مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1964 إلى أخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 1321

(125)
جلسة 21 من يونيه سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي محسن مصطفى وعادل زخاري وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

القضية رقم 586 لسنة 8 القضائية

( أ ) مستخدمون وعمال - معاش - حساب مدة الخدمة السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 37 لسنة 1960 ضمن المدة المحسوبة في المعاش بالنسبة إلى المستخدمين والعمال الدائمين الموجودين بالخدمة في التاريخ المذكور - عدم تناول القانون رقم 37 لسنة 1960 بيان الأوضاع أو تحديد المواقيت التي يجب إتباعها لطلب ضم مدد الخدمة السابقة - يتعين إعمال الإحالة المنصوص عليها في المادة 20 من هذا القانون - أثر ذلك - وجوب الاعتداد بما نصت عليه المادة 46 من القانون رقم 36 لسنة 1960 خاصاً ببيان كيفية تقديم طلب الضم وميعاد تقديمه.
(ب) عامل - معاش - حساب مدة الخدمة السابقة في المعاش - امتناع الإدارة خطأ عن تطبيق حكم المادة الثانية من القانون رقم 37 لسنة 1960 رغم قيام العامل بتقديم طلب ضم مدة الخدمة السابقة في الميعاد، وإبداء استعداده لرد ما تقاضاه من مكافأة، ثم رجوعها إلى الإقرار بحقه في الضم، ولكن مع احتجاجها بتخلف شرط رد المكافأة في الميعاد - تخلف هذا الشرط الشكلي اللازم للانتفاع بأحكام القانون لا يغير من ثبوت حق العامل في الإفادة منها إذا كانت الإدارة هي السبب في هذا التخلف بإنكارها خطأ أصل الاستحقاق - أساس ذلك - مثال.
1) يتبين من مطالعة نصوص القانون رقم 37 لسنة 1960 بإصدار قانون التأمين والمعاشات وعلى وجه الخصوص المادة الثانية من قانون الإصدار - التي يجرى نصها كما يلي:
"استثناء، من أحكام المادة 7 من القانون المرافق تدخل مدة الخدمة السابقة على تاريخ العمل بأحكام هذا القانون في وظيفة مستخدم أو عامل دائم ضمن المدة المحسوبة في المعاش بالنسبة إلى المستخدمين والعمال الدائمين الموجودين بالخدمة في التاريخ المذكور - ويحسب معاشهم على أساس جزء واحد من مائة جزء من متوسط الأجور المشار إلية في المادة 6 من القانون المرافق وذلك عن كل سنة من سنوات مدد الخدمة السابقة. فإذا استحق المستخدم أو العامل مكافأة حسبت مكافأته عن مدة خدمته السابقة بواقع نصف النسب الموضحة في المادة 9 من القانون المرافق" أن الأصل أن تسري أحكامه على مدد الخدمة التي يقضيها مستخدمو الدولة وعمالها الدائمون في الخدمة ابتداء من تاريخ العمل بهذه الأحكام وهو أول مايو سنة 1960 وذلك بشرط أن يكون هؤلاء العمال أو المستخدمين موجوداً في الخدمة في هذا التاريخ غير أن المشرع واجه بعض حالات تخرج عن هذا الأصل وقرر لكل منها حكماً خاصاً ومن بين هذه الحالات ما نصت عليه المادة الثانية سالفة الذكر من قانون الإصدار والتي أوجبت حساب مدة الخدمة السابقة من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 37 لسنة 1960 بالنسبة للمستخدمين أو العمال الذين كانوا موجودين بالخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون أي في 1/ 5/ 1960 - وتضمنت المادة الثانية كيفية حساب المدة في المعاش على أساس جزء واحد من مائة جزء من الأجر عن كل سنة من هذه