أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 188

جلسة 24 من فبراير سنة 1975

برئاسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعادل برهان نور، وقصدي إسكندر عزت.

(42)
الطعن رقم 68 لسنة 45 القضائيه(1)

(1 و2) دعوى جنائية. "القيود التي ترد على تحريكها". تبغ. دخان. جمارك. تهريب جمركي. تحقيق. استدلال.
(1) تفرقة وزير الخزانة بقرار رقم 83 لسنة 1965 بين تفويض غيره في الإذن برفع الدعوى في جرائم تهريب التبغ وتفويضه في التصالح عن هذه الجرائم.
(2) الطلب المنصوص عليه في المادة 4 من القانون 92 لسنة 1964. قيد على حرية النيابة في تحريك الدعوى. عدم سريانه على إجراءات الاستدلال. مثال.
(3) تبغ. إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دخان.
(3) المنازعة لأول مرة أمام النقض. في تحديد المساحة المزروع فيها التبغ لا تقبل.
(4 و5) تبغ. دخان. تعويض. عقوبة. "العقوبة التكميلية". دعوى مدنية. نقض. "أسباب الطعن ما يقبل منها". "نظره والحكم فيه".
(4) التعويض في جريمة زراعة التبغ. العبرة في تحديده بالمساحة المزروعة فيها شجيراته وبوزنها في حالة ضبطها منزرعة. الفقرتان أ و د من المادة 3 من القانون 92 لسنة 1964.
(5) مخالفة الحكم في تحديده المساحة المزروعة تبغاً. لاحتساب التعويض. تلك التي حددها الضابط والمشرف الزراعي. خطأ في الإسناد. استجابة نقض الحكم والإعادة بالنسبة إلى الدعوى المدنية.
1 - نصت المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ على أنه "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي اجراءات في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه ولوزير الخزانة أو من ينيبه التصالح في جميع الأحوال مقابل تحصيل ما لا يقل عن نصف التعويض المنصوص عليه في هذا القانون". ونفاذ لهذا أصدر وزير الخزانة القرار رقم 13 لسنة 1965 جامعاً فيه بين الاختصاص في الإذن برفع الدعوى الجنائية واتخاذ الإجراءات فيها وبين الاختصاص بالتصالح وناط بهذين الاختصاصين معاً من فوضهم في ذلك على التفصيل الوارد فيه، بيد أنه من بعد ذلك أصدر القرار رقم 83 لسنة 1965 مفرقاً بين هذين الاختصاصين فنص في مادته الأولى على أنه "يفوض وكيل وزارة الخزانة لشئون الجمارك (المدير العام للجمارك) ووكيلاً المدير العام للمصلحة وكذلك المديرون العاملون بها ومدير إدارة القضايا ومدير الجمارك ومراقب جمرك أسوان كل في دائرة اختصاصه في الإذن في رفع الدعوى العمومية واتخاذ الإجراءات في جرائم تهريب التبغ المنصوص عليها في القانون رقم 92 لسنة 1964 "بينما نص المادة الثانية على أنه" يفوض وكيل وزارة الخزانة لشئون الجمارك (المدير العام للجمارك) في التصالح في الجرائم المشار إليها كما يفوض في ذلك العاملون المذكورون فيما بعد على النحو الآتي..." وذلك حسب النصاب الذي حدده قرين كل منهم. وإذ كان الإذن الصادر من مدير جمرك بور سعيد برفع الدعوى الجنائية الماثلة قد صدر في ظل هذا القرار الأخير فإن منعي الطاعن من أن من يملك التصالح - وهما وكيلا المدير العام - هو الذي يملك طلب تحريك الدعوى الجنائية دون مدير الجمرك، يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن الخطاب الوارد في المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ موجه من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة الأصلية صاحبة الولاية في الدعوى الجنائية باعتبار أن احوال الطلب والشكوى والإذن هي قيود على حريتها في رفع الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق فلا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال، وإذا كانت الدعوى الجنائية لا تتحرك إلا بالتحقيق الذي تجريه سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لذلك من مأمورية الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به جهات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة ذلك بأن المقرر في صحيح القانون إن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الدعوى الجنائية بل هي من الإجراءات السابقة عليها الممهدة لها، مما لا يرد عليه قيد الشارع في توقفها على الطلب أو الإذن رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق تحرياً للمقصود في خطاب الشارع بالاستثناء وتحديداً لمعنى تلك الدعوى على الوجه الصحيح والتي لا يملكها في الأصل غير النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند إلى ما أثبته رئيس وحدة المباحث في محضره وما تبين من التحليل وإقرار المشرف الزراعي وهي جميعاً لا تعدو أن تكون من إجراءات الاستدلال السابقة على الدعوى الجنائية، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان هذه الإجراءات (لحصولها قبل صدور طلب رفع الدعوى العمومية) يكون غير صحيح في القانون.
