مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995 - صـ 1705

(172)
جلسة 30 من أبريل سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عادل محمود فرغلي، ومحمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1556 لسنة 34 القضائية

آثار - منطقة أهرامات الجيزة - الانتفاع بها - حمايتها.
منذ سنة 1935 كانت الحكومة تبحث موضوع الاحتفاظ بمنطقة حول أهرامات الجيزة لأغراض النزهة وتجميل المنطقة - صدر قرار وزير المعارف رقم 939 في 31/ 1/ 1951 باعتبار الأراضي المبنية فيه من الآثار - شكلت بعد ذلك لجنة عليا لإعادة دراسة تخطيط منطقة تجميل الأهرامات انتهت إلى صدور قرار وزير التربية والتعليم رقم 136 في 31/ 3/ 1955 باعتبار تلك الأراضي من الآثار - في عام 1960 تعدى بعض الأفراد على هذه الأراضي بحجة شرائها من المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري - انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 31/ 1/ 1968 إلى أن تصرفات المؤسسة المذكورة باطلة بطلاناً مطلقاً لا تنتج أثراً لوقوعها على ملك الدولة - شكلت هيئة الآثار لجنة لإعادة دراسة الحد الشرقي لمنطقة تجميل الأهرامات ولتقدير مدى لزوم الأراضي محل التعدي الواقعة داخل منطقة التجميل - صدر قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 في 17/ 3/ 1973 بنقل تلك الأراضي من أملاك الدولة العامة إلى أملاك الدولة الخاصة - لا يجوز بغير موافقة هيئة الآثار أخذ أتربة أو غيرها من تلك الأراضي - القرار الأخير مخالف للقانون وهو ما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 11/ 1/ 1978 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 10/ 4/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 1556 لسنة 34 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في الدعوى رقم 7062 لسنة 38 ق بجلسة 18/ 2/ 1988 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة للأراضي المملوكة للمدعي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/ 12/ 1993 وتداولت نظره بالجلسات.
وبجلسة 18/ 4/ 1994 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 12/ 6/ 1994 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/ 1/ 1995 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/ 3/ 1995 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 30/ 4/ 1995 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - تخلص حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 16/ 8/ 1984 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 7062 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري
"دائرة منازعات الأفراد والهيئات" طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 624 لسنة 1978 مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه يمتلك قطعة أرض مساحتها 14 س و13 ط و16 ف بحوض خارج الزمام بناحية كفر الجبل قسم الجيزة والموضحة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى. وقد أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 624 لسنة 1978 باعتبار الأرض المملوكة للمدعي وآخرين من المنافع العامة ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية العدد 47 بتاريخ 23/ 11/ 1978
ولما كان المشروع الذي صدر من أجله القرار المطعون فيه لم يتم إنشاؤه حتى الآن وأن الأرض ما زالت في حيازته. كما لم يوقع على نموذج استمارة البيع حتى يمكن إيداعها مكتب الشهر العقاري خلال السنتين التاليتين لنشر القرار. ومن ثم يكون القرار قد سقط مفعوله طبقاً لنص المادتين التاسعة والعاشرة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954، وإنه لا يمكن الاحتجاج بنص المادة (29) مكرر المضافة إلى القانون المشار إليه بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 13 لسنة 1962 لأن المشروع الصادر من أجله قرار المنفعة العامة لم ينفذ حتى الآن والأرض ما زالت في حيازة المدعي مما يتأكد معه سقوط مفعول القرار المطعون فيه، وقد استقرت على ذلك أحكام محكمة النقض ومحكمة القضاء الإداري.
وبجلسة 18/ 2/ 1988 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة للأراضي المملوكة للمدعي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت المحكمة قضائها على أن المشرع في القانون رقم 577 لسنة 1954 وتعديلاته قد فرض التزاماً على الجهة الإدارية القائمة بإجراءات نزع الملكية بإيداع نماذج نقل الملكية بالنسبة لأصحاب الممتلكات التي تقدم في شأنها معارضات أو القرار الوزاري الصادر بنزع الملكية مأمورية الشهر العقاري المختصة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة بالجريدة الرسمية ورتب على هذا الإيداع كافة الآثار القانونية المترتبة على شهر عقد البيع من حيث نقل ملكية العقارات التي تقرر نزع ملكيتها إلى الدولة - ورتب المشرع على عدم القيام بإجراء إيداع النماذج أو قرار نزع الملكية بمأمورية الشهر العقاري المختصة خلال الأجل الذي حدده سقوط مفعول قرار تقرير المنفعة العامة أو اعتباره كأن لم يكن.
