أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 684

جلسة 17 من يونيه سنة 1958

برئاسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار, وبحضور السادة:مصطفى كامل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(173)
طعن رقم 583 سنة 28 ق

(أ) تنظيم. مبان. القانون رقم 521 سنة 1940. إقامة بناء على الأراضي المقسمة قبل صدوره. اشتراط صدور مرسوم بالموافقة على التقسيم. غير لازم.
(ب) تنظيم. مبان. إقامة المتهم مبان قبل الحصول على ترخيص. تعلله بخطأ البلدية. لا يقبل. ق 656 سنة 1954.
1- لاحظ المشرع أنه طبقاً للأثر المباشر للقانون رقم 52 لسنة 1940 تصبح التقسيمات السابقة على صدوره بمنأى عن أحكامه فنص في المادة 24/ 1 منه على جواز تطبيق بعض أحكامه على التقسيمات السابقة على أن يكون ذلك بمرسوم, ولم يصدر المرسوم المشار إليه في هذه المادة بتطبيق بعض أحكامه على التقسيمات التي لم تبع قطع أرضيها أو تبن كلها قبل العمل به مفاد ذلك أن جميع التقسيمات السابقة على القانون سالف الذكر يجوز البناء عليها دون اشتراط صدور مرسوم بالموافقة على التقسيم.
2- نظم القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني في المادة 11 منه طريق التظلم من القرارات التي تصدرها السلطة القائمة على أعمال التنظيم، ومن ثم فإنه لا يقبل من المتهم أن يعلل إقامته بناء قبل الحصول على ترخيص بموقف البلدية منه مهما انطوى عليه هذا الموقف من خطأ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها - أولاً أقامت مبان على أرض تقسيم قبل صدور مرسوم الموافقة على التقسيم ثانياً - أقامت بناء بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وطلبت عقابها بالمواد 1, 2, 9, 10, 19, 20 من القانون رقم 52 لسنة 1940 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1950 وقرار الشئون البلدية والمواد 1, 2، 3, 29, 30, 33, 34 من القانون رقم 656 لسنة 54 وقرار الشئون البلدية 767 لسنة 1955. ومحكمة جنح المنيا قضت حضورياً عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمة مما أسند إليها. فاستأنفت النيابة الحكم ومحكمة المنيا الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببراءة المتهمة استناداً إلى أنها أقامت بناء على أرض مقسمة فعلاً منذ سنوات طويلة وأن غيرها من الأهالي أقاموا المباني عليها وإلى أن عجز المتهمة عن استخراج رخصة البناء إنما كان بناء على موقف البلدية منها ذلك أن الثابت بالحكم أن الأرض التي أقامت المتهمة عليها البناء لم يصدر بعد مرسوم تقسمها وأن القانون رقم 656 لسنة 54 لم يجز إقامة أي بناء إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك.
وحيث إن تقسيم الأراضي إلى أنصبة مختلفة تعد لإقامة مساكن عليها - قبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1940 كان يدخل في نطاق استعمال حق الملكية ولم يكن خاضعاً لقيود خاصة إلى أن تدخل المشرع بالقانون المذكور الذي أفصحت مذكرته الإيضاحية عن الحكمة من سنه وهي أنه بسبب ما جدّ في السنين الأخيرة من تحويل الأراضي الزراعية الكائنة في ضواحي المدن إلى أراضي صالحة لإقامة مساكن عليها وأنه إذا ترك المقسم وشأنه قد يضع رسوماً للتقسيم لا تتفق وما تتطلبه قواعد العمران أو أن طرق المواصلات التي يضعها في التقسيم لا تتمشى مع الطرق القائمة أو التي يزعم إنشاؤها أو يقتصر على إجراء مرافق ناقصة أو قاصرة وقد لاحظ المشرع أنه طبقاً للأثر المباشر للقانون تصبح التقسيمات السابقة على صدور القانون رقم 52 لسنة 1940 بمنآى عن أحكامه فنص في المادة 24/ 1 منه على أنه "يجوز التطبيق بعض أحكام هذا القانون على التقسيمات التي لم تبع قطع أراضيها أو تبني كلها قبل العمل بهذا القانون ويكون ذلك بمرسوم" لم يصدر المرسوم المشار هي في المادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1940 بتطبيق بعض أحكامه