3 - من المقرر أن القاضي الجنائي حر في استمداد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أثبته رئيس وحدة المباحث في محضره من أنه انتقل إلى أرض الطاعن فوجدها مزروعة بطماطم وبباذنجان ويتخلل الزراعتين شجيرات تبغ، واقتنعت المحكمة بما قرره المشرف الزراعي في هذا الشأن، وكان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في مساحة تلك الأرض ولم يطلب منها إجراء تحقيق معين في شأن تحديد تلك المساحة فلا يجوز له أن يثير لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك الذي تقتضي تحقيقاً موضوعياً.
4 - فرق المشرع في التعويض بين زراعة التبغ القائمة فعلاً والتي جعل المناط في تقدير التعويض عنها بالمساحة المزروعة فيها التبغ ذاتها دون أي اعتبار للملكية المزروعة فيها منه ومدى كثافتها، وبين شجيرات التبغ التي تضبط منزوعة من الأرض والتي قدر التعويض فيها بحسب وزنها. وإذ كان الحكم قد أثبت من واقع الأدلة التي اطمأن إليها أن شجيرات التبغ كانت مزروعة وقضى بالتعويض على أساس المساحة لا الوزن فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
5 - من المقرر أن على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات. لما كان ذلك وكان يبين من المفردات المضمومة تحقيقاً لهذا الطعن، أن رئيس وحدة المباحث قد ضمن محضره أنه حينما انتقل إلى الأرض الخاصة بالمطعون ضده وجدها على قطعتين الأولى مساحتها أربعة قراريط منزرعة بالباذنجان والثانية ستة قراريط منزرعة بالطماطم وأن هاتين الزراعتين تتخللهما شجيرات التبغ وإذ قام الضابط المذكور بسؤال المطعون ضده عن مساحتيهما فأقر بكل منهما على ذلك النحو وقدم المشرف الزراعي إقراراً في ذلك التاريخ بنيان مساحه هاتين القطعتين على هذا الوجه - وكان هذا الذي أسس الحكم عليه قضاءه بالتعويض من أن مساحة الأرض المنزرعة تبغاً مقصورة على ستة قراريط إنما يخالف ما جاء بمحضر رئيس وحدة المباحث وبالإقرار الصادر من المشرف الزراعي سالفي الذكر، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد، بما يوجب نقضه بالنسبة للدعوى المدنية، ولما كان الفصل في تحديد مساحة تلك الأرض المنزرعة تبغاً يحتاج إلى تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز أبو حماد محافظة الشرقية: زرع دخاناً ممنوعة زراعته بالبلاد بدون تصريح، وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبول المتهم بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح أبو حماد الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56/ 1 من قانون العقوبات: أولاً: - بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائياً والمصادرة. ثانياً: - بإلزام المتهم بأن يؤدي إلى المدعية بصفتها مبلغ تسعمائة جنيه والمصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المتهم والمدعية بالحقوق المدنية. ومحكمة الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن المحكوم عليه ومصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من المحكوم عليه أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة تهريب التبغ قد شابه بطلان وخطأ في تطبق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات رفع الدعوى الجنائية لمخالفتها لما قضى به قرار وزير الخزانة رقم 83 لسنة 1965 من أن وكيل المدير العام هما المختصان بالتصالح في هذه الجريمة إذا كان مقدار التعويض لا يجاوز ألف جنيه كما هي الحال في واقعة الدعوى، بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بمقولة أن مدير جمرك بور سعيد كان مختصاً بإصدار طلب رفع تلك الدعوى في حين أن من يملك التصالح - وهما وكيلاً المدير العام - هو الذي يملك طلب تحريك الدعوى الجنائية دون مدير الجمرك، هذا إلى أن واقعة الضبط جرت بتاريخ 25 من مايو سنة 1969 في حين أن طلب مدير جمرك بور سعيد رفع الدعوى الجنائية لم يصدر إلا في شهر أكتوبر سنة 1969 مما يبطل الإجراءات السابقة وما ابتنى عليها، وفوق ذلك فإن المحكمة قد اكتفت في تحديد مساحة زراعة التبغ بما جاء في إقرار المشرف الزراعي دون أن تثبت من حقيقة هذه المساحة عن طريق المختص فنياً وقضت على ذلك الأساس بالتعويض، وأخيراً فإنها حددت التعويض عملاً بالبند "أ" من المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ في حين أن تلك الزراعة لم تكن كثيفة ولا متكاملة مما يستلزم احتساب التعويض على أساس وزن الشجيرات المنزرعة طبقاً للبند "د" من تلك المادة دون اعتداد بمساحة الرقعة الزراعية التي كانت تلك الشجيرات مبعثرة فيها.