مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995 - صـ 1725

(174)
جلسة 2 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ فاروق علي عبد القادر، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة، وعبد الرحمن سعد محمود عثمان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2334 لسنة 36 القضائية

مناقصات ومزايدات - التزام المقاول بضمان الأعمال - (دعوى الضمان).
المادة (68) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 - المادتان 651، 654 من القانون المدني.
تسقط دعوى الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب - يكفي أن يظهر العيب خلال العشر سنوات المنصوص عليها - ليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء - وقت تكشف العيب أو حصول التهدم يثبت بجميع طرق الإثبات لأنه واقعة مادية - تسقط دعوى الضمان بمضي ثلاث سنوات وهي مدة تقادم ترد عليها أسباب الانقطاع ومنها رفع الدعوى الموضوعية - لا يكفي في هذا الشأن رفع دعوى مستعجلة بتعيين خبير لإثبات حالة البناء - تنقطع مدة التقادم كذلك بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 5/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن محافظ الغربية (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2334 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) في الدعوى رقم 2233 لسنة 36 ق بجلسة 25/ 3/ 1990 المقامة من محافظ الغربية ضد ورثة/....... ورئيس الجمعية التعاونية الإنتاجية للإنشاء والتعمير والذي قضى بسقوط دعوى الضمان بالتقادم وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضدهم ورثة المرحوم/....... في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم بالتضامن مع المطعون ضده الأخير بأن يدفعوا للطاعن بصفته مبلغ 45000 جنية (خمسة وأربعون ألف جنية) والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات. كما تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة موضوع) حددت لنظره أمامها جلسة 17/ 1/ 1995 وتدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 15/ 2/ 1982 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 2233 لسنة 36 ق بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم في ختامها بإلزام المدعى عليهم (المطعون ضدهم) متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بصفته مبلغ 45000 جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أن مديرية الإسكان بمحافظة الغربية أسندت بتاريخ 19/ 5/ 1962 عملية إنشاء الوحدة الصحية الريفية بمركز المحلة الكبرى وقد تحدد للانتهاء من تنفيذ العملية - التي رست على مورث المدعى عليهم الأول - بعد فترة أربعة شهور، غير أن المقاول تباطأ في تنفيذ العمل فرأت المديرية سحب العمل منه، ولما عرض الأمر على محافظ الغربية قرر بتاريخ 8/ 5/ 1962 تأجيل إجراءات سحب العمل حتى 21/ 5/ 1965 مع تكليف الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بتحويل الصرف والإشراف على الأعمال المتغيرة وبتاريخ 9/ 5/ 1965 تنازل المدعى عليه الأول إلى الجمعية عن مستحقاته قبل الإسكان عما يتبقى من أعمال الوحدة الصحية بسنديس وغيرها من الوحدات المتعاقد عليها وقامت الجمعية بأداء الأعمال وتسلمها ابتدائياً في 21/ 7/ 1965 وتم استخدام المبنى فيما هو مخصص له، إلا أنه بتاريخ 21/ 2/ 1974 شكلت لجنة فنية لمعاينة وتقدير التلفيات والتصدعات التي لحقت بالمبنى وأثبتت اللجنة أن هناك ترميم ظاهر في سقف المظلة وسقف نصف إحدى الغرف المجاورة لدورة المياه بسبب تآكل حديد التسليح تماماً وعدم قدرته على تحمل بلاط السقف كما تلاحظ شروخ في أكثر الأسقف وتساقط بياضها كما لاحظت اللجنة أن نسبة الأسمنت الداخلة في العمل أقل من النسبة المقررة، وأوجبت اللجنة بإزالة جميع الأسقف الخرسانية وكذا الأعمدة المسلحة وإعادة صبها من جديد مع إخلاء المبنى من شاغليه، كم أوصت بوجوب التحقيق في المخالفات وإحالة المسئولين عن الإشراف على التنفيذ إلى التحقيق وتم فعلاً إحالة الموضوع للنيابة العامة وعقب محاكمة المقاول والمسئولين بالمحافظة في القضية رقم 6 لسنة 71 كلي قضت المحكمة بجلستها المنعقدة في 23/ 11/ 1978 ببراءة المتهمين وتصدق على الحكم في 27/ 3/ 1980.
