مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 1323

(135)
جلسة 11 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد الرحمن سلامة، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4316 لسنة 37 القضائية

دعوى - حكم - النتائج المترتبة على الجمع بين التماس إعادة النظر والطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا.
لا تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية - يتعين توافر شرط المصلحة واستمراره حتى صدور حكم نهائي - يشمل ذلك الطعون المقامة عن الأحكام باعتبار أن الطعن هو استمرار لإجراءات الخصومة بين ذوي الشأن - الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع برمته شكلاً وموضوعاً أمامها لتنزل عليه صحيح حكم القانون - للقاضي سلطة كاملة على إجراءات الخصومة الإدارية فهو يملك توجيهها وتقصي شروط قبولها دون أن يترك ذلك لمحض إرادة الخصوم في الدعوى - من بين ذلك التحقق من توافر شرط المصلحة واستمرارها في ضوء تغير المراكز القانونية أثناء نظر هذه الدعوى حتى صدور الحكم - الهدف من ذلك الحرص على عدم انشغال القضاء الإداري بخصومات لا جدوى منها ولا مصلحة لأطراف النزاع في استمرارها - مثال ذلك: صدور حكم من المحكمة التأديبية بمجازاة العامل فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا ثم سلك سبيل التماس إعادة النظر - قضت المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءته مما نسب إلية وقضت المحكمة في الالتماس برفضه فطعن على الحكم الأخير - أثر ذلك: إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بانتهاء الخصومة في طلب التماس إعادة النظر - تطبيق [(1)]


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 29/ 9/ 1991 أودع السيد الأستاذ/.... المحامي بالنقض قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة في التماس إعادة النظر رقم 191لسنة 24 ق بجلسة 31/ 8/ 1991والقاضي بقبول الالتماس شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وقد تم إعلان الحكم للمطعون ضدهما في 23/ 9، 29/ 9/ 1991. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول التماس عادة النظر لانتفاء المصلحة.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلستها في 29/ 10/ 1994 وبجلسة 11/ 1/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 11/ 2/ 1995 وبعد الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 31/ 8/ 1991 وأقيم الطعن الماثل في 19/9/1991 مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعن تتحصل في أنه بتاريخ 28/ 7/ 1990 صدر حكم المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة في الدعوى رقم 19/ 32 والذي قضى بمجازاة الطاعن بعقوبة الإنذار وقد بادر الطاعن بإقامة الطعن رقم 3609 لسنة 36 ق.ع والطعن رقم 3728 لسنة 36 ق.ع في الحكم المشار إليه حيث قررت المحكمة الإدارية العليا ضم الطعن رقم 3728 لسنة 36 ق.ع للطعن رقم 3609 لسنة 36 ق.ع وأصدرت فيهما حكماً واحداً بجلستها المنعقدة في 6/ 7/ 1991 بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن/...... مما نسب إليه. ومن حيث إن الطاعن كان قد أقام أيضاً التماس إعادة نظر أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة في الحكم ذاته قيد برقم 131 لسنة 34 حيث قضت المحكمة المذكورة بجلستها في 31/ 8/ 1991 بقبول الالتماس شكلاً ورفضه موضوعاً وهو الحكم المطعون فيه في الطعن الماثل وقد أقامت المحكمة حكمها المطعون فيه على سند من القول إن المادة 24 من قانون المرافعات قد حددت حصراً لحالات التماس إعادة النظر وإن ما قدمه الملتمس من مستندات دعماً لالتماسه لا تدخل ضمن الحالات المحددة حصراً بالمادة 24 مرافعات على حين إن مبنى الطعن الماثل يقوم على القول بمخالفة الحكم المطعون فيه لحكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم به وذلك على أساس أن المحكمة الإدارية العليا قضت في الطعنين رقمي 3609، 3728 لسنة 36 ق.ع ببراءة الطاعن مما نسب إليه وقد صدر حكم المحكمة الإدارية العليا في 6/ 7/ 1991 أي قبل صدور حكم المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة في الحكم المطعون فيه وكانا هذين الطعنين تحت نظر المحكمة مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضى في الالتماس باعتبار الخصومة منتهية لصدور حكم نهائي كما أشار الطاعن في مذكرة دفاعه إلى التأكيد على مصلحته في الطعن الماثل.
ومن حيث إن الأصل أنه لا يقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرط المصلحة يتعين توافره ابتداء كما يتعين استمرار قيامه وقت صدور حكم نهائي.
ومن حيث إن لفظ الطلبات كما تشمل أيضاً الطعون المقامة عن الأحكام باعتبار أن الطعن هو استمرار لإجراءات الخصومة بين الأطراف ذوي الشأن والطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع برمته شكلاً وموضوعاً أمام تلك المحكمة لتنزل فيه صحيح حكم القانون وبما للقاضي الإداري من هيئة كاملة على إجراءات الخصومة الإدارية فإنه يملك توجيهها وتقص شروط قبولها دون أن يترك ذلك لمحض إرادة الخصوم في الدعوى ومن بين ذلك التحقق من توافر المصلحة واستمرارها في ضوء تغير المراكز القانونية أثناء نظر الدعوى وإلى حين صدور حكم منها دراً عن القضاء الإداري من الانشغال بخصومات لا جدوى من ورائها ولا مصلحة لأطراف النزاع في استمرارها من حيث أن الطعن الماثل يتعلق بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة في التماس إعادة النظر رقم 191 لسنة 24 ق والمنتهي إلى قبول الالتماس شكلاً ورفضه موضوعاً وإذ صدر حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 3609، 3728 لسنة 36 ق.ع جلسة 6/ 7/ 1991 المقامين من الطاعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 28/ 7/ 1990 في الدعوى التأديبية رقم 19 لسنة 32 ق والمنتهي إلى قبول الطعنين شكلاً. وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه وتبعاً لذلك تغدو العقوبة الموقعة على الطاعن لا أساس لها من الوجود بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين المشار إليهما.
ومن حيث إنه على ضوء ذلك يكون شرط المصلحة في الالتماس قد أنقضى بالنسبة للطاعن عند صدور الحكم المطعون فيه بأن قضى الحكم المطعون فيه بالرغم من ذلك بقبول الالتماس شكلاً ورفضه موضوعاً فإنه يكون قد قضى بقبول طلب بغير بقاء مصلحة للطالب في الاستمرار في النزاع وقت صدور الحكم المطعون فيه وكان يتعين القضاء بانتهاء الخصومة في التماس إعادة النظر وليس برفض الالتماس.
ومن حيث إنه متى كان ذلك كذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع برفضه فإنه يكون قد جانب صحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بانتهاء الخصومة في طلب التماس إعادة النظر في الدعوى رقم 191 لسنة 24.


[(1)] راجع الطعن رقم 3322 لسنة 35 ق بجلسة 15/ 10/ 1994