مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثالث (من يونيه سنة 1956 إلى آخر سبتمبر سنة 1956) - صـ 905

(109)
جلسة 16 من يونيه سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 348 لسنة 2 القضائية

قرار إداري - صدوره معيباً بعيب عدم الاختصاص - بطلانه - إلغاؤه إلغاء كاملاً - مثال - صدور قرار من وزارة الحربية بترقية رئيس قسم المستخدمين بمصلحة المواني والمنائر، والحال أنه يعتبر تابعاً لديوان الموظفين - المادة 3 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
إن المادة الثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة قد نصت على أن يعمل بهذا القانون من أول يوليه سنة 1952، ونصت المادة الثالثة من الفصل الأول من الباب الأول من القانون المشار إليه على أن يكون "مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته". فإذا كان الثابت أن المطعون في ترقيته أصبح في عداد موظفي ديوان الموظفين منذ أول يوليه سنة 1952 (باعتبار أنه يشغل وظيفة رئيس قسم المستخدمين بمصلحة المواني والمنائر) فما كان يجوز أن تشمله حركة الترقيات التي أجراها السلاح البحري في أبريل سنة 1953 بحسبانه تابعاً له، ويكون القرار الصادر من وزير الحربية في 29 من أبريل سنة 1953 بترقية المطعون في ترقيته إلى الدرجة الخامسة المخصصة لموظفي السلاح البحري قد شابه عيب عدم الاختصاص، ومن ثم يكون باطلاً لفقدانه أحد مقوماته، ويتعين من أجل ذلك القضاء بإلغائه إلغاء كاملاً، وبالتالي يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه في قضائه بإلغاء القرار إلغاء جزئياً فيما تضمنه من ترقية المدعي قد جاء مخالفاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 19 من فبراير سنة 1952 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 7525 لسنة 8 ق المرفوعة من أحمد أحمد هريدي ضد وزير الحربية والبحرية وآخر، القاضي: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبإلغاء قرار وزير الحربية رقم 282 الصادر في 29 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة، وألزمت الحكومة بالمصروفات......"، وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند في عريضة الطن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار وزير الحربية والبحرية رقم 282 الصادر في 29 من أبريل سنة 1953 بترقية السيد/ محمد إسماعيل إلغاء كاملاً، وإلزام الحكومة بالمصروفات", وقد أعلن الطعن للحكومة في 7 من مارس سنة 1956 وللمدعي في 12 من مارس سنة 1956، وعين لنظر الطعن جلسة 26 من مايو سنة 1956 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية لجميع الوزارات بالإسكندرية قيد برقم 1365 لسنة 1 ق طالباً إلغاء ترقية محمد إسماعيل إلى الدرجة الخامسة الكتابية، وقال بياناً لذلك أنه رقي إلى الدرجة السادسة الكتابية في أبريل سنة 1950 وكان يستحق الترقية إلى الدرجة الخامسة في 16 من أكتوبر سنة 1952 لولا صدور قرار من مجلس الوزراء بوقف الترقيات ولما أن فتح مجال الترقيات بصدور قرار مجلس الوزراء في فبراير سنة 1953 فوجئ بترشيح السلاح البحري لزميله محمد إسماعيل للترقية إلى الدرجة الخامسة الكتابية مع أن هذا الزميل أحدث منه في الدرجة السادسة الكتابية وقد تبين أن هذا الترشيح كان نتيجة لتعديل أقدمية زميله محمد إسماعيل في الدرجة السادسة وإرجاع أقدميته فيها إلى سنة 1948 وهو تاريخ حصوله على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية، ولما كان لحملة هذا المؤهل كادر خاص - وهو الكادر الإداري أو الكادر الفني - فما كان يجوز وضع الزميل محمد إسماعيل على درجة سادسة كتابية وترشيحه تبعاً لذلك للترقية إلى الدرجة الخامسة الكتابية فيتخطى بذلك المتظلم وهو أقدم منه في الدرجة السادسة. وقد ردت الحكومة على التظلم بأن المتظلم وزميله محمد إسماعيل رقيا معاً إلى الدرجة السادسة في أول مايو سنة 1950، ولما كان الأول يسبق الثاني في أقدمية الدرجة السابعة فقد اعتبر أقدم منه في الدرجة السادسة، ولما كان السيد/ محمد إسماعيل قد حصل على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سنة 1948 قبل ترقيته إلى الدرجة السادسة فتطبيقاً لتعليمات ديوان الموظفين التي تقضي باحتساب أقدمية الحاصلين على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في الدرجة السادسة الإدارية أو الكتابية من تاريخ حصوله على هذا الدبلوم، صدر قرار وزاري في يناير سنة 1953 بتعديل أقدمية الأستاذ محمد إسماعيل في الدرجة السادسة الكتابية بجعلها من 11 من أكتوبر سنة 1948 (تاريخ اعتماد الدبلوم) بدلاً من أول مايو سنة 1950 وبذلك أصبح أقدم من المتظلم، هذا ولا يوجد بالسلاح البحري كادر فني عالي وإداري ولا يوجد بها سوى الكادر الكتابي الشامل لجميع موظفيها