنة 1960 حكمت المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في كل من الدعويين رقمي 28، 29 لسنة 5 القضائية بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الفنية راجعة إلى 31 من يناير سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن الثابت أن عدم ترقية المدعي بموجب القرار المطعون فيه في نسبة الأقدمية المطلقة أن ترتيبه في كشف الأقدمية السادس في حين أن الدرجات التي تمت الترقية عليه خمس فقط وعلى أنه يبين من الإطلاع على ملف القضية رقم 60 لسنة 4 القضائية وسائر الأوراق أنه في 30 من نوفمبر سنة 1954 صدر القرار الوزاري رقم 1193 متضمناً ترقية المهندسين محمد الكامل حسن ومحمد فؤاد إبراهيم علي فؤاد إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط فطعن السيدان فريد عبد المجيد الدشناوي ومحمد شاكر في هذا القرار بالإلغاء وفي 31 من أغسطس سنة 1955 صدر قرار وزاري بترقية الطاعن الأول في الدرجة الخامسة بالأقدمية المطلقة.
وفي 15من أبريل سنة 1957 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بإلغاء قرار وزير الحربية رقم 1193 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1954 بإرجاع أقدمية المدعيين في الدرجة الخامسة إلى التاريخ المشار إليه وأسست حكمها على أن المدعيين يشغلان وظيفتين من وظائف الملاحة الجوية منذ التحاقهما بخدمة الطيران المدني بينما المطعون عليهما يشغلان الوظائف الهندسية وأنه لذلك كان يتعين على الإدارة عند الترشيح للترقية بالأقدمية إلى الدرجتين موضوع المنازعة أن تراعي الأقدمية فيما بين شاغلي وظائف الملاحة الجوية في الدرجة السادسة كما أقامت المحكمة الإدارية المطعون في حكمها قضاءها على أن "دعاوى الإلغاء هي من الدعاوى العينية والأحكام الصادرة فيها لها حجية على الكافة ومن شأن ذلك زعزعة جميع المراكز القانونية التي ترتبت بالقرار المطعون فيه والقرارات التالية له، وعلى أن الثابت من منطوق الحكم سالف الذكر وأسبابه أنه تناول إلغاء القرار رقم 1193 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1954 فيما تضمنه من ترك صاحبي الدور في هذه الترقية وهما السيدان فريد عبد المجيد الدشناوي ومحمد شاكر محمد شاكر ووجوب أن يصدر قرار بترقيتهما وبأن ترجع أقدميتهما في هذه الترقية إلى التاريخ المعين وعلى أن القرار سالف الذكر الذي ألغي جزئياً ينبني عليه رد أقدميتهما في الدرجة الخامسة الفنية إلى 30 من نوفمبر سنة 1954 ورد أقدمية التالي لهما في ترتيب الأقدمية في نفس الدرجة إلى 31 من أغسطس سنة 1955 تاريخ صدور القرار الوزاري بترقية السيد/ فريد عبد المجيد الدشناوي (المدعي الأول في الدعوى رقم 60 لسنة 4 القضائية) إلى الدرجة الخامسة. وعلى أنه متى وضعت الأمور في نصابها السليم على هدي ما تقدم يكون دور المدعيين (المطعون عليهما) في ترتيب الأقدمية عند إجراء الترقية بالقرار المطعون فيه المؤرخ 31 من يناير سنة 1956 هو الرابع بدلاً من السادس، فإذا كان الثابت أن الدرجات الخامسة الفنية التي كانت الترقيات فيها مناطها الدور في ترتيب الأقدمية عند النظر في الترقية المطعون فيهما كان عددها خمس درجات فإنه يتعين إلغاء كل من القرارين المطعون فيهما فيما تضمنه من عدم ترقية المدعيين حسين الجبرتي وأحمد زكي عطية إلى الدرجة الخامسة في 31 من يناير سنة 1956. وعلى "أنه لما كان المدعيان قد رقيا بالفعل إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 30 من مارس سنة 1956 فإن الدعوى تكون منحصرة في الحكم بإرجاع الأقدمية في الدرجة المذكورة إلى 31 من يناير سنة 1956".