مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 895

(95)
جلسة 26 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن على غربي، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2449 لسنة 39 قضائية عليا

تأديب - جزاءات - ميعاد اعتراض رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات على قرارات الجزاء في المخالفات المالية هو ميعاد سقوط.
المادة الخامسة من القانون 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات.
أن الميعاد المحدد لاعتراض رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات على قرارات الجزاء في المخالفات المالية وطلب إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية هو ميعاد سقوط يترتب على عدم مراعاته سقوط الدعوى التأديبية من أثر هام وخطير وهو تحريك الدعوى التأديبية قبل العامل، فإنه يتعين أن تكون هذه الموافقة واضحة وصريحة وأن يكون تاريخها واضحاً تماماً لا يحوطه لبس أو غموض - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 24/ 4/ 1993 أودع السيد الأستاذ/.......... رئيس النيابة نائباً عن السيد الأستاذ/ رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 2449/ 39 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 28/ 2/ 1993 في الدعوى رقم 754/ 19 ق والقاضي بعدم جواز نظر الدعوى.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب على المتهمين.،
وفى يوم الثلاثاء 22/ 6/ 1993 أودع السيد الأستاذ/......... المستشار بهيئة قضايا الدولة نائبا عن السيد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً طعن قيد برقم 3323/ 39 ق في الحكم المشار إليه.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمجازاة المطعون ضدهما بالجزاء الذي يتناسب مع المخالفة المنسوبة إلى كل منهما.
وأعلن الطعنان إلى المطعون ضدهما.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن رقم 3323/ 39 ق شكلاً لرفعه بعد الميعاد وقبول الطعن رقم 2449/ 39 ق شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل في موضوعها أمام دائرة أخرى.
نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 10/ 1/ 1996 وفيها قدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها، وقررت الدائرة ضم الطعن رقم 3323/ 39 ق ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 28/ 8/ 1996 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة، ونظر الطعنان أمام المحكمة بجلسة 29/ 9/ 1996. وبجلسة 18/ 1/ 1997 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 26/ 4/ 1997. وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 28/ 2/ 1993 وأودع الطعن رقم 3323/ 39 ق المقام من الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 22/ 6/ 1993 ومن ثم يكون هذا الطعن قد أقيم بعد الميعاد المقرر قانوناً ويتعين بالتالي القضاء بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إن الطعن رقم 2449/39 ق قد استوفى أوضاعه الشكلية. ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 754/ 19 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة مشتملة على تقرير اتهام ضد كل من:
1 - ......... الكاتب بمكتب تموين حي ثان الاسماعلية (درجة رابعة).
2 - ....... رئيس مكتب التموين المذكور لأنهما خلال الفترة من إبريل 1987 حتى ديسمبر 1989 خرجاً على مقتضى الواجب الوظيفي وخالفاً القواعد المالية وأتيا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول: قام بإدراج البطاقة التموينية رقم 8428 باسم مواطن....... باستمارة الحركة 25 مناطق عن شهر إبريل 1987 لدى التاجرة ....... باعتبار أنها مستجدة على الرغم من سبق قيدها لدى نفس التاجرة عن شهر نوفمبر 1986 مما أدى إلى استيلاء التاجرة المذكورة على مقررات تموينية قيمتها 773.490.
الثاني: أغفل الإشراف والمتابعة للأعمال مكتب تموين حي ثاني الاسماعلية مما أدى إلى ارتكاب الأول المخالفة محل التحقيق. وبذلك يكون المذكوران قد ارتكبا المخالفة المالية المنصوص عليها في المادتين 76، 77 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهما بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 28/ 2/ 1993 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مديرية التموين بالاسماعيلة قد أصدرت القرار رقم 130 بتاريخ 2/ 4/ 1991 بمجازاة المتهم الأول بخصم سبعة أيام من راتبه ومجازاة المتهم الثاني بخصم ثلاثة أيام من راتبه عن ذات المخالفة المحال كل منهما عنها للمحاكمة التأديبية وقد خلت الأوراق من أى مستند يفيد أن جهة الإدارة قد قامت بسحب القرار رقم 130/ 1991 المشار إليه ولما كان من المبادئ المستقرة أنه لا يجوز معاقبة العامل عن الواقعة الواحدة مرتين بجزائين أصليين ومن ثم فلا وجه لمحاكمة المتهمين تأديبياً عما أسند إليهما لسبق مجازاتهما عنه.
