أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 821

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1958

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، محمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل، وعادل يونس المستشارين.

(201)
الطعن رقم 1046 لسنة 28 القضائية

أ، ب- سرقة السرقة المقترنة بظروف مشددة. حمل السلاح. ماهية السلاح الذي يتوافر به الظرف المشدد.
لا عبرة بنوع السلاح أو وصفه. توافر الظرف المشدد يحمل السكين أثناء السرقة بلا مبرر من ضرورة أو حرفه وبقصد تسهيل السرقة.
إلغاء المادة 25 من ق 394 سنة 54 بشأن الأسلحة والذخائر التي كانت تعاقب على حمل وإحراز الأسلحة البيضاء وإلغاء الجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون والمشتمل على بيان هذه الأسلحة بالقانون رقم 75/ 1958 لا يؤثر في اعتبار حمل السكين أثناء السرقة ظرفا مشددا لها.
(1) إن ما قرره الحكم من اعتبار السكين التي ضبطت مع أحد المتهمين وقت السرقة الحاصلة ليلا - سلاحا يتوافر بحمله الظرف المشدد في جناية السرقة إذا لم يكن لحمله مبرر من الضرورة أو الحرفة وكان مقصودا به تسهيل جريمة السرقة تأويل صحيح للقانون ولا يؤثر في صحة هذا التأويل أن يكون الشارع في القانون رقم 75 لسنة 1958 قد ألغى المادة 25 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر وهى التي كانت تعاقب على حمل وإحراز الأسلحة البيضاء كما ألغى الجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون والمشتمل على بيان هذه الأسلحة، لا يؤثر هذا الإلغاء في صحة تأويل المذكور، لأنه وقف على إحراز الأسلحة البيضاء وحملها باعتبار أن هذا الحمل أو الإحراز في غير هذا النوع من الأسلحة جريمة خاصة لا يتوقف تحقق وقوعها ولا العقاب عليها على كشف السبب في حملها أو إحرازها، أما إذا كان حمل شيء من الأسلحة البيضاء لمناسبة ارتكاب جريمة أخرى وللاستعانة به على إيقاعها، استعمل السلاح، أو لم يستعمل فإنه يعد سلاحا يتوافر به الظرف المشدد الذي نص عليه القانون في المادة 316 من قانون العقوبات.
(2) إن المادة 316 من قانون العقوبات هي كغيرها من المواد الواردة في باب السرقة التي جعلت من حمل السلاح مطلقا ظرفا مشددا دون تحديد لنوعه أو وصفه وعلى هذا التفسير جرى قضاء محكمة النقض واستقر. فإذ كان الثابت من الحكم أن المتهم وزميله ارتكبا السرقة ليلا، وكان أولهما يحمل السكين في يده فإن ذلك يتوافر به جميع العناصر القانونية لجناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: سرقا الماسورة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لمصلحة الطرق والكباري حالة كون أحدهما (المتهم الأول) يحمل سكينا ظاهرا بيده والمتهم الأول أيضا أحرز سلاحا أبيضا "سكينا" بدون ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 316 من قانون العقوبات والمواد 25 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والبند العاشر من الجدول رقم أ المرفق به بالنسبة للأول، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إن محصل هذا الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء معيبا بفساد الاستدلال والقصور والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المستفاد من أقوال الخفير الخصوصي موسى عبد الغنى شافعي أن السرقة حدثت بين المغرب والعشاء وأن السارق هو المتهم الثاني الذي اعترف بجريمته، وهذه الأقوال تغاير أقوال شاهدي الإثبات وهى وأقوال لا تلتئم مع ما شهد به الخفير الخصوصي المذكور من أن السارق لم يره أحد وأنه أبلغ الشاهدين الآخرين أن الذي سرق الماسورة هو المتهم الثاني وشخص آخر غير المتهمين وكلفه بالتبليغ، وقد أبدى الدفاع للمحكمة أن الطاعن لم يكن إلا مرشدا للخفير موسى عبد الغنى ومساعدا له في البحث عن الماسورة وقد سكت الحكم عن الرد على هذا الدفاع، هذا إلى أن الطبيب الشرعي أثبت في تقريره أن السكين المضبوطة ليست من السلاح المنصوص عليه في القانون ومن ثم يكون الوصف الذي وصفت به الحادثة من أنها جناية سرقة مع حمل سلاح هو وصف خاطئ.