أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 184

جلسة 24 من فبراير سنة 1975

برئاسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعثمان مهران الزيني، وعادل برهان نور.

(41)
الطعن رقم 990 لسنة 44 القضائية

مرور. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل خطأ. خطأ.
(ا) مسئولية قائد السيارة عن قيادتها. مسؤولية مباشرة.
تزويده السيارة بمرآة عاكسة. واجب.
السير بالسيارة على الإفريز. أو إلى الخلف. يوجب على قائدها الاحتراز والتبصر. استعانته في ذلك بأخر. لا يغنى عن هذا الواجب. مثال لتسبيب معيب للقضاء بالبراءة.
(2) الخطأ المشترك. لا يمنع مسؤولية الجاني. ما دام لم يترتب عليه انتفاء أحد أركان الجريمة.
1- من المقرر - وفق قواعد المرور - أن قائد السيارة هو المسئول عن قيادتها مسئولية مباشرة، ومحظور عليه قيادتها بحالة تعرض حياة الأشخاص أو الأموال للخطر، ومفروض عليه تزويدها بمرآة عاكسة متحركة تمكنه من كشف الطريق خلفه، لما كان ذلك فإن السير بالسيارة على إفريز الطريق أو إلى الخلف يوجب على القائد الاحتراز والتبصر للاستيثاق من خلو الطريق مستعينا بالمرآة العاكسة، ومن ثم فليس يرفع عنه ذلك الواجب استعانته بآخر. لما كان ذلك وكان الحال الذي عول عليه المطعون ضد، إنما كان أمام السيارة وإلى يمينها في حين كان الطاعن يرتد إلى الخلف واليسار فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر ذلك الذي أسفرت عنه المفردات المضمومة من أن شاهد الرؤية قرر أن المطعون ضده كان يقود تلك السيارة فوق الإفريز بإرشاد حمال السيارة وأنها رجعت إلى الخلف أكثر من اللازم في الوقت الذي خرج فيه المجني عليه من مصنع بمكان الحادث فانحصر بين حائطه والسيارة، كما قرر الشاهد....... أنه شاهد المجني عليه منحصراً بين الحائط والسيارة وهي تقف على قيد عشرة سنتيمترات من الحائط، كما أبانت المعاينة أن السياره كانت تسير فوق الإفريز وعلى مسافة 20 سم من حائط المصنع حيث وجد كسر بالباب الذي يقع بمبنى المصنع) وسلوك المطعون ضده أثناء قياده السيارة للخلف فوق الإفريز وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له بذلك ليتبين مدى الحيطة الكافية التي كان عليه اتخاذها ومدى العناية والحذر الذين كان عليه بذلهما لتلافى الحادث وأثر ذلك على قيام ركن الخطأ ورابطة السببية، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور.
2- من المقرر أن الخطأ المشترك في مجال المسئولية الجنائية - بفرض قيامه في جانب المجني عليه أو الغير - لا يمنع من مسؤولية المتهم ما دام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم أول المحلة محافظة الغربية: (أولا) تسبب خطأ في موت........ وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته القوانين والقرارات بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر بأن ارتد بسيارته للخلف دون التأكد من خلو الطريق من المارة فصدم المجني عليه محدثا ما به من إصابات أودت بحياته. (ثانياً) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و81 و 88 من القانون 449 لسنة 1955 المعدل وقرار الداخلية. وادعى والد المجني عليه مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنح بندر المحلة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. (أولاً) بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ عن التهمة المسندة إليه بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) بإلزامه أن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ مائتي قرش أتعاباً للمحاماة. فاستأنف ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعى بالحقوق المدنية مصروفاتها. فطنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المطعون ضده من تهمة القتل الخطأ قد ران