مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 901

(96)
جلسة 26 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن على غربي، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3993 لسنة 41 قضائية عليا

تأديب - ضمانات المحاكمة - إجراء التحقيق - بطلان التحقيق للإخلال بحق العامل في الدفاع عن نفسه - حدوده.
إن مواجهة العامل بالمخالفة المسندة إليه تعتبر من الضمانات الأساسية التي يجب توافرها وذلك بإجراء تحقيق - الحكمة في تقدير هذه الضمانة هي إحاطة العامل بما نسب إليه ليدلي بأوجه دفاعه - إذ كان في إمكان المتهم أن يبدى دفاعه أمام المحكمة أو مجلس التأديب فلا يقبل منه بعد ذلك الدفع ببطلان التحقيق استناداً إلى الإخلال بحقه في الدفاع - لا يغير من هذا النظر القول بأن توقيع جزاء على موظف دون سماع أقواله في التحقيق مقتضاه بطلان الجزاء وذلك لأن قرار الجزاء يكون قد صدر مفتقداً ركناً شكلياً جوهرياً يؤدى إلى بطلانه، أما في حالة تقديم الموظف للمحكمة التأديبية فإنه ليس هناك قراراً صادراً بمجازاته قبل الإحالة بل إن الأمر مازال في مرحلة ما قبل صدور الحكم التأديبي عليه فيمكنه إبراز أوجه دفاعه فيما هو منسوب إليه ويحق له أن يقدم أسانيد دفاعه أمام المحكمة أو مجلس التأديب ولا يكون هناك إخلال بحقه في الدفاع أو حقه في الرد على الاتهامات الموجهة إليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 9/ 7/ 1995 أودع الأستاذ/........... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن/...... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3993 لسنة 41 ق عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شبين الكوم الابتدائية بجلسة 17/ 5/ 1995 والقاضي بمجازاة الطاعن بخصم عشرين يوماً من أجره نظير ما أسند إليه.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع أصلياً ببطلان الإحالة لعدم سبقها بإجراءات التحقيق الوجوب اللازم واحتياطياً بإلغاء القرار المطعون فيه لانعدام موجبات إصداره.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده للأسباب المبينة بتقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس تأديب العاملين بمحكمة شبين الكوم الابتدائية المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم عشرين يوماً من أجره لعدم إجراء تحقيق قانونى سليم مستكمل الأركان.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 11/ 10/ 1995، وبجلسة 1/ 9/ 1996 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 28/ 9/ 1996، وبجلسة 11/ 1/ 1997 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 26/ 4/ 1997 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 25/ 2/ 1995 صدر قرار رئيس محكمة شبين الكوم الابتدائية بإحالة كل من ...... - سكرتير جلسة السبت بمحكمة الباجور الجزئية،.......... سكرتير جلسة الاثنين بذات المحكمة إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شبين الكوم الابتدائية وجاء في قرار الإحالة أن المذكورين قدماً مذكرة تضمنت أن هناك تقرير خبير سبق إيداعه بتاريخ 11/ 2/ 1991 في الدعوى رقم 298 لسنة 1987 مدني شبين الكوم والتي قضى فيها بعدم الاختصاص والإحالة إلى محكمة الباجور الجزئية لنظرها بجلسة 18/ 2/ 1993 وقد أرسلت القضية إلى محكمة الباجر الجزئية بتاريخ 28/ 11/ 1993 وهذا التقرير لم يكن مرفقاً بملف الدعوى. وأنه ثبت بمذكرة الفحص المعدة بمعرفة إدارة المتابعة بمحكمة شبين الكوم الابتدائية بمسئولية كل من...... و...... عن فقد ذلك التقرير حيث تداولت الدعوى بينهما لمدة عام وإهمالهما في الحفاظ على محتويات ملف الدعوى.