وإذ لم يثبت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أودعت مأمورية الشهر العقاري المختصة نماذج نقل الملكية أو القرار الوزاري الصادر بنزع الملكية في خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة رقم 624 لسنة 1978 بالجريدة الرسمية أي في موعد أقصاه 22/ 11/ 1980 ولا تنازع الجهة الإدارية في ذلك ومن ثم يكون قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 624 لسنة 1978 قد سقط مفعوله قانوناً أي يعتبر كأن لم يكن من تاريخ صدوره ولا يترتب عليه أي أثر قانوني ولا يحول دون وقوع هذا السقوط إلا أن تكون الأرض التي لم تقرر لزومها للمنفعة العامة قد أدخلت في مشروع أو مشروعات تم تنفيذها بالفعل أو على الأقل بدئ في تنفيذها خلال العامين المشار إليهما. وإذ قررت الجهة الإدارية أنها لم تقم خلال العامين سالفى الذكر بتنفيذ أية مشروعات على الأراضي التي تقررت لها صفة النفع العام بموجب القرار المطعون فيه وقد أرجعت ذلك إلى طبيعة الغرض من نزع الملكية، والذي يتلخص في وجوب ترك المساحات المحيطة بالأهرامات فضاءً منبسطاً دون أية عوائق أو عوارض تشوه جمال المنطقة. الأثرية مع العمل على تجميل المنطقة لجذب السياح، ومع التسليم بصحة استناد الجهة الإدارية إلى طبيعة المشروع الذي تقرر من أجله نزع الملكية إلا أن ذلك لا يعني بقاء قرار تقرير المنفعة العامة إلى الأبد حبراً على ورق فلم تقم الجهة الإدارية حتى باستلام أرض النزاع حيث الثابت من الأوراق أنها ما زالت بعد أكثر من ثماني سنوات في حيازة مالكها ولم تقم الجهة طالبة نزع الملكية بأي عمل من أعمال التجميل التي قالت أن المشروع يتضمن القيام بها وعلى أية حال فلم يكن ثمة ما يمنع هذه الجهة من إصدار قرار نزع الملكية وإيداعه مأمورية الشهر العقاري المختصة خلال الميعاد الذي حدده القانون ليترتب عليه الأثر الناقل لملكية الدولة بالنسبة للعقارات المنزوعة ملكيتها ولا يقبل منها الاحتجاج بأي عذر في هذا الشأن، لأن تقاعسها عن القيام بهذا الإجراء يدل دلالة قاطعة على أنها غير جادة في طلب نزع الملكية وعلى عدم لزوم العقارات الصادر بشأنها قرار المنفعة العامة للغرض الذي استصدرت من أجله ذلك القرار لما تقدم ولأن إجراءات نزع الملكية شرعت لتلبية حاجات الإدارة العاجلة لتنفيذ المشروعات العامة التي تتطلب وجود عقارات تقام عليها، ولم تشرع لمجرد نقل ملكية العقارات إلى الدولة ومتى كان ذلك فإنه يتعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه لسقوط مفعوله القانوني بالنسبة للأراضي المملوكة للمدعي.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أنه ولئن كان المشرع في القانون رقم 577 لسنة 1954 سالف الذكر قد أوجب إيداع نماذج نقل ملكية الأراضي التي تقرر لزومها للمشروع الذي تقررت له صفة النفع العام أو القرار الوزاري بنزع ملكيتها مأمورية الشهر العقاري المختصة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار تقريراً لمنفعة عامة وإلا سقط مفعول القرار، إلا أن المادة 29 من ذات القانون قد استثنت من هذا الحكم القرارات الصادرة بشأن العقارات المطلوب نزع ملكيتها والتي أدخلت فعلاً في مشروعات تم تنفيذها أو بدأ في تنفيذها في خلال العامين المشار إليهما، وتقرير ما إذا كان المشروع قد تم تنفيذه مرجعه إلى طبيعة هذا المشروع والغرض منه، ولما كان الثابت من الأوراق أن الغرض من المشروع هو وجوب ترك المساحات المحيطة بالأهرامات فضاء دون أية عوائق أو عوارض تشوه جمال المنطقة الأثرية فمن ثم يكون المشروع الذي تقررت