مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثانى (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 1341

(137)
جلسة12 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد، وعبد القادر هاشم النشار، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2875 لسنة 34 القضائية

( أ ) أراضى - تقسيم الأراضى - قرار اعتماد التقسيم - وسيلة العلم به - عدم كفاية نشره بالوقائع المصرية لتحقق قرينة العلم به. (دعوى) (ميعاد).
قرارات اعتماد تقسيم أو تعديل التقسيم بما تفرضه من أوضاع وقيود على المتعاملين فى قطع التقسيم ليست فى حقيقتها قرارات تنظيمية عامة بحيث يكفى للعلم بها مجرد نشرها فى الوقائع المصرية وإنما هى أقرب إلى القرارات الفردية لأنها تمس مركزا قانونيا ذاتيا لكل مشتر أو مستأجر أو منتفع بأى قطعة من قطع التقسيم - مؤدى ذلك: أن مجرد النشر بالوقائع المصرية لا يكفى للعلم بها - يتعين على جهة الادارة تقديم ما يفيد علم ذوى الشأن بها - تطبيق.
(ب) التزام - محله - تعيين محل الالتزام - شروطه. (عقد بيع)
يجب أن يكون محل الالتزام فى عقد البيع أو قابلاً للتعيين - إذا وقع البيع على شيء معين بالذات وجب وصفه وصفاً مانعاً من الجهالة الفاحشة - العبرة فى تعيين المحل بما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين - الثمن ضرورى لإتمام البيع - تطبيق.
(ج) حقوق - حق الانتفاع - تمييزه عن حق الملكية.
حق الملكية حق جامع مانع يعطى مالكه سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف إذا استقل المالك بملكية الرقبة وخول الغير حق الانتفاع فإن الحق الأخير يكون موقوتاً بانتهاء الأجل المعين له أو بموت المنتفع.
(د) حق الملكية - القيود الواردة عليه - قيد المطل - حساب المسافة.
يعتبر قيد المطل من القيود الواردة على المالك - للجار أن يكون له مطل مواجه على جاره بمراعاة المسافة التى قررها المشرع - تقاس هذه المسافة (متر) من المطل إلى الخط الفاصل بين العقارين المتجاورين - إذا كان الفاصل أرض فضاء مخصصة للاستعمال المشترك فإن الارض تدخل كلها فى حساب المسافة القانونية للمطل فتقاس منه المطل حتى أخر الأرض المشتركة حيث تلاصق عقار الجار - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 21/ 7/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريراً قيد بجدولها تحت رقم 2875 لسنة 34 ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد" بجلسة 2/ 6/ 1988 فى الدعوى رقم 726 لسنة 38 ق والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً: رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتى القاضى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 12/ 1992، وبجلسة 1/ 2/ 1993 قررت الدائرة احالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 7/ 3/ 1993 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/ 1/ 1995 قررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 12/ 3/ 1995 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضده الأول بصفته مأموراً لاتحاد ملاك عمارة برج المعادى أقام الدعوى رقم 726 لسنة 38 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 16/ 11/ 1983 طلب فى ختامها الحكم بإلغاء قرار محافظ القاهرة رقم 114 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 20/ 5/ 1979 وإعادة الوضع إلى ما كان عليه وإلزام المدعى عليه بصفته المصاريف والأتعاب. وقال بيانا للدعوى أن شركة المعادى للإسكان والتعمير قامت بتقسيم الشطر الأول من المعادى الجديدة وأوضحت بخريطة