السنوات السابقة فإذا استحق المستخدم أو العامل مكافأة حسبت مكافأته عن هذه المدة السابقة أيضاً بواقع نصف النسب الموضحة في المادة 9 من القانون. ولم يفرق حكم المادة الثانية بين مدد الخدمة السابقة المتصلة ومدد الخدمة السابقة المنفصلة إذ ورد النص مطلقاً بدون تقييد أو تخصيص. ولما كانت هذه المادة أو غيرها من مواد القانون لم تتناول بيان الأوضاع أو تحديد المواقيت التي يجب إتباعها لطلب ضم مثل هذه المدد فيستدعي الأمر إعمال الإحالة المنصوص عليها في المادة 20 من القانون والتي تنص على أن تسرى على المستخدمين والعمال المنتفعين بأحكام هذا القانون سائر الأحكام الواردة في القانون رقم 36 لسنة 1960 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون. وعلى ذلك فيطبق المادة 46 من هذا القانون موعداً غايته ستة أشهر من تاريخ الانتفاع بأحكام القانون مع وجوب لذلك موعداً غايته ستة أشهر من تاريخ الانتفاع بأحكام القانون مع وجوب رد ما تقاضاه العامل أو المستخدم من مكافأة عن هذه محسوباً عليها فائدة بمعدل 4.5% سنوياً من تاريخ حصوله عليها حتى تاريخ الأداء ويؤدي هذه المبالغ إما دفعة واحدة خلال الموعد المتقدم أو على أقساط شهرية متساوية تخصم من مرتبه خلال المدة الباقية لبلوغه سن الستين ويستحق على المبالغ المقسطة فائدة بنفس المعدل السابق عن مدة التقسيط ويبدأ في اقتطاع الإقساط اعتباراً من مرتب الشهر التالي لانتهاء فترة الاختبار كما تكلفت المادة ببيان ما يتبع في حساب المبالغ المستحقة وطريقة أدائها إلى الصندوق وفي كيفية تسوية المعاش أو المكافأة.
2) قدم المدعي طلباً بضم مدة خدمته السابقة خلال الستة أشهر المقررة من تاريخ انتفاعه بالقانون رقم 37 لسنة 1960 أي اعتبار من أول مايو سنة 1960 وشفع طلبه هذا باستعداده لأن يقسط المبلغ السابق صرفه إليه هو المكافأة على أقساط متساوية شهرياً خلال المدة الباقية من خدمته التي تنتهي في سن الخامسة والستين. غير أن الجهة الإدارية رفضت قبول طلبه إلى ضم مدة الخدمة ورد المكافأة استناداً إلى تفسيرها الخاطئ للقانون إذ أنها تمسكت بنص المادة 18 من القانون رقم 37 لسنة 1960 والتي تمنع حساب مدة الخدمة السابقة في المعاش بالنسبة للمستخدم أو العامل إذا أعيد إلى الخدمة ولم يكن سبق له الخضوع لأحكام هذا القانون والذي يعتبر منتفعاً بأحكامه من تاريخ عودته فقط. متجاهلة حكم المادة الثانية سالفة الذكر وظلت على موقفها هذا إلى أن عادت إلى جادة الصوب وأذاعت في 18/ 1/ 1961 التعليمات الخاصة بتطبيق القانون رقم 37 لسنة 1960 منوهة أن المادة الثانية تقضي بحساب مدة الخدمة السابقة على تاريخ العمل بأحكام هذا القانون بالنسبة للمستخدمين والعمال الدائمين الموجودين بالخدمة في هذا التاريخ بشرط أن يطلب صاحب الشأن ضمها خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام القانون مع رد ما تقاضاه عن مدة خدمته خلال الميعاد المذكور. وأقرت للمدعي بحقه في ضم مدة خدمته السابقة تطبيقاً لنص المادة الثانية سالفة الذكر ولأنه تقدم بطلبه في الميعاد القانوني إلا أن الشرط الثاني الخاص برد المكافأة في الميعاد قد تخلف في حقه مما يسقط حقه في الطلب وقد اضطر المدعي إلى رفع دعواه بطريق المعافاة من الرسوم القضائية في 21/ 11/ 1960 أي بعد مضي حوالي عشرين يوماً على انتهاء ميعاد الستة شهور المقررة قانوناً ولم ينتظر المدعي إلى أن ترجع الإدارة إلى تفسير القانون التفسير الصحيح بل بادر برفع دعواه ولم يكن يملك قبلها وسيلة بعد رفضها لطلبه غير سبيل القضاء لتحيفها حقه وتفويت الميعاد عليه بعملها وفعلها وما كان يمكنه أن يقوم برد المكافأة على أقساط متساوية شهرية عن باقي مدة خدمته التي تنتهي في سن الخامسة وستين كما جاء بطلبه اعتقاداً منه أن من حقه الخيار بين الرد الكامل للمكافأة وتقسيطها وأن المناط فيما يجب عليه إتباعه في هذا الشأن هو ما تقرره الإدارة تطبيقاً وتنفيذاً للقانون على وجهه السليم بعد قبولها طلبه وتحديدها مركزه وإعلامه بالمبلغ الذي يتعين عليه أداؤه قانوناً فإذا هي لم تقم من ناحيتها بكل ما يلزمها به القانون ورفضت طلب ضم مدة الخدمة السابقة بدون مبرر قانوني امتنع عليها بعد ذلك أن تتمسك في مواجهته بفوات الميعاد دون قيامه بالرد وهو أمر كان يتوقف منطقياً على ضرورة قبولها طلب ضم المدة بل يلازمه ويترتب عليه لأن رفض الإدارة للطلب هو في واقع الحال إنكار منها لأصل الاستحقاق والانتفاع بأحكام القانون 37 لسنة 1960 مما دعاها - نتيجة لذلك - إلى الامتناع عن استلام المكافأة وقبولها ردها من جانب صاحب الشأن فلا جدوى بعد اتخاذ هذا الموقف واضطرار المدعي إلى مقاضاتها إلى البحث في توافر الشروط الشكلية للانتفاع بأحكام القانون وفيما إذا كان الطلب قد قدم في الميعاد مشفوعاً برد المكافأة بعد إذ تبين مما سلف أن المدعي لم يكن مخالفاً للأحكام الشكلية التي يتوقف عليها الانتفاع بحكم القانون وعلى ذلك يكون من حق المدعي ربط معاشه على أساس حساب مدة الخدمة السابقة بالتطبيق للقانون رقم 37 لسنة 1960 بشرط أن يرد للحكومة كامل المكافأة المقبوضة مع اعتبار أن ربط المعاش متوقف على الرد على الوجه الذي سلف إيضاحه.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10 من فبراير سنة 1962 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية للرئاسة والداخلية بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1961 في الدعوى رقم 233 لسنة 8 القضائية المقامة من السيد/ أحمد سليمان رمضان ضد وزارة الداخلية القاضي باستحقاق المدعي ضم مدة خدمته السابقة على 17/ 9/ 1959 إلى مدة خدمته في المعاش من هذا التاريخ بالتطبيق للقانون رقم 37 لسنة 1960 مع رد المكافأة التي تقاضاها عن تلك المدة دفعة واحدة وبالفوائد المقررة على النحو المبين بأسباب الحكم وألزمت جهة الإدارة المصروفات وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 10 من مايو سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13 من أبريل سنة 1963 وأخطرت الحكومة والمدعي في 13 من مارس سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 12 من يناير سنة 1963 وبعد سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم باستحقاقه ضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال في بيان ذلك أنه كان يعمل بوظيفة توفكجي بمخازن حكمدارية شرطة القاهرة منذ عام 1932 برتبة عريف ورقى إلى درجة صانع دقيق من 10/ 5/ 1959 وقبل انتهاء مدة خدمته أصدر وزير الداخلية قراراً في 14/ 9/ 1959 بتعيينه عاملاً باليومية بمديرية أمن القاهرة في نفس