له صفة النفع العام قد تم تنفيذ خلال السنتين السابق الإشارة إليهما لاسيما وقد صدر بتاريخ 31/ 8/ 1978 قرار وزير الثقافة رقم 161 لسنة 1978 بنزع ملكية الأراضي الصادر بشأنها القرار المطعون فيه، وهو ما يقطع بأن الجهة الإدارية قامت باتخاذ إجراءات نزع ملكية هذه الأراضي وبدأت تنفيذ المشروع التي تقررت له صفة النفع العام في الميعاد الذي نص عليه القانون فإن الحكم المطعون فيه والحالة هذه يكون قد خالف الواقع والقانون مستوجب الإلغاء والقضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن المطعون ضده قد رد على الطعن في مذكرته المقدمة أمام هذه المحكمة بتاريخ 26/ 7/ 1994 بطلب سقوط مفعول القرار المطعون فيه وانعدامه لأنه في الواقع ليس قراراً بلزوم أرض المدعي لمشروع ذو منفعة عامة وإنما هو قرار يستهدف نقل ملكية أرض المطعون ضده إلى الدولة رغم انتفاء المشروع ذي النفع العام وهو نوع من المصادرة أو التأميم، فالمشرع كان على دراية كاملة بأن نزع الملكية ليس هو الوسيلة القانونية لضمان المحافظة على المظهر العام للمناطق الأثرية "إذ أن نزع الملكية منوط بأن يكون ثمة مشروع ذي نفع عام يلزم لإقامته عقارات معينة) ومن ثم رسم الوسيلة التي تحقق هذا الهدف وهي أن يقرر الوزير المختص بشئون الثقافة حق ارتفاق على العقارات المجاورة للمواقع الأثرية والمباني التاريخية لضمان المحافظة على خصائصها الفنية وعدم تشويه مظهرها الجمالي العام، وفي هذه الحالة نقل الملكية والحيازة للمالك وكل ما هناك أنه يلتزم بقيود حق الارتفاق وجهة الإدارة لم تحاول تسلم ارض المطعون ضده منذ تاريخ صدور القرار في سنة 1978 حتى الآن مما يؤكد أنها لا تستهدف سوى منع المدعي من إقامة منشآت على أرضه وهي مزروعة أشجاراً مثمرة ولا مانع من إلزامه بتقرير حق ارتفاق على أرضه بحظر إقامة منشآت عليها وذلك بقرار من وزير الثقافة كما ذهب المطعون ضده في مذكرته الأخيرة إلى أن المنازعة الماثلة تنصب على طلب الحكم بسقوط مفعول القرار المطعون فيه وليس على طلب الحكم بإلغائه لعدم مشروعيته ومن ثم يطلب تصويب منطوق الحكم المطعون فيه باعتبار القرار المطعون فيه قد سقط مفعوله سيما وأن أسباب الحكم المطعون فيه تركزت على سقوط مفعول القرار.
ومن حيث إن المستفاد المذكرة المقدمة من وزير الثقافة إلى رئيس مجلس الوزراء لاستصدار القرار المطعون فيه - أنه منذ سنة 1935 كانت الحكومة تبحث موضوع الاحتفاظ بمنطقة حول أهرامات الجيزة لأغراض النزهة وتجميل المنطقة، وأسفر البحث عن صدور قرار وزير المعارف رقم 1939 في 31/ 1/ 1951 باعتبار الأرضي المبنية فيه من المنافع العامة (آثار) ثم شكلت لجنة عليا لإعادة دراسة تخطيط منطقة تجميل الأهرامات انتهت إلى صدور قرار وزير التربية والتعليم رقم 136 في 31/ 3/ 1955 باعتبار الأراضي المحددة فيه منافع عامة (آثار) - غير أنه منذ عام 1960 تعدى بعض الأفراد على أراضي منطقة تجميل الأهرامات بحجة أنهم اشتروها من المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري، وعرض الموضوع على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلستها المنعقدة في 31 يناير سنة 1968 فرأت أن تصرفات المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري الواردة على بعض الأراضي الواقعة ضمن منطقة تجميل الأهرامات بالجيزة باطلة بطلاناً مطلقاً فلا تنتج أثراً لوقوعها على ملك عام للدولة, ولا يجوز التصرف فيها. وبعد عدة سنوات شكلت هيئة الآثار لجنة لإعادة دراسة الحد الشرقي لمنطقة تجميل الأهرامات ولتقدير مدى لزوم