مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 625

(63)
جلسة 2 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ محمد عبد الرحمن سلامة، وإدوارد غالب سيفين، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2521 لسنة 35 قضائية عليا

استثمار - استثمار مال عربى وأجنبى - اختصاص الهيئة العامة للاستثمار.
المواد 3 و6 و25 و27 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن نظام استثمار المال العربى والاجنبى والمناطق الحرة ولائحته التنفيذية.
ناط المشرع بمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار الموافقة على إنشاء المشروع الاستثمارى بما يحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقاً للسياسة العامة للدولة وخطتها القومية وجعله السلطة المهيمنة على شئون المشروعات الاستثمارية وخوله إصدار القرارات اللازمة لذلك الأمر الذى يسبغ عليه اختصاصا أصيلا سواء فى منح الترخيص ابتداء أو مراقبة تنفيذه أو إلغائه وذلك كله بالنظر إلى الغرض الذى قام عليه المشروع الاستثمارى وفى ضوء السياسة العامة للدولة وخطتها القومية - أثر ذلك - فى حالة عدم التزام المشروع الاستثمارى بالشروط والأهداف التى تضمنها طلب الاستثمار وتمت موافقة الهيئة بناء عليه فإن الأمر يعرض على مجلس الإدارة لتقرير ما يلزم - قد يصل القرار إلى إلغاء الموافقة على المشروع إذا ثبت عدم تحقيقه للاغراض المستهدفة - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 23/ 5/ 1989 أودعت الأستاذة ....... المحامية بصفتها وكيلة عن الهئية العامة للاستثمار، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 30/ 3/ 1989 فى الدعوى رقم 57 لسنة 39 ق والذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وعينت جلسة 16/ 1/ 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 1/ 10/ 1995 وفيها قررت الحاضرة عن الهيئة العامة للاستثمار أن ترخيص الشركة المطعون ضدها تم إلغاؤها ومن ثم قررت المحكمة التأجيل لجلسة 19/ 11/ 1995 لإخطار شركة الفيوم الوطنية للرد على ما أثارته الهيئة الطاعنة بجلسة اليوم، وظل الطعن يتأجل العديد من المرات ولكن دون جدوى وقد تم إعلان الشركة المطعون ضدها إدارياً، إلى أن قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 2/ 3/ 1997 ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين. وخلال الأجل المحدد أودعت الهيئة الطاعنة مذكرة ختامية بدفاعها، اوضحت فيها أنه تبين للهيئة استحالة مباشرة الشركة صاحبة المشروع تنفيذ أهدافها فى ضوء إلغاء عقدها مع المحافظة ومنعها من الصيد من جانب الجهة الإدارية المختصة بعد أن تقرر خضوع المسطحات المائية لإشراف هيئة عامة، وقد تم منح الشركة مهلة لتوفيق أوضاعها فى ضوء ما استجد إلا إنها لم تستجب لذلك وبالتالى أصدر المجلس قراره بإلغاء الموافقة على المشروع وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد توافرت له مبررات إصداره وإذ خالف الحكم المطعون فيه ما تقدم فإنه يكون حرياً بالإلغاء.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن رئيس مجلس إدارة شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية كان قد أقام الدعوى رقم 57 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة فى 3/ 10/ 1984 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 115 الصادر فى 30/ 7/ 1984 بإلغاء الموافقة على مشروع شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقال ممثل الشركة المدعية شرحاً للدعوى، أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 5/ 11/ 1981 استأجرت الشركة عشرين ألف فدان من أملاك الدولة الخاصة، وصدر قرار محافظ الفيوم بتخصيص هذا القدر لحساب الشركة اعتباراً من 31/ 8/ 1981، وتقدمت الشركة إلى اللجنة العليا لدراسة المشروعات الاستثمارية بوزارة الزراعة لدراسة الجدوى لمشروع إنشاء شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية واعتمد المشروع بتاريخ 29/ 2/ 1982، وبتاريخ 26/ 10/ 1982 وافقت هيئة الاستثمار على إنشاء الشركة بنظام الاستثمار الداخلى وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 وشاركت محافظة الفيوم فى هذا المشروع بنسبة 51% من رأس مال الشركة وبتاريخ 25/ 3/ 1983 صدر قرار وزير شئون الاستثمار والتعاون الدولى رقم 97 لسنة 1983 بإنشاء الشركة، وما إن بدأت تؤتى ثمارها حتى فوجئت الشركة بصدور القرار المطعون عليه.