التقسيم إنشاء نموذج رقم 19 بمعرفتها وبيع شقق بنظام التمليك للجمهور، وقد قامت بتقسيم منطقة المشروع لثلاثة أقسام خصص الجزء (ج) منه كحديقة تخدم سكان النموذج على اعتبار أن الجزء الأول من النموذج بارتفاع اثنى عشر دوراً والجزء الثانى بارتفاع ثمانية أدوار ويضم النموذجين أكثر من مائتى شقة فى الوقت الذى يقضى فيه تقسيم شركة المعادى بألا يتجاوز الارتفاع ثلاثة أدوار بما فى ذلك الأراضى وأن المبانى على 40% من المساحة لذلك ومساهمة من الشركة فى حل أزمة الاسكان قامت ببناء ما سبق ببرج المعادى على أن تخصص الجزء (ج) كحديقة تخدم سكان وملاك البرج، وأثناء قيام الملاك برعاية هذه الحديقة تعرض لهم أحد الأشخاص بدعوى أنه اشترى أرض الحديقة ومنطقة موقف السيارات من شركة المعادى للإسكان والتعمير وأنه يعتزم بناءها كسكن إدارى، قام الملاك بمخاطبة الشركة التى أخذت تراوغ الملاك حتى تبين أنها باعت الجزء (ج) للمذكور والمخصص لاستخدامه كحديقة للملاك وسكان البرج، كما قامت ببيع جزء من القسم (ب) والداخل ضمن ملكية ملاك البرج، والمخصص كموقف للسيارات، وأخطرتهم الشركة بأنه صدر قرار محافظ القاهرة رقم 114 لسنة 1979 (المطعون فيه) بناء على طلب الشركة بتغيير تخصيص الجزء (ج) من حديقة لملاك وسكان عمارة البرج ليكون لإقامة مبانى للخدمة العامة ومن ثم تظلم الملاك لمحافظ القاهرة بتاريخ 18/ 8/ 1983 ولم يبت فى التظلم، وينعى المدعى على القرار المطعون فيه تجاوز سلطات محافظ القاهرة ذلك أن التغيير والتعديل إنما يكون لأراضى لا تتعلق بها حقوق الأفراد وهو ما يخالف الواقع ذلك أن منطقة المعادى قسمت لثلاث مناطق الأولى مبانى بارتفاع اثنى عشر دوراً وموقف سيارات لسكان المبنى، والقسم (ب) مبانى بارتفاع ثمانية أدوار وموقف سيارات لسكان المبنى، وأرض هذا التقسيم بما فيها موقف السيارات مملوك ملكية على الشيوع لسكان المبنى بمقتضى عقود الشراء من شركة المعادى وبالتالى فلا يجوز لمحافظ القاهرة تعديل التقسيم والتخصيص بالنسبة لهذا الجزء ونظراً لأن الشركة أقامت هذا البرج بهذه الارتفاعات وبهذه الكثافة السكانية التى تتعارض مع قرار تقسيم الشطر الأول بالمعادى الجديدة والذى يقضى بالبناء على 40% من الأرض مع ترك 60% كحديقة، كذا عدم الارتفاع لأكثر من ثلاثة أدوار بما فى ذلك الأراضى، وحتى تبرر الشركة مخالفتها قررت بقرار التقسيم السابق (بشأن إنشاء برج المعادى) بأنها قررت ترك القسم (ج) كحديقة لملاك وسكان المبنى وعلى هذا تم البيع فى حينه لملاك عمارة البرج، أى أنه قدم تعلق بالملاك حق انتفاع لهذه الحديقة كذا حق المطل. وخلص المدعى إلى طلباته التى أقام بها دعواه.
وبجلسة التغير المنعقدة بتاريخ 5/ 6/ 1985 أمام محكمة القضاء الإدارى قرر الحاضر عن المدعى أن صفته زالت كمأمور لاتحاد ملاك البرج المشار إليه وحل محله الدكتور/.......... (المطعون ضده الثانى) كمأمور لاتحاد الملاك وأن المدعى يستمر فى الدعوى كأحد ملاك العقار المذكور.
وبجلسة 2/ 6/ 1988 صدر الحكم المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بأن القرار المطعون فيه لا يعد من القرارات التنظيمية العامة التى يعتبر تاريخ نشرها هو تاريخ علم الكافة بها، بل إنه من قبيل القرارات ا لفردية التى يتعين أن يعلم بها الفرد المضار منه علماً يقينياً يتبين منه مركزه القانونى، وإذ يذكر المدعى الأول فى صحيفة الدعوى أنه عندما علم بالقرار المطعون فيه بادر إلى التظلم منه فى 18/ 8/ 1983 ولم تنف الجهة الإدارية هذا التظلم، إذ أثبتت أنه علم به فى تاريخ سابق على تظلمه، وإذ أقيمت الدعوى فى 16/ 11/ 1983 فإنها تكون مقامة فى الميعاد القانونى.
