أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 855

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1958

برياسة السيد مصطفي فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: مصطفي كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل، ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(210)
الطعن رقم 1059 لسنة 28 القضائية

تحقيق. إجراءات التحريز. محكمة الموضوع. تقدير سلامة إجراءات التحريز من حيث صلته بالتسبيب.
إثبات. حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته. قيود القاعدة. الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير سلامة إجراءات التحريز بشرط أن يكون تقديرها مبنيا على استدلال سائغ - فإذ كان ما ذكره الحكم لا يكفي في جملته لأن يستخلص منه أن حرز العينة التي أخذت هو بعينه الحرز الذي أرسل لمصلحة الطب الشرعي لتحليل محتوياته لاختلاف وزنيهما ووصفهما اختلافا بينا لا يكفي في تبريره افتراض عدم دقة الميزان أو من قام بالوزن مما كان يقتضى تحقيقا من جانب المحكمة تستجلى به حقيقة الأمر ولأن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال فإن الحكم يكون معيبا بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة (حشيشا) بغير ترخيص وفي الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته 1، 2، 7، 33، 35 من القانون رقم 351 سنة 1952 والجدول (أ) الملحق به فقررت بذلك. وأمام محكمة جنايات الجيزة دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض والتفتيش وبطلان إجراءات التحريز وما ترتب عليها من إجراءات. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم (أ) الملحق بمعاقبة محمد حسين جاد بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة وقد ذكرت في أسباب حكمها أن الدفع في غير محله.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن دفع بأن الحرز الذي أرسل إلى مصلحة الطب الشرعي للتحليل وثبت أنه يحوى حشيشا ليس هو الحرز الخاص بهذه الدعوى واستند في ذلك إلى وجود خلاف في وزن كل من الحرزين فقد أثبت وكيل النيابة المحقق في محضره أن العينة التي أخذها لإرسالها للتحليل تزن 2.5 جراما وتأيد هذا الوزن بشهادة صادرة من صائغ مركز الصف ثم بكتاب إرسال الحرز إلى مصلحة الطب الشرعي بينما ثبت من تقرير التحليل أن الحرز المرسل إليه بداخله مادة سمراء وزنها صافيا 5.4 جراما ثبت أنها حشيش فلم تجر المحكمة تحقيقا في ذلك واكتفت في الرد على الدفع بقولها إن الخلاف في الوزن قد يرجع إلى عدم دقة ميزان الصائغ أو عدم دقة الضابط الذي أجرى وزن العينه وأنه لا تأثير لهذا الخطأ على النتيجة طالما أن الحرز لم يتغير أو تمتد إليه يد العبث.
وهذا الذي قاله الحكم يخالف الواقع فشهادة الصائغ تؤكد أن وزن حرز العينة كان سليما كما أن الثابت من الأوراق أن الإحراز لم ترسل فور التحقيق إلى مصلحة الطب الشرعي بل بقيت بالمركز مدة أربعة أيام وكانت جميعها بما في ذلك حرز العينة مختومة بخاتم أحد جنود المركز وظل ختمه معه، وبعد أن تم تحريزها أعيد فضها وتحريزها مرة أخرى مما يدل على أن الحرز كان موضع عبث خلافا لما ذهبت إليه المحكمة في حكمها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وذكر أدلة الثبوت فيها قد عقب على ما أثاره الطاعن في طعنه بقوله: "وحيث إن الحاضر مع المتهم (الطاعن) دفع ببطلان إجراءات التحريز ذلك لأن وزن الحرز (العينة) التي أخذت من "الطرب" المضبوطة حسبما جاء بمحضر النيابة هو 2.25 جرام بينما جاء هذا الوزن في تقرير المعمل الكيماوي 5.4 جرام.
وحيث إن الثابت من الإطلاع على الأوراق أن السيد وكيل النيابة المحقق لم يجد بالبلدة التي باشر التحقيق فيها ميزانا لوزن المادة المخدرة المضبوطة سوى ميزان الصائغ شوقي إبراهيم فأمر بإحضاره وكلف الضابط رجائي كامل بوزن المادة المخدرة تحت إشرافه وأخذت عينة ووضعت في حرز مقفل تحت إشرافه أيضا وبحضور المتهم فإذا ظهر من تقرير التحليل أن وزن العينة أكثر من وزنها المدون على الحرز فقد يرجع ذلك إلى عدم دقة ميزان الصائغ أو عدم دقة الضابط الذي أجرى وزن العينة ولا تأثير لهذا الخطأ على النتيجة طالما أن الحرز لم يتغير أو تمتد إليه يد العبث". وكان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها بالجلسة تحقيقا لوجه الطعن أن السيد وكيل النيابة أثبت في محضره المؤرخ 22/ 7/ 1956 أن حرز العينة وزن أمامه وبلغ وزن ما به 2.25 جرام ووضع في قطعة قماش وختم عليه بخاتم العسكري عبد الفتاح إبراهيم عبودى ثم أمر بإرسال الحرز إلى التحليل ولكنه لم يرسل إلا بعد التاريخ سالف الذكر كما هو ثابت من كتاب إدارة المعامل الكيماوية ويبين من تقرير الكيماوي أن الحرز وجد داخل علبة سجاير وزنته 5.4 جرام.
لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير سلامة إجراءات التحريز - بشرط أن يكون تقديرها مبينا على استدلال سائغ، وكان ما ذكره الحكم على الوجه بادي الذكر لا يكفي في جملته لأن يستخلص منه أن حرز العينة التي أخذت هو بعينة الحرز الذي أرسل لمصلحة الطب الشرعي لتحليل محتوياته لاختلاف وزنهما ووصفهما اختلافا بينا لا يكفي في تبريره افتراض عدم دقة الميزان أو من قام بالوزن مما كان يقتضى تحقيقا من جانب المحكمة تستجلى به حقيقة الأمر وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه.