أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 710

جلسة 24 من يونيه سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: عثمان رمزي, والسيد أحمد عفيفي, وإبراهيم عثمان يوسف, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(179)
طعن رقم 1186 سنة 27 ق

دعوى مباشرة. نقض. ما لا يجوز فيه الطعن. غرفة الاتهام. ق 121 لسنة 1956 المعدل للمادة 210 أ. ج. تفسيره. تحريمه استئناف القرار بالأوجه لإقامة الدعوى الصادر ضد موظف أو مستخدم أو رجل ضبط عن جريمة ارتكبها أثناء أو بسبب تأدية الوظيفة. امتداد هذا المنع إلى الطعن بطريق النقض. علة ذلك.
حرم الشارع بالقانون رقم 121 لسنة 1956 الذي عدل المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية فيما حرمه من اتخاذ إجراءات الدعوى ضد الموظفين أو المستخدمين أو رجال الضبط لجرائم وقعت منهم أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها، حق استئناف الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى عن جريمة من هذه الجرائم, كما عطل حق رفع الدعوى بالطريق المباشر كذلك ولا يلتئم مع هذا المنع أن يظل حق الطعن بالنقض باقيا على أصل جوازه بالنسبة للأوامر الصادرة من غرفة الاتهام والمتعلقة بالقرارات بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى, بل إن هذا المنع يجب أن يمتد لنفس العلة التي أفصح عنها الشارع في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 121 لسنة 1956 - وهي "أن يضع للموظفين حماية خاصة تقيهم كيد الأفراد لهم ونزعتهم الطبيعية للشكوى منهم" - إلى الطعن بطريق النقض أيضاً ما دام الشارع قد قصد إلى سد سبيل الاعتراض على الأوامر بأن لا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة للموظفين العامين وفي نطاق الجرائم المشار إليها في النص وما دام الطعن بالطريق العادي وبالطريق غير العادي يلتقيان عند الرد إلى تلك العلة التي توخاها الشارع بهذا التعديل تحصيناً للموظفين العامين من شطط المخاصمة.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أنه كانت قد خلت مشيخة ناحية منشأة سمهان مركز دير مواس مديرية أسيوط باستقالة عبد الكريم عبد الحق للأسباب الواردة بكتاب استقالته, فأصدر السيد مدير أسيوط كتاباً في 24/ 1/ 1951 على أثر قبول هذه الاستقالة بأمر فيه باتخاذ إجراءات الترغيب والترشيح طبقاً للقانون رقم 141 لسنة 1947, فاتخذت الإجراءات فعلاً وأسفرت النتيجة عن انتخاب الشيخ معزوز سعيد مبارك (المطعون ضده الثالث). فطعن محمد عبد العليم سمهان (الطاعن) بتزوير إجراءات الانتخاب والترشيح والتغريب بشكوى تقدم بها لنيابة دير مواس "قيدت برقم 713 سنة 1954 إداري" بانياً طعنه على الأسباب الواردة بها. وقد أجرت النيابة العامة تحقيقا جنائياً في هذا الطعن ثم أصدرت بتاريخ 30/ 1/ 1955 قراراً بعد موافقة سيادة المحامي العام بحفظ الشكوى إداريا مع اتخاذ إجراء الجزاء الإداري ضد مصطفى صيام (المطعون ضده الأول). وقد ادعى الطاعن مدنياً بملغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت أثناء تحقيق النيابة ضد السادة حسين زين العابدين مأمور مركز دير مواس السابق ومصطفى صيام معاون إدارة مركز المحرص ونجيب سمهان العمدة السابق. فاستأنف المستأنف محمد عبد العليم سمهان قرار الحفظ سالف الذكر في 15/ 2/ 1955 والمعلن إليه في 25 من الشهر المذكور. وفي أثناء نظر استئناف هذا القرار أمام غرفة الاتهام بمحكمة المنيا الابتدائية دفع الحاضر عن المطعون ضدهما الثاني والثالث نجيب سمهان ومعزوز سعيد مبارك بدفعين أولهما عدم جواز