وبجلسة 17/ 5/ 1995 أصدر مجلس تأديب العاملين بمحكمة شبين الكوم الابتدائية القرار المطعون فيه والقاضي بمجازاة المحال/....... سكرتير الجلسة بمحكمة الباجور الجزئية بخصم عشرين يوماً من راتبه نظير ما أسند إليه وببراءة المحال/........ مما أسند إليه.
وقد أقام مجلس التأديب قضاءه على أن الثابت من أوراق الموضوع أن المحال/....... تسلم الدعوى رقم 1014 مدني الباجور عند القضاء بإحالتها إلى محكمة الباجور الجزئية لعدم اختصاص محكمة شبين الكوم الابتدائية قيمياً بنظرها وذلك بتاريخ 27/ 11/ 1993 وتدوولت الدعوى أمام محكمة الباجور الجزئية دائرة السبت سكرتارية المذكورة حتى جلسة 26/ 11/ 1994 والتي قضت فيها المحكمة بإحالة الدعوى إلى دائرة يوم الاثنين وفق قرار الجمعية العمومية في هذا الشأن وكان ملف الدعوى حسبما يبين من بيان المستندات المعلاة عليه أنه يحتوى على ثلاث تقارير خبراء وحسبما يبين من تأشير السيد الأستاذ رئيس المحكمة بورود التقارير الثلاثة وتبين فقد تقرير الخبير الأول وأن فقد هذا التقرير اكتشف عند مراجعة سكرتير جلسة الاثنين المحال الثاني/........ لملف الدعوى عند استلامه له أثر قرار المحكمة جلسة السبت بإحالة الدعوى إلى دائرة جلسة الاثنين ومن ثم يكون المحال الأول.......... مسئولاً عن فقد هذا التقرير ويكون بمسلكه هذا قد خرج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته المنوط به تأديتها بحيطة ودقة وأمانة مما يقلل من اعتبار الهيئة التي ينتمي إليها وما صاحب ذلك من مسلك غير قويم وهو ما يشكل قانوناً مخالفة النصوص الواردة في قانون العاملين المدنيين بالدولة والمادة 165 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 مما يتعين معه مساءلته ومجازاته تأديبياً عما نسب إليه وثبت في حقه.
ومن حيث إن مبنى الطعن في القرار المطعون فيه هو بطلان القرار التأديبي للقصور في التسبيب حيث يجب أن يكون مبنى القرار الجزم واليقين دون الظن أو التخمين وأن الأدلة القانونية والموضوعية التي أسس مجلس التأديب عليها قراره لم تبين على وجه القطع متى فقد التقرير من ملف الدعوى وقد وردت الأدلة على الاتهام بصفة عامة مبهمة مما يشوب القرار بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال كما شاب القرار المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب دون إجراء تحقيق معه ومن ثم بطلان الإحالة لعدم سبقها بإجراء تحقيق ولا يغنى عن ذلك سماع أقوال الطاعن أمام مجلس التأديب وأخيراً فإن حسن نية الطاعن دفعته إلى تحرير مذكرة بفقد تقرير الخبير بمجرد اكتشاف هذا الفقد ومن مقتضى ذلك وجوب مراعاة هذا الأمر وعليه فما كان ينبغي أن يكون الجزاء بهذا القدر من الغلو وانعدام سوء الطوية لديه يستوجب توقيع الجزاء الذي يتناسب مع المخالفة المنسوبة والنزول بها إلى أقل جزءا ممكن أخذاً في الاعتبار حسن نية الطاعن وانعدام سوء الطوية مما يكون معه قرار مجلس التأديب المطعون فيه جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان القرار المطعون فيه لصدور قرار الإحالة دون أن يسبقه تحقيق فإنه ولئن كانت مواجهة العامل بالمخالفة المسندة إليه تعتبر من الضمانات الأساسية التي يجب توافرها وذلك بإجراء تحقيق، فإن الحكمة في تقدير هذه الضمانة هي إحاطة العامل بما نسب إليه ليدلي بأوجه دفاعه، فإذا كان في إمكان المتهم أن يبدى دفاعه أمام المحكمة أو مجلس التأديب فلا يقبل منه بعد ذلك الدفع ببطلان التحقيق استناداً إلى الإخلال بحقه في الدفاع عن نفسه فالمتهم يستطيع أمام المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب المختص أن يتدارك ما فاته من أوجه الدفاع.
