أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 108

جلسة 3 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، ومحمد عبد الواحد الديب، وفاروق محمود سيف النصر.

(25)
الطعن رقم 1496 لسنة 44 القضائية

إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". ضرب. "أحدث عاهة". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق المحكمة في إطراح ما لا تطمئن إليه من أدلة الثبوت. شرطه؟
أخذ المحكمة بالتقرير الطبي الشرعي الذي انتهى إلى عدم تخلف عاهة مستديمة. دون أن تعرض لما جاء بالتقارير الطبية الشرعية اللاحقة. وبشهادة الطبيب الشرعي الذي أجرى الكشف على المجني عليه. من تخلف عاهة به. ومن مآخذ فيه على التقرير الأول. قصور.
من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تطرح ما يقدم إليها من أدلة الثبوت إذا لم تطمئن إليها غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وأدلتها التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم توافر العاهة لدى المجني عليها مستندا في ذلك إلى التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 10 من يوليو سنة 1969 دون أن يقول كلمته فيما ورد بشهادة الطبيب الشرعي الذي قام بالكشف على المجني عليها والتقارير الطبية الشرعية اللاحقة المثبتة لتخلف العاهة لدى المجني عليها والتي تضمنت المآخذ الفنية. على هذا التقرير، فإن ذلك لما يكشف عن أن الحكم المطعون فيه أطرح أدلة ثبوت العاهة دون أن يلم بظروف الدعوى وملابساتها التي طرأت بعد تحرير التقرير الأول الذي أعتمد عليه وعول على نتائجه مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 21 من أكتوبر سنة 1968 بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية: ضرب......... بقبضة يده في وجهها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي ابتعاج بجدران الجيب الوجني الأيسر وتليفه والتهاب مزمن به وضعف بحركة الفك السفلي الأيسر يقدر مداها بنحو 10%. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، وادعت المجني عليها قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضورياً بتاريخ 25 من إبريل سنة 1973 عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم مبلغ عشرة جنيهات وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرين جنيها كتعويض مدني والمصروفات المدنية المناسبة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ اقتصر على إدانة المطعون ضده بجنحة الضرب البسيط ونفى عنه ارتكاب جناية العاهة المستديمة المنسوبة إليه قد شابه قصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه اعتمد في قضائه على ما ورد بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ 10 من يوليه سنة 1969 مع أن التقارير الطبية اللاحقة له وشهادة الطبيب الشرعي امام المحكمة الجزئية بجلسة 10 مايو سنة 1971 قد بينت أن ما تضمنه التقرير الأول كان مرده أخطاء فنية وعدم وضوح صورة الأشعة المأخوذة للمجني عليها مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقول كلمتها في تلك التقارير التي أفادت بوجود العاهة وكذا ما شهد به الطبيب الشرعي مؤيدا لها والمطاعن التي أثيرت بشأن التقرير الأول أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أطرحت دليلا من أدلة الدعوى دون أن تحيط بالظروف والملابسات التي طرأت بعد اكتشاف الخطأ الفني الذي وقع في التقرير الطبي الأول الذي اعتمدت عليه المحكمة مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه في يوم 21 من أكتوبر سنة 1968 ضرب......... بقبضة يده في وجهها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها يقدر مداها بنحو 10% الأمر المعاقب عليه بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وقد قضى الحكم المطعون فيه بمساءلة المطعون ضده عن ضربه عمدا المجني عليها وإحداثه بها إصابات أعجزتها عن اشغالها الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما وأوقع عليها العقاب بالتطبيق لنص المادة 241/ 1 من قانون العقوبات استناداً إلى أن المجني عليها شفيت دون تخلف عاهة وقال الحكم في ذلك: "بأن المحكمة لا تطمئن إلى صحة النتيجة التي خلص إليها التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 22 من أغسطس سنة 1970 بتخلف عاهة مستديمة قدرت بنحو 10% على النحو المفصل بذلك التقرير ومرد أن تقريرا طبيا شرعيا مؤرخا في 10 من يوليه سنة 1969 تضمن أنه بإعادة الكشف الطبي الشرعي وجدت المجني عليها تبدو في صحة عادية وقد زال ما كانت تشكو منه سابقا من ألم أثناء تحريك الفم وتنميل بالوجه وأن الأشعة المأخوذة أظهرت التئام كسر النتوء القرني للفك السفلي الأيسر وأن حالة الجيب الوجني الأيسر أصبحت عادية ومن ثم فكان مفترضا إنهاء هذا التقرير إلى نتيجة مفادها شفاء المجني عليها من إصاباتها دون تخلف عاهة وليس ثمة ما يبرر انتهاء هذا التقرير بأن المجني عليها لم يتم شفاء إصابتها حتى يعاد الكشف عليها خاصة وأن هذه النتيجة تتناقض مع تلك المقدمة السالف بيانها ومؤداها شفاء المجني عليها من إصاباتها دون تخلف عاهة وهو ما يؤكد للمحكمة اطمئنانها إليها وترى مساءلة المتهم جنائيا ومدنيا في نطاقها استنادا لما سلف بيانه من أدلة استقامت قانونا". لما كان ذلك، وكان الثابت من شهادة الطبيب الشرعي أمام المحكمة الجزئية - التي قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى - ومن التقارير الطبية عن حالة المجني عليها بعد يوم 10 يولية سنة 1969 أن ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي الذي اعتمدت عليه المحكمة في قضائها كان مرده عدم وضوح صورة الأشعة التي أخذت للمجني عليه بمصلحة الطب الشرعي والمشار إليها في هذا التقرير وأن الحالة الاصابية استقرت نهائيا بتخلف عاهة مستديمة قدرت بنحو 10%، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تطرح ما يقدم إليها من أدلة الثبوت إذا لم تطمئن إليها غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى واحاطت بظروفها وأدلتها التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم توافر العاهة لدى المجني علها مستندا في ذلك إلى التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 10 من يولية سنة 1969 دون أن يقول كلمته فيما ورد بشهادة الطبيب الشرعي الذي قام بالكشف على المجني عليها والتقارير الطبية الشرعية اللاحقة المثبتة لتخلف العاهة لدى المجني عليها والتي تضمنت المآخذ الفنية على هذا التقرير، فإن ذلك لما يكشف عن أن الحكم المطعون فيه أطرح أدلة ثبوت العاهة دون أن يلم بظروف الدعوى وملابساتها التي طرأت بعد تحرير التقرير الأول الذي اعتمد عليه وعول على نتائجه مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويوجب نقضه والاحالة.