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قضاء المحكمة الإدارية الصادر في 15 من أبريل سنة 1957 لم يتضمن إلغاء ترقية المطعون على ترقيتهما بالذات وإنما قضى بإلغاء القرار 1193 فيما تضمنه من تخطي السيدين فريد عبد المجيد الدشناوي ومحمد شاكر محمد شاكر، ومن ثم لا يقتضي تنفيذ هذا الحكم إلغاء ترقية المطعون في ترقيتهما بل يكفي لتنفيذه وقد رقى الطاعنان سالفا الذكر في تاريخ لاحق على طعنهما أن ترد أقدميتهما إلى تاريخ القرار رقم 1193 أي إلى 30 من نوفمبر سنة 1954، وعلى أن الحكم الصادر في دعوى الإلغاء المشار إليه لا يتضمن حتماً رد اقدمية المرقين في قرارات لاحقة إلى تاريخ القرارات التي كان ينبغي ترقيتهم بموجبها إذ الحقيقة أن الإلغاء يكيف بنطاق طلبات الخصوم وما ينطق به القاضي وفي هذه الحالة يقتصر الإلغاء على أثر معين وهو عدم الاحتجاج بالقرار على من طعن عليه في الميعاد فلا يشمل الإلغاء إبطال القرار بالنسبة للكافة... ووفقاً لهذا النظر فإن القرار رقم 1193 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1945 ما زال قائماً منتجاً لآثاره ولا محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من ترتيب النتائج التي انتهى إليها وخلص الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون عليهما إلزامهما بالمصروفات والأتعاب".
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن
السيدين/ فريد عبد المجيد الدشناوي ومحمد شاكر محمد شاكر قد أقاما الدعوى رقم 60 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الحربية طعنا في القرار الوزاري رقم 1193 الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر المتوسط واستندا إلى أنه قد خلت درجتان خامستان من وظائف المراقبة الجوية بميزانية مصلحة الطيران المدني طبقاً لترتيب وظائف الكادر بالميزانية المشار إليها ولكن الوزارة رقت إلى هاتين الدرجتين بموجب القرار الوزاري آنف الذكر المهندسين محمد الكامل حسن علي ومحمد فؤاد إبراهيم علي مع أن الوظيفتين المراد الترقية إلى درجتيهما متميزتان ويشترط لشغلهما مؤهلات فنية معينة غير متوافرة في المطعون على ترقيتهما وقد حكم في الدعوى المشار إليها بطلبات السيدين/ فريد عبد المجيد الدشناوي ومحمد شاكر محمد شاكر بتاريخ 15 من أبريل سنة 1957 وعلى هذا ألغي القرار رقم 1193 المؤرخ 21 من نوفمبر سنة 1954 فيما تضمنه من تخطي المدعيين المشار إليهما في الترقية إلى الدرجة الخامسة وبنى الحكم آنف الذكر قضاءه على أن الجهة الإدارية لم تعمل قاعدة الأقدمية فيما بين المرشحين بالدرجة السادسة من شاغلي وظائف الملاحة الجوية وهي وظائف متميزة بطبيعتها من الوظائف الهندسية وأنها ترتيباً على هذا الخطأ آثرت بالترقية مهندسين لا يتوافر فيهما التأهيل المطلوب لشغل وظائف المراقبة الجوية.