وبالنسبة لموضوع الدعوى فإنه طبقاً للمادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 فإن أمر اعتماد خطوط التنظيم وتعديلها منوط بقرار يصدر من المحافظ المختص بعد موافقة المجلس المحلى المختص فإذا صدر القرار من المحافظ دون الحصول على موافقة مسبقة من المجلس المحلى فإن القرار فى هذه الحالة يعد مخالفاً للقانون وأن الثابت من الأوراق ومن القرار المطعون فيه أنه تناول بالتعديل خطوط التنظيم بالشطر الأول بتقسيم المعادى الجديدة دون أن يسبق ذلك الحصول على موافقة المجلس المحلى المختص، وبالتالى فإن محافظ القاهرة بإصداره هذا القرار ودون مراعاة لحكم المادة 13 سالفة الذكر يكون قد خالف القانون الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه حين رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بمقولة أن القرار المطعون فيه قرار فردى ويجب أن يعلن به المطعون ضدهما وقد جانب المحكمة الصواب ذلك أن القرار المطعون فيه هو من القرارات التى لا توجه إلى شخص معين وإنما إلى جمهور من الناس غير محدد لأن تخصيص الأرض الفضاء للخدمة العامة لأهالى حى المعادى الجديدة ليس موجها لأشخاص معينين وإنما لجمهور أهالى حى المعادى ولذلك فهو من القرارات التى يكفى النشر فيها ليكون ميعاد الطعن عليه من تاريخ النشر ولهذا فالدعوى مقامة بعد الميعاد نظراً لأن القرار تم نشره بتاريخ 27/ 8/ 1979، ولم يطعن عليه إلا فى 16/ 11/ 1983 كما أخطأت المحكمة حين طبقت نص المادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 لأن النزاع ليس خاصاً باعتماد أو تعديل خطوط التنظيم وإنما هو يتعلق بتعديل تقسيم الأراضى الفضاء طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 وهذا القانون الأخير لا يستلزم موافقة أية جهة أخرى سواء مجلس محلى أو غيره قبل صدور قرار المحافظ يؤيد ذلك أن القرار المطعون فيه معنون بأنه اعتماد تقسيم المعادى الجديدة (الشطر الأول) كما أشار القرار إلى القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضى المعدة للبناء والقوانين المعدلة له، وأما الإشارة إلى اعتماد خطوط التنظيم فهو أثر من آ ثار التقسيم ومن ثم فالقرار المطعون فيه صدر مطابقاً للقانون وليس فيه أى غصب للسلطة ومن ثم فالحكم مخالف للقانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقر بأن القرارات التنظيمية العامة هى التى جرى ميعاد الطعن فيها من تاريخ نشرها فى الجريدة الرسمية، أما القرارات الفردية التى تمس مراكز قانونية ذاتية فيسرى ميعاد الطعن فيها من تاريخ إعلانها إلى أصحاب الشأن، ويقوم مقام النشر والإعلان تحقق علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً، وأن قرارات اعتماد تقرير ما أو تعديل هذا التقسيم بما يفرضه من أوضاع وقيود على المقسم وعلى المتعاملين فى قطاع التقسيم ليس فى طبيعته قراراً تنظيمياً عاماً وبحيث يكفى نشره فى الوقائع المصرية لتوفير القرينة القانونية على العلم به. وإنما هو أقرب إلى القرارات الفردية لأنه يمس المركز القانونى الذاتى لكل مشتر أو مستأجر أو منتفع بأى قطعة من قطع التقسيم وبهذه المثابة فإن علم ذوى الشأن بأثر القرار المذكور على مراكزهم القانونية لا يتحقق لمجرد نشره فى الوقائع المصرية، وأن القرار المطعون فيه إنما هو فى حقيقته - وفى حدود الطلبات المقامة بها الدعوى المطعون على حكمها - قرار بتعديل التقسيم بالسماح ببناء مراكز إدارية على قطعة الأرض الفضاء والتى يذهب المدعيان إلى أنها مملوكة لهم كحديقة وموقف سيارات باعتبارهم ملاكاً للبرج المشار إليه ولهم عليها حق انتفاع وحق مطل - فى حين تنفى الجهة الإدارية أية ملكية لهم على تلك القطعة - وهو بمثابة قرار فردى لا يكفى للعلم به مجرد النشر بالوقائع المصرية وإذا لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد علم المدعيان بالقرار المطعون فى تاريخ سابق على تظلمهما المقدم بتاريخ 18/ 8/ 1983 وقد أقاما الدعوى فى 16/ 11/ 1983 ومن ثم فالدعوى مقامة فى الميعاد المقرر قانوناً ويكون قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً هو قضاء صادف صحيح حكم القانون ويكون النعى عليه فى غير محله جديراً بالرفض.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه والصادر من محافظ القاهرة بتاريخ 20/ 5/ 1979 برقم 114 لسنة 1979 ينص فى مادته الأولى على أن "يعتمد تعديل تقسيم المعادى الجديدة" "الشطر الأول" طبقاً لأحكام قانون تقسيم الأرضى رقم 52 لسنة 1940 وتعتمد خطوط التنظيم السوداء السميكة داخل أرض التقسيم مع إلغاء خطوط التنظيم السوداء الرفيعة المؤشر عليها بعلامات xxx وفقاً لما هو مبين على الرسم المرافق لهذا القرار، وتنص المادة الرابعة منه على أن يعتمد تجزئة البلوك (ج) - إلى أربع قطع - على أن تخصص القطعة رقم (4) لإقامة مبانى للخدمات العامة - بحيث لا يزيد ارتفاع المبانى بها على ثلاثة أدوار وترك مساحة من الدور الأرضى لانتظار السيارات وفقاً لما هو مبين على الرسم المرافق لهذا القرار، وتنص المادة (5) على أن "يقبل الإقرار والتعهد الصادرين من الشركة (شركة المعادى للإسكان والتعمير) بعدم الإخلال بالتخصصات والاشتراطات البنائية السابق اعتمادها بالقرار ت أرقام 1068 لسنة 1963، 1039 لسنة 1966 المشار إليها.