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى عرض لما دفع به الطاعن من عدم قبول الدعوى الجنائية ورد عليه بما مفاده أن قرار وزير الخزانة رقم 82 لسنة 1965 قد فرق بين الاختصاص بالتصالح في الجرائم المبينة في القانون رقم 92 لسنة 1964 - في شأن تهريب التبغ - وبين الاختصاص بطلب تحريك الدعوى الجنائية عنها والذي خوله لوكيل وزارة الخزانة لشئون الجمارك ولوكيليه والمديرين العامين بالمصلحة وغيرهم من العاملين بمصلحة الجمارك كل في دائرة اختصاصه ومن ثم فقد كان مدير جمرك بور سعيد مختصاً بطلب تحريك الدعوى الجنائية الراهنة، لما كان ذلك، فإن هذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون، ذلك بأن المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 سالف الذكر قد نصت على أن "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه ولوزير الخزانة أو من ينيبه التصالح في جميع الأحوال مقابل تحصيل ما لا يقل عن نصف التعويض المنصوص عليه في هذا القانون ونفاذ لهذا أصدر وزير الخزانة القرار رقم 13 لسنة 1965 جامعاً فيه بين الاختصاص بالإذن في رفع الدعوى الجنائية واتخاذ الإجراءات فيها وبين الاختصاص بالتصالح وناط بهذين الاختصاصين معاً من فوضهم في ذلك على التفصيل الوارد فيه، بيد أنه من بعد ذلك أصدر القرار رقم 83 لسنة 1965 مفرقاً بين هذين الاختصاصين فنص في مادته الأولى على أنه "يفوض وكيل وزارة الخزانة لشئون الجمارك (المدير العام للجمارك) ووكيلاً المدير العام للمصلحة وكذلك المديرون العاملون بها ومدير إدارة القضايا ومدير والجمارك ومراقب جمرك أسوان كل في دائرة اختصاصه في الإذن في رفع الدعوى العمومية واتخاذ الإجراءات في جرائم تهريب التبغ المنصوص عليها في القانون رقم 92 لسنة 1964" بينما نص في المادة الثانية على أنه "يفوض وكيل وزارة الخزانة لشئون الجمارك (المدير العام للجمارك) في التصالح في الجرائم المشار إليها كما يفوض في ذلك العاملون المذكورون فيما بعد على النحو الآتي..." وذلك حسب النصاب الذي حدده قرين كل منهم، وإذ كان الإذن الصادر من مدير جمرك بور سعيد برفع الدعوى الجنائية الماثلة - قد صدر في ظل هذا القرار الأخير، فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطاب الوارد في المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 سالف الذكر موجه من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة الأصلية صاحبة الولاية في الدعوى الجنائية باعتبار أن أحوال الطلب والشكوى والإذن هي قيود على حريتها في رفع الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليها قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق فلا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال، وإذ كانت الدعوى الجنائية لا تتحرك إلا بالتحقيق الذي تجربه سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لذلك من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به جهات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة ذلك بأن المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الدعوى الجنائية بل هي من الإجراءات السابقة عليها الممهدة لها - مما لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب أو الإذن رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وتحرياً للمقصود في خطاب الشارع بالاستثناء وتحديد لمعنى تلك الدعوى على الوجه الصحيح والتي لا يملكها في الأصل غير النيابة العامة، لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند إلى ما أثبته رئيس وحدة المباحث بمركز أبي حماد في محضره وما تبين من التحليل وإقرار المشرف الزراعي وهي جميعها لا تعدو أن تكون من إجراءات الاستدلال السابقة على الدعوى الجنائية، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان هذه الإجراءات يكون غير صحيح في القانون، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاضي الجنائي حر في استمداد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أثبته رئيس وحدة مباحث أبي حماد في محضره من أنه انتقل إلى أرض الطاعن فوجدها