على التقسيمات التي لم تبع قطع أراضيها أو تبن كلها قبل العمل به مفاد ما تقدم أن جميع التقسيمات السابقة على القانون سالف الذكر يجوز البناء عليها دون اشتراط صدور مرسوم بالموافقة على التقسيم ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهمة المطعون ضدها من أول التهمتين وهي الخاصة بإقامة بناء على أرض مقسمة قد قال "من حيث إن المتهمة دفعت بأنها بنت كما بنى غيرها من الملاك المجاورين. ومن حيث إن الدفاع عن المتهمة ذكر أنها بنت على أرض مقسمة تقسيماً فعلياً وأنها أقامت البناء على طريق عمومي واستدل على ذلك بما هو ثابت من الخريطة المساحية بهذه المنطقة والمرفقة بملف الدعوى رقم 486 سنة 53 جنح بندر المنيا فأمرت المحكمة بضمها وضمت وقد نوقش المهندس على أساس تلك الخريطة فاستأجل الدعوى حتى يقوم بمعاينة البناء مرة ثانية ويطبق ما يراه على ما هو ثابت بالخريطة المذكورة. ومن حيث إنه بمناقشة مهندس التنظيم على ضوء معاينته اتضح أن الشارع الذي يفتح عليه باب المنزل موضوع التهمة مرسوم على تلك الخريطة غير أن المهندس ذكر بأن ذلك الشارع لم يمر عليه خمس عشرة سنة ولم يصدر مرسوم باعتماده. ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الخريطة سالفة الذكر أنها عن المنطقة رقم 43 من بندر المنيا وأن منزل المتهمة يقع على ناصية شارع الجسر المعروف عند التنظيم بشارع عارف وحارة الجسر وقد ورد بتقرير الخبير المرفق بالقضية رقم 486 سنة 53 جنح بندر المنيا المضمومة أن هذا الشارع قد أقيم عليه العديد من المنازل على كل من جانبيه ويرجع تاريخ إنشائها إلى سنة 1936 أن جميع تلك المنازل قد ربطت عليها عوائد التنظيم. فإذا كان ذلك كذلك فإن المحكمة تلتفت عما قرره مهندس التنظيم من أن الشارع الذي يقع عليه البناء غير مستطرق فلا تثريب على المتهمة إن هي أقامت البناء على أرض مقسمة فعلاً منذ سوات طويلة" وكان مفاد ما أورده الحكم من ذلك أن المنطقة التي أقيم عليها البناء قسمت قبل سنة 1940 بدليل أن هذا البناء أقيم على طريق شيدت منازل على كل من جانبيه منذ سنة 1936, لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون سديداً إذ قضى بالبراءة من التهمة الأولى استناداً إلى أن المتهمة أقامت البناء على أرض مقسمة قبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1940 ما دامت تلك الأرض لا تخضع على ما سلف ذكره - للقانون المذكور الذي اشترط صدور مرسوم بالموافقة على تقسمها, لما كان ما تقدم وكان القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني قد حظر في مادته الأولى إنشاء بناء قبل الحصول على ترخيص في ذلك من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وكان صرف الترخيص بالبناء على أرض مقسمة ليس معلقا علي مجرد تثبت السلطة القائمة على أعمال التنظيم من صدور مرسوم بالموافقة على التقسيم بل كما نصت المادة 2 من القانون سالف الذكر. "ومتى ثبت أن مشروع البناء أو الأعمال المطلوب إقامتها أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها مطابقاً للشروط المنصوص عليها في هذا القانون أو القرارات المنفذة له." وكان القانون المذكور قد نظم في المادة 11 منه طريق التظلم من القرارات التي تصدرها السلطة القائمة على أعمال التنظيم فإنه لا يقبل من المتهمة أن تعلل إقامتها بناء قبل الحصول على ترخيص بموقف البلدية منها مهما انطوى عليه هذا الموقف من خطأ. لما كان كل ذلك فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه إذ قضى بالبراءة من تهمة إقامة بناء بدون ترخيص استناداً إلى حجز المتهمة عن الحصول على ترخيص نظراً إلى موقف البلدية منها يكون قد أخطأ في القانون وقد حجب هذا الخطأ القانوني المحكمة عن نظر الموضوع مما يتعين معه نقض الحكم - بالنسبة إلى التهمة الثانية الخاصة بإقامة بناء بدون ترخيص وإحالتها للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى.