مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 849

(91)
جلسة 12 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس، ومحمد سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 82 لسنة 40 قضائية عليا

(أ) مجلس الدولة - أعضاء - سلطة المجلس في تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس - حدودها.
- المادة 58/ 3 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972
أن تحديد أقدمية من يعينون من خارج مجلس الدولة من المسائل التي تخضع لسلطة مجلس الدولة بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية بلا معقب عليه في هذا الخصوص ما دام أن قراره الصادر في هذا الشأن خلا من عيب إساءة استعمال السلطة ما لم ير إعمالاً لسلطته التقديرية المخولة له تحديد أقدميتهم من تاريخ تعيينهم في الدرجات المماثلة لوظائف مجلس الدولة بشرط ألا يترتب على ذلك أن يسبقوا زملائهم في مجلس الدولة - تطبيق.
(ب) مجلس الدولة - أعضاء - ترقية من يعين من أعضاء الهيئات القضائية بوظائف مجلس الدولة المماثلة لدرجاتهم في تلك الهيئات - حكمه.
(ب) مجلس الدولة - أعضاء - ترقية من يعين من أعضاء الهيئات القضائية بوظائف مجلس الدولة المماثلة لدرجاتهم في تلك الهيئات - حكمه.
- المادة 167 من الدستور.
- المادة 58/ 3 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 72
- إن مبدأ المساواة لا يعنى المساواة التامة بين جميع المواطنين رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية ذلك أن المشرع يملك لمقتضيات الصالح العام وضع ضوابط عامة ومجردة للمراكز القانونية التي يتساوى فيها الأفراد إذا توافرت شروط العموم والتجريد وفقاً لما نصت عليه المادة 58/3 من قانون مجلس الدولة بالنسبة لمن يعين بمجلس الدولة والذين تتماثل مراكزهم القانونية ومن ثم فإن النعي على هذه المادة بعدم الدستورية غير سديد ولا يشكل أى مخالفة للمادة 40 من الدستور - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1993 الأستاذ/.......... المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 82 لسنة 40 ق/ عليا ضد السيد/ رئيس الجمهورية والسيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة ويطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار الجمهوري رقم 197 لسنة 1993 فيما تضمنه من تحديد أقدميته في وظيفة مندوب مساعد بعد دفعة عام 1989 وما يترتب على ذلك من آثار منها وضعه بعد المندوبين المساعدين دفعة عام 1988 وقبل المندوبين المساعدين دفعة عام 1989.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً للمطعون ضدهما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 24/ 8/ 1996 وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات طرفي الخصومة قررت بجلسة 8/ 3/ 1997 المسائية إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام طعنه الماثل ابتغاء الحكم بطلباته سالفة البيان.
وقال الطاعن - شرحاً لدعواه - أنه صدر القرار الجمهوري رقم 197 لسنة 1993 متضمناً تعيينه في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وحدد القرار أقدميته بعد خريجي سنة 1989 المعينين في 18/ 11/ 1992 بالقرار الجمهوري رقم 408 لسنة 1992 رغم أنه تخرج في دور مايو سنة 1988 وسبق تعيينه بوظيفة معاون بالنيابة العامة بالقرار الجمهوري رقم 412 لسنة 1991 الصادر في 17/ 10/ 1991 ورقى إلى وظيفة مساعد نيابة بالقرار الجمهوري رقم 30 لسنة 1993 الصادر في 17/ 1/ 1993 واعتبرت أقدميته في هذه الوظيفة من 31/ 12/ 1992 تاريخ موافقة المجلس الأعلى للقضاء وقد حصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الجنائية في أكتوبر سنة 1990 ودبلوم في القانون العام في أكتوبر سنة 1992، وقدم تظلماً في 18/ 7/ 1993 إلا أنه لم يتلق رداً على تظلمه مما دعاه إلى إقامة هذه الدعوى.
