أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 676

جلسة 16 من يونيه سنة 1958

برئاسة محمود إبراهيم إسماعيل المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(171)
طعن رقم 659 سنة 28 ق

(أ) حكم. بياناته. متى يعتبر محل الواقعة من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها في الحكم؟
(ب) تحقيق. معاينة لزوم القيام بها. متروك إلى السلطة التي تباشر التحقيق.
(ج) دعوى مدنية. تعويض. متى يكون التضامن في التعويض واجباً بحكم القانون؟
1- لا يعتبر محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً, أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة إليه ما دام أن المتهم لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها.
2- إن المعاينة من إجراءات التحقيق التي يترك أمر تقدير لزوم القيام بها إلى السلطة التي تباشره.
3- التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد ثبت من الحكم اتحاد إرادتهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أحدثا برأس عبد العزيز السيد إبراهيم الجروح الرضية الثلاثة الموصوفة بالكشف الطبي الابتدائي والتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجمجمة في مكانين العظم الجبهي الأيمن والعظم الجداري الأيمن لن يملأ بنسيج عظمي مما يعتبر نقطة ضعف تعرضه لخطر الإصابات الضعيفة وضربات الشمس والتهاب السحايا وخراجات المخ ونوبات الصرع والجنون التي ما كان ليتعرض لها لو كان المخ محمياً بالعظام ومما يقلل من كفاءته على العمل ومن سعادته وهنائه بمقدار 10% - 15% تقريباً وكان ذلك صادراً عن سبق إصرار والترصد بأن صمما قصدهما على إيذائه بالضرب وأعدا لذلك عصياً تربصا له بها عن داره ثم في الجرن الذي علما بمبيته فيه حتى إذا ما ظرف به هناك انهالا على رأسه بالعصى فأصاباه بالإصابات آنفة الذكر. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 240/ 1 و2 من قانون العقوبات. فقررت بذلك بتاريخ 30 من مارس سنة 1955. وقد ادعى عبد الرازق السيد إبراهيم بحق مدني قبل المتهمين وطلب القضاء له قبلهما متضامنين بمبلغ 400 جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للطاعن الثاني بمعاقبة متولي متولي صالح بالسجن ثلاث سنوات وبمعاقبة عبد العزيز عبد المجيد خليفة بالحبس مع الشغل سنة واحدة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني عبد الرازق السيد إبراهيم مائة وخمسين جنيهاً تعويضا والمصاريف المدنية المناسبة فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الوجه الأول من الطعن يتحصل في أن إجراءات المحاكمة قد شابها بطلان أثر في الحكم إذ أخطأ في بيان الجهة التي وقع فيها الحادث فأثبت أنه وقع بناحية "مطاي" بينما أنه وقع بعزبة تابعة لنقطة بوليس مطاي هذا فضلاً عن أن النيابة العامة لم تنتقل لمعاينة مكان الحادث مخالفة بذلك ما يوجبه عليها القانون.
وحيث إنه لما كان محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثرا قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشددا - أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة إليه مادام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها. لما كان ذلك - فإنه لا يعيب الحكم أن يذكر أن الواقعة حدثت بناحية "مطاي" في حين أن هذه البلدة هي مقر نقطة البوليس التابع له مكان الحادث. لما كان ذلك - وكانت المعاينة من إجراءات التحقيق التي يترك أمر تقدير لزوم القيام بها إلى السلطة التي تباشره فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الأوجه الثاني والثالث والخامس من الطعن يتحصل في أن الحكم قد شابه القصور وفساد الاستدلال ذلك بأنه لم يستقر على صورة معنية يحدد بها وضع المجني عليه عند إصابته إذ أثبت أنه ضرب وهو رافع الرأس سواء أكان جالساً أن قائماً والتفت الحكم عن الصورة الصحيحة التي قال بها الدفاع والتي أيدها التقرير الطبي من أن المجني عليه وهو من ذوي السوابق أصيب وهو نائم من أعداء له مجهولين دون أن يعرف هؤلاء المعتدين ولا يكفي في الرد على هذا الدفاع قول الحكم بأن وجود أعداء للمجني عليه لا ينفي أن الطاعنين هما اللذان اعتديا عليه - فضلا عن أنه قد تبين من التقارير الطبية أن المجني عليه أصيب بثلاث إصابات. هذا بينما أثبت الحكم في حق الطاعن الأول أنه أحدث بالمجني عليه إصابة الجبهة وفي حق الطاعن الثاني أنه أحدث إصابة منتصف الرأس ودانهما على أساس أنه قد تخلف عاهة مستديمة عن كل إصابة مع أن الإصابة المسندة للطاعن الثاني لم يتخلف عنها عاهة كما هو ثابت من التقرير الطبي الشرعي وأن العاهة الثانية إنما تخلفت عن الإصابة الثالثة التي لم يعرف فاعلها - كما يعيب الطاعنان على الحكم أنه استند في إدانتهما على أقوال زوجة المجني عليه مع أنها لم تتهم أحداً وذكرت فقط أن الطاعنين حضرا إليها ليلة الحادث - وسألاها عن مكان زوجها.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه تتحصل في أن المجني عليه كان يقوم ليلة الحادث على حراسة محصول قمح له حين حضر إليه الطاعنان وضربه أولهما متولي متولي صالح بعصا فأصابه في جبهته ولما هم بإمساكه عاجله الطاعن الثاني عبد العزيز عبد المجيد خليفة بضربه بعصا في منتصف رأسه واستند الحكم في ثبوت الواقعة على أقوال المجني عليه وزوجته وما أورده التقرير الطبي من أنه وجد بالمجني عليه ثلاث إصابات, أولها: جرح رضي بأعلا الحاجب الأيمن طوله 4 سم. وثانياً - جرح رضي طوله 6 سم بالخط المتوسط من الأمام للخلف. وثالثها - جرح رضي طوله 7 سم خلف الثاني ممتد من الأمام لخلف وأنه تخلف عن كل من الإصابتين الأولى والثالثة عاهة مستديمة وقد انتهى الحكم بعد أن فند دفاع الطاعنين إلى مسائلة الأول منها عن الإصابة الأولى والطاعن الثاني عن الإصابة الثالثة التي تخلفت عن كل منهما عاهة مستقلة لما كان ذلك - وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجناية التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه وكان لا يجدي الطاعن محاولته التنصل من مسئوليته عن جناية العاهة المتخلفة عن الإصابة الثالثة ما دامت العقوبة المقضي بها عليه وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة تدخل في الحدود المقررة لجريمة الضرب البسيط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى في الدعوى المدنية بإلزام الطاعنين متضامنين بالتعويض مع أنه كان يتعين إلزام كل طاعن بنسبة الإصابة التي أحدثها مع ملاحظة استبعاد مسئوليتهما عن الإصابة الثالثة التي لم يعرف فاعلها.
وحيث إنه لما كان التضامن في التعويض بين الفاعلين اللذين أسهما في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد ثبت من الحكم اتخاذ إرادتهما وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه. لما كان ذلك - وكان باقي ما يثيره الطاعنان في طعنهما لا يعدو أن يكون مجادلة في أدلة الدعوى تقديرها مما تستقل به المحكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.