ومن حيث إن الطعن رقم 2449/ 39 ق المقام من النيابة الإدارية يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن أوراق القضية موضوع الجزاء الذي وقع على المطعون ضدهما من الجهة الإدارية قد أرسلت إلى الجهاز المركزي للمحاسبات الذي رأى عدم تناسب الجزاء وطلب إقامة الدعوى التأديبية ضدهما بموافقة رئيس الجهاز على المذكرة المرفقة بتاريخ 7/ 5/ 1991 وطبقاً للقانون تلتزم النيابة الإدارية في هذه الحالة بإقامة الدعوى التأديبية ولا يشترط أن تصدر الجهة الإدارية قراراً بسحب قرار الجزاء الموقع منها.
ومن حيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات تنص على أنه: "يختص الجهاز بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية التي تقع بها ....... ويتعين موافاة الجهاز بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها مصحوبة بكافة أوراق الموضوع ولرئيس الجهاز ما يلي: 1 - أن يطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز - إذا رأى وجهاً لذلك - تقديم العامل إلى المحكمة التأديبية وعلى الجهة التأديبية المختصة بالإحالة إلى المحكمة التأديبية لمباشرة الدعوى التأديبية.....".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الميعاد المحدد لاعتراض رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات على قرارات الجزاء في المخالفات المالية وطلب إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية هو ميعاد سقوط يترتب على عدم مراعاته سقوط الدعوى التأديبية.
وبديهي إنه ولما لموافقة رئيس الجهاز على إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية من أثر هام وخطير وهو تحريك الدعوى التأديبية قبل العامل فإنه يتعين أن تكون هذه الموافقة واضحة وصريحة وأن يكون تاريخها واضحاً تماماً لا يحوطه لبس أو غموض.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على صورة مذكرة وكيل الجهاز التي انتهت إلى طلب الموافقة على إحالة المطعون ضدهما إلى المحكمة التأديبية أنها خلت من أى توقيع أو تأشيرة بالموافقة على ما تضمنته من رئيس الجهاز وأن ما ورد بها في هذا الشأن تحت ختم شعار الدولة والذي ختمت به جميعاً صفحات صورة المذكرة المشار إليها ومن بينها الصفحة الأخيرة هو تاريخ 7/ 5 وقد جاء هذا التاريخ ذاته غير واضح وبشكل لا يكاد يقرأ ولا يوجد أى توقيع لرئيس الجهاز أو تأشيرة بالموافقة مقارناً لهذا التاريخ أو في موضع آخر من هذه الصفحة الأخيرة أو حتى في بقية الصفحات مما لا يمكن معه والحال كذلك التأكد من أن رئيس الجهاز قد وافق على إحالة المطعون ضدهما إلى المحكمة التأديبية والأمر في هذا الشأن لا يفترض ولا يستنتج وإنما يجب أن يكون قاطعاً وصريحاً وواضحاً لا غموض فيه ولا يعتريه الشك ولما كان الواضح مما سبق أن المذكرة سالفة الذكر قد خلت من موافقة رئيس الجهاز على ما تضمنته وليس بها أى تأشيرة منه أو توقيع باعتمادها ومن ثم فلا يمكن القول بوجود أو صدور موافقة من رئيس الجهاز على إحالة المطعون ضدهما إلى المحكمة التأديبية وبالتالى يكون قرار مجازاتهما من قبل الجهة الإدارية قد أصبح نهائياً وتكون الدعوى قد سقطت قبلهما ولا يجوز إعادة مساءلتهما تأديبياً عن المخالفة المحالين عليها إلى المحكمة التأديبية والتي سبق أن جوزياً عنها بالجزاء الإدارى والذي أصبح نهائياً بعدم الاعتراض عليه من الجهاز المركزي للمحاسبات ومن حيث إنه تأسيساً على ما سبق يكون المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة سليماً وإن كان لغير الأسباب التي استند إليها باعتبار أن السند الصحيح لعدم جواز محاكمة المطعون ضدهما تأديبياً هو عدم اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات على الجزاء الإدارى الموقع عليهما وليس لعدم سحب الجهة الإدارية هذا الجزاء كما ذهب الحكم المطعون فيه لأن سحب الجزاء ليس شرطاً لتحريك الدعوى التأديبية ضد العامل إذا اعترض عليه الجهاز المركزي للمحاسبات خلال الميعاد المحدد.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الطعن رقم 2449/ 39 ق على غير أساس من القانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً بقبول الطعن 2449/ 39 ق شكلاً ورفضه موضوعاً.
ثانياً: بعدم قبول الطعن رقم 3323/ 39 ق شكلاً لرفعه بعد الميعاد.