استئناف قرار الحفظ الصادر من النيابة في هذه الشكوى وثانيهما بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. وبعد أن أتمت غرفة الاتهام المذكورة سماع هذا الاستئناف أمرت حضورياً في 7/ 4/ 1956 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة. فطعن الأستاذ المحامي عن الطاعن في هذا الأمر الأخير بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... من حيث إن مبنى الطعن هو أن غرفة الاتهام إذ أصدرت أمرها بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة قد أخطأت في تطبيق القانون إذا أنه يكفي لقبول الادعاء المدني أمام غرفة الاتهام أن يكون المدعي مجرد شاك في التحقيق وما دامت النيابة العامة التي أحلها القانون محل قاضي التحقيق قد فصلت نهائياً في قبول المدعي بالحقوق المدنية طبقاً للمادتين 76, 77 من قانون الإجراءات الجنائية فلا يصح من بعد لغرفة الاتهام أن تعيد النظر فيما فصلت فيه النيابة - يضاف إلى ذلك أن غرفة الاتهام اعتنقت قرارات لجنة الشياخات وهي لجنة إدارية واعتبرتها حائزة لقوة الشيء المقضي به مما يعيب الأمر بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأمر المطعون فيه أن مشيخة ناحية منشأة سمهان من أعمال مركز ملوي قد خلت باستقالة شاغلها فأصدر السيد مدير أسيوط كتاباً في 24/ 1/ 1951 يأمر فيه باتخاذ إجراءات الترغيب والترشيح طبقاً للقانون رقم 141 لسنة 1947 فاتخذت الإجراءات فعلا واسفرت النتيجة عن انتحاب الشيخ معزوز سعيد مبارك المستأنف المطعون ضده الثالث. فطعن محمد عبد العليم سهمان بتزوير إجراءات الانتخاب والترشيح والتغريب وقدم بذلك شكاوى للنيابة واتهم مصطفى صيام معاون الإدارة ورئيس لجنة الانتخاب ونجيب سهمان العمدة ومعزوز سعيد مبارك شيخ البلدة بالتزوير في الأوراق الرسمية الخاصة بهذه العمليات وتولت النيابة التحقيق وادعى الطاعن (محمد عبد العليم سمهان) مدنياً أثناء هذا التحقيق بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض. وقد أصدرت النيابة بع انتهائها من التحقيق قراراً بعد موافقة السيد/ المحامي العام بحفظ الشكوى إدارياً مع اتخاذ إجراء الجزاء الإداري ضد معاون الإدارة. فاستأنف الطاعن هذا القرار بوصفه مدعيا بالحق المدني في 15/ 12/ 1955 ونظر الاستئناف أمام غرفة الاتهام فدفع الحاضر عن المشكو في حقهم بعدم جواز استئناف قرار الحفظ الصادر من النيابة في هذه الشكوى لأن الاستئناف لا يحصل إلا في القرار الصادر بالأوجه لإقامة الدعوى عملاً بالمادة 220 من قانون الإجراءات كما دفع بعدم قول الاستئناف من المستأنف لعدم وجود صفة أو مصلحة له. وبجلسة7/ 4/ 1956 قررت غرفة الاتهام رفض الدفع الأول استناداً إلى أن القرار الصادر من النيابة عقب التحقيق هو في حقيقته قرارا بالأوجه لإقامة الدعوى وأمرت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. وقالت الغرفة في أسباب قراراها ما مؤداه "إنه وإن كان نص المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية يبيح استئناف القرار الصادر بالأوجه لإقامة الدعوى العمومية من المجني عليه ومن المدعي بالحق المدني إلا أن هذا لا يؤخذ على إطلاقه بل يجب أن يكون المدعي بالحق المدني أو المجني عليه هو المضرور بالقرار المستأنف وأن يكون الضرر محققاً أو شخصياً. وحيث إنه تطبيقاً لهذا المبدأ في خصوص هذه الدعوى يبين أن المستأنف وإن كان قد ادعى مدنياً في تحقيقات الشكوى المستأنف القرار الصادر فيها إلا أنه لا صفة له كمجني عليه أو مدعي بالحقوق المدنية إذ الثابت من الأوراق أنه طعن بالطريق الإداري في صحة انتخاب المستأنف ضده الثالث الشيخ معزوز سعيد مبارك أمام اللجنة المختصة صدر بتاريخ 7/ 4/ 1951 قرار منها بإجماع الآراء بقبول طعنه شكلاً وبرفضه موضوعا لأنه مقدم من غير ذي صفة تأسيساً على أن الطاعن وهو المستأنف الآن غير مقيد في أحد كشفي المرشحين للشياختين الحاليتين بناحية المنشأة سمهان. وحيث أن هذا القرار أصبح نهائياً لعدم الطعن فيه أمام الجهة المختصة ولعدم منازعة المستأنف في نهائيته - وتأسيسا على ذلك لا يكون للمستأنف الآن صفة في استئناف القرار المستأنف بوصفه مجنياً عليه لأنه ليس مضروراً شخصياً بضرر محقق لانعدام الصفة التي تخوله هذا الحق لعدم قيد اسمه في كشوف الشياخة موضوع الانتخاب ورد القرار على دفاع المستأنف الذي ردده في طعنه أمام هذه المحكمة بقوله: وحيث إنه عن قول المستأنف في مذكرته الأخيرة أنه ما دام قد ادعى مدنيا في التحقيقات تكون له صفة للاستئناف وأنه ليس لغرفة الاتهام أن تتعرض لما إذا كان قد أصابه ضرر من عدمه وأن هذا من اختصاص محكمة الموضوع فمردود بأنه لكي تفصل الغرفة في هذا الاستئناف موضوعاً يتعين عليها أن تبحث فيما إذا كان للمستأنف صفة في تقديمه أمامها من عدمه والغرفة في سبيل هذا البحث لا تتعرض لموضوع التعويض بل هي تتعرض لصفة المستأنف ومصلحته في هذا الاستئناف وما دام قد ثبت بقرار نهائي من جهة مختصة أنه لا صفة له فلا يكون له إذن صفة أو مصلحة في رفع هذا الاستئناف لغرف الاتهام..." - لما كان ذلك وكان المطعون ضدهم من رجال الضبط إذ أن أحدهم معاون إدارة والثاني عمدة والثالث شيخ البلدة وكان الأمر بالأوجه لإقامة الدعوى قد صدر في تهمة موجهة إليهم أثناء وبسبب تأدية وظيفتهم وكانت المادة 210 من قانون الإجراءات المعدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1956 المعمول به في 25/ 3/ 1956 أي قبل صدور أمر غرفة الاتهام بتاريخ 7/ 4/ 1956 قد نصت على أن للمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر المذكور في المادة السابقة أمام غرفة الاتهام إلا إذا كان الأمر صادراً في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت أثناء تأدية وظيفته نأو بسببها. ولما كان الشارع قد أشار في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 121 لسنة 1956 إلى الحكمة التي قصدها من هذا التعديل وهي أن يضع للموظفين حماية خاصة تقيهم كيد الأفراد لهم ونزعتهم الطبيعية للشكوى منهم فحرم فما حرمه من اتخاذ إجراءات الدعوى ضدهم لجرائم وقعت منهم أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها - حق استئناف الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة بالأوجه لإقامة الدعوى عن جريمة من هذه الجرائم كما عطل حق رفع الدعوى بالطريق المباشرة كذلك - ولا يلتئم مع هذا المنع الذي بدئ العمل به قبل التقرير بالنقض في 21 من إبريل سنة 1956 أن يظل حق الطعن بالنقض باقيا على أصل جوازه بالنسبة للأوامر الصادرة من غرفة الاتهام والمتعلقة بالقرارات بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى بل إن هذا المنع يجب أن يمتد - لنفس تلك العلة التي أفصح عنها الشارع في المذكرة الإيضاحية - إلى الطعن بطريق النقض أيضاً ما دام الشارع قد قصد إلى سد سبيل الاعتراض على الأوامر بالأوجه لإقامة الدعوى بالنسبة للموظفين العامين وفي نطاق الجرائم المشار إليها في النص وما دام الطعن بالطريق العادي وبالطريق غير العادي يلتقيان عند الرد إلى تلك العلة التي توخاها الشارع بهذا التعديل تحصيناً للموظفين العامين من شطط المخاصمة. ومتى تقرر ذلك فإن الطعن بطريق النقض في القرار المطعون فيه لا يكون جائزاً.