كما تبين بعد ذلك أن وزارة الحربية أصدرت في 31 من يناير سنة 1956 القرارين رقمي 142 و143 اللذين رقت بموجب أولهما السادة محمد شاكر محمد شاكر وحسن صلاح الدين إبراهيم وإبراهيم حمدي محمود وصلاح الدين درويش وصالح مصطفى الألفي إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط على أساس الأقدمية ورقت إلى الدرجة هذه كلاً من السيدين سيف النصر حمدي وحسين محمد كمالي على أساس الاختيار وقد طعن في هذا القرار كل من المطعون عليهما في الطعن الحالي السيدين أحمد زكي عطية وحسين الجبرتي على أساس تخطيهما في الترقية رغم استحقاقهما لها بحكم الأقدمية المطلقة، وبالإطلاع على ترتيب أقدمية كل منهما في كشف أقدميات موظفي الدرجة السادسة بالكادر الفني المتوسط بمصلحة الطيران قبل صدور القرار المطعون فيه يتبين أن ترتيب أولهما كان السادس وترتيب الثاني (حسين الجبرتي) كان التاسع كما تبين أنه قبل الطعن الحالي رقى أولهما (أحمد زكى عطية) إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار رقم 1183 الصادر في 5 من أبريل سنة 1956 أما المطعون عليه الثاني (حسين الجبرتي) فقد رقى إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار رقم 430 الصادر في 28 من أبريل سنة 1958 كما تبين من الأوراق أيضاً أن السيد/ حسن صلاح الدين إبراهيم وهو الثاني في المرقين بالأقدمية بموجب القرار رقم 142 الصادر 31 من يناير سنة 1956 لم يطعن في القرار الوزاري الصادر في 31 من أغسطس سنة 1955 بترقية السيد/ فريد عبد المجيد الدشناوي وهو أول الطاعنين في القرار رقم 1193 الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954 والذي قضى لصالحه ولصالح زميله محمد شاكر محمد شاكر في الحكم الصادر في الدعوى رقم 60 لسنة 4 القضائية بتاريخ 15 من أبريل سنة 1957 برد أقدميتهما في الدرجة الخامسة إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه وهو 21 من نوفمبر سنة 1954. كما تبين أيضاً لهذه المحكمة من محضر جلسة لجنة شئون الموظفين المنعقدة في 22 من يناير سنة 1956 قبيل صدور القرارين المطعون فيهما في 31 من يناير سنة 1956 أن القرار رقم 142 لسنة 1956 الصادر في 31 من يناير سنة 1956 تضمن ترقية سبعة موظفين إلى الدرجات السبع الخالية منهم اثنان في نسبة الاختيار لحصول أحدهما وهو السيد حسين محمود كمالي على أعلى درجة للكفاية في تقريريه السريين عن عامي 1953، 1954 (87 درجة عن سنة 1953 و86 درجة عن سنة 1954) وحصول الثاني وهو السيد سيف النصر حمدي على الدرجة العالية التالية في تقريريه السريين عن عامي 1953 و1954 (80 درجة عن عام 1953، و86 عن عام 1954) كما تبين أخيراً من المحضر المشار إليه بالنسبة إلى قرار رقم 143 لسنة 1956 الصادر أيضاً بتاريخ 31 من يناير سنة 1956 اتجاه الرأي إلى توزيع موظفي المصلحة على أقسامها المختلفة تنفيذاً لقانون الميزانية للسنة المالية 1955/ 1956 وذلك بناء على تقسيم وظائف مصلحة الطيران المدني إلى ثلاثة أقسام كل منها مستقل عن الآخر وهي: -
(1) قسم الملاحة الجوية.
(2) الأقسام الهندسية.
(3) قسم المواصلات السلكية واللاسلكية.
وأنه على موجب هذا التقسيم اتفق على إصدار قرار (هو القرار رقم 143 لسنة 1956) بتصحيح أوضاع الموظفين الذين يشتغلون وظائف بجهة غير الجهة التي يعملون بها إلا بعض حالات فريدية رأت اللجنة مراعاة للمصلحة العامة استمرار الخصم بماهياتهم على جهات أخرى على أن تراعى تسوية حالاتهم في فرصة أخرى لأنهم سوف لا يضارون من بقائهم على هذا الوضع. وقد وضع اسما السيدين محمد الكامل حسن على ومحمد فؤاد إبراهيم علي فؤاد بالدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط مع اعتبارهم من موظفي الأقسام الهندسية ودونت أمام اسميهما العبارة الآتية: "يخصمان حالياً على درجتين خامسة بالأقسام الملاحية".
ليس من مقتضيات قاعدة الحجية المطلقة التي تتسم بها أحكام الإلغاء أن تهدم قاعدة أخرى أصيلة وهي قاعدة الأثر النسبي للأحكام عامة وامتناع انتفاع الإغيار - كمبدأ عام - بآثار هذه الأحكام، إذ تقتصر الاستفادة من نتائج الإلغاء المباشرة على من أقام دعوى الإلغاء في الميعاد، دون من تقاعس عن إقامتها تهاوناً أو تهيباً، ذلك أن تفويت ميعاد الطعن بالإلغاء وثيق الصلة بمبدأ استقرار المراكز الإدارية، ومع ذلك فقد حاول القضاء الإداري جاهداً التوفيق والملاءمة بين التزام هذه النسبية بقصر آثار الحكم على طرفي الخصومة وبين الحرص على احترام تلك الحجية المطلقة، فجعل هذه الحجية واضحة في الآثار القانونية المترتبة لزاماً على الإلغاء، وفي الأوضاع الواقعية التي لها ارتباط وثيق وآصرة أكيدة بالمراكز الملغاة، فالآثار الواقعية التي تنشأ عن أحكام الإلغاء يجوز بحكم ترتبها الحتمي ولزومها العقلي أن يتمسك بها أولو الشأن في طلب إلغاء قرار آخر ما دامت هذه النتائج المحتمة يتعين على الإدارة احترامها بل إنفاذها من تلقاء نفسها نتيجة لحكم الإلغاء. وعلى هذا يكون من حق المطعون - - وترتيبه في كشف الأقدمية السادس على ما سبق البيان - أن يجابه الإدارة بلزوم استبعاد أحد الموظفين من مضمار التزاحم على الترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار رقم 142 الصادر في 31 من يناير سنة 1956، اعتباراً بأنه بعد نجاح هذا الموظف في الطعن على قرار 21 من نوفمبر سنة 1954، قد أصبح مرقى إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من هذا التاريخ، ولا يتحدى تبريراً لقيام هذا التزاحم بأن المطعون عليه لم يطعن في قرار 21 من نوفمبر سنة 1954، لأنه لا يتمسك بمؤدى حكم إلغاء هذا القرار لمزية تعود عليه شخصياً، ولا لترقية يدعيها من وراء إلغاء هذا القرار بالذات وإنما قصارى ما يطلبه هو أنه يقتضي الإدارة أن تسلم له بواقع مادي يترتب حتماً على حكم الإلغاء ويفيد منه في خصوص طلب إلغاء قرار 31 من يناير سنة 1956 الذي طعن عليه في الميعاد، ومحصل هذا الواقع أن الموظف المذكور لا ينبغي أن يتزاحم معه في الترقية إلى إحدى الدرجات الخامسة على أساس الأقدمية بعد أن استحق الترقية إلى الدرجة الخامسة قبل ذلك بموجب القرار رقم 1193، الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954 حسبما كشف عن هذا الاستحقاق من هذا التاريخ الحكم الصادر بإلغاء هذا القرار في 15 من أبريل سنة 1957، ويترتب على هذا أن يستحق المطعون عليه الترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب قرار 31 من يناير سنة 1956 في نطاق ما أتاحه له ترتيبه في كشف أقدميات موظفي الدرجة السادسة بالأقسام الملاحية وهو لاشك يستحق هذه الترقية بحكم صيرورته الخامس في ترتيب الأقدمية بعد هذا الاستبعاد، أما المطعون عليه الثاني السيد/ محمد حسين الجبرتي وترتيبه التاسع في هذا الكشف فلا وجه لاستحقاقه الترقية إلى إحدى الدرجات الخمس لأنه يصير الثامن بعد استبعاد محمد شاكر محمد شاكر، فإذا تبين أنه لم يكن متفوقاً في درجة الكفاية على من أوثر بالترقية إلى درجتي الاختيار طبقاً لتقارير الكفاية سنتي 1953، 1954 امتنع استحقاقه للترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار رقم 142 الصادر في 31 من يناير سنة 1956 سواء على أساس الأقدمية أو على أساس الاختيار.