الكتابيين، وخلصت الحكومة من ذلك إلى طلب رفض التظلم. وبجلسة 11 من يوليه سنة 1953 قررت اللجنة القضائية رفض التظلم؛ واستندت في إصدار قرارها إلى أن الثابت أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1950 الذي قضى بوضع حملة دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في الدرجة السادسة من تاريخ الحصول على المؤهل، لم يشترط أن تكون الترقية أو تعديل الأقدمية في حدود الكادرات الفنية والإدارية ولم يميز بين أنواع الدرجات السادسة باختلاف الكادرات، ومن ثم يكون تعديل أقدمية الأستاذ محمد إسماعيل في الدرجة السادسة قد وقع صحيحاً، ويكون التظلم على غير أساس سليم من القانون. وبصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 15 من مايو سنة 1954، طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر في القضية رقم 7525 لسنة 8 قضائية وزاد على ما أورده في تظلمه أمام اللجنة القضائية وجها جديداً للطعن في قرار ترقية الأستاذ محمد إسماعيل، ويتحصل هذا الوجه في أن المطعون في ترقيته هو رئيس قسم المستخدمين بالقوات البحرية وهو بهذه المثابة يتبع ديوان الموظفين، ولما كان قد رقي في السلاح البحري في أبريل سنة 1953 - أي بعد أول يوليه سنة 1952 تاريخ نفاذ قانون موظفي الدولة - فإن هذه الترقية تقع باطلة؛ إذ أنه يعتبر من أول يوليه سنة 1952 تابعاً لديوان الموظفين فتكون ترقيته منذ ذلك التاريخ ضمن حركة ترقيات الديوان دون الترقيات التي تتم في المصالح. وقد رددت الحكومة ما دفعت به أمام اللجنة القضائية، وقالت إن الأستاذ محمد إسماعيل لم ينقل إلى ديوان الموظفين إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 وأن المدعي رقي إلى الدرجة الخامسة الكتابية اعتباراً من 23 من نوفمبر سنة 1954. وبجلسة 22 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبإلغاء قرار وزير الحربية رقم 282 الصادر في 29 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة، وألزمت الحكومة بالمصروفات......."، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان تعديل أقدمية المطعون في ترقيته بردها إلى تاريخ حصوله على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية يجعله أسبق من المدعي والقول بغير ذلك يجعل تعديل الأقدمية لا أثر له، إلا أنه يتعين البحث فيما أثاره المدعي من أن المطعون فيه ترقيته كان تابعاً لديوان الموظفين باعتباره رئيساً للمستخدمين. وأنه يبين من الاطلاع على المادة الثالثة من القانون رقم 210 لسنة 1951 أنها تنص على أن يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلائهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين، ومفهوم هذا النص أن يصبح المطعون في ترقيته تابعاً لديوان الموظفين اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، ومتى كان الأمر كذلك فإنه لم يعد من موظفي وزارة الحربية منذ ذلك التاريخ وتكون ترقيته الحاصلة في 29 من أبريل سنة 1953 قد وقعت مخالفة للقانون، ولا يغير من هذا النظر أن ديوان الموظفين لم يصدر قراراًًًًً بنقله إليه إلا في 2 من أبريل سنة 1954 (أي بعد صدور قرار الترقية)؛ إذ أن قرار الديوان هو قرار تنفيذي للقانون رقم 210 لسنة 1951، وتأخير صدور القرار لا يغير من تبعيته للديوان من تاريخ نفاذ القانون المشار إليه، وأنه متى ثبت أن قرار الترقية المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون فقد أصبح واجب الإلغاء، ويكون من حق المدعي - وهو الأقدم في الدرجة السادسة - أن يرقى إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا مطعن على ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن وزارة الحربية ما كانت تملك وقت إصدار القرار المطعون فيه ترقية المطعون في ترقيته لأنه كان رئيساً لقسم المستخدمين بالقوات البحرية وتابعاً لديوان الموظفين بحكم المادة 3 من قانون نظام موظفي الدولة، إلا أنه فات على الحكم المطعون فيه أن هذا العيب الذي أصاب القرار المطعون فيه لم يرد على حق جهة الإدارة التي أصدرته في تخطي المتظلم في الترقية حتى يصبح القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء جزئياً أو نسبياً في هذا الخصوص، وإنما كان العيب عيب عدم الاختصاص وهو يرد على عملية الترقية ذاتها أي يرد على القرار المطعون فيه كله مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء كاملاً أو إلغاء مجرداً. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد وقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة قد نصت على أن يعمل بهذا القانون من أول يوليه سنة 1952، ونصت المادة الثالثة من الفصل الأول من الباب الأول من القانون المشار إليه على أن يكون "مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته".