ونعت الشركة المدعية على ذلك القرار صدوره مخالفاً للقانون لقيامه على غير سبب صحيح، خاصة وأن عقد إنشاء الشركة تم اعتماده وأخذ دوره لدى كافة الجهات المعنية وأن دراسة الجدوى الاقتصادية تم اعتمادها من وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائى ومن الهيئة العامة للثروة السمكية، مما لا يجعل مبرراً لإصدار القرار المطعون فيه، وأن ما ساقته الهيئة العامة للاستثمار من أسباب للقرار تتحصل فى إنها منحت الشركة مهلة لتصويب مسارها مع الجهات المختصة ولم تقم الشركة بذلك، مردود عليه بأن الهيئة لم تبين هذه الجهات أو ما هو المسار الذى يحتاج إلى تصويب حتى تكون الشركة على بينة من أمرها وخلصت الشركة إلى طلب الحكم لها بطلباتها الواردة بعريضة الدعوى.
وعقبت الهيئة العامة للاستثمار على الدعوى بمذكرة جاء فيها أن مجلس إدارة الهيئة وافق فى 26/ 10/ 1982 على إقامة مشروع شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية بنظام الاستثمار الداخلى وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بغرض استزراع وتربية الأسماك عن طريق انشاء وإدارة مراكب الصيد فى المسطحات المائية وعمل المراعى السمكية وتسويق إنتاجها وتوزيعه، واتخذت الشركة شكل شركة مساهمة مصرية وصدر بتأسيسها والترخيص بها قرار وزير الاستثمار رقم 97 لسنة 1983 إلا أنه ورد كتابان فى 20/ 8، 19/ 11/ 1983 من وزير الزراعة بأن ثمة مخالفات شابت مشروع شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية ويطلب من الهيئة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلغاء التصريح الصادر للشركة، وبتاريخ 11/ 2/ 1984 عرض موقف الشركة وما جاء بالكتابين المشار إليهما على مجلس إدارة الهيئة الذى وافق من حيث المبدأ على إلغاء قراره الصادر فى 26/ 10/ 1982 على أن تشكل لجنة من وزارة الزراعة والهيئة لمعاينة المشروع فى ضوء كتابى وزارة الزراعة وعرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة بالجلسة القادمة، وبتاريخ 6/ 3/ 1984 تم عرض تقرير اللجنة وصدر قرار مجلس إدارة الهيئة بمنح الشركة مهلة أقصاها ثلاثة أشهر يتم خلالها الاتفاق بين وزارة الزراعة والشركة على أ - إعادة تحديد الأغراض والأنشطة التى يمكن أن يسمح لها بمزاولتها فى ضوء القواعد والنظم المعمول بها فى مجال الثروة السمكية. ب - تحديد المساحة التى يمكن تخصيصها للمشروع وتصويب مسار الشركة وتصحيح أوضاعها قانونياً وإدارياً وفى حالة عدم إمكان الوصول إلى اتفاق بين الأطراف المعنية يتم العرض على مجلس إدارة الهيئة إعمالاً لنص المادة 24 من اللائحة التنفيذية من القانون رقم 43 لسنة 1974 لاتخاذ ما يلزم، وبتاريخ 18/ 3/ 1984 أخطرت الهيئة الشركة بقرارها المشار إليه وتم استعجالها لعدة مرات إلا أنه لم يرد رد من الشركة، وقد جاء بكتاب وزير الزراعة المؤرخ 31/ 5/ 1984 أن الشركة قامت بحل نفسها وبناء على ذلك تم مخاطبة الشركة لموافاة الهيئة بمحضر اجتماع الجمعية العامة الغير عادية والخاصة بقرار التصفية ولم يرد رد.
وأوضحت الهيئة العامة للاستثمار أنه إعمالاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بأنه يجوز لها إسقاط موافقتها على المشروع إذا لم يقم المستثمر باتخاذ خطوات جدية فى التنفيذ وهو ما عليه الحال فى مشروع شركة الفيوم الوطنية، وأن الهيئة قامت بسحب موافقتها على المشروع بالقرار المطعون فيه بعد أن عجزت الشركة عن تحقيق أغراضها.
وبجلسة 30/ 3/ 1989 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه الذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الهيئة العامة للاستثمار لم تقدم ى سند يفيد انحراف الشركة المدعية عن الأهداف الرئيسية التى أنشئت من أجلها بعد أن استوفت كافة الشروط القانونية اللازمة لسلامة خطتها، هذا فضلاً عن أن أغراض الشركة كانت واضحة فى نظام الشركة وأن اللجنة العليا لدراسة المشروعات الاستثمارية بوزارة الزراعة التى وافقت على إنشاء المشروع أقرت تلك الأغراض وتلى ذلك موافقة هيئة الاستثمار مما يجعل القرار المطعون فيه قام على غير أساس قانونى صحيح.