المهنة التي كان يزاولها منذ التحاقه بالخدمة وطلب ضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية في حساب المعاش طبقاً للمادة 2 من القانون رقم 37 لسنة 1960. كما طلب ضم المدد السابقة إلى المدة الحالية في تقدير المرتب وأقدمية الدرجة طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958. وردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي كان عريفاً توفكجياً بمخازن مديرية الأمن وفصل من الخدمة اعتباراً من 4/ 9/ 1959 لبلوغه السن القانونية باعتباره من مواليد 4/ 9/ 1899 وقد أمر الوزير بتعيينه على كادر العمال فامتحن أمام اللجنة الفنية واجتاز الامتحان في مهنة توفكجي بدرجة صانع دقيق واستلم عمله كعامل دائم بأجر يومي 300 مليم من 17/ 9/ 1959 وأنه لا يجوز ضم مدة خدمته السابقة إلى المدة الحالية بعد رد المكافأة التي صرفت إليه لأن التعليمات لا تجيز ذلك وأن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات أذاعت في 18/ 1/ 1961 التعليمات الخاصة بتطبيق القانون رقم 37 لسنة 1960 فأشارت إلى أن المادة 2 من ذلك القانون تقضي بإدخال مدة الخدمة السابقة على تاريخ العمل بأحكامه في وظيفة مستخدم أو عامل دائم ضمن المدة المحسوبة في المعاش بالنسبة إلى المستخدمين والعمال الدائمين الموجودين بالخدمة في التاريخ المذكور... ولا تدخل تلك المدة السابقة في حساب المعاش ما لم يطلب صاحب الشأن ضمها خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون مع رد ما تقاضاه عن مدة خدمته ويمكن للجهة الإدارية تطبيق المادة 46 من القانون رقم 36 لسنة 1960 فيما لم يرد به نص خاص في ذلك القانون الأخير وإذا كانت المادة 46 سالفة الذكر تقضي بتقديم طلب ضم المدة السابقة خلال ستة أشهر من تاريخ انتفاعه بأحكام القانون رقم 37 لسنة 1960 مع رد المكافأة التي يكون المستخدم قد تقاضاها عن المدة السابقة بفائدة 4.5% سنوياً من تاريخ حصوله عليها حتى تاريخ الأداء وتؤدي المكافأة دفعة واحدة خلال الموعد المتقدم أو على أقساط تخصم من المرتب خلال المدة الباقية لبلوغه سن الستين وأضافت الوزارة أن شرط طلب الضم متوافر في حالة المدعي لتقديمه في الميعاد القانوني (20/ 6/ 1960) إلا أن الشرط الثاني وهو قيامه برد المكافأة خلال ستة أشهر من تاريخ انتفاعه بالقانون رقم 37 لسنة 1960 أي في موعد نهايته (1/ 11/ 1960) وهذا الشرط لم يتحقق في شأن المدعي ولذلك ترى الوزارة عدم جواز احتساب المدة السابقة إلى المدة الحالية في حساب المعاش لتخلف أحد الشرطين اللازم توافرهما لإمكان ضم المدة السابقة، وعقب المدعي بمذكرة أشار فيها إلى أنه لا حاجة إلى الرجوع لأحكام المادة 46 من القانون رقم 36 لسنة 1960 لأن القانون رقم 37 لسنة 1960 قد أورد نصاً خاصاً يمكن تطبيقه على حالته وأنه على فرض الرجوع إلى المادة 46 سالفة الذكر فإنها لا تنطبق على حالته لأن شرط تطبيق هذا النص أن يعاد المدعي إلى وظيفة من الوظائف المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 36 لسنة 1960 ثم أن الوزارة أقرت صراحة بأنه تقدم بطلب بضم مدة خدمته السابقة عليها في الموعد القانوني ولكن طلبه حفظ مما اضطره إلى إقامة الدعوى الحالية. وقد قصر طلباته على طلب ضم المدة السابقة إلى المدة الحالية في حساب المعاش.
