أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 26 - صـ 72

جلسة 20 من يناير سنة 1975

برئاسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن على المغربى، وعثمان مهران الزينى، وعادل برهان نور، وقصدى إسكندر عزت.

(17)
الطعن رقم 1817 لسنة 44 القضائية

(1) مستشار الإحالة. أمر إحالة. بطلان. تحقيق. نقض. أسباب الطعن. "ما لا يقبل منها".
قضاء الإحالة هو المرحلة النهائية من مراحل التحقيق. عدم اعتبار أوامره أحكاما. خلو قرار الإحالة من اسم مصدره. لا بطلان.
(2) ضرب "أحدث عاهة". عاهة مستديمة. حكم. "تسبيه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
العاهة فى مفهوم المادة 240 عقوبات. تعريفها؟
عدم بيان الحكم مدى تأثير العاهة على قدرة المجنى عليه على العمل. لا عيب.
(3) إثبات. "خبرة". "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل" حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق الدليل القولى مع الدليل الفنى . غير لازم. مثال.
(4) دفوع."الدفع بتعذر الرؤية بسبب الظلام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم."تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحديد المسافات. أمر تقديرى. مثال.
1 - من المقرر أن قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق و هو فيما يباشره من سلطات ليس إلا سلطة تحقيق وما يصدره من قرارات لا يعد أحكاما فى المعنى الصحيح للقانون إذ أن الحكم هو قضاء صادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا فى موضوع دعوى رفعت إليها وفقا للقواعد الإجرائية المقررة فى حين أن أوامر مستشار الإحالة تصدر منه باعتباره سلطة تحقيق وليست جزاءا من قضاء الحكم، ومن ثم فإنه لا محل لإخضاع هذه الأوامر لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان. ولما كان القانون. قد خلا من وجوب اشتمال قرارات مستشار الإحالة على اسم من أصدرها فلا وجه للقول ببطلانها لإغفال هذا البيان فى ديباجتها - هذا فضلا عن أن إبطال أمر إحالة الدعوى الى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها فى حوزة المحكمة.
2 - من المقرر أن العاهة فى مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هى فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها بصفة مستديمة وبذلك فإن العاهة يتحقق وجودها بفقد أحد الأعضاء أو الأجزاء أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية. ولما كان الحكم قد أثبت من واقع التقرير الطبى الشرعى أن إحدى إصابتى المجنى عليه الأول قد خلفت له فقدا بالعظم الجدارى الأيسر لقبوة الرأس نتيجة عملية التربنة التى اقتضتها حالة اصابته، فإنه لا على الحكم إن لم يبين مدى تأثير هذه العاهة على مقدرة المجنى على العمل.
3 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ولما كان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من قيام التعارض بين الدليلين القولى والفنى وأطرحه بما جاء فى التقرير الطبى من أن إصابة المجنى عليه تتفق والتصوير الوارد فى أقواله وبأن وجود الطاعن فى مواجهة المجنى عليه لا يتعذر معه إصابة هذا الأخير فى يسار رأسه، فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن ينحل إلى جدول موضوعى فى تقدير الأدلة مما لا تجوز مجادلة محكمة الموضوع فيه أمام محكمة النقض.
4 - متى كان الحكم قد عرض لما تمسك به الدفاع من تعذر الرؤية لوقوع الحادث فى الظلام ورد عليه بما اطمأن إليه من أقوال شهود الإثبات من رؤيتهم الواقعة وقت حدوثها لأن الطريق الذى وقع فيه الحادث كان مضاء بالكهرباء، وكان ما عقب به الحكم بعدئذ من أن الدفاع قد أقر بوجود إحدى المصابيح المضاءة على باب المسجد الواقع على مقربة من مسرح الجريمة له أصله الثابت من محضر الجلسة إذ سلم المدافع عن الطاعن بوجود ذلك المصباح على باب المسجد الذى يقع على بعد عشرة أمتار من محل الحادث، فإن الحكم إذ اعتبر هذه المسافة قريبة فلا وجه للنعى عليه فى هذا الخصوص طالما أن تحديد المسافات أمر تقديرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز بركة السبع محافظة المنوفية (أولا) ضرب ........ بمؤخر بندقية على رأسه وبيده اليسرى فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تخلفت لديه من جراء إحداها عاهة مستديمة هى الفقد النصفى التربيثى بالجدارية والصدغية اليسرى مما يقلل كفاءته على العمل ويعد عاهة مستديمة يستحيل برؤها. (ثانيا) ضرب......... فأحدث بها الإصابة المبينة بالتقرير الطبى والتى اعجزتها عن أعمالها الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوما. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا لمواد الاتهام فقرر ذلك. وادعى المجنى عليه الأول مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت فى الدعوى حضوريا عملا بالمواد 240/ 1 و242/ 1 و17من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنة وإلزامه أن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى إحداث عاهة مستديمة وضرب بسيط قد شابه بطلان فى الإجراءات وخطأ فى تطبيق القانون وقصور فى التسبيب وخطأ فى الإسناد وفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الدفاع تمسك ببطلان أمر الإحالة لخلوه من اسم المستشار الذى أصدره فرد عليه الحكم ردا غير سديد فى القانون إذ ذهب إلى أن محضر الجلسة وقد استوفى ذلك البيان يكمله وأن القول ببطلان أمر الإحالة من شأنه إعادة القضية إلى النيابة العامة بعد أن كانت قد خرجت من حوزتها وهو أمر ممتنع، ووجه الخطأ فى هذا الشأن أن أمر الإحالة يجرى على ما يجرى على الأحكام من وجوب استيفائه مقوماته بذاته مما لا يجوز معه القول بأن محضر الجلسة يكمل ما نقص من بياناته، كما أن بطلانه يستوجب إعادة القضية إلى مرحلة الإحالة - لا إلى النيابة العامة - لنظرها من جديد، هذا فضلا عن أن الحكم المطعون عليه لم يبين ما إذا كانت إصابة المجنى عليه قد ترتب عليها التأثير على قدرته على العمل أم لا، كما أن الدفاع كان قد تمسك بقيام التعارض بين الدليلين القولى والفنى لأن مفاد أقوال المجنى عليه أن الطاعن كان فى مواجهته عندما اعتدى عليه ومؤدى ذلك أن تكون اصابته فى رأسه من الإمام فى حين أن الثابت من التقرير الطبى أن إصابته كانت فى يسار الرأس. وعلى الرغم من ذلك فإن الحكم لم يعن بالرد على هذا الدفاع رغم أهميته، كما أن الطاعن كان قد دفع باستحالة الرؤية لوقوع الحادث فى الظلام فأطرح الحكم هذا الدفاع دون أن يرد عليه ردا كافيا إذ ذهب إلى وجود مصباح على باب المسجد وأن الدفاع أقر بقربه من محل الحادث وهذا يخالف الثابت فى الأوراق من أن الدفاع قد أصر على أن ذلك المصباح كان بعيداً عن مكان الواقعة.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود والتقريرين الطبيين، عرض لما دفع به الطاعن من بطلان أمر الإحالة لخلوه من اسم المستشار الذى أصدره ورد على هذا الدفع بأن محضر الجلسة قد أشتمل على هذا البيان وهو يكمل أمر الإحالة فى هذا الصدد فضلا عن أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضى ببطلانه لما يترتب على ذلك من عودة القضية إلى سلطة التحقيق بعد دخولها فى حوزة المحكمة وهو ما لا يجيزه القانون، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وهو فيما يباشره من سلطات ليس إلا سلطة تحقيق وما يصدره من قرارات لا تعد أحكاما فى المعنى الصحيح للقانون إذ أن الحكم هو قضاء صادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا فى موضوع دعوى رفعت إليها وفقا للقواعد الإجرائية المقررة فى حين أن أوامر مستشار الاحالة تصدر منه باعتباره سلطة تحقيق وليست جزاء من قضاء الحكم ومن ثم فإنه لا محل لإخضاع هذه الأوامر لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان. ولما كان القانون قد خلا من وجوب اشتمال قرارات مستشار الإحالة على اسم من أصدرها فلا وجه للقول ببطلانها لإغفال هذا البيان فى ديباجتها هذا فضلا عن أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها فى حوزة المحكمة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى اطراح الدفع يكون قد أصاب صحيح القانون ولا وجه للنعى عليه فى هذا الخصوص ما كان ذلك، وكان من المقرر أن العاهة فى مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هى فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها بصفته مستديمة وبذلك فإن العاهة يتحقق وجودها بفقد أحد الأعضاء أو الأجزاء أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية وكان الحكم قد أثبت من واقع التقرير الطبى الشرعى أن إحدى إصابتى المجنى عليه الأول قد خلفت له فقدا بالعظم الجدارى الأيسر لقبوة الرأس نتيجة عملية التربنة التى اقتضتها حالة إصابته فإنه لا على الحكم أن لم يبين مدى تأثير هذه العاهة على قدرة المجنى عليه على العمل ومن ثم فإن النعى على الحكم بالقصور فى هذا الصدد يكون غير سديد، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملائمة والتوفيق، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من قيام التعارض بين الدليلين القولى والفنى واطرحه بما جاء فى التقرير الطبى من أن إصابة المجنى عليه تنفق والتصوير الوارد فى أقواله وبأن وجود الطاعن فى مواجهة المجنى عليه لا يتعذر معه إصابة هذا الأخير فى يسار رأسه فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما لا تجوز مجادلة محكمة الموضوع فيه أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد عرض لما تمسك به الدفاع من تعذر الرؤية لوقوع الحادث فى الظلام ورد عليه بما اطمأن إليه من أقوال شهود الاثبات من رؤيتهم الواقعة وقت حدوثها لأن الطريق الذى وقع فيه الحادث كان مضاء بالكهرباء، وكان ما عقب به الحكم بعدئذ من أن الدفاع قد أقر بوجود إحدى المصابيح المضاءة على باب المسجد الواقع على مقربة من مسرح الجريمة له أصله الثابت من محضر الجلسة إذ سلم المدافع عن الطاعن بوجود ذلك المصباح على باب المسجد الذى يقع على بعد عشرة أمتار من محل الحادث فإن الحكم إذ اعتبر هذه المسافة قريبة فلا وجه للنعى عليه فى هذا الخصوص طالما أن تحديد المسافات أمر تقديرى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير اساس مستوجبا للرفض موضوعا.