ومن حيث إن طعن الهيئة العامة للاستثمار يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: فإنه عملاً بحكم المادة 27 من القانون رقم 43 لسنة 1974 وتعديلاته والذى يحكم هذه المنازعة، وعملاً بحكم المادة 24 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه فإن الهيئة الطاعنة يحق لها إسقاط وإلغاء الموافقة الصادرة منها إذا لم يتخذ المشروع خطوات تنفيذية جدية، لأن سلطة الهيئة لا تقتصر فقط على مجرد إصدار موافقتها على المشروع وإنما تمتد تلك السلطة إلى التحقق من تنفيذ الأهداف والأغراض والالتزامات التى يجب أن يقوم بها المشروع ومن ثم إذا تبين للهيئة بأن المشروع لم يلتزم بتلك الشروط والأهداف فإنه يتعين على الهيئة الطاعنة - عندئذ - أن تقوم بإلغاء الموافقة على المشروع.
ثانياً: الثابت من الأوراق أن وزارة الزراعة أرسلت كتاباً إلى وزير شئون الاستثمار يتضمن طلب سحب الترخيص الممنوح لشركة الفيوم الوطنية (المطعون ضدها) لوجود مخالفات على المستوى الإقليمى والمركزى مما دعى القطاع المختص بالهيئة إلى عرض مذكرة بموقف المشروع موضحاً فيها جميع المخالفات التى شابت الموافقة على إنشائه، وترتب على ذلك قيام مجلس إدارة الهيئة بإصدار القرار المطعون فيه.
ثالثاً: ليس صحيحاً ما ساقه الحكم المطعون فيه من أنه ليس هناك انحراف فى مسار الشركة ذلك لأن الهيئة الطاعنة منحت الشركة مهلة لتعديل أغراضها إلا أن الشركة ذلك لم تقم بتعديل تقم بتعديل نشاطها وأغراضها فى ضوء المتغيرات التى طرأت على المشروع وأنه تبين للهيئة إلغاء عقود الشركة وسحب الأراضى المخصصة لها وبالتالى فلم يعد للمشروع وجود فعلى.
وخلص تقرير الطعن - ومذكرة الهيئة الطاعنة - إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
ومن حيث إن المادة 3 من نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 الذى يحكم النزاع الماثل تنص على أن "يكون استثمار المال العربى والأجنبى فى جمهورية مصر العربية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية... وذلك فى المجالات الآتية: -
1 - التصنيع والتعدين والطاقة والسياحة والنقل وغيرها من المجالات.
2 - استصلاح الأراضى البور والصحراوية واستزراعها ومشروعات تنمية الإنتاج الحيوانى والثروة المائية" ... وتنص المادة 6 على أن "تتمتع المشروعات المقبولة فى جمهورية مصر العربية وفقاً لأحكام هذا القانون وأيا كانت جنسية مالكيها أو محال إقامتهم بالضمانات والمزايا المنصوص عليها فى هذا القانون - كما تتمتع المشروعات التى تنشأ بأموال مصرية مملوكة لمصريين فى أحد المجالات المنصوص عليها فى المادة 3 من هذا القانون بالمزايا والإعفاءات .... وذلك بشرط موافقة الهيئة وطبقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها ...."
وتنص المادة 25 على أن "تنشأ هيئة عامة يشرف عليها ويرأس مجلس إدارتها وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى وتسمى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ..."
وتنص المادة 27 على أن "تقدم طلبات الاستثمار إلى الهيئة ويوضح فى الطلب المال المراد استثماره وطبيعته وسائر البيانات الأخرى التى من شأنها إيضاح كيان المشروع المقدم بشأنه الطلب ولمجلس إدارة الهيئة سلطة الموافقة على طلبات الاستثمار التى تقدم إليه وتسقط هذه الموافقة إذا لم يقم المستثمر باتخاذ خطوات جدية بتنفيذها خلال ستة أشهر من صدورها ما لم يقرر المجلس تجديدها للمدة التى يراها".
وتنص المادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة على أن "على المشروعات الموافق عليها من الهيئة الألتزام بالشروط والأهداف الأساسية التى تضمنتها طلبات الاستثمار المقدمة منها والتى حصلت على الموافقة بناء عليها، وفى حالة عدم الالتزام بالشروط أو الخروج عن الأهداف المحددة فى الموافقات يعرض الأمر على مجلس الإدارة."