وبجلسة 12 من ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة باستحقاق المدعي ضم مدة خدمته السابقة على 17/ 9/ 1959 إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش من هذا التاريخ بالتطبيق للقانون رقم 37 سنة 1960 مع رد المكافأة التي تقاضاها عن تلك المدة دفعة واحدة وبالفوائد المقررة على النحو المبين بأسباب الحكم وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي فصل من الخدمة في 4/ 9/ 1959 ثم أعيد في 17/ 9/ 1959 في درجة صانع دقيق وكان موجوداً بالخدمة وقت العمل بأحكام القانون رقم 37 لسنة 1960 سالف الذكر وما زال بالخدمة فإنه ينتفع بحكم المادة 2 من قانون الإصدار وإذ كان هذا النص لا يتعرض لكيفية حساب هذه المدة في المعاش إذا كانت منفصلة - وتقاضى المستخدم عنها مكافأة فإن ضمها حكماً إلى المدة اللاحقة المحسوبة في المعاش فعلاً على مقتضى القانون رقم 37 لسنة 1960 إذا فصل من الخدمة وتقاضى مكافأة عنها أعيد مرة أخرى إليها وتسرى في الحالتين نص المادة 17 من القانون رقم 37 سنة 1960 الذي يقضي بأنه إذا أعيد إلى الخدمة مستخدم أو عامل سبق معاملته بأحكام هذا القانون وكان قد حصل على مكافأة جاز له حساب مدة خدمته السابقة في معاشة بشرط أن يطلب ذلك في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ عودته ويتعين عليه في هذه الحالة رد ما تقاضاه من مكافأة محسوباً عليها فائدة بمعدل 4.5% من تاريخ حصوله عليها حتى تاريخ ردها ويتبع في حساب المبالغ المستحقة وطريق أدائها إلى الصندوق وفي كيفية تسوية المعاش أو المكافأة حكم المادة 46 من القانون رقم 36 لسنة 1960. ولما كان المدعي قدم طلب ضم الخدمة في 20 من يونيه سنة 1960. أي في الموعد القانوني المقرر وكان قد تجاوز سن الستين فإنه من المتعين أداء المكافأة السابق صرفها إليه بمعدل الفائدة المقررة خلال تلك المدة، غير أنه لما كانت الإدارة قد أذاعت بناء على كتاب مصلحة التأمين والمعاشات عدم قبول طلب المدعي احتساب مدة خدمته السابقة في المعاش ورفض رد المكافأة التي حصلها عن المدة المطلوب ضمها وذلك على النحو السابق بيانه مما اضطر المدعي إلى إقامة هذه الدعوى. فلا يجوز أن يضار من موقف الإدارة من تفسير القانون على أساس غير سليم وامتناعها عن قبول مكافأته في الموعد المقرر. كما لا يجوز لجهة الإدارة أن تدفع بعدم تنفيذ القانون في حق المدعي بحجة أنه كان من الواجب عليه أداء المكافأة دفعة واحدة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 37 لسنة 1960 بعد أن تبين لها وجه الصواب وما كان يجوز لها ذلك وهي التي فوتت على المدعي حقه في الأداء خلال الموعد المقرر بامتناعها عن قبول المكافأة في ذلك الموعد كما لا يجوز الاحتجاج في هذا المقام بأن المدعي كان ينبغي عليه الأداء للإدارة بأية وسيلة يبرئ بها ذمته نزولاً على حكم المادة 46 سالفة الذكر. استناداً إلى قاعدة عدم جواز الدفع بالجهل بالقانون لا يجوز ذلك لأن التوصل إلى تطبيق هذا النص في حق المدعي لم يأت إلا نتيجة الاجتهاد في التفسير والقياس الأمر الذي أوقع جهة الإدارة ذاتها في الخطأ لأول مرة عندما طلب منها المدعي ضم مدة خدمته حيث ذهبت إلى تطبيق المادة 18 من القانون رقم 37 لسنة 1960 فرفضت طلب المدعي وامتنعت عن قبول