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وقال في هذا البيان "إن الخفيرين عبد الهادي إبراهيم البنا ومحمود عبد القادر حمزة شاهدا المتهمين الأولين سعيد سالم العكر وإبراهيم عبد الحميد صقر يحملان ماسورة مملوكة لمصلحة الطرق والكباري، فانتظروا حتى قرب منهما المتهمان ثم قبضا عليهما ومعهما الماسورة المسروقة وأبلغا العمدة مصطفي فتح الله بالحادث فأبلغه بدوره للجهات المختصة، وقد سأل المتهمين فاعترف ثانيهما إبراهيم عبد الحميد بالسرقة وأنكر الأول سعيد سالم ما نسب إليه، وقد ضبط الخفير محمود عبد القادر حمزة مع هذا الأخير سكينا ذات نصل طوله 25 سم بحد واحد كان يحملها في يده عند ضبطه متلبسا بالسرقة" ثم أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وهى شهادة الخفيرين عبد الهادي إبراهيم البنا ومحمود عبد القادر حمزة والعمدة مصطفي فتح الله، لما كان ذلك وكان الحكم قد اطرح أقوال الخفير الخصوصي موسى عبد الغني شافعي وعول على ما شهد به الشهود السالف ذكرهم مطمئنا إلى صحة أقوالهم، ولما كان ما عرض له الدفاع بشأن أقوال الخفير الخصوصي إنما أراد به توجيه شبهة إلى سلامة الاتهام وهو دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه صراحة ما دام مستفادا من قضائها بإدانة الطاعن استنادا إلى أقوال الشهود التي أوردتها واقتنعت بصحتها وهو أمر داخل في سلطتها، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن السكين التي ضبطت مع الطاعن وقت السرقة وانتهى إلى اعتبارها سلاحا يتوافر بحمله الظرف المشدد في جناية السرقة إذا لم يكن لحمله مبرر من الضرورة أو الحرفة وكان مقصودا به تسهيل جريمة السرقة، وهو تأويل صحيح للقانون، ولا يؤثر في صحة هذا التأويل أن يكون الشارع في القانون رقم 75 لسنة 1958 قد ألغى المادة 25 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر وهى التي كانت تعاقب على حمل وإحراز الأسلحة البيضاء كما ألغى الجدول رقم أ الملحق بهذا القانون والمشتمل على بيان هذه الأسلحة، لا يؤثر هذا الإلغاء في صحة التأويل الذي رأته المحكمة لأنه وقف على إحراز الأسلحة البيضاء وحملها باعتبار أن هذا الحمل أو الإحراز في غير هذا النوع من الأسلحة جريمة خاصة لا يتوقف تحقق وقوعها ولا العقاب عليها على كشف السبب في حملها أو إحرازها، وفي هذا النطاق المحدد يجب أن تحصر الإباحة التي يتضمنها الإلغاء المنصوص عليه في القانون رقم 75 لسنة 1958 بالنسبة للأسلحة البيضاء، أما إذا كان حمل شيء من هذه الأسلحة لمناسبة ارتكاب جريمة أخرى وللاستعانة به على إيقاعها، استعمل السلاح أو لم يستعمل كما هو الحال في واقعة الدعوى، فإنه يعد سلاحا يتوافر به الظرف المشدد الذي نص عليه القانون، والمادة 316 من قانون العقوبات كغيرها من المواد الواردة في باب السرقة التي جعلت من حمل السلاح مطلقا ظرفا مشددا، دون تحديد لنوعه أو وصفه، والعلة التي من أجلها شدد الشارع العقاب على السرقة متى كان السارق يحمل سلاحا هو أن حمل السلاح وقت اقتراف الجريمة، ولمناسبة اقترافها، وهو ظرف من شأنه إنزال الرعب في نفس كل من يقع عليه بصره، كما أن من شأن وجود السلاح مع السارق أن يسهل له سبيل الاعتداء إذا أراد على المجني عليه أو على كل من يحاول منعه من بلوغ مقصده، أو يسعى لضبطه عند ارتكاب جريمته،وعلى هذا التفسير جرى قضاء هذا المحكمة واستقر، لما كان ذلك وكان المستفاد من الوقائع الثابتة في الحكم أن الطاعن وزميله ارتكبا السرقة ليلا، وكان أولهما يحمل السكين في يده، فذلك يتوافر به جميع العناصر القانونية لجناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات، وتكون المحكمة إذ انتهت إلى وصف التهمة وفقا لهذا النص ودانت الطاعن وزميله على مقتضاه قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا لا خطأ فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.