لا وجه للقول بأن نتائج حكم إلغاء قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 وقد أفضت إلى لزوم اعتبار الموظف ( أ ) المرقى بقرار 31 من أغسطس سنة 1955 مرقى بالقرار رقم 1193 الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954، تستتبع بالضرورة استحقاق من يليه في ترتيب الأقدمية وهو الموظف (ب) للترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار الوزاري الصادر في 31 من أغسطس سنة 1955، ومن ثم استبعاده من مضمار التزاحم مع (جـ) على الترقية بموجب قرار 31 من يناير سنة 1956، لا وجه لهذا التسلسل المزعوم ما دام الثابت من الأوراق أن الموظف (ب) لم يطعن بالإلغاء في قرار 31 من أغسطس سنة 1955، ومن ثم لا يستحق تلقائياً الترقية بموجب قرار إداري لم يطعن فيه كما لم يطعن البتة في فرار الإدارة السلبي بالامتناع عن ترقيته بالقرار المذكور، ومن ثم لا يستحق تلقائياً أن يرقى بموجب قرار لم يطعن فيه.
إذا كان استمرار الصرف براتب اثنين من الموظفين على درجتين من الدرجات التابعة لقسم الملاحة الجوية هو استصحاب لآثار الوضع الناشئ عن قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 المطعون فيه آنذاك وهو القرار الذي رقى بموجبه هذان المهندسان بغير حق على هاتين الدرجتين، ولا يصح اعتبار استمرار حبس تينك الدرجتين غير حائل دون شغورهما وضرورة الترقية إليهما بموجب القرار رقم 142 الصادر في 31 من يناير سنة 1956، ذلك أن الإدارة ما كان ينبغي لها أن تعتبر هاتين الدرجتين شاغرتين عند صدور هذا القرار حتى يصح بإمكان الترقية إليهما يؤكد ذلك أن دعوى إلغاء قرار 21 من نوفمبر سنة 1954 لا يخلو الحال في شأنها من فرضين إما أن ينكشف مصيرها عن إلغاء القرار المشار إليه لصالح من أقام الدعوى وفي هذه الحال يستحق الدرجتين رافعاً الدعوى اعتباراً من تاريخ القرار الملغي مما يمتنع معه اعتبارهما شاغرتين قبيل صدور قرار 31 من يناير سنة 1956، وإما أن تسفر الخصومتين عن رفض طلب الإلغاء وفي هذه الحال يستمر شغل الدرجتين كما كانتا من قبل وعلى كلا الفرضين لا محل للنعي على الإدارة لأنها امتنعت بغير حق عن إجراء الترقية إلى هاتين الدرجتين لأنهما ما كانتا على حال غير شاغرتين فعلاً. ومن ثم فلا محل لاعتبار الدرجات الشاغرة قبيل صدور قرار 31 من يناير سنة 1956 تسعاً بدلاً من سبع كما ذهب إلى ذلك بغير حق الحكمان المطعون عليهما في المنازعة الحاضرة.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن أحد الحكمين المطعون فيهما وهو الصادر في الدعوى رقم 27 لسنة 5 القضائية لصالح السيد/ حسين محمد الجبرتي باعتبار أقدميته في الدرجة الخامسة الفنية راجعة إلى 31 من يناير سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبرفض دعوى السيد/ حسين محمد الجبرتي مع إلزامه بالمصروفات أما الحكم المطعون فيه الثاني وهو الصادر في الدعوى رقم 28 لسنة 5 القضائية لصالح السيد/ أحمد زكي عطية باعتبار أقدميته في الدرجة الخامسة الفنية راجعة إلى 31 من يناير سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار هذا الحكم قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها ويتعين من ثم القضاء بتأييده وبرفض الطعن فيه موضوعاً مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 1531 و1532 لسنة 6 القضائية شكلاً، وفي الموضوع: -
أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 14 من مارس سنة 1960 في الدعوى رقم 27 لسنة 5 القضائية فيما قضي به من اعتبار أقدمية المدعي حسين محمد الجبرتي في الدرجة الخامسة الفنية راجعة إلى 31 من يناير سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ثانياً: برفض الطعن رقم 1532 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 24 من مارس سنة 1960 في الدعوى رقم 28 لسنة 5 القضائية لصالح أحمد زكى عطية، وألزمت الحكومة بالمصروفات.