مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 693

(71)
جلسة 22 من مارس سنة 1997

السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ منصور حسن على غربى، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2134 لسنة 40 قضائية عليا

تأديب - السلطة المختصة بالتأديب - أثر اتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة.
إذا اتصلت الدعوى التأديبية بالمحكمة المختصة تعين عليها الاستمرار فى نظرها والفصل فيها ولا تملك جهة الادارة أثناء نظر الدعوى اتخاذ أى قرار فيها من شأنه سلب ولاية المحكمة التأديبية فى محاكمة المخالف المحال إليها - فإذا تصرفت جهة الإدارة تصرفا من هذا القبيل كأن تقوم بتوقيع العقوبة على المخالف عن التهمة المقدم بها إلى المحكمة التأديبية أو التنازل عن محاكمته لسبب أو لآخر - فإن ذلك يمثل عدوانا على اختصاص المحكمة وغصبا لسلطتها فمثل هذه التصرفات لا يكون لها أثر قانونى على الدعوى التأديبية التى تظل قائمة ومطروحة على المحكمة حتى تنتهى بحكم تصدره المحكمة فى موضوعها - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس 21/ 4/ 1994 أودعت الأستاذة/....... الوكيل العام للنيابة الإدارية نائبة عن السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة النيابة الإدارية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 2134/ 40 ق فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 27/ 2/ 1994 فى الدعوى رقم 826/ 19ق والقاضى ببراءة.............. من المخالفة المنسوبة إليه.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده..
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 28/ 8/ 1996 وقدمت النيابة الإدارية مذكر ة بدفاعها بجلسة 23/ 10/ 1996 وبجلسة 27/ 11/ 1996 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة ونظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 28/ 12/ 1996 وفيها قررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعن بجلسة 22/ 3/ 1997 وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 826/ 19 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة مشتملة على تقرير اتهام ضد:........ المدرس بمدرسة الجوسق الإعدادية المشتركة ببلبيس لأنه فى المدة من 15/ 10/ 1990 حتى 21/ 5/ 1991 انقطع عن عمله فى غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وبذلك يكون المذكور قد ارتكب المخالفة الادارية المنصوص عليها فى المادة 62 من القانون رقم 47/ 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 27/ 2/ 1994 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن مدة الانقطاع المطلوب محاكمة المحال عنها هى الفترة من 15/ 10/ 1990 حتى 21/ 5/ 1991 ولما كان الثابت بالأوراق أن وكيل الوزارة بمديرية التربية والتعليم بالشرقية أصدر بتاريخ 31/ 8/ 1991 قراراً بحساب المدة من 15/ 10/ 1990 حتى 14/ 10/ 1991 إجازة خاصة بدون مرتب للمحال ولما كانت مدة هذه الإجازة تستغرق فترة الانقطاع المشار إليها وكانت الإجازة الخاصة بدون مرتب لا يصح قانوناً حسابها انقطاعاً عن العمل بدون إذن ومن ثم يكون الاتهام فى غير موضعه ويتعين الحكم ببراءة المحال مما أسند إليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار الصادر من وكيل الوزارة بمديرية التربية والتعليم بالشرقية بحساب المدة من 15/ 10/ 1990 حتى 14/ 10/ 1991 إجازة خاصة بدون مرتب للمحال قد صدر فى 31/ 8/ 1991 بعد أن أقيمت الدعوى التأديبية ضد المذكور فى 8/ 7/ 1991 واتصلت بالمحكمة التأديبية وطبقا لما قضت به المحكمة الإدارية العليا لا يجوز لجهة الإدارة أن تتخذ أى قرار فى موضوع الدعوى التأديبية بعد اتصالها بالمحكمة التأديبية من شأنه