وبجلسة 25/ 3/ 1990 قضت محكمة القضاء الإداري بسقوط دعوى الضمان بالتقادم وألزمت المدعي المصروفات وذلك بعد أن تمسكت المطعون ضدها الثالثة بسقوط دعوى الضمان بالتقادم وأقامت قضاءها على أساس أن المشرع قد وضع قاعدة التقادم المسقط في مجال ضمان المقاول والمهندس المعماري لما نفذوه من أعمال واضعا حداً زمنياً لا يستطيع أحد بعد انقضائه الرجوع على أي منهما بطلب إعادة الحال إلى ما اتفق عليه أو بقيمة هذه الإعادة وذلك طبقاً لنص المادة 654 من القانون المدني التي تقضي بسقوط دعوى الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب أو لمدة عشر سنوات من تاريخ الاستلام على أنه إذا ظهر تهدم خلال هذه الفترة جاز لصاحب البناء الرجوع عليها بدعوى الضمان وتتقادم هذه الدعوى بانقضاء ثلاث سنوات من حصول التهدم أو انكشاف العيب. ولما كانت المدعى عليها الثانية قد قامت بتنفيذ الأعمال المكلفة بها مع المدعى عليه الأول (المقاول) وتم تسليم المبنى للجهة الإدارية بتاريخ 21/ 5/ 1967 وقد ظهرت عيوب خلال شهر أكتوبر سنة 1968 الأمر الذي يؤكد أن عيب التهدم المضاعف قد كشف عنه تقرير اللجنة في 11/ 2/ 1974 أي خلال العشر سنوات التي يضمن خلالها المقاول والمهندس المعماري بقاء المبنى سليماً إلا أن الجهة الإدارية لم تتخذ إجراءات رفع دعواها المتعلقة بالضمان خلال الثلاث سنوات التالية لتاريخ كشف التهدم حيث قامت برفع الدعوى بتاريخ 15/ 3/ 1982 وبهذا تكون دعوى الضمان قد سقطت بالتقادم ولا يغير من ذلك أن النيابة العامة قد قامت بالتحقيق في بعض المخالفات التي ارتكبها المقاول وبعض المسئولين بالمحافظة ومحاكمتهم جنائياً وقضت المحكمة ببراءتهم إذ أن هذه الإجراءات لا تقطع التقادم لاختلاف الأساس القانوني الذي تستند إليه كل دعوى.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال لأسباب حاصلها أن قواعد القانون المدني وضعت لتحكم روابط القانون الخاص ولا تطبق وجوباً على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك، فإذا لم يوجد نص فلا يلتزم القضاء الإداري حتماً بتطبيق تلك القواعد المدنية وإنما يطبق منها ما يتلاءم وروابط القانون العام - ولما كان التهدم الذي تكشف للجهة الإدارية قد تم بتاريخ 12/ 2/ 1974 أي خلال العشر سنوات التي يضمن خلالها المقاول والمهندس المعماري بقاء المباني سليمة وقد تولت النيابة العامة التحقيق في بعض المخالفات التي ارتكبها المقاول وبعض المسئولين بالمحافظة وتمت محاكمتهم جنائياً وصدر الحكم بتاريخ 25/ 3/ 1980 ومن ثم يتعين أن تسري مدة تقادم جديدة ويكون إقامة الدعوى المطعون في حكمها في 15/ 2/ 1982 خلال ميعاد الثلاث سنوات المقررة لذلك، ولما كانت جملة التكاليف اللازمة عند إعادة بناء مبنى الوحدة الريفية لسنديس مركز المحلة الكبرى هي مبلغ 45000 جنيه متعين أن يلزم بها المطعون ضدهم في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم المقاول بالتضامن مع المطعون ضده الثاني بصفته.