ومن حيث إن المطعون ضدهما ينعيان على القرار المطعون فيه بيع الجزء (جـ) المخصص لاستخدامه كحديقة للملاك وسكان برج المعادى وبيع جزء من القسم (ب) والداخل ضمن ملكية ملاك البرج المخصص كموقف للسيارات وبذلك يكون القرار قد غير تخصيص هذين الجزئين ليكون لإقامة مبانى للخدمة العامة وينعى المطعون ضدهما على القرار تجاوزه لسلطات المحافظ لأن أرض التقسيم بما فيها موقف السيارات مملوك ملكية شائعة لسكان المبنى بمقتضى عقود الشراء من شركة المعادى ومن ثم فلا يجوز للمحافظ تعديل التقسيم والتخصيص لهذا الجزء، وأن الملاك مطلق لهم حق انتفاع بالحديقة وكذا حق المطل.
ومن حيث إن المستقر عليه قضاء أن محل الالتزام فى عقد البيع يجب أن يكون معينا أو قابلا للتعين فإذا وقع البيع على شيء معين بالذات، وجب أن يوصف الشيء وصفاً مانعاً من الجهالة الفاحشة فإذا باع شخص دار وجب أن يبين موقعها وأوصافها الاساسية التى تميزها عن الدور الأخرى، وإذا باع أرضاً وجب تحديد موقعها وبيان مساحتها وتعيين حدودها على أنه لا ضرورة لذكر حدود الأرض ما دام طرفى عقد البيع على علم تام بموقعها وحدودها ويلزم فى كل الأحوال بيان مساحتها، والعبرة فى تعيين محل البيع هو بما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين ووفقاً للتحديد الذى تضمنه عقد البيع، كما يتعين أن يتفق طرفى عقد البيع على ثمن البيع فإذا لم يتفقا على الثمن لم يتم البيع فاتفاق الطرفين على البيع وتحديد الشيء المبيع والثمن ضرورى لإتمام البيع.
ومن حيث إنه يبين كذلك من استعراض نصوص القانون المدنى أنه اعتبر حق الانتفاع من الحقوق العينية بإدراجه فى باب الحقوق المتفرعة عن حقوق الملكية، وحق الملكية يغاير فى طبيعته وحكمه فى القانون حق الانتفاع، فحق الملكية هو جماع الحقوق العينية إذ مالك العقار يكون له حق استعماله وحق استغلاله وحق التصرف فيه، فإذا أنشأ هذا المالك لآخر حقاً بالانتفاع فإن هذا الحق يجرد الملكية من عنصرى الاستعمال والاستغلال ولا يبقى لها إلا العنصر الثالث وهو حق التصرف فتصبح الملكية المثقلة بحق الانتفاع هى ملكية الرقبة فيجتمع فى العقار حقان عينيان، حق الرقبة للمالك وحق الانتفاع للمنتفع وهذا الحق بالانتفاع موقوت ينتهى بانتهاء الأجل المعين له، فإذا لم يعين له أجل عد مقرراً لحياة المنتفع وينتهى على أى حال بموت المنتفع وفقاً لما تقضى به المادة 993 من القانون المدنى، كما أن المشرع وضع قيوداً على حق الملكية من بينها ما نص عليه فى المادة 819 مدنى من أنه لا يجوز للجار أن يكون له على جاره مطل مواجه على مسافة تقل عن متر وتقاس المسافة من ظهر الحائط الذى فيه المطل أو من حافة المشربية أو الخارجة، ما مفاده أن من حق الجار أن يكون له مطل مواجه على جاره شريطة أن تراعى المسافة التى حددها المشرع وتقاس هذه المسافة من المطل إلى الخط الفاصل بين العقارين المتجاورين، فإذا كان الفاصل بينهما أرض فضاء مخصصة للاستعمال المشترك دخلت هذه الأرض الفضاء كلها فى حساب المسافة القانونية فتقاس من المطل حتى آخر الأرض المشتركة حيث تلاصق عقار الجار.