الأراضي محل التعدي الواقعة داخل منطقة التجميل. وأثر ذلك صدر قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 في 17من مارس سنة 1973 بنقل تلك الأراضي من أملاك الدولة العامة (آثار) إلى أملاك الدولة الخاصة، ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أنه لا يجوز إلا بموافقة هيئة الآثار أخذ أتربة أو سباخ أو غيرها من الأراضي المذكورة إعمالاً لأحكام المادة 12 من القانون رقم 215 لسنة 1951 ونظراً لما أثير حول انفراد وزير الثقافة بإصدار قراره رقم 197 لسنة 1973 المشار إليه دون عرض الأمر على مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية وهو الجهة المختصة باقتراح إخراج أية أرض من عداد الأراضي الأثرية طبقاً لحكم المادة رقم 2 من القانون رقم 215 لسنة 1951 وقرار رئيس الجمهورية رقم 2878 لسنة 1971 بإنشاء الهيئة، فقد عرض الأمر على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلستها المنعقدة في 11 من يناير سنة 1978، وانتهى رأيها إلى أن قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 مخالف للقانون، إلا أنه تحصن بفوات ميعاد سحبه، بيد أنه يتعين على الوزارة استكمالاً للشكل الذي استلزمه القانون لإصدار القرار أن تعرض الأمر على مجلس إدارة هيئة الآثار، فإن رأي استبعاد تلك الأراضي ظل الوضع على حاله، وإن رأي إعادتها إلى المنطقة وجب على الوزارة إصدار قرار جديد يكون من شأنه تحقيق ذلك. ولما عرض الأمر على مجلس إدارة هيئة الآثار بجلسته المنعقدة في 11/ 1/ 1978 رأى استعادة الأرض السابق إخراجها من عداد الأرض الأثرية بمقتضى القرار الوزاري رقم 197 لسنة 1973 المشار إلية لوجود معالم أثرية بها ولمنطقة تجميل الأهرامات ومن ثم قرر نزع ملكية الأرض المشار إليها وفقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 وبناء على ما تقدم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 634 لسنة 1978 بتاريخ 11/ 7/ 1978 ينص في مادته الأولى على أن تعتبر منافع عامة تامة (آثار) الأراضي الموضحة الحدود والمعالم باللون الأحمر على الخريطة والكشف المرافقين لهذا القرار.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان قد اشترى من المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري قطعة أرض مساحتها 14 س، 17 ط، 16 ف بناحية كفر الجبل قسم الجيزة محافظة الجيزة وذلك بموجب عقد البيع المشهر برقم 1575 بتاريخ 19/ 5/ 1966
وهذه المساحة داخل حدود الأراضي التي اعتبرها قرار وزير التربية والتعليم رقم 136 لسنة 1955 - ومن قبله قرار وزير المعارف العمومية رقم 1939 لسنة 1951 منافع عامة آثار، وإذ كانت جميع هذه الأراضي تعتبر من الأملاك العامة للدولة وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة رقم (2) من القانون رقم 215 لسنة 1951 المشار إليه التي تنص على أن: "يعتبر في حكم الآثار الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى أوامر أو قرارات أو بمقتضى قرار يصدره وزير المعارف العمومية" وكذا المادة رقم 87 من القانون المدني التي تنص على أن "(1) تعتبر أموالاً عامة العقارات والمقاولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. (2) وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم" لذلك فقد وقع التصرف فيها إلى المطعون ضده باطلاً بطلاناً مطلقاً غير منتج لأي آثار قانونية. ومن ثم لا تخرج الأرض المبيعة للمطعون ضده بموجب ذلك التصرف من الأملاك العامة ولا تنقل إلى ملك الطاعن مهما طال وضع يده عليها.