مكافأته - ولم ترتد إلى التفسير السليم للقانون إلا بعد أن فات الميعاد الذي كان ينبغي فيه على المدعي أن يرد مكافأته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 17 من القانون رقم 37 لسنة 1960 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لمستخدمي الدولة وعمالها الدائمين ينص على أنه "إذا أعيد إلى الخدمة مستخدم أو عامل سبق معاملته بأحكام هذا القانون وكان قد حصل على مكافأة جاز له حساب مدة خدمته السابقة في معاشه بشرط أن يطلب ذلك في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ عودته ويتعين عليه في هذه الحالة رد ما تقاضاه من مكافأة محسوباً عليها فائدة 4.5% من تاريخ حصوله عليها حتى تاريخ ردها. ويتبع في حساب المبالغ المستحقة وطريقة أدائها إلى الصندوق وفي كيفية تسوية المعاش أو المكافأة حكم المادة 46 من القانون 36 لسنة 1960 - وأنه واضح من هذه النصوص وجوب توافر شرطان: أن يطلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ انقطاعه وأن يرد ما صرف إليه من مكافأة عن مدة خدمته السابقة وذلك خلال نفس الميعاد المتقدم إذا كان قد بلغ سن الستين ولا يغني توافر أحد هذين الشرطين عن ضرورة القيام بالإجراء الآخر بمعنى أن العامل لا يفيد من أحكام النصوص السابقة إذا كان قد تقدم بطلب الانتفاع بهذه النصوص خلال الأجل المحدد لذلك ولكن لم يشفع طلبه هذا برد ما صرف إليه من مكافأة وذلك خلال نفس الأجل. ولما كان الثابت أن المطعون ضده لم يقم برد المكافأة التي صرفت له حتى الآن فإنه يكون قد فوت على نفسه فرصة الانتفاع بأحكام القانون المذكور دون أن يشفع له في ذلك أنه قدم طلبه في الميعاد وأن جهة الإدارة رفضت طلبه هذا.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 37 لسنة 1960 بإصدار قانون التامين والمعاشات وعلى وجه الخصوص المادة الثانية من قانون الإصدار - التي يجرى نصها كما يلي:
"استثناء، من أحكام المادة 7 من القانون المرافق تدخل مدة الخدمة السابقة على تاريخ العمل بأحكام هذا القانون في وظيفة مستخدم أو عامل دائم ضمن المدة المحسوبة في المعاش بالنسبة إلى المستخدمين والعمال الدائمين الموجودين بالخدمة في التاريخ المذكور - ويحسب معاشهم على أساس جزء واحد من مائة جزء من متوسط الأجور المشار إليه في المادة 6 من القانون المرافق وذلك عن كل سنة من سنوات مدة الخدمة السابقة. فإذا استحق المستخدم أو العامل مكافأة حسبت مكافأته عن مدة خدمته السابقة بواقع نصف النسب الموضحة في المادة 9 من القانون المرافق" أن الأصل أن تسرى أحكام القانون سالف الذكر على مدد الخدمة التي يقضيها مستخدمو الدولة وعمالها الدائمون في الخدمة ابتداء من تاريخ العمل بهذه الأحكام وهو أول مايو سنة 1960 وذلك بشرط أن يكون هؤلاء العمال أو المستخدمين موجودين في الخدمة في هذا التاريخ غير أن المشرع واجه بعض حالات تخرج عن هذا الأصل وقرر لكل منها حكماً خاصاً ومن بين هذه الحالات ما نصت عليه المادة الثانية سالفة الذكر من قانون الإصدار والتي أوجبت حساب مدة الخدمة السابقة من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 37 لسنة 1960 بالنسبة للمستخدمين أو العمال الذين كانوا موجودين بالخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون أي