منزرعة بطماطم وباذنجان ويتخلل الزراعتين شجيرات تبغ، واقتنعت المحكمة بما قرره المشرف الزراعي في هذا الشأن، وكان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في مساحة تلك الأرض ولم يطلب منها إجراء تحقيق معين في شأن تحديد تلك المساحة فلا يجوز له أن يثير لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك الذي يقتضي تحقيقاً موضوعياً، لما كان ما تقدم، وكان البند "أ" من المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 قد حدد التعويض الذي يقضى به في حالة تهريب التبغ أو الشروع فيه بمائة وخمسين جنيها عن كل قيراط أو جزء منه مزروع تبغاً أو استنبتت فيه في حين أن البند "د" منها قد حدده بخمسة جنيهات من كل كيلو جرام أو جزء منه من الشجيرات المنزوعة من الأرض سواء كانت كاملة أو غير كاملة النمو مورقة أو منزوعة الورق وكذلك ورق التبغ الأخضر "فإن المشرع قد دل بذلك على تفرقته في التعويض بين زراعة التبغ القائمة فعلاً والتي جعل المناط في تقدير التعويض عنها بالمساحة المزروع فيها التبغ ذاتها دون أي اعتبار للكمية المزروعة فيها منه ومدى كثافتها، وبين شجيرات التبغ التي تضبط منزوعة من الأرض والتي قدر التعويض فيها بحسب وزنها، وإذ كان الحكم قد أثبت من واقع الأدلة التي اطمأن إليها أن شجيرات التبغ كانت مزروعة وقضى بالتعويض على أساس المساحة لا الوزن، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد، ويضحى هذا الطعن برمته مستوجباً الرفض.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من مصلحة الجمارك أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإلزام المطعون ضده (المحكوم عليه) بأن يؤدى لها تسعمائة جنيه تعويضاً عن التبغ الذي قام بزراعته - قد جاء معيباً بالخطأ في الإسناد ذلك بأنه أسس قضاءه على أن مساحة الأرض المزروعة تبغاً ستة قراريط فحسب في حين أن الثابت في الأوراق أن مساحة تلك الأرض عشرة قراريط على قطعتين الأولى مساحتها أربعة قراريط بها باذنجان والأخرى مساحتها ستة قراريط بها طماطم وتتخلل كلتيهما شجيرات تبغ مما أورد المحكمة مورد الخطأ في احتساب التعويض وفق البند "أ" من المادة الثالثة من ذلك القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في تحصيله لواقعة الدعوى أن رئيس وحدة مباحث أبى حماد قد أثبت في محضره أنه عند انتقاله إلى زراعة المطعون ضده وجد مساحتها عشرة قراريط مزروعة بالباذنجان والطماطم وتتخللها شجيرات الدخان وأنه أرفق بمحضره إقرار المشرف الزراعي الذي يتضمن أن زراعة التبغ كانت في المنطقة الثانية من الأرض وتبلغ مساحتها ستة قراريط وانتهى الحكم إلى تقدير التعويض المقضي به بتسعمائة جنيه باعتبار أن مساحة الأرض المنزرعة تبغاً ستة قراريط وبواقع القيراط مائة وخمسين جنيها، لما كان ذلك وكان يبين من المفردات المضمونة تحقيقاً لها الطعن - أن رئيس وحدة مباحث أبى حماد قد ضمن محضره المؤرخ 25 مايو سنة 1969 أنه حينما انتقل إلى الأرض الخاصة المطعون ضده وجدها على قطعتين الأولى مساحتها أربعة قراريط منزرعة بالباذنجان والثانية مساحتها ستة قراريط مزروعة بالطماطم وأن هاتين الزراعتين تتخللهما شجيرات التبغ وإذ قام الضابط المذكور بسؤال المطعون ضده عن مساحتهما فأقر بكل منهما على ذلك النحو وقدم المشرف الزراعي إقراراً في ذلك التاريخ ببيان مساحة هاتين القطعتين على هذا الوجه، وإذ كان من المقرر أن على المحكمة ألا تبنى حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات وكان هذا الذي أسس الحكم عليه قضاءه بالتعويض من أن مساحة الأرض المنزرعة تبغاً مقصورة على ستة قراريط إنما يخالف ما جاء بمحضر رئيس وحدة المباحث وبالإقرار الصادر من المشرف الزراعي سالفي الذكر فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد، بما يوجب نقضه بالنسبة للدعوى المدنية، ولما كان الفصل في تحديد مساحة تلك الأرض نقضه بالنسبة للدعوى المدنية، ولما كان الفصل في تحيد مساحة تلك الأرض المنزرعة تبغاً يحتاج إلى تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفته هذه المحكمة فإن يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإعادة مع إلزام المطعون ضده (الطاعن الأول) المصاريف.


(1) المبادئ ذاتها مقرره أيضا في الطعنين رقمي 19 لسنة 45 ق بجلسة 16/ 2/ 1975 و34 لسنة 45 ق بجلسة 17/ 2/ 1975 (لم ينشر).