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف السيد/ محمد إسماعيل أحمد المطعون في ترقيته أنه التحق بالخدمة بمصلحة المواني والمنائر في 24 من سبتمبر سنة 1930 وعين كاتباً بإدارة المستخدمين في يونيه سنة 1932، وفي سنة 1949 عين رئيساً لقسم المستخدمين المدنيين بالمصلحة المذكورة، وفي 29 من أبريل سنة 1953 رقي إلى الدرجة الخامسة الكتابية، وفي 6 من سبتمبر سنة 1953 صدر القرار الوزاري رقم 641 بشطب اسم السيد/ محمد إسماعيل رئيس مستخدمي البحرية من عداد موظفيها نقلاً إلى ديوان الموظفين، وفي 3 من أبريل سنة 1954 صدر قرار رئيس ديوان الموظفين رقم 77 بالموافقة على نقل مراقبي ومديري ورؤساء المستخدمين ووكلائهم بالوزارات والمصالح الموضحة أسماؤهم بالقرار المذكور والمنقولة درجاتهم لديوان الموظفين من أول يوليه سنة 1953 وقد ورد اسم السيد/ محمد إسماعيل أحمد ضمن من شملهم ذلك القرار وذكر أمامه أنه تتبع لديوان الموظفين من أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه بان للمحكمة من مطالعة ميزانية الدولة عن السنة المالية 1952/ 1953 الصادر بها القانون رقم 161 لسنة 1952 في 18 من أغسطس سنة 1952 أنه أدرج في ميزانية وزارة المالية والاقتصاد قسم 6 فرع 2 ديوان الموظفين ص 83 وما بعدها اعتمادان، أحدهما بمبلغ 139000 جنيه باب أول ماهيات وأجر ومرتبات والآخر بمبلغ 10700 جنيه باب 2 مصروفات عامة، والاعتماد الأول مخصص لماهيات وأجر ومرتبات موظفي الديوان ومن بينهم مراقبو ورؤساء ووكلاء مستخدمي الوزارات والمصالح.
ومن حيث إنه ظاهر مما سبق بيانه أن القانون رقم 210 أصبح نافذ المفعول منذ أول يوليو سنة 1952، وأنه ولئن كان قرار نقل المطعون في ترقيته من السلاح البحري إلى ديوان الموظفين لم يصدر إلا في سبتمبر سنة 1953 كما تراخت موافقة ديوان الموظفين على النقل إلى أبريل سنة 1954 إلا أن هذا لا يعني أنه ظل إلى هذا التاريخ أو ذاك في عداد موظفي السلاح البحري؛ إذ أن نقله إلى ديوان الموظفين قد تم بقوة القانون اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، وقد أكد ذلك ديوان الموظفين عند موافقته على النقل، إذ تأشر أمام المطعون في ترقيته وآخرين بأنه تتبع للديوان منذ أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه وقد أصبح المطعون في ترقيته في عداد موظفي ديوان الموظفين منذ أول يوليه سنة 1952 فما كان يجوز أن تشمله حركة الترقيات التي أجراها السلاح البحري في أبريل سنة 1953 بحسبانه تابعاً له ويكون القرار الصادر من وزير الحربية في 29 من أبريل سنة 1953 بترقية المطعون فيه ترقيته إلى الدرجة الخامسة المخصصة لموظفي السلاح البحري قد شابه عيب عدم الاختصاص، ومن ثم يكون باطلاً لفقدانه أحد مقوماته، ويتعين من أجل ذلك القضاء بإلغائه إلغاء كاملاً.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه في قضائه بترقية المدعي قد جاء مخالفاً للقانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار وزير الحربية رقم 282 الصادر في 29 من أبريل سنة 1953 لعدم الاختصاص، وألزمت الحكومة بالمصروفات.