في 1/ 5/ 1960 - وتضمنت المادة الثانية كيفية حساب المدة في المعاش على أساس جزء واحد من مائة جزء من الأجر عن كل سنة من هذه السنوات السابقة فإذا استحق المستخدم أو العامل مكافأة حسبت مكافأته عن هذه المدة السابقة أيضاً بواقع نصف النسب الموضحة في المادة 9 من القانون. ولم يفرق حكم المادة الثانية بين مدد الخدمة السابقة المتصلة ومدد الخدمة السابقة المنفصلة إذ ورد النص مطلقاً بدون تقييد أو تخصيص. ولما كانت هذه المادة أو غيرها من مواد القانون لم تتناول بيان الأوضاع أو تحديد المواقيت التي يجب إتباعها لطلب ضم مثل هذه المدد فيستدعي الأمر إعمال الإحالة المنصوص عليها في المادة 20 من القانون. والتي تنص على أن تسرى على المستخدمين والعمال المنتفعين بأحكام هذا القانون سائر الأحكام الواردة في القانون رقم 36 لسنة 1960 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة المدنيين فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون. وعلى ذلك فيطبق المادة 46 من هذا القانون موعداً غايته ستة أشهر من تاريخ الانتفاع بأحكام القانون مع وجوب رد ما تقاضاه العامل أو المستخدم من مكافأة عن هذه محسوباً عليها فائدة بمعدل 4.5% سنوياً من تاريخ حصوله عليها حتى تاريخ الأداء ويؤدي هذه المبالغ إما دفعة واحدة خلال الموعد المتقدم أو على أقساط شهرية متساوية تخصم من مرتبه خلال المدة الباقية لبلوغه سن الستين ويستحق على المبالغ المقسطة فائدة بنفس المعدل السابق عن مدة التقسيط ويبدأ في اقتطاع الإقساط اعتباراً من مرتب الشهر التالي لانتهاء فترة الاختبار كما تكلفت المادة ببيان ما يتبع في حساب المبالغ المستحقة وطريقة أدائها إلى الصندوق وفي كيفية تسوية المعاش أو المكافأة.
ومن حيث إنه لا منازعة في أن حكم المادة الثانية سالفة الذكر هو الذي يسرى في حق المدعي إذ أنه فصل من الخدمة في 4/ 9/ 1959 لبلوغه سن الستين ثم أعيد الخدمة في 17/ 9/ 1959 في درجة صانع دقيق وكان موجوداً بالخدمة وقت العمل بأحكام القانون رقم 37 لسنة 1960 ومن ثم فإنه ينتفع من أحكامه بشرط أن يتقدم بطلب ضم مدة الخدمة السابقة في الميعاد القانوني وأن يرد فعلاً المكافأة التي صرفت إليه عن مدة خدمته السابقة خلال نفس الميعاد المتقدم إذا كان قد بلغ سن الستين.
ومن حيث إن المدعي قدم طلباً بضم مدة خدمته السابقة في 20 من يونيو سنة 1960 أي خلال الستة أشهر المقررة من تاريخ انتفاعه بالقانون والمقصود هو القانون رقم 37 لسنة 1960 أي اعتباراً من أول مايو سنة 1960 وشفع طلبه هذا باستعداده لأن يقسط المبلغ السابق صرفه إليه وهو المكافأة على أقساط متساوية شهرياً خلال المدة الباقية من خدمته التي تنتهي في سن الخامسة والستين. غير أن الجهة الإدارية رفضت قبول طلبه إلى ضم مدة الخدمة ورد الخدمة ورد المكافأة استناداً إلى تفسيرها الخاطئ للقانون إذ أنها تمسكت بنص المادة 18 من القانون رقم 37 لسنة 1960 والتي تمنع حساب مدة الخدمة السابقة في المعاش بالنسبة للمستخدم أو العامل إذا أعيد إلى الخدمة ولم يكن سبق له الخضوع لأحكام هذا القانون والذي يعتبر منتفعاً بأحكامه من تاريخ عودته فقط. متجاهلة حكم المادة الثانية سالفة الذكر وظلت على موقفها هذا إلى أن عادت إلى جادة الصوب وأذاعت في 18/ 1/ 1961 التعليمات