وقد أسس الطاعن دعواه على أن وظيفة مندوب مساعد تعادل وظيفتي معاون نيابة ومساعد نيابة معاً ولما كانت أقدميته في النيابة العامة (بالوظائف المعادلة لوظيفة مندوب مساعد) ترجع إلى 17/ 10/ 1991 وهى أقدمية تسبق جميع المندوبين المساعدين بمجلس الدولة، فإنه كان ينبغي تحديد أقدميته في وظيفة مندوب مساعد بعد المندوبين المساعدين دفعة مايو سنة 1988 وقبل المندوبين المساعدين دفعة عام 1989. وإذا كان لجهة الإدارة سلطة تقديرية في تحديد أقدمية من يعين في وظيفة مندوب مساعد إلا أن هذه السلطة يحدها عدم إهدار أقدميته كلية في الوظيفة المعادلة للوظيفة التي عين فيها حيث إنه عين في الوظيفة المعادلة قبل تعيين دفعة عام 1989 بوظيفة مندوب مساعد بما يقرب من عام سيما وإن كان تتوافر فيه شروط التعيين في وظيفة مندوب، وإذ عينته جهة الإدارة في وظيفة مندوب مساعد فإن أضعف الإيمان كان ينبغي عليها أن تضعه بعد دفعة تخرجه أى بعد دفعه سنة 1988 وقبل دفعة 1989 لا أن تضعه بعد هذه الدفعة.
ورداً على الطعن أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على:
1 - رد مجلس الدولة على الدعوى.
2 - إقرار استلام الطاعن عمله بمجلس الدولة.
3 - مذكرة دفاع تضمنت أن المحكمة الإدارية العليا قد استقرت على أنه لا يعتبر المندوب المساعد من أعضاء مجلس الدولة إذا إن المشرع لم ينص صراحة على اعتباره من أعضائه وإنما نص على اعتباره ملحقاً بالمجلس لحين استيفائه الشروط اللازمة للترقية إلى وظيفة "مندوب" وهذا النظام الذي أرتاه المشرع بالنسبة إلى المندوب المساعد لا يعنى تجريده من التمتع بالنظام القانوني المقرر لأعضاء مجلس الدولة فهو يخضع لهذا النظام بالمقدار الذي يسمح به المشرع، وقد نصت المادة (2) من قانون مجلس الدولة على سريان الأحكام الخاصة بالمندوبين على المندوبين المساعدين عدا شرط الحصول على دبلومي الدراسات العليا.
والأصل في تحديد الأقدمية أن تتم وفقاً لتاريخ القرار الصادر بالتعيين، ويجوز للسلطة المختصة بالتعيين أن تحدد في بعض الوظائف تاريخاً آخر للأقدمية من الدرجة التي عين فيها العضو، ولا ريب أن استعمال هذه الرخصة متروك للسلطة المختصة تجريها وفقاً لاعتبارات المصلحة العامة، ولا توجد قاعدة تجيز ضم مدة العمل السابقة إلى الأقدمية في وظيفة مندوب مساعد بما يسمح بالرجوع بهذه الأقدمية إلى تاريخ سابق على صدور قرار التعيين.
وانتهت هيئة قضايا الدولة في ختام مذكرتها إلى طلب الحكم برفض الطعن.
وأثناء تداول الطعن بجلسات المحكمة وبجلسة 19/ 10/ 1996 دفع الحاضر عن الطاعن بعدم دستورية المادة 85/ 3 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فيما نصت عليه من جعل حساب ترقية من يعين من أعضاء الهيئات القضائية بوظائف مجلس الدولة المماثلة لدرجاتهم في الهيئات المذكورة في تلك الدرجات أمراً جوازياً.