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن القانون رقم 43 لسنة 1974 ناط بمجلس إدارة الهيئة الموافقة على إنشاء المشروع الاستثمارى بما يحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقاً للسياسة العامة للدولة وخطتها القومية وجعله السلطة المهيمنة على شئون المشروعات الاستثمارية وخوله إصدار القرارات اللازمة لذلك الأمر الذى يسبغ عليه اختصاصاً أصيلاً سواء فى منح الترخيص ابتداء أو مراقبة تنفيذه أو إلغائه وذلك كله بالنظر إلى الغرض الذى قام عليه المشروع الاستثمار وفى ضوء السياسة العامة للدولة وخطتها القومية، وهو ما عبرت عنه بوضوح المادة 24 من اللائحة التنفيذية المشار إليها سلفاً بأنه فى حالة عدم التزام المشروع الاستثمارى بالشروط والأهداف التى تضمنها طلب الاستثمار وتمت موافقة الهيئة بناء عليه فإن الأمر يعرض على مجلس الإدارة لتقرير ما يلزم، وقد يصل القرار إلى إلغاء الموافقة على المشروع إذا ثبت عدم تحقيقه للأغراض المستهدفة منه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار كان قد وافق فى 26/ 10/ 1982 على إقامة مشروع شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية بنظام الاستثمار الداخلى وفقاً لأحكام قانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974 وأن غرض المشروع هو استزراع وتربية الأسماك عن طريق إنشاء وإدارة مراكب الصيد فى المسطحات المائية وعمل المرابى السمكية وتسويق إنتاجه وتوزيعه والقيام بكافة الخدمات وتربية البط على المخلفات الناتجة من الأسماك، واتخذ المشروع شكل شركة مساهمة مصرية تم تأسيسها وصدر بذلك القرار الوزارى رقم 97 لسنة 1983 بتاريخ 25/ 5/ 1983.
ومن حيث إنه بتاريخ 13/ 11/ 1983 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 465 لسنة 1983 الذى نص فى مادته الأولى على أن "تحدد المسطحات المائية التى تتولى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تنظيمها والإشراف على تنفيذ قوانين الصيد فيها والقرارات المنفذة لها على النحو الآتى أولاً:........ ثانياً: جميع المسطحات المائية الداخلة فى بحيرات........ قارون ووادى الريان وسياحات هذه البحيرات........ وما يتولد عنها من مساحات مائية وكذلك أراضى الاستزراع السمكى التى يحددها وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائى..." وإنه إعمالاً لذلك فإن وزير الدولة للزراعة والامن الغذائى حرر كتابا إلى وزير الدولة للاستثمار مؤرخ 19/ 11/ 1983 أوضح فيه أن الإشراف على كافة المساحات المائية بالجمهورية ومن ضمنها المساحة التى تضع الشركة المشار إليها (شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية) أصبحت تتولاها الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وطلب اتخاذ إجراءات إلغاء التصريح الصادر للشركة على ضوء ما تقدم وعلى ضوء ما جاء بكتاب وزير الدولة للزراعة المؤرخ 20/ 8/ 1983 والذى تضمن أن ثمة تغييراً كان قد حدث فى الأوراق التى عرضتها شركة الفيوم على مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار عند طلبها الترخيص لها بإقامة المشروع الاستثمارى ذلك أنه أضيف صفر بجانب (1000 فدان) ليصبح (10000 فدان) كما لم يعرض على مجلس إدارة الهيئة رفض وزارة الزراعة الترخيص للشركة بالصيد وإدارة المراكب، كما تبين من الأوراق أيضاً أن المجلس المحلى لمحافظة الفيوم قرر إلغاء عقد الشركة تأجير المسطح المائى، وأن الشركة لم تبدأ فى تنفيذ المزرعة السمكية.
ومن حيث إنه تم عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة فى 21/ 2/ 1984 الذى قرر تشكيل لجنة من وزارة الزراعة والهيئة لمعاينة المشروع، وأعدت اللجنة تقريرها الذى عرض على مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار فى 6/ 3/ 1984 ووافق المجلس على منح الشركة مهلة أقصاها ثلاثة أشهر يتم خلالها الاتفاق بين وزارة الزراعة والشركة على إعادة تحديد الأغراض والأنشطة التى يمكن أن يسمح لها بمزاولها فى ضوء القواعد والنظم المعمول بها فى مجال الثروة السمكية وتحديد المساحة التى يمكن تخصيصها للمشروع فى ضوء التكاليف الاستثمارية الحقيقية والقواعد المنظمة لأعمال الصيد وتصويب مسار الشركة وتصحيح أوضاعها قانونياً ومالياً وإدارياً، وتم إخطار الشركة بذلك إلا أن الشركة لم تحرك ساكناً رغم استعجالها العديد من المرات كان آخرها بتاريخ 17/ 5/ 1984 ومن ثم أعد قطاع استثمار المشروعات الزراعية والإنشائية بالهيئة العامة للاستثمار مذكرة خلص فيها إلى عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة للنظر فى سحب الموافقة الصادرة لمشروع شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية، وبتاريخ 8/ 7/ 1984 وافق مجلس إدارة الهيئة على إلغاء موافقته على المشروع.
