مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صــ821

(87)
جلسة 12 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمود سامي الجوادي، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3279 لسنة 36 قضائية عليا

إدارات قانونية - أعضاؤها - علاوات تشجيعية - مدى جواز استدعاء نظام قانوني وتطبيقه في غير مجاله - أثر ذلك.
المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978م بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة.
المادة 24 من القانون 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها.
إن القانون رقم 47 لسنة 1973 هو الأساس في تنظيم شئون مديري وأعضاء الإدارات القانونية بحيث تنطبق عليهم أحكامه، سواء كانت أكثر أو أقل سخاء من تلك الواردة بالتشريعات السارية بشأن العاملين بالحكومة أو بالقطاع العام ومن ثم لا يجوز كقاعدة عامة إهدار نصوص القانون رقم 47 لسنة 1973 باعتباره قانوناً خاصاً والرجوع إلى أحكام القانون العام في كل ما فات القانون الخاص من قواعد أو أغفله من أحكام لما في ذلك من مجافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص والقول بغير ذلك مؤداه أن يجمع من تنطبق عليهم قوانين خاصة من العاملين بين ما تضمنته هذه القوانين من أحكام راعى فيها المشرع نوعية مؤهلاتهم وتخصصاتهم وطبيعة المهام المسندة إليهم وبين أحكام القوانين العامة التي تنطبق على سائر العاملين المدنيين بالدولة - منح عضو الإدارة القانونية علاوة تشجيعية استناداً إلى المادة 52 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة إذ ينطوي على استدعاء نظام قانونى وتطبيقه في غير مجاله فإنما يكون قراراً معيباً بعيب بالغ الجسامة مما يصمه بمخالفة القانون مخالفة صارخة تهوى به إلى حد الانعدام فيتجرد والحالة هذه من صفة القرار الإدارى ويضحى محض عمل مادي غير منتج أثراً مع عالم القانون. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 8/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3279 لسنة 36 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارة بالمنصورة بجلسة 13/ 6/ 1990 في الدعوى رقم 1394 لسنة 10 ق المرفوعة من السيد/........ ضد الطاعن، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بالتقرير أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء ذلك الحكم وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي مسبباً في الطعن رأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 13/ 1/ 1997 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 1/ 2/ 1997 وفيها نظر الطعن على الوجه المبين بمحاضرها، وبجلسة 15/ 3/ 1997 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذا النزاع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1394 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 3/ 5/ 1988 اختصم بموجبها رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بصفته وطلب في عجزها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 1162 لسنة 1987 الصادر بتاريخ 26/ 12/ 1987 بسحب القرار رقم 29 لسنة 1984 فيما تضمنه من منحه علاوة تشجيعية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات، وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل عضواً بالإدارة القانونية بالهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية وقد صدر القرار رقم 29 لسنة 1984 بمنحه وآخرين علاوات تشجيعية، وأضاف يقول أنه استمر في صرف العلاوة التي منحت له اعتباراً من 1/ 1/ 1984 حتى فوجئ بصدور القرار رقم 1162 لسنة 1987 بسحب قرار المنح فيما تضمنه من منحه وآخرين تلك العلاوة، فتظلم من القرار الساحب بتاريخ 18/ 1/ 1988 دون أن يتلقى رداً على تظلمه مما حدا به إلى إقامة دعواه ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفة القانون بمقولة أن أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة تسرى على أعضاء الإدارات القانونية فيما لم يرد به نص في القانون رقم 47 لسنة 1973 الذي ينظم شئون توظيفهم فضلاً عن أن ذلك القرار - بفرض بطلانه - قد تحصن بمضي ستين يوماً على إصداره وبالتالى لا يجوز سحبه بعد فوات هذا الميعاد، وخلص إلى طلب الحكم بطلباته المتقدمة البيان.
وبجلسة 13/ 6/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه مشيدة قضاءها على ما مفاده أنه ولئن كان منح أعضاء الإدارات القانونية العلاوات التشجيعية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة غير جائز قانوناً بحسبان أن القانون رقم 47 لسنة 1973 وضع لهؤلاء نظاماً قانونياً خاصاً بهم ونظم مستحقاتهم المالية من مرتبات وعلاوات وبدلات بما لا يجوز معه استعارة أنواع أخرى من العلاوات لم يشأ المشرع النص عليها في قانونهم، إلا أن القرار الصادر بالمنح لا يعدو أن يكون قرار معيباً يحق للجهة الإدارية سحبه خلال الميعاد المقرر لذلك قانوناً وإلا اكتسب القرار حصانة تعصمه من السحب بفوات الميعاد، وإذ قامت الجهة الإدارية بإصدار القرار الساحب في الحالة المعروضة بعد تحصن القرار المسحوب فإن القرار المطعون فيه يكون قد وقع مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن العيب الذي شاب القرار الصادر بمنح المطعون ضده علاوة تشجيعية قد بلغ حداً من الجسامة من شأنه أن يتجرد القرار من طبيعته كقرار إداري ومن ثم يكون قراراً معدوماً يحق لجهة الإدارة سحبه في أى وقت دون تقيد بميعاد.
