أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 566

جلسة 26 من مايو سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل ,وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(144)
طعن رقم 509 سنة 28 ق

رد اعتبار. عود. تأثير مواد العود وشروط رد الاعتبار بالعقوبة المحكوم بها بقطع النظر عن وصف الجريمة.
إن مواد العود وشروط رد الاعتبار إنما تتأثر وتتأثر فقط بالعقوبة المحكوم بها وهل هي عقوبة جناية أو جنحة بقطع النظر عن وصف الجريمة التي من أجلها حصل توقيع العقاب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من1- أحمد السيد متولي و2- عبد الله عبد العزيز المغازي. بأنهما: أولاً - المتهم الأول أحمد السيد متولي. أولاً - ضرب المغازي علي عبد العال عمداً فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عن إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي قيد بحركة فتح الفم إلى المدى الطبيعي مع انحراف بالفك السفلي إلى الجهة اليسرى عند الفتح وتقدر بنحو 10 إلى 15%. وثانياً- ضرب محمد المغازي عبد العال عمداً فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً وثانياً - المتهم الثاني - عبد العزيز المغازي ضرب كل من أحمد السيد متولي وعبد السميع السيد متولي عمداً فأحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات فقررت بذلك. وادعى المغازي علي عبد العال بحق مدني قدرة قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم الأول. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات للأول وبالمادة 242/ 1 من القانون المذكور للثاني حضورياً. أولاً - بمعاقبة أحمد السيد متولي بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامه بان يدفع للمدعي بالحق المدني المغازي علي عبد العال مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات المدنية ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وثانيا - بمعاقبة عبد الله عبد العزيز المغازي بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه أثار أمام محكمة الموضوع أن ما شوهد بالمجني عليه من قيد بحركة فتح الفم - لم يكن نتيجة الإصابة - إنما هو أثر من أثار مرض المجني عليه بالشلل في نصفه الأيمن بعد مضي أكثر من أسبوعين من وقت حصول الحادث وأن لا علاقة له بالحادث - ودلل على ذلك بأن الكشف الطبي الابتدائي قد خلا من أية إشارة إلى هذا المرض وأن المجني عليه امتنع عن المعالجة في المستشفى الأميري - فكانت حالته خافية على رجال السلطة وعلى الطبيب الشرعي الذي أعاد الكشف عليه - ولو عرف الطبيب الشرعي بالمرض أو أخطر به لتغير وجه الرأي في تقريره أما القول أن الطبيب لاحظه وتعرف عليه دون قيام الدليل على ذلك فهو افتراض لا يصح أن تبني عليه الأحكام الجنائية - مما يعيبه ويستوجب نقضه. وأنه لا يرد على ذلك بالقول أن العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة بمادتين241 و242 من قانون العقوبات - إذ أن الطاعن قد أدين في جناية لا جنحة وفارق بين الوضعين كبير من حيث آثارهما في العود ورد الاعتبار.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه في يوم 12/ 5/ 1954 بدائرة مركز بلقاس مديرية الدقهلية (أولاً) ضرب المغازي علي عبد العال عمداً فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عن إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي قيد بحركة فتح الفم إلى المدى الطبيعي مع انحراف بالفك السفلي إلى الجهة اليسرى عند الفتح تقدر بنحو 10 إلى 15% وثانيا - ضرب محمد المغازي عبد العال عمداً فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت النيابة عقابه بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. وبجلسة المحاكمة أثار الحاضر مع الطاعن واقعة إصابة المجني عليه بالشلل فأقر المجني عليه أنه أصيب في الجهة اليمنى بالشلل بعد أسبوعين من وقوع الحادث - وتمسك الدفاع بانعدام رابطة السببية بين الإصابة التي أحدثها والعاهة التي ألمت بالمجني عليه في قوله "والمجني عليه حاول إخفاء ما أصيب به من شلل. هذا الشلل الذي اعترف به اليوم - يعدم صلة السببية بين الإصابة والعاهة وجميع افادات العلاج والتقارير الطبية لم تشر إلي (الإعاقة أو الانحراف) إلا بعد حصول الشلل بعد 27/ 8/ 1954 وهو (الإعاقة والانحراف) لأن نتيجة الشلل.... مما يبعد رابطة السببية بني الإصابة والعاهة" ومحكمة جنايات المنصور بعد أن سمعت الدعوى انتهت إلى إدانة الطاعن في جريمتين العاهة والضرب البسيط - وقضت بمعاقبة الطاعن بالحبس سنة مع الشغل عن التهمتين بإلزامه بأن يدفع لمدعي بالحق المدني المغازي علي عبد العال مبلغ قرش صاغ ولحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات المدنية عملا بالمواد 240 و242 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات - وردت على دفاع الطاعن في قولها "وحيث عن دفاع المتهم الأول (الطاعن) انحصر أولاًَ... وثانياً - في أن المجني عليه أصيب بالشلل بعد الحادث وأن الإعاقة والانحراف الذي تخلف لديه - لابد أن يكون نتيجة لهذا الشلل. وحيث أن المغازي علي عبد العال ولو أنه أقر بالجلسة أنه أصيب حقيقة بالشلل في الجهة اليمنى من جسمه بعد الحادث بأسبوعين إلا أنه لم يثبت بصفة قاطعة أن لهذا المرض علاقة بالعاهة التي تخلفت لديه نتيجة الاعتداء بل على العكس فقد جاء التقرير الطبي الشرعي قطاعاً أن العاهة المشار إليها كانت بسبب إصابة للفك السفلي".
وحيث إنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد عنى بالتدليل على أن الطاعن هو الذي ضرب المجني عليهما, بالأدلة السائغة التي أوردها في هذا الخصوص - إلا أن المحكمة لم تجرم في حكمها بأن ما شوهد بالمجني عليه من قيد بحركة فتح الفم -كان أثراً من آثار الضرب الذي أحدثه بها إذ قالت في حكمها عن دفاعه "إنه لم يثبت بصفة قاطعة أن لهذا المرض علاقة بالعاهة التي تخلفت لدى المجني عليه نتيجة الاعتداء" وما قاله الحكم من هذا - لا يقطع بأن هذا الدفاع غير صحيح فلا يصح تأسيس الحكم الإدانة عليه بشأن العاهة - وبذا يكون الحكم قد أخل ببيان علاقة السببية بني الفعل المنسوب إلى الطاعن وبين النتيجة التي قضى بمساءلته عنها - مما يجعل من واقعة ضر بالمجني عليه الأول (المغازي علي عبد العال) على الصورة التي أثبتها الحكم به مجرد ضرب بسيط لم يتخلف عنه عاهة: إلا أنه مع ذلك لا جدوى مما يثيره الطاعن في هذا الخصوص - ما دام الحكم قد دانه في جريمتي العاهة والضرب البسيط - ولم يوقع عليه إلا عقوبة واحدة هي عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنة طبقاً لنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات على اعتبار أن هاتين الجريمتين مرتبطتان ببعضهما ارتباط غير قابل للتجزئة وما دامت العقوبة المحكوم بها تدخل في نطاق النص الذي يعاقب على الضرب البسيط الذي لم يتخلف عن عاهة مستديمة - وعن الواقعة الثابتة التي لم ينازع الطاعن فيها أما القول بأن مصلحته ماثلة فيما قد تتأثر به مستقبلاً بالنسبة إلى حالتي العود ورد الاعتبار فمردود بان مواد العود وشروط رد الاعتبار إنما تتأثر وتتأثر فقط بالعقوبة المحكوم بها - وهل هي عقوبة جناية أو جنحة بقطع النظر عن وصف الجريمة التي من أجلها حصل توقيع العقاب - لما كان ما تقدم, وكان قد استبان أن الواقعة الجنائية التي أثبت الحكم وقوعها تبرر العقوبة المحكوم بها بصرف النظر عن الخطأ القانوني الذي وقعت فيه المحكمة بوصفها جريمة ضرب المغازي علي عبد العال ضرباً بسيطاً - لم يتخلف عنه عاهة بأنه ضرب نشأ عنه عاهة مستديمة - فإنه يتعين رفض الطعن وفقاً للمادة 433 من قانون الإجراءات الجنائية.