وبجلستي 11/ 1/ 1997، 8/ 3/ 1997 قدم الحاضر عن الطاعن مذكرتي دفاع تضمنت وجهة نظر الطاعن فيما دفعت به الجهة الإدارية من أوجه دفاعها رداً على الطعن الماثل وانتهى من ذلك إلى تصميمه على طلباته الواردة بختام تقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم دستورية نص المادة 58/ 3 من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 72 فأن هذا الدفع مردوداً بأن الدستور نص في المادة 167 منه على أن "يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم "وبذلك يكون الدستور قد أسند للقانون سلطة تحديد الهيئات القضائية واختصاصتها وطريقة تشكيلها وشروط وإجراءات تعيين أعضاء كل هيئة قضائية والنقل بين أعضاء هذه الهيئات وبناء على ذلك وتنفيذاً له اصدر المشرع قوانين الهيئات القضائية المختلفة ونظم كل قانون من هذا القوانين تشكيل كل هيئة واختصاصاتها وقواعد وإجراءات التعيين والنقل بين هذه الهيئات وترتيب أقدمية المنقول من هيئة إلى أخرى وبذلك تكون المادة 58/ 3 من قانون مجلس الدولة نقلاً من هيئة قضائية إلى مجلس الدولة ليس فيها أى مخالفة لأحكام الدستور ولا ينال مما تقدم بالقول بأن هذه المادة أخلت بقاعدة المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية عند تعيينهم في وظائف مماثلة في مجلس الدولة ومنح السلطة المختصة سلطة تقديرية في تحديد أقديمتهم لأن مبدأ المساواة لا يعنى المساواة التامة بين جميع المواطنين رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية ذلك أن المشرع يملك لمقتضيات الصالح العام وضع ضوابط عامة ومجردة للمراكز القانونية التي يتساوى فيها الأفراد أمام القانون وإذا توافرت شروط العموم والتجريد فيما نصت عليه المادة 58/ 3 المشار إليها بالنسبة لمن يعين بمجلس الدولة والذين تتماثل مراكزهم القانونية ومن ثم فأن النص على هذه المادة بعدم الدستورية غير سديد ولا يشكل أى مخالفة للمادة 40 من الدستور.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فأن قانون مجلس الدولة وقد حدد نظام التعيين بمجلس الدولة من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة ومنح السلطة المختصة الحق في تحديد أقديمتهم ابتغاء تحقيق الصالح العام وهى مصالح مشروعة لا تؤدى - إلا الإخلال بقاعدة المساواة أمام القانون بالإضافة إلى ذلك فأن المساواة المطلقة بين أعضاء الهيئات القضائية جميعاً ليست متحققة دليل ذلك أن المشرع أفرد لكل هيئة من الهيئات القضائية قانون خاص بها ينظم طرق التعيين بها والنقل إليها بما يتفق وأهداف وصالح الهيئة ولو أراد المشرع المساواة المطلقة بينهم لأصدر قانون واحد ينطبق على جميع الهيئات القضائية وإنما لتباين هذه الهيئات في مجالات عديدة أفرد لكل منها قانوناً خاصاً بها ينظم أمور كل منها على حده وبالتالى يكون الدفع بعدم دستورية نص المادة 85/ 3 من قانون مجلس الدولة غير جدي جدير بالرفض طبقاً لنص المادة 29 ب من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48/ 1979.
ومن حيث إن الطاعن يطلب إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 197 لسنة 1992 فيما تضمنه من تحديد ترتيب أقدميته في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة بعد دفعة 1989 وبتعديل ترتيب أقدميته بتلك الوظيفة ليكون بعد المندوبين المساعدين دفعة 1988 وقبل المندوبين المساعدين دفعة 1989.
ومن حيث إن المادة 85/ 3 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1972 تنص على أن ".......... وتحدد أقدمية من يعينون من خارج المجلس في قرار التعيين وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية (حالياً المجلس الخاص للشئون الإدارية) ويجوز أن تحدد أقدمية رجال القضاء والنيابة العامة والنيابة الإدارية وإدارة قضايا الحكومة حالياً هيئة قضايا الدولة. وغيرهم ممن يعينون من خارج السلك القضائي عند تعيينهم في وظائف مجلس الدولة المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم في هذه الدرجات وبشرط ألا يترتب على ذلك أن يسبقوا زملائهم في مجلس الدولة.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص أن تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس من المسائل التي تخضع لسلطة مجلس الدولة بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية بلا معقب عليه في هذا الخصوص ما دام أن قراره الصادر في هذا الشأن خلا من عيب إساءة استعمال السلطة ما لم ير المجلس إعمالا لسلطته التقديرية المخولة له تحديد أقدميتهم من تاريخ تعيينهم في الدرجات الماثلة لوظائف مجلس الدولة بشرط ألا يترتب على ذلك أن يسبقوا زملاءهم في مجلس الدولة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس الدولة قد حدد أقدمية الطاعن عند تعيينه في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة بعد دفعة المندوبين المساعدين 1989 (بالمجلس وذلك بمقتضى القرار الجمهوري رقم 197 لسنة 1993 المطعون فيه وذلك إعمالاً لسلطته الجوازين المخولة له في المادة 58 من قانون مجلس الدولة المشار وقد خلت الأوراق مما يفيد أن مجلس الدولة أساء استعمال سلطته التقديرية عندما حدد أقدمية الطاعن على النحو المشار إليه ومن ثم يكون طلبه تعديل أقدميته في وظيفة مندوب مساعد بعد دفعة 1988 وقبل دفعة 1989 على غير سند صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: برفض الدفع بعدم دستورية نص المادة 85/ 3 من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.