ومن حيث إن المادة 68 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 تنفيذاً لأحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات التي تحكم المنازعة الماثلة - تنص على أن "يضمن المقاول الأعمال موضوع العقد وحسن تنفيذها على الوجه الأكمل لمدة سنة واحدة من تاريخ التسليم المؤقت وذلك دون إخلال عدم الضمان المنصوص عليها بالقانون المدني "ونصت المادة 651 من القانون المدني على أن:
(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد جاز إقامة المنشات المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقي هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات.
(2) ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني المنشأة من عيوب تترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
(3) وتبدأ فترة السنوات العشر من وقت تسليم العمل.
ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن، وتنص المادة 654 من ذات القانون على أن "تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب".
ومن حيث إن مؤدى أن دعوى الضمان تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب، ومن المقرر في تفسير هذا الحكم - حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه يكفي أن يظهر العيب خلال العشر سنوات حتى يمكن رفع دعوى الضمان وليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء وأنه يكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يستطاع العلم به ولو لم يتم العلم به فعلاً، وأن وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم يثبت بجميع طرق الإثبات لأن المطلوب هو إثبات واقعة مادية وأنه من المقرر كذلك أن مدة الثلاث سنوات هي مدة تقادم ترد عليها أسباب الانقطاع فتنقطع برفع الدعوى الموضوعية، ولا يكفي لرفعها أن يرفع رب العمل دعوى مستعجلة بطلب تعيين خبير لإثبات حالة البناء، وتنقطع أيضاً بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان، والثابت أن المطعون ضدها الثانية تمسكت بسقوط دعوى الضمان.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت أن المطعون ضده الثاني بصفته قد قام بتنفيذ كافة الأعمال المنوطة به مع مورث المطعون ضدهم الآخرين وتم تسليم المبنى للجهة الإدارية بتاريخ 21/ 5/ 1965 وقد ظهرت به العيوب خلال شهر أكتوبر سنة 1968 وقد تكشف هذا العيب وذلك التهدم بتقرير اللجنة المشكلة في 11/ 2/ 1974 أي خلال مدة العشر سنوات التي يضمن خلالها المقاول والمهندس المعماري بقاء المباني سليمة، إلا أن الجهة الإدارية لم تتخذ إجراءات رفع دعوى الضمان خلال الثلاث سنوات التالية لتاريخ كشف التهدم وذلك وفقاً لنص المادة 654 من القانون المدني أو أي دعوى أخرى موضوعية خلال هذا الأجل، ولم ترفع دعواها محل الطعن الماثل إلا بتاريخ 15/ 3/ 1982 أي بعد انقضاء مدة الثلاث سنوات الأمر الذي تكون معه هذه الدعوى قد سقطت بالتقادم. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى بسقوط دعوى الضمان بناء على طلب المطعون ضدها الثانية فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون.
ولا وجه لما أثاره الطاعن من أن إبلاغ النيابة العامة وتوليها التحقيق في بعض المخالفات التي ارتكبها المقاول وبعض المسئولين بالمحافظة ومحاكمتهم جنائياً حتى صدور الحكم بتاريخ 25/ 3/ 1980 من شأنه أن يقطع التقادم وسريان مدة تقادم جديدة اعتباراً من هذا التاريخ، وذلك لاختلاف هذا الإجراء عن إجراء رفع دعوى الضمان ولا يغني عنها - حسبما سلف البيان - ومن ناحية أخرى فإن إبلاغ النيابة العامة بالواقعة ليس من شانه وقف التقادم لأن وقف التقادم لا يرد في هذه الحالة وذلك لأن المدة لا تزيد على خمس سنوات ولا يقف التقادم إلا إذا كانت مدته تزيد على خمس سنوات وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 382 من القانون المدني التي تنص على أن "ولا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو في المحكوم عليه بعقوبة جنائية إذ لم يكن له نائب يمثله قانوناً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.