ومن حيث إن البين من صورة عقد البيع الابتدائى لإحدى الوحدات السكنية فى البرج المشار إليه والمقدمة من المطعون ضدهما بجلسة 29/ 5/ 1994 إن العقد محرر بين شركة المعادى للتنمية والتعمير والمشترى للوحدة السكنية رقم 27 بالعمارة نموذج رقم 19 الكائنة بالشطر الأول من تقسيم منطقة المعادى الجديدة بدائرة قسم المعادى محافظة القاهرة والمملوكة للشركة البائعة، وبيان الوحدة المبيعة أنها فيلا من النموذج الثانى فيلات رقم 57 بالفاصل (ج) - بالعمارة نموذج 19 بالمعادى الجديدة - الدور الخامس - وأن ثمن البيع المتفق عليه هو مبلغ 7190 جنيه ولم يتضمن العقد أية إشارة إلى موقف السيارات التى يذهب المطعون ضدهما أنه من بين المساحة المباعة للملاك، وإذا كان العقد قد أحال فى البند الثامن على القواعد النموذجية التى أعدتها الشركة البائعة واعتبرها ملحقة بالعقد وجزءاً متمماً له فإن هذه الإحالة قد وردت طبقاً لصريح نص البند المذكور فى مجال تقيد المشترى بالحقوق والالتزامات بالنسبة لملاك الطبقات فى عمارة واحدة، فضلاً عن ذلك فإن تلك القواعد وإن أشارت فى البند (1) على اشتراك ملاك الشقق فى ملكية الأرض المقام عليها البناء والأرض المحيطة فإن هذا البند لم يحدد على وجه قاطع تلك الأرض ومساحتها وحدودها على نحو ناف للجهالة وأنها تتصرف بحال إلى موقف السيارات لملكية مشتركة، كما لم يحدد الثمن المدفوع من جانب المشترين مقابل الملكية المشتركة لأرض موقف السيارات بل إن المطعون ضدهم قد اعترفوا بجلاء فى مذكرتهم الأخيرة الواردة بتاريخ 21/ 1/ 1995 عدم حساب ثمنها ضمن الوحدات المبيعة ومن ثم فإن عدم تحديد المبيع بالنسبة لموقف السيارات وعدم الاتفاق على ثمن له يعنى عدم إتمام عقد بيع موقف السيارات المشار إليه.
ومن ناحية أخرى فإن الأوراق لم تكشف عن قيام الجهة الإدارية بتقرير حق انتفاع على الحديقة لملاك البرج المشار إليهم حيث لم يتضمن عقد البيع المشار إليه أو القواعد النموذجية الملحقة به أى تقرير لهذا الحق، وإذا كان ثمة انتفاع من ملاك البرج المذكور للحديقة ولموقف السيارات فإنه قد يكون من قبيل الانتفاع العام المقرر للجمهور بهذه المرافق العامة، واستمرار هذا الانتفاع وتلاحقه من ملاك البرج بحكم قربهم منه لا يخلق لهم حقا فى الانتفاع لم تفرزه نصوص مكتوبة وعلى نحو يقصر هذا الانتفاع عليهم ومنع غيرهم منه، كذلك فإن استناد المطعون ضدهم على حقهم فى المطل لمنع جهة الادارة من عليهم ومنع غيرهم منه، كذلك فإن استناد المطعون ضدهم على حقهم فى المطل لمنع جهة الإدارة من التصرف فى مساحة الحديقة وموقف السيارات لأنه فيه مساس بحقهم فى المطل إنما ورد مرسلاً بغير دليل يثبت المساس بالمسافة المقررة للمطل على نحو يستوجب الالتفات عنه.
ومن حيث إنه حسبما تقدم فإن الأوراق لم تفصح عن أية
حقوق للمطعون ضدهم سواء أكانت حق الملكية أو حق الانتفاع كحق متفرع عنه أو حتى حق لمطل يمكن أن تشكل قيداً على حق الجهة الإدارية فى التصرف فى مساحتى الحديقة وموقف السيارات، ومن ثم فإن قرار محافظ القاهرة رقم 114 لسنة 1979 المطعون عليه فيما تضمنه من اعتماد تجزئه البلوك (جـ) إلى أربع قطع وتخصيص القطعة رقم (4) لإقامة مبانى للخدمات العامة على المساحتين المشار إليهما يغدو متفقاً وأحكام القانون وإذ ذهب الحكم الطعين مذهباً مغايراً ومن ثم فإنه يغدو مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء ويكون الطعن عليه جديراً بالقبول.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات طبقاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.