ومن حيث إنه ولئن كان قد صدر بعد ذلك قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 في 17/ 3/ 1973 - وهو القرار الذي شابه البطلان حيث لم يعرض على مجلس إدارة الهيئة قبل صدوره - ونص على نقل الأراضي المبينة على الخرائط المرفقة به (وتدخل فيها الأرض المبيعة للمطعون ضده) من أملاك الدولة العامة (آثار) إلى أملاك الدولة الخاصة - إلا أن أثر هذا القرار يقف عند مجرد إزالة صفة النفع العام عن هذه الأراضي ونقلها إلى أملاك الدولة الخاصة اعتباراً من 17 مارس سنة، 1973 ولا يعني ذلك - البتة - إجازة أو تصحيح التصرفات الباطلة التي سبق أن أجرتها هيئة تعمير الصحاري في هذه الأراضي وقت أن كانت من أملاك الدولة العامة، ذلك أن التصرف الذي وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً يعتبر والهدم سواء فلا ينتج أثراً ولا ترد عليه إجازة أو تصحيح إذ المستقر عليه أن زوال صفة النفع العام عن أملاك الدولة العامة لا يترتب عليه إلا تحويل المال العام إلى مال خاص مملوك للدولة ولكنه يتمتع بذات الحماية المقررة للمال العام في خصوص عدم جواز وضع اليد عليه أو تملكه بالتقادم وإن جاز التصرف فيها ومن ثم يعدو مهما تحديد تاريخ التصرف في الأراضي المشار إليها وما إذا كان ذلك التاريخ قبل صدور قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 في 17 مارس سنة 1973 أم بعد صدوره فالتصرفات الصادرة قبل هذا التاريخ ببيع تلك الأراضي تقع باطلة بطلاناً مطلقاً ولا تنتج أثراً ولا يرد عليها إجازة أو تصحيح ومن ثم فإن مؤدى تنفيذ قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 المشار إليه - لو صدر صحيحاً بعد موافقة مجلس إدارة هيئة الآثار - أن تنقل مساحة الأرض المبيعة للمطعون ضده إلى أملاك الدولة الخاصة دون أن يتعلق بها أي حق قانوني للمطعون ضده نتيجة لذلك ومن ثم فقد كان يكفي قانوناً لإعادة هذه الآثار إلى أملاك الدولة العامة واعتبارها في حكم الآثار - تحقيقاً لما ارتآه مجلس إدارة هيئة الآثار بجلسته المنعقدة في 19/ 1/ 1978 - أن يصدر قرار من وزير الثقافة بإلغاء قراره السابق المخالف للقانون. أو إذا ثار شك حول تحصنه أن يصدر قرار باعتبار الأرض من الأملاك العامة للدولة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 2 من القانون رقم 215 لسنة 1951 السالف الذكر، دونما داع إلى اللجوء لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، واستصدار قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 624 لسنة 1978 المطعون فيه بحسبان أن هذه الإجراءات لا ترد إلا على العقارات المملوكة للأفراد التي يرد نزع ملكيتها للمنفعة العامة، إلا أن الواضح أن الأمر تعلق بأجزاء من الأرض بيع بعضها قبل قرار وزير الثقافة رقم 197 لسنة 1973 وبعضها بعد ذلك مما يجوز التصرف فيها للأفراد فرؤى على ما يبدو قطعاً لأي شك باليقين اللجوء إلى الإجراء القاطع الواضح في إضفاء صفة النفع العام وتقرير الملكية العامة وهو صدور قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون فيه، ولا يعدو القرار أن يكون مقرراً لعودتها مرة أخرى إلى أموال الدولة العامة بإضفاء وصف المنفعة العامة آثار عليها مرة أخرى.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك يغدو قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 624 لسنة 1978 المطعون فيه وارداً على غير محل بالنسبة لمساحة الأرض السابق بيعها للمطعون ضده والمباعة له بمقتضى العقد المشهر برقم 1575 في 19/ 5/ 1966 أي قبل صدور قرار وزير الثقافة رقم 197/ 1973 إذ لم تخرج هذه الأرض بموجب ذلك التصرف عن الأملاك العامة ولم تنتقل إلى ملك المطعون ضده، ويقع تصرف المؤسسة العامة لتعمير الصحاري في هذه الأرض بالعقد المشار إليه باطلاً بطلاناً مطلقاً لا ينتج أثراً ومن ثم فإن القرار المطعون فيه في حقيقته بالنسبة لأرض المطعون ضده لم ينزع ملكيتها للمنفعة العامة بإتباع الإجراءات المقررة في القانون رقم 577 لسنة 1954 لأن هذه الإجراءات لا ترد إلا على العقارات المملوكة للأفراد والتي يراد نزع ملكيتها للمنفعة العامة - وأرض المطعون ضده لم تخرج عن الأملاك العامة - ومن ثم لا يلتفت إلى ما أثاره المطعون ضده في مذكراته الأخيرة بسقوط مفعول القرار المطعون فيه. وبالتالي لا يعتبر صدور القرار المطعون فيه مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية للمطعون ضده أو ماساً بحق من حقوقه.
ومن حيث إن المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: "لا تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية". وقد استقر القضاء الإداري على أنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له. وإذ انتفت هذه الحالة القانونية بالنسبة للمطعون ضده فمن ثم تكون دعواه التي أقامها أمام محكمة القضاء الإداري - المطعون في حكمها - طالباً فيها إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 624 لسنة 1978 المشار إليه غير مقبولة شكلاً لانتقاء شرط المصلحة ويغدو الحكم المطعون فيه إذ ذهب مذهباً مخالفاً لذلك، مجانباً للصواب حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء شرط المصلحة وألزمت المطعون ضده المصروفات.