أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 220

جلسة 9 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، وصلاح الرشيدي، وصلاح عبد الحميد.

(49)
الطعن رقم 109 لسنة 45 القضائية

إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
كفاية الشك في صحة الاتهام. سند للقضاء بالبراءة. ما دام الظاهر أن الحكم أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
النعي على المحكمة قضاءها بالبراءة. لاحتمال ترجح لديها. بدعوى قيام احتمالات أخرى تصح لدى غيرها. لا يقبل. أساس ذلك.
يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وإذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق الطاعن وكان لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناءً على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصحح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضي الدعوى وما يطمئن إليه، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، وكان الحكم قد أفصح عن عدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت للأسباب السائغة التي أوردها والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 و34/ أ و42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أقام قضاءه على أنه كان في مقدوره أن يلقي بنفسه في الترعة والمخدر معه ويتخلص منه وهو بها أو يلقي بالمخدر في المياه وهي قريبة منه وهو افتراض ليس له سند في الأوراق ودون استظهار لموقع الترعة في مكان المطعون ضده بحيث يضحى تصرفه متفقاً مع حكم المنطق والمجرى العادي للأمور من غير تعسف في الاستنتاج.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ عرض لواقعة الدعوى كما صورتها النيابة العامة قال "إن النقيب. ... ... .. قد شهد بأنه وهو يسير بشارع المحمودية يرافقه الشاهد الثاني لمأمورية سرية فوجئ بالمتهم – المطعون ضده – وهو من تجار المخدرات المعروفين له يخرج من خلف إحدى قمائن الطوب متجهاً نحو مقدمها وما أن شاهدهما حتى ارتبك وألقى بلفافة من الورق التقطها ووجد بها قطعة من الحشيش فأسرع بضبطه فألقى بنفسه بترعة المحمودية وتمكن الشاهد الثاني من القبض عليه من الناحية المقابلة للترعة المذكورة... وأن الشاهد الثاني الرقيب سري.... ... .. قد شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول – وإذ سئل المتهم.... ... .. قال إنه كان في طريقه لاجتياز ترعة المحمودية بواسطة المعدية وفوجئ بالشاهد الأول يقبض عليه وكان يرافقه الشاهد الثاني ولما حاول الإفلات منهما سقط في ترعة المحمودية وأنكر على الشاهدين روايتهما وقال بأنه لا صلة له بالمخدر المضبوط" ثم أبدت المحكمة عدم اطمئنانها إلى هذه الأدلة بقولها "إن المحكمة لا تطمئن إلى حصول الواقعة على الصورة التي قال بها شاهدا الإثبات لأنه كان في مقدور المتهم أن يلقي بنفسه في ترعة المحمودية والمخدر معه ويتخلص منه وهو بها أو يلقي بالمخدر في المياه وهي قريبة منه" لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق الطاعن - وكان لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناءً على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضي الدعوى وما يطمئن إليه ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، وكان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن عدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت للأسباب السائغة التي أوردها والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.