ولا يغير من هذا النظر القول بأن توقيع جزاء على موظف دون سماع أقواله في التحقيق من مقتضاه بطلان الجزاء وذلك لأن قرار الجزاء يكون قد صدر مفتقداً ركناً شكلياً جوهرياً يؤدى إلى بطلانه أما في حالة تقديم الموظف للمحكمة التأديبية فإنه ليس هناك قراراً صادراً بمجازاته قبل الإحالة بل إن الأمر ما زال في مرحلة ما قبل صدور الحكم التأديبي عليه فيمكنه إبراز أوجه دفاعه فيما هو منسوب إليه ويحق له أن يقدم أسانيد دفاعه أمام المحكمة أو مجلس التأديب ولا يكون هناك إخلال بحقه في الدفاع أو بحقه في الرد على الاتهامات الموجهة إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أو مجلس التأديب قد بنى قراره على ثبوت مسئولية الطاعن عن فقد تقرير الخبير المودع بملف الدعوى المحالة من محكمة شبين الابتدائية إلى محكمة الباجور الجزئية دائرة جلسة السبت للاختصاص ولم يبين القرار المطعون فيه الأدلة الكافية على أن فقد هذا التقرير كان بعد إحالة الدعوى إلى محكمة الباجور الجزئية دائرة جلسة السبت التي يتولى سكرتارية المحكمة فيها الطاعن ومن ثم يكون هذا الاتهام غير قائم على القطع واليقين وذلك لاحتمال فقد التقرير قبل إحالته من محكمة شبين الكوم الابتدائية أو أبان فترة إرساله من محكمة شبين الكوم الابتدائية إلى محكمة الباجور الجزئية دائرة جلسة السبت، فإذا كان الأمر كذلك إلا أن الطاعن ما زال مسئولاً عن إهماله في فحص ملف الدعوى فور وروده من المحكمة المحال منها إذ كان يتعين عليه فور استلامه ملف الدعوى فحص أوراق الملف والتأكد من وجود جميع الأوراق والمستندات المعلاة على الملف وهذا الإجراء هو ما قام به المحال الثاني سكرتير دائرة جلسة الاثنين المدعو............ بمجرد إحالة الدعوى من دائرة جلسة السبت إلى دائرة جلسة الاثنين التي يتولى سكرتاريتها حيث قام بفحص ملف الدعوى وتبين فقد تقرير الخبير المشار إليه، لذلك فإذا لم يقم الطاعن بذلك عند إحالة ملف الدعوى إلى الدائرة التي يتولى أعمال السكرتارية فيها وظلت الدعوى متداولة بهذه الدائرة لمدة تجاوز السنة دون أن يتبين له فقد التقرير فإنه بذلك يكون قد أهمل في أداء واجبات وظيفته مما يتعين معه مساءلته عن هذه المخالفة وتوقيع الجزاء الذي يناسبها، وغنى عن البيان عدم تساوى المخالفة القائمة على الغفلة والاستهتار والإهمال غير الجسيم عن تلك القائمة على العمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ لا شك أن الأولى أقل جسامة من الثانية وهو ما يجب أن يدخل في تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على ضوء ما يستخلصه استخلاصاً سائغاً من جماع أوراق الموضوع.
ومن حيث إن مقتضى الانتهاء إلى عدم سلامة استخلاص القرار المطعون فيه لوصف المخالفة ثبوت عدم التناسب بين المخالفة والجزاء الموقع عنها الأمر الذي يقتضى إلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وتوقيع الجزاء الذي يتناسب واقعاً وقانوناً مع ما ثبت في حق الطاعن من مخالفة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم عشرين يوماً من راتبه والقضاء بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه.