أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 223

جلسة 9 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينه.

(50)
الطعن رقم 111 لسنة 45 القضائية

رسم إنتاج. كحول. عقوبة. "العقوبة التكميلية". تعويض. دعوى مدنية. استئناف. "نظره والحكم فيه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الجزاء المنصوص عليه في المادة 21 من القرار بقانون رقم 363 سنة 1956 الخاص بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج والاستهلاك على الكحول. ماهيته عقوبة تكميلية فيها مسحة من التعويض. جواز القضاء به. ولو لم تدع الخزانة مدنياً أو يصيبها ضرر.
حق الخزانة الإدعاء بالتعويض المذكور. أمام مختلف درجات التقاضي. ادعاؤها به أمام محكمة أول درجة. القضاء برفضه. استئناف هذا القضاء. الحكم بعدم جواز الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. خطأ في تطبيق القانون.
إن ما أورده الشارع في المادة 21 من القرار بقانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول، من أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة، وإذا تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بحيث لا يزيد على ألف جنيه وفي حالة العود خلال سنة يضاعف الحد الأقصى للتعويض" إنما هو مستقل عن العقوبات الواردة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 وبالمادة 20 من القرار بالقانون رقم 363 لسنة 1956 سالف الذكر، ذلك بأنه إذا جوز القضاء على المخالف بتعويض للخزانة العامة على النحو الذي أورده، وإذ قضى في حالة العود خلال الأجل المضروب، بمضاعفة الحد الأقصى للتعويض، إنما كان رائده في ذلك – على ما هو ظاهر من عبارات النص – الضرب على أيدي المتهربين من أداء حق الخزانة، بتأثيم فعلهم والعمل في الوقت نفسه على اقتضائها تعويضاً على الرسوم التي ضاعت عليها أو كانت عرضة للضياع بسبب مخالفة القانون، ومن ثم كانت هذه المسحة المسماة تعويضاً، غير رافعة عنه صفة العقوبة المكملة للعقوبات الأخرى المقررة في القانون، وغير متطلبة لجواز الحكم بها ثمة إدعاء من الخزانة، أو وقوع مضارتها بالفعل كما لا يرفع عنه هذه الصفة ما أوردته المادة 22 من القرار بقانون آنف الذكر عن رفع الدعوى الجنائية أو التصالح وأثره في القضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة، لأن لهذه الأحكام مثيلاً في جريمة السرقة إضراراً بالزوج أو الأصول أو الفروع، وفي غيرها من الجرائم ذات العقوبات الجنائية المحضة بلا جدال، وإذ كان ما تقدم كذلك، فإن تلك المسحة من التعويض تجيز للخزانة العامة مطالبة الجاني به أمام مختلف درجات القضاء الجنائي ولو قضى في الدعوى الجنائية لصالح المتهم – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ومن ثم فإن تدخل من يمثل الخزانة في الدعوى أمام المحاكم الجنائية للمطالبة بهذا التعويض يكون جائزاً، وإذ كان الطاعن قد تدخل مدعياً بالحقوق المدنية أمام محكمة الدرجة الأولى طالباً القضاء على المطعون ضدهم بمبلغ 565 ج و690 م قيمة رسم الإنتاج والتعويض المستحق ولم يقض له بطلباته، فاستأنف هذا الحكم، وكانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعي بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً". فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف لرفعه من غير صفة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن نظر الدعوى فيتعين نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة (أولاً) حازوا كحولاً لم يؤدوا عنه رسوم الإنتاج (ثانياً) حازوا كحولاً غير مطابق للمواصفات. وطلبت عقابهم بمواد القانون رقم 363 لسنة 1956 والقانون رقم 328 لسنة 1952 والقانون رقم 30 لسنة 1966 والقانون رقم 66 لسنة 1963 وادعى السيد وزير المالية والاقتصاد بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ 565 ج و690 م قيمة رسوم الإنتاج قبل المتهمين على سبيل التعويض. ومحكمة النزهة الجزئية قضت بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. فاستأنف المدعي بالحق المدني هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت بعدم جواز الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة وألزمت المستأنف مصروفات استئنافه. فطعن الأستاذ.... ... .. المحامي بإدارة قضايا الحكومة عن السيد ويزر المالية والاقتصاد بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعن – المدعي بالحقوق المدنية – لرفعه من غير ذي صفة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتبر التعويض الوارد في المادة 21 من القانون رقم 363 لسنة 1956 – بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول – عقوبة ورتب على ذلك أنه لا يجوز لغير النيابة العامة استئناف الحكم الابتدائي القاضي بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة مع أن التعويض الوارد في تلك المادة مما يحق للطاعن المطالبة به إذ هو مقابل ما ضاع على الدولة من رسوم أو كان عرضة للضياع بسبب مخالفة الجاني للقانون.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المطعون ضدهم بوصف أنهم – أولاً – حازوا كحولاً لم يؤدوا عنه رسم الإنتاج – ثانياً – حازوا كحولاً غير مطابق للمواصفات. وطلبات عقابهم طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 والقرارين بقانونين رقمي 363 لسنة 1956 و66 لسنة 1963. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى ادعى الطاعن بالحقوق المدنية قبل المطعون ضدهم وطلب إلزامهم بمبلغ 565 ج 690 م قيمة رسوم الإنتاج والتعويض المستحق وقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة واستطردت قائلة "وحيث إنه عن الدعوى المدنية فمن المقرر طبقاً لقضاء النقض أن التعويض هنا عقوبة تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا يجوز للإدارة الضريبية الادعاء مدنياً بطلب توقيعها لأن طلب الحكم بها حق للنيابة وحدها. فاستأنف الطاعن هذا الحكم في خصوص حقوقه المدنية أمام محكمة الدرجة الثانية فقضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة استناداً إلى قوله "أنه لما كانت الدعوى المستأنف حكمها لم يبد فيها طلب تعويض مدني يترك لتقدير المحكمة، وإنما التعويض الذي يحكم به فيها في حالة الحكم بالإدانة هو عقوبة يتعين على المحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي به، ومن ثم فإنه لا يجوز لغير النيابة العامة استئناف الحكم القاضي بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ويكون بالتالي استئنافه من جانب إدارة الإنتاج من غير ذي صفة".
