أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 894

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، وأحمد زكى كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(220)
الطعن رقم 1127 سنة 28 القضائية

(أ) استدلال. إجراءات التحقيق التي يملكها استثناء رجال الضبط القضائي. القبض على المتهمين. الفرق بين القبض والاستيقاف. مثال.
استيقاف الدورية الليلية لأشخاص سائرين على الأقدام في الليل لانحرافهم عن خط سيرهم العادي بمجرد رؤيتهم أفراد الدورية وظهورهم أمامهم بمظهر الريبة لا يعد قبضا.
(ب) عقوبة. عقوبة السجن التي يعرفها القانون. ماهيتها. هي المحكوم بها خلافا لعقوبة الحبس بنوعية. المادة 16 ع.
1- مجرد استيقاف الدورية الليلية لأشخاص سائرين على الأقدام في الليل انحرفوا عن خط سيرهم العادي بمجرد رؤية أفراد الدورية وظهروا أمامهم بمظهر الريبة مما يستوجب الإيقاف للتحري عن أمرهم، لا يعد قبضا.
2- لا يعرف القانون سوى نوع واحد من عقوبة السجن وهى المحكوم بها خلافا لعقوبة الحبس بنوعيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا (طبنجة مششخنة). وثانيا - أحرز ذخائر مما تستعمل في أسلحة نارية لم يرخص له باحرازاها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدلة بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 الملحق به، فصدر قرارها بذلك.ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات - بمعاقبة على المغازى سالم بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجهين الأول والثاني من الطعن أنه أخطأ في تطبيق القانون وصدر بناء على إجراءات باطلة، ذلك أنه اعتبر العسكري أحمد محمد أبو عيشه والخفيرين المرافقين له من رجال الضبط القضائي الذين لهم سلطة القبض على المتهم، والثابت من أقوال هؤلاء أنهم لم يروا شيئا مع الطاعن قبل أمره بالوقوف، وأن استيقافهم للطاعن كان لاشتباهم فيه بسبب تغيير طريق سيره ووضعه يديه في جيبيه وهو ما لا يكفي لاعتباره مشتبها فيه. كما أن المادة 24/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز لرجال الضبط القضائي ومرؤسيهم استيقاف الناس استجوابهم عما يملكون، وأن الحكم استند إلى أن الطاعن تخلى عن المضبوطات بإرادته، مع أن أحدا من الشهود لم يقل برؤيتهما معه قبل القبض عليه، وقد شهد الخفير كامل على بأن العسكري أحمد محمد أبو عيشه طلب من الطاعن ثلاث مرات أن يسلمه ما معه مما يفيد أن تخليه عما يحمله كان تحت تأثير الخوف وليس عن إرادته. وقد جاء الحكم المطعون فيه باطلا إذ قضى بمعاقبة الطاعن ثلاث سنوات دون أن يبين ما إذا كانت العقوبة مع الشغل أم لا.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتحصل في أنه بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1956 أثناء عودة داورية ليلية برئاسة الجندي أحمد محمود أبو عيشه من المرور على بعض بلاد مركز بيلا تقابل أفرادها مع ثلاث أشخاص ما أن شعروا بهم حتى حاولوا الانحراف عم خط سيرهم فتبعهم رئيس الدورية بصحبة زميليه، ونادى فوقف اثنان منهم ووقف الثالث وهو الطاعن خلفهما ولاحظ عليه أنه يقف بطريقة مريبة ويبدو عليه الارتباك والاضطراب ويده تعبث ببعض أجزاء ملابسه فاشتبه في أمره وسأله عما معه فأجابه بأنه يحمل مسدسا وأخرج من جيبه مسدسا داخله طلقات نارية سلمه له وأخبره أنه مملوك لابن عمه فضبطه وقبض عليه، واقتاده إلى نقطة البوليس وتبين من تقرير الطبيب الشرعي أن السلاح المضبوط طبنجة بساقيه بماسورة مششخنة وصالح للاستعمال وأن الطلقات المضبوطة مما تستعمل في مثل هذا المسدس وصالحة أيضا للاستعمال واستند الحكم في قضائه إلى أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي وتناول بالرد على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه فقال " وبما أنه عن هذا الدفع فإن المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أوجبت على رجال الضبطية القضائية استكشاف الجرائم وإثبات حالتها، وهذا الواجب لا يقتصر على إثبات الجرائم بمجرد العلم بوجودها، بل يتناول التحري عن الجرائم التي يمكن أن تكون ارتكبت، ويقتضى قيام مأموري الضبطية القضائية بهذا الواجب أن يستعينوا بمرؤوسيهم من رجال البوليس السري وجنود الحراسة. وبما أن الوقائع الثابتة في هذه الدعوى أن رجال الدورية شاهدوا المتهم في حالة مريبة لما طلبوا منه الوقوف على أثر ملاحظتهم أنه حاول تغيير خط سيره، وواجب استكشاف الجرائم يحتم على رئيس الدورية أن يستوقف المشتبه في أمره ليستوضحه. وظاهر مما تقدم أن ما صدر من رجال الدورية للمتهم هو مجرد استيقاف أوجبه حقهم في استكشاف الجرائم واتخاذ الإجراءات التي يرون لزومها للتحري عن أحوال الشخص المشتبه في أمره - وبما أن الثابت مما تقدم أن المتهم بمجرد أن استوقفه رئيس الدورية عندما اشتبه في أمره وسأله عما معه قدم له المسدس المضبوط، وبذا يكون قد تخلى عما يحوزه فأصبح في حالة تلبس تبيح لرجل البوليس القبض عليه لتسليمه إلى مأمور الضبطية القضائية. وهذا ما وقع فعلاً في هذه الدعوى فيكون الدفع في غير محله". ولما كان ما قرره الحكم من ذلك سائغا وصحيحا في القانون، إذ أن مجرد استيقاف الدورية الليلية لأشخاص سائرين على الأقدام في الليل انحرفوا عن خط سيرهم العادي بمجرد رؤية أفراد الدورية وظهروا أمامهم بمظهر الريبة مما يستوجب الإيقاف للتحري عن أمرهم لا يعد قبضا، وكان تسليم الطاعن للمسدس المضبوط إلى أفراد الدورية قد تم برضاه فأصبح في حالة تلبس تبيح القبض عليه لتسليمه إلى أحد رجال الضبطية القضائية، وكان القانون لا يعرف سوى نوع واحد من عقوبة السجن هو المحكوم بها خلافا لعقوبة الحبس بنوعيه، فإن ما ينعاه الطاعن في الوجهين الأول والثاني من طعنه يكون غير سديد.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من أوجه الطعن هو أن المحكمة إذ قضت بمعاقبة الطاعن ثلاث سنوات قد تناقضت مع حكم آخر لها في قضية مماثلة قضى على المتهم فيها بستة أشهر مع الشغل والإيقاف.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن تقدير العقوبة التي يستحقها كل متهم من إطلاقات محكمة الموضوع في حدود ما هو مقرر بالقانون للجريمة التي ثبتت عليه ولا تجوز المنازعة في تقديرها أمام محكمة النقض ما دام قد تم وفقا للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.