الخاصة بتطبيق القانون رقم 37 لسنة 1960 منوهة أن المادة الثانية تقضي بحساب مدة الخدمة السابقة على تاريخ العمل بأحكام هذا القانون بالنسبة للمستخدمين والعمال الدائمين الموجودين بالخدمة في هذا التاريخ بشرط أن يطلب صاحب الشأن ضمها خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام القانون مع رد ما تقاضاه عن مدة خدمته خلال الميعاد المذكور. وأقرت للمدعي بحقه في ضم مدة خدمته السابقة تطبيقاً لنص المادة الثانية سالفة الذكر ولأنه تقدم بطلبه في الميعاد القانوني إلا أن الشرط الثاني الخاص برد المكافأة في الميعاد قد تخلف في حقه مما يسقط حقه في الطلب وقد اضطر المدعي إلى رفع دعواه بطريق المعافاة من الرسوم القضائية في 21/ 11/ 1960 أي بعد مضي حوالي عشرين يوماً على انتهاء ميعاد الستة شهور المقررة قانوناً ولم ينتظر المدعي إلى أن ترجع الإدارة إلى تفسير القانون التفسير الصحيح بل بادر برفع دعواه ولم يكن يملك قبلها وسيلة بعد رفضها لطلبه غير سبيل القضاء لتحيفها حقه وتفويت الميعاد عليه بعمله وفعلها وما كان يمكنه أن يقوم برد المكافأة على أقساط متساوية شهرية عن باقي مدة خدمته التي تنتهي في سن الخامسة وستين كما جاء بطلبه اعتقاداً منه أن من حقه الخيار بين الرد الكامل للمكافأة وتقسيطها وأن المناط فيما يجب عليه إتباعه في هذا الشأن هو ما تقرره الإدارة تطبيقاً وتنفيذاً للقانون على وجهه السليم بعد قبولها طلبه وتحديدها مركزه وإعلامه بالمبلغ الذي يتعين عليه أداؤه قانوناً فإذا هي لم تقم من ناحيتها بكل ما يلزمها به القانون ورفضت طلب ضم مدة الخدمة السابقة بدون مبرر قانوني امتنع عليها بعد ذلك أن تتمسك في مواجهته بفوات الميعاد دون قيامه بالرد وهو أمر كان يتوقف منطقياً على ضرورة قبولها طلب ضم المدة بل يلازمه ويترتب عليه لأن رفض الإدارة للطلب هو في واقع الحال إنكار منها لأصل الاستحقاق والانتفاع بأحكام القانون 37 لسنة 1960 مما دعاها - نتيجة لذلك - إلى الامتناع عن استلام المكافأة وقبولها ردها من جانب صاحب الشأن فلا جدوى بعد اتخاذ هذا الموقف واضطرار المدعي إلى مقاضاتها إلى البحث في توافر الشروط الشكلية للانتفاع بأحكام القانون وفيما إذا كان الطلب قد قدم في الميعاد مشفوعاً برد المكافأة بعد إذ تبين مما سلف أن المدعي لم يكن مخالفاً للأحكام الشكلية التي يتوقف عليها الانتفاع بحكم القانون وعلى ذلك يكون من حق المدعي ربط معاشه على أساس حساب مدة الخدمة السابقة بالتطبيق للقانون رقم 37 لسنة 1960 بشرط أن يرد للحكومة كامل المكافأة المقبوضة مع اعتبار أن ربط المعاش متوقف على الرد على الوجه الذي سلف إيضاحه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم وللأسباب التي ذكرها الحكم المطعون فيه يتبين أن قضاءه باستحقاق المدعي ضم مدة خدمته السابقة على 1/ 9/ 1959 إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش من هذا التاريخ مع رد المكافأة التي تقاضاها عن تلك المدة دفعة واحدة وبالفوائد المقررة جاء متفقاً مع حكم القانون، ومن ثم يتعين تأييده ويكون على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكومة خسرت الطعن فتتحمل عبء مصروفاته وذلك إعمالاً لنص الماد 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بالمصروفات