عليه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه نفى الخطأ عن المطعون ضده تأسيساً على أن الخطأ إن كان فهو خطأ حمال السيارة الذي كان يرشده أثناء تحركه إلى الخلف، وعلى أن المجني عليه قد أخطأ إذ وضع نفسه في موضع منحصر بين السيارة والحائط حال رجوعها إلى الوراء في حين أن خطأ المطعون ضده ثابت من رجوعه إلى الخلف فوق الإفريز دون أن يتحقق بنفسه من خلوه، ودون أن يترك مسافة بين السيارة ومكان وجود المجني عليه مما أدى إلى الاصطدام به وبباب المحل الذي كان يقف بجواره وأنه لا ينفى عنه هذا الخطأ اعتماده على الحمال، في إرشاده للرجوع إلى الخلف لأن هذا الاعتماد يشكل خطأ في ذاته لأن ما يقوم به الحمال إنما يكون تحت مسئولية القائد الذي عليه هو التأكد من خلو الطريق، هذا إلى أن الثابت من أقوال شاهد الرؤية والحمال والمعاينة أن الحمال كان أمام السيارة وإلى يمينها بينما وقع الحادث خلف السيارة من اليسار حيث توجد لدى القائد - المطعون ضده - المرآة العاكسة التي تعينه في التأكد من خلو الطريق.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى أخذاً بأقوال شاهد الرؤية........ بأن المطعون ضده كان يقود سيارة نقل متحركا بها إلى الخلف ببط بإرشاد حمالها، وكان المطعون ضده يستعمل آلة التنبيه، وتصادف وجود الغلام المجني عليه خلف السيارة وقد انحصر بينها وبين الحائط فأصيب وتوفى، وأورد الحكم مؤدى أقوال الحمال بأنه كان في إرشاده المطعون ضده - يقف أمام السيارة من اليمين، ولم يبصر المجني عليه وقد أقام الحكم قضاءه على أن الخطأ إن كان فهو خطأ الحمال الذي كان يرشد القائد حال تحركه بالسيارة للخلف وخطأ المجني عليه الذي وضع نفسه في موضع ينحصر فيه بين السيارة والحائط حال تحركها للخلف وأنه لا دليل على أي خطأ وقع من المطعون ضده إذ كان يتحرك بالسيارة ببطء ويستعمل آلة التنبيه وكان هناك من يرشده، لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقاً للطعن أن شاهد الرؤية سالف الذكر قرر أن المطعون ضده كان يقود تلك السيارة فوق الإفريز بإرشاد حمال السيارة وأنها رجعت إلى الخلف أكثر من اللازم في الوقت إلي خرج فيه المجني عليه من مصنع بمكان الحادث فانحصر بين حائطه والسيارة كما قرر الشاهد........ أنه شاهد المجني عليه منحصراً بين الحائط والسياره وهي تقف على قيد عشرة سنتيمترات من الحائط، كما أبانت المعاينة أن السيارة كانت تسير فوق الإفريز وعلى مسافة 20 سم من حائط المصنع حيث وجد كسر بالباب الذي يقع بمبنى المصنع، لما كان ذلك وكان من المقرر - وفق قواعد المرور - أن قائد السيارة هو المسؤول عن قيادتها مسئولية مباشرة، ومحظور عليه قيادتها بحالة تعرض حياة الأشخاص أو الأموال للخطر، ومفروض عليه تزويدها بمرآة عاكسة متحركة لتمكنه من كشف الطريق خلفه، ومن المقرر كذلك أن الخطأ المشترك في مجال المسئولية الجنائية - بفرض قيامه في جانب المجني عليه أو الغير لا يمنع من مسؤولية المتهم ما دام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة، لما كان ذلك فإن السير بالسيارة على إفريز الطريق أو إلى الخلف يوجب على القائد الاحتراز والتبصر للاستيثاق من خلو الطريق مستعيناً بالمرآة العاكسة، ومن ثم فليس يرفع عنه ذلك الواجب استعانته بآخر، لما كان ذلك وكان الحمال الذي عول عليه المطعون ضده، إنما كان أمام السيارة وإلى يمينها، في حين كان المطعون ضده يرتد إلى الخلف واليسار، فإن الحكم المطعون فيه، إذ لم يستظهر ذلك الذي أسفرت عنه المفردات المضمومة وسلوك المطعون ضده أثناء قيادته السيارة للخلف فوق الإفريز وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له بذلك ليتبين مدى الحيطة الكافية التي كان عليه اتخاذها ومدى العناية والحذر اللذين كان عليه بذلهما لتلافي الحادث وأثر ذلك على قيام ركن الخطأ ورابطة السببية، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والاعادة.