ومن حيث إنه بمطالعة أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها يبين أنه نظم شئون أعضاء الإدارات القانونية تنظيماً شاملاً إذ تناول أمور تعيينهم في المادة 12 وما بعدها، كما نظمت المادتان 19 و20 منه قواعد نقلهم وندبهم، وعرضت المواد 21 و22 و23 للتحقيق معهم ومسائلتهم تأديبياً، وأبان جداول المرتبات المرافق له مرتباتهم وبدلاتهم والعلاوات المستحقة لهم.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولي تقتضى بعد سريان أحكام هذا النظام على العاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما تقضى به هذه القوانين أو القرارات، كما تقضى المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه بأن يعمل فيما لم يرد به نص في هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال وكذلك باللوائح والنظم المعمول بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية.
ومن حيث إن المستفاد من ذلك أن القانون رقم 47 لسنة 1973 هو الأساس في تنظيم شئون مديري وأعضاء الإدارات القانونية بحيث تنطبق عليهم أحكامه سواء كانت أكثر أو أقل سخاء من تلك الواردة بالتشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام ومن ثم لا يجوز كقاعدة عامة إهدار نصوص القانون رقم 47 لسنة 1973 باعتباره قانوناً خاصاً والرجوع إلى أحكام القانون العام في كل ما فات القانون الخاص من قواعد أو أغفله من أحكام لما في ذلك من مجافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص، والقول بغير ذلك مؤداه أن يجمع من تنطبق عليهم قوانين من العاملين بين ما تضمنته هذه القوانين من أحكام راعى فيها المشرع نوعية مؤهلاتهم وتخصصاتهم وطبيعة المهام المسندة إليهم وبين أحكام القوانين العامة التي تنطبق على سائر العاملين المدنين بالدولة ومن ثم يتعين القول بعدم سريان أحكام القوانين العامة فيما تنص عليه أو تنظمه القوانين الخاصة من أحكام تتكامل فيما بينها على وجه مغاير لما تنظمه القوانين العامة من قواعد.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه يبين أن المشرع نظم الحقوق المالية من مرتبات وعلاوات وبدلات للعاملين بالإدارات القانونية قبل الجهات التي يعملون بها ومن ثم لا يسوغ الرجوع إلى أحكام قوانين العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام فيما نظمه القانون المشار إليه، وإذ كان هذا القانون قد نظم العلاوات المستحقة لأعضاء الإدارات القانونية فأبان قدرها وقواعد منحها فلا يجوز استعارة أنواع أخرى من العلاوات مما ورد في نظم العاملين بالدولة أو القطاع العام بشأن العلاوة التشجيعية.
ومن حيث إن القرار الصادر بمنح عضو الإدارة القانونية علاوة تشجيعية استناداً إلى المادة 52 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة إذ ينطوي على استدعاء نظام قانوني وتطبيقه في غير مجاله فإنما يكون قراراً معيباً بعيب بالغ الجسامة مما يصمه بمخالفة القانون مخالفة صارخة تهوى به إلى حد الانعدام فيتجرد والحالة هذه من صفة القرار الإداري ويضحى عملاً مادياً غير منتجاً أثراً في عالم القانون، وترتيباً على ذلك فإن قراراً هذا شأنه لا عاصم له من السحب مهما طال عليه الأمد ولا تثريب على جهة الإدارة إن هي قامت بسحبه دون تقيد بميعاد، إعلاء للمشروعية ووضعاً للأمر في نصابه القانوني السليم.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى بإلغاء القرار الساحب لقرار منح المطعون ضده - وهو عضو الإدارة القانونية - علاوة تشجيعية بمقولة تحصن هذا القرار بفوات ميعاد السحب المقرر قانوناً يكون قد وقع مخالفاً للقانون مخطئاً في تطبيقه وتأويله ويغدو الطعن عليه مصادفاً صواب نظر، الأمر الذي يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم الطعين وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.