وحيث إن المادة 20 من القرار بالقانون رقم 363 لسنة 1956 – بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول والذي حل محل المرسوم الصادر في 7 يوليه سنة 1947 برسم الإنتاج والاستهلاك على الكحول – المعدل بالمرسوم الصادر في 19 من يونيه سنة 1950 قد نصت على أنه "مع عدم الإدخال بالعقوبات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 يحكم بالإغلاق نهائياً في حالة عدم الإخطار المنصوص عليه في المادة 5 و6 أو عدم الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 7 ويحكم بإغلاق المعمل أو المصنع أو المحل عند مخالفة باقي أحكام هذا القانون لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد على ستة أشهر وبأداء الرسم الذي يكون مستحقاً في جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات. ويحكم أيضاً بمصادرة المنتجات والمواد المنصوص عليها في البنود (أ) و (ب) و (ج) من الفقرة الأولى من المادة 18 وكذلك الآلات والأجهزة والأنابيق والدنان والأوعية وغيرها المنصوص عليها في الفقرة الثانية من تلك المادة. ويجوز الحكم بمصادرة المنتجات المنصوص عليها في البند (د) من الفقرة الأولى من المادة 18 وكذلك وسائل النقل المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من تلك المادة. فإذا ارتكبت مخالفة جديدة لأحكام هذا القانون أو القرارات الوزارية المنفذة له خلال سنة من تاريخ الحكم نهائياً في المخالفة الأولى يحكم بإغلاق المعمل أو المصنع أو المحل مدة لا تقل عن سنة ويجوز الحكم بالإغلاق نهائياً على نفقة المخالف". كما نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 – في شأن العقوبات التي توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج – على أن "كل مخالفة للقوانين أو المراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع الجزاءات الأخرى المنصوص عليها فيها". ونصت المادة 21 من القرار بالقانون رقم 363 لسنة 1956 سالف البيان على أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة وإذا تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بحيث لا يزيد على ألف جنيه وفي حالة العود خلال سنة يضاعف الحد الأقصى للتعويض". ونصت المادة 22 على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في جرائم التهريب المنصوص عليها في هذا القانون إلا بناءً على طلب مكتوب من مدير عام مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة في ذلك، ويجوز للمدير العام لمصلحة الجمارك التصالح في جميع الأحوال وذلك بخفض مبلغ التعويض إلى ما لا يقل عن النصف وله في هذه الحالة أن يرد البضاعة المضبوطة مقابل أداء عشر قيمتها على الأقل حسب تقدير الجمرك علاوة على رسوم الإنتاج المستحقة، ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية حسب الأحوال". ولما كان ما أورده الشارع في المادة 21 سالفة البيان، إنما هو مستقل عن العقوبات الواردة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 وبالمادة 20 من القرار بالقانون رقم 363 لسنة 1956 سالفي الذكر، ذلك بأنه إذ جوز القضاء على المخالف بتعويض للخزانة العامة على النحو الذي أورده، وإذ قضى في حالة العود خلال الأجل المضروب، بمضاعفة الحد الأقصى للتعويض إنما كان رائده في ذلك – على ما هو ظاهر من عبارات النص – الضرب على أيدي المتهربين من أداء حق الخزانة بتأثيم فعلهم والعمل في الوقت نفسه على اقتضائها تعويضاً على الرسوم التي ضاعت عليها أو كانت عرضة للضياع بسبب مخالفة القانون، ومن ثم كانت هذه المسحة المسماة تعويضاً، غير رافعة عنه صفة العقوبة المكملة للعقوبات الأخرى المقررة في القانون، وغير متطلبة لجواز الحكم بها ثمة إدعاء من الخزانة، أو وقوع مضارتها بالفعل، كما لا يرفع عنه هذه الصفة ما أوردته المادة 22 الآنفة عن رفع الدعوى الجنائية أو التصالح وأثره في انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة، لأن لهذه الأحكام مثيلاً في جريمة السرقة إضراراً بالزوج أو الأصول أو الفروع وفي غيرها من الجرائم ذات العقوبات الجنائية المحضة بلا جدال. ولما كان ما تقدم، فإن تلك المسحة من التعويض تجيز للخزانة العامة مطالبة الجاني به أمام مختلف درجات القضاء الجنائي، ولو قضى في الدعوى الجنائية لصالح المتهم – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لما كان ذلك فإن تدخل من يمثل الخزانة في الدعوى أمام المحاكم الجنائية للمطالبة بهذا التعويض يكون جائزاً، وإذ كان الطاعن قد تدخل مدعياً بالحقوق المدنية أمام محكمة الدرجة الأولى طالباً القضاء على المطعون ضدهم بمبلغ 565 ج و690 م قيمة رسوم الإنتاج والتعويض المستحق ولم يقض له بطلباته فاستأنف هذا الحكم، وكانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعي بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً" فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف لرفعه من غير صفة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن نظر الدعوى فيتعين نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.