سلب ولاية هذه المحكمة وبناء عليه يكون القرار المشار إليه قد صدر معدوماً ولا يعتد به وبالتالى يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المحال (المطعون ضده) تأسيساً على هذا القرار قد خالف القانون ويتعين الطعن عليه بالإلغاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن من الأمور المسلمة أنه متى اتصلت الدعوى التأديبية بالمحكمة المختصة تعين عليها الاستمرار فى نظرها والفصل فيها ولا تملك جهة الإدارة أثناء نظر الدعوى اتخاذ أى قرار فيها من شأنه سلب ولاية المحكمة التأديبيه فى محاكمة المخالف المحال إليها فإذا تصرفت جهة الإدارة تصرفاً من هذا القبيل كأن تقوم بتوقيع العقوبة على المخالف عن التهم المقدم بها إلى المحكمة التأديبيه أو التنازل عن محاكمته لسبب أو لآخر فإن ذلك يمثل عدواناً على اختصاص المحكمة وغصباً لسلطتها فمثل هذه التصرفات لا يكون لها أثر قانونى على الدعوى التأديبية التى تظل قائمة ومطروحة على المحكمة حتى تنتهى بحكم تصدره المحكمة فى موضوعها.
ومن حيث إن الواضح من هذا القضاء أن ما يمتنع على جهة الإدارة اتخاذه من قرارات فى شأن الدعوى التأديبية بعد اتصالها بالمحكمة التأديبية هو القرارات أو التصرفات التى من شأنها سلب ولاية المحكمة التأديبية وتتضمن غصباً لسلطتها ومنعها من الفصل فى موضوع التهم المسندة إلى العامل المحال مثل مجازاة المحال عن التهم المقدم عنها إلى المحاكمة التأديبية أو التنازل عن محاكمته حيث يتعين على المحكمة التأديبية أن تسقط من حسابها مثل هذه التصرفات ولا تعتد بها وتفصل فى موضوع الدعوى وبناء عليه فليس من قبيل تلك التصرفات قرار جهة الإدارة الذى يؤثر فى قيام المخالفة أو نفيها فى جانب المحال لأن ذلك لا يتضمن سلباً لولاية المحكمة التأديبية أو غصباً لسلطتها وإنما يتعلق بموضوع المخالفة المنسوبة للعامل نفيا أو إثباتا والقرار بهذه المثابة لا يمنع المحكمة من الفصل فى موضوع الدعوى والتعرض للاتهام المسند إلى المحال فى ضوء هذا القرار والذى يخضع بالطبع لرقابة المحكمة ولها حرية الأخذ به أو طرحه فى حدود أحكام القانون ومدى مشروعيته.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده هى انقطاعه عن العمل فى الفترة من 15/ 10/ 1990 حتى 21/ 5/ 1991 فى غير حدود الأجازات المقررة قانوناً فإن القرار الصادر فى 31/ 8/ 1991 من وكيل الوزارة بمديرية التربية والتعليم بالشرقية بحساب المدة من 15/ 10/ 1990 حتى 14/ 10/ 1991 إجازة خاصة بدون مرتب للمطعون ضده هو قرار ينفى المخالفة المنسوبة للمذكور ولا يتضمن سلباً لولاية المحكمة التأديبية أو غصبا لسلطتها ولا يمنعها من الفصل فى موضوعها بل يتعين على المحكمة أن تفصل فى موضوع تلك المخالفة فى ضوء هذا القرار ومدى سلامته ومشروعيته قانوناً.
ومن حيث إن القرار المشار إليه قد صدر استناداً للسلطة المخولة لجهة الإدارة فى منح العامل إجازة خاصة بدون مرتب للأسباب التى يبديها طبقاً لنص المادة 69 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة فإن هذا القرار يكون سليماً مشروعاً ويتعين إعمال أثره ولما كان هذا القرار قد تضمن حساب المدة من 15/ 10/ 1990 حتى 14/ 10/ 1991 إجازة خاصة بدون مرتب للمطعون ضده وكانت المدة المنسوب للمذكور انقطاعه فيها عن العمل دون إذن (المدة من 15/ 10/ 1990 حتى 21/ 5/ 1991) تدخل ضمن مدة الإجازة الخاصة بدون مرتب المشار إليها فإن المطعون ضده لا يكون منقطعا عن العمل دون إذن فى المدة المنسوب إليه الانقطاع خلالها حيث كان المذكور خلالها فى إجازة خاصة بدون مرتب ومن ثم تكون المخالفة المنسوبة إليه غير قائمة فى حقه مما لا سند معه لمساءلته تأديبياً وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد جاء صحيحا ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.