ومن حيث إنه يبين من العرض المتقدم أن الأهداف والأغراض التى أنشئت من أجلها شركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية وهى استزراع وتربية الأسماك عن طريق إنتاجها والقيام بالصيد فى المسطحات المائية وعمل المرابى السمكية وتسويق إنتاجها والقيام بكافة الخدمات وتربية البط على المخلفات الناتجة عن الأسماك، لم يتم تحقيقها أو على الأقل - وحسبما تفصح عنه الأوراق - لم يتم البدء فى تنفيذها، وأن ما نسب إلى الشركة من تغيير فى المساحات التى تم تأجيرها، أو من إلغاء لعقد الإيجار المبرم بينها وبين المجلس المحلى لمحافظة الفيوم وموضوعه المسطحات المائية كل ذلك يدلل على أن الشركة المطعون ضدها غير جادة فى تنفيذ الأغراض التى أقيم من أجلها المشروع الاستثمارى خاصة وأن الشركة سكتت تماماً عن الرد على ما أثارته الهيئة العامة للاستثمار فى ذلك الخصوص، فالشركة لم ترد على ما قرره مجلس إدارة الهيئة بجلسة 6/ 3/ 1984 من ضرورة قيام الشركة بتوفيق أوضاعها فى ضوء ما هو وارد بكتاب وزير الزراعة والأمن الغذائى المشار إليه وفى ضوء صدور القرار الجمهورى رقم 465 لسنة 1983 الذى ناط بالهيئة العامة للثروة السمكية الإشراف على كافة البحيرات والمسطحات المائية فى جمهورية مصر العربية، وليس صحيحاً ما دفع به محامى الشركة - وسايره فيه الحكم المطعون فيه - من أن قرار الهيئة العامة للاستثمار جاء مرسلاً وفضفاضاً، لأنه فضلاً عن أن الشركة لم تسعى جاهدة للاتصال بالهيئة لتنفيذ القرار أو كيفية تنفيذه فأن قرار مجلس الإدارة كان واضحاً وصريحاً، والمذكرة التى صدر القرار بناء عليها كانت واضحة الدلالة فى معانيها، ومن ناحية أخرى فإن الشركة لم تمثل أمام هذه المحكمة للدفاع عن حقها رغم تكرار تأجيل الطعن الماثل أكثر من مرة، ولم تقدم ما يدل على إنها لم تتكسب الأغراض والأهداف التى صدرت موافقة هيئة الاستثمار وفقاً لها على الترخيص بإقامة المشروع الاستثمارى بل إن الأوراق المودعة بملف الدعوى تخلو تماماً من أن الشركة قامت فعلاً أو بدأت على الأقل بتنفيذ أهداف المشروع الذى تمت الموافقة عليه.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن ما ورد بمحضر الجلسة المعقودة بتاريخ 1/ 10/ 1995 على لسان الحاضرة عن الهيئة العامة للاستثمار من أن ترخيص الشركة المطعون ضدها تم إلغاؤه ولم تقم الشركة بالرد عليه - أمر يجد له صدى فى صحيفة الدعوى ذاتها التى صدر فيها الحكم المطعون فيه حيث جاء بصحيفة (8) فيها أن الجمعية العمومية للشركة أكدت بجلستها المنعقدة فى 29/ 1/ 1984 بطلان قرار الجمعية الصادر فى 21/ 4/ 1984 بحل الشركة مما يلقى ظلالاً من الشك حول استمرار الكيان القانونى للشركة المطعون ضدها خاصة وأنه تم إعلان الشركة من خلال النيابة العامة لعدم الاستدلال عليها فى موطنها الثابت بالأوراق، ويخلص من كل ذلك إلى أن قرار الهيئة العامة للاستثمار بإلغاء موافقته على المشروع الاستثمارى الخاص بشركة الفيوم الوطنية للمزارع السمكية قام على أسباب صحيحة ومستمدة من أصول سائغة، ولما كان الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